إضاءة على –

مخيم خان الشيح

إضاءة على –
مخيم خان الشيح

مخيم خان الشيح

11 كانون الأول 2023
Author(s): 
Wael Harsh

يُعتبر مخيم خان الشيح ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، ويلقب بمخيم العودة، إذ يُزعم أن الرئيس الراحل ياسر عرفات أطلق هذا الاسم عليه كونه أقرب المخيمات إلى فلسطين، بعدما زاره في ثمانينيات القرن المنصرم، فهو يبعد عن الحدود الفلسطينية نحو 60 كلم، ويقع جنوب غرب العاصمة السورية دمشق، على مسافة 27 كيلومتراً على طريق دمشق-القنيطرة.

تأثر المخيم بأتون الحرب في سورية، فهجره سكانه، لكن سرعان ماعادوا إليه بعد استقرار الوضع الأمني في المنطقة وبسط سيطرة الدولة السورية عليها.

نشأة المخيم وسكانه

أُنشئ مخيم خان الشيح في سنة 1949 فوق مساحة تبلغ 0,69 كيلومتراً مربعاً وعلى أرض مستملكة لمصلحة الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سورية.

يتخذ المخيم شكلاً هندسياً يقترب من المعين، إذ يضيق من مدخله شرقاً ثم يتسع في الوسط ليضيق مجدداً من مخرجه غرباً، ويمر من المخيم جنوباَ نهر الأعوج. ويحده من الشرق بلدة الدروشة، ومن الغرب منشية خان الشيح، بينما تحده من الشمال أراضي بلدة قطنا وبلدة بيت تيما ومن الجنوب أراضي بلدة زاكية وبلدة الدرخبية.

بدأ توافد اللاجئين الفلسطينيين إلى المخيم منذ سنة 1948 كونه المخيم الأقرب إلى فلسطين، ومنه توزع اللاجئون على المخيمات الفلسطينية الأُخرى. وفي وقت لاحق، انتقل إليه الفلسطينيون الذين التجأوا إلى مرتفعات الجولان ثم نزحوا نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في سنة 1967.

ينتمي معظم سكان مخيم خان الشيح إلى العشائر الفلسطينية التي سكنت الجليل الأعلى، مع وجود عدد لا بأس به من أهالي قرى سهل الحولة. أمّا العشائر التي ينتمي إليها أبناء المخيم فهي: عشيرة المواسي، أكبر عشائر المخيم وتقدر نسبة عدد أفرادها بنحو 50%، وعشائر الصبيح، والوهيب، والهيب (نسبة قليلة) والزنغرية، والشمالنة، والسمكية، والتلاوية، والخوالد، والقُدَيرية، والويسية، والسيّاد، والصقّار، والبراهمة، فضلاً عن عشائر قرى كراد البقارة، وكراد الغنامة، وكراد الخيط، وغوير أبو شوشة، وياقوق. أمّا باقي السكان فينتمون إلى عائلات من قرى سهل الحولة: الدوّارة والقيطية والصالحية والخالصة والملاحة والعابسية ومن قرى طبرية أيضاً. وفي ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته وفد إلى المخيم عائلات من مخيم اليرموك، من قرى حيفا وصفد وطبرية، مثل قرية لوبية.

وقد شهد مخيم خان الشيح زيادة مطّردة في عدد سكانه، الذي قُدّر في سنة 1987 بـ 11.128 لاجئاً، وفي سنة 1994 بـ 12.573 لاجئاً، وفي سنة 1999 بـ 15.731 لاجئاً، ليصل في سنة 2002 إلى 16.951 لاجئاً، وفي سنة 2006 إلى 19.000 لاجئ، وفي سنة 2011 إلى 20.000 لاجئ.

وظل مخيم خان الشيح، بصورة عامة، محافظاً على تكافله الاجتماعي على الرغم من تأثره بمتغيرات الحياة، ويعود ذلك إلى الطابع العشائري الذي يغلب على المخيم، وهو ما أدى إلى تخفيف جملة من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على سكانه، وخصوصاً بعد أن أنشأ سكان المخيم جمعية خيرية تقدم المعونات العينية وفي بعض الأحيان النقدية.

البنية التحتية والتطور العمراني

بدأ اللاجئون في مخيم خان الشيح حياتهم بنصب خيام للسكن وزعتها عليهم وكالة الأونروا. لكن نظراً إلى أن منطقة خان الشيح تطل على مساحة مفتوحة ومرتفعة، ويحدها جبل الشيخ الذي غالباً ما تكسوه الثلوج في الشتاء، فإن تلك الخيام لم تكن تقي سكانها ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وانخفاضها الشديد في الشتاء، كما كانت شدة الرياح تؤدي إلى أضرار كبيرة فيها، الأمر الذي أجبر وكالة الونروا على توظيف خياطين لمعالجة المشكلة حينها. وفي بعض الأحيان، كانت الأعاصير الشديدة تقتلع الخيام، فيضطر سكانها إلى الالتجاء إلى مساجد البلدات المجاورة ريثما تنتهي العاصفة ويعودون إلى نصب خيامهم.

وفي سنة 1951، بدأ الناس يطورون سكنهم، فبنوا بيوتاً جدرانها من الطين أو من القش وأسقفها خشبية، ثم أُدخل الأسمنت المسلح إلى المخيم في بداية سبعينيات القرن الماضي، واتجهت البيوت نحو طرق البناء الحديثة، فأصبحت أكثر أماناً وتحضراً.

ونتيجة التضخم السكاني في المخيم وضيق المساحة فيه، أخذ العمران يتسع خارجه واتخذ مسارين؛ الأول في الجهة الجنوبية الغربية على الطرف الآخر لنهر الأعوج، حيث امتدت مساحة الأراضي الجديدة بشكلٍ مواز لأرض المخيم، من بلدة دروشة شرقاً إلى الخان الأثري غرباً؛ أمّا المسار الثاني فامتد على الطرف الآخر من الشارع الرئيسي (دمشق - القنيطرة)، وأخذ أيضاً شكلاً يوازي أرض المخيم. وقد تميز هذا التوسع بأبنيته الحديثة، واتساع رقعة منازله وتخديمها بصورة أفضل، وذلك لتبعيته الإدارية لبلدية المنشية المجاورة.

وتتوزع مسؤولية أعمال النظافة في المخيم على ثلاث جهات رسمية، بحسب التقسيم الجغرافي للمخيم، إذ تتحمّل وكالة الأونروا والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين هذه المسؤولية في المخيم القديم، بينما تتحمّل بلديتان هذه المسؤولية في منطقتَي توسع المخيم العمراني، إذ إن المنطقة الشرقية من هذا التوسع تتبع إدارياً بلدة دروشة المجاورة وبالتالي تقوم بلدية دروشة بتخديمها، في حين تتبع المنطقة الغربية من هذا التوسع إدارياً قرية منشية خان الشيح، وبالتالي يكون عبء تخديمها على بلدية هذه القرية.

وصلت الكهرباء إلى منازل المخيم في سنة 1976، أمّا بالنسبة إلى المياه فقد اعتمد سكان المخيم القديم في الماضي على خزانات مياه قديمة لم تكن تكفي حاجاتهم، وهو ما دفع الأونروا، بالتعاون مع الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، إلى بناء خزان جديد أكبر حجماً ليتم ضخ المياه منه إلى المنازل، ويتم تعبئته من الآبار الارتوازية التي تم حفرها في مناطق مجاورة للمخيم، وعن طريق الصهاريج التابعة لبلدية عرطوز أيضاً.

وقامت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين بمساعدة من وكالة الأونروا بإقامة شبكة صرف صحي جديدة تقوم بتجميع مياه المجاري وتصريفها في حفرة كبيرة على حافة المخيم، حيث يتم التخلص منها في أقرب شبكة صرف.

الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية

العمل

يتميز أبناء مخيم خان الشيح بارتفاع نسبة التعليم العالية في صفوفهم، وهو ما جعل أسواق العمل مفتوحة أمامهم، سواء داخل المخيم أو في محيطه القريب أو حتى داخل المدن السورية، فعّرف المخيم بكثرة العاملين في مجال التدريس، بحيث غطى حاجته من المعلمين وحاجة القرى المجاورة.

وعمل سكان المخيم بالزراعة، وخصوصاً مع انتشار المزارع في ثمانينيات القرن الماضي، كما عمل بعضهم في بيع وشراء الأراضي الزراعية واستصلاحها، وفتح آخرون عدداً من المحال التجارية متنوعة النشاطات.

الصحة

في البداية، أقامت وكالة الأونروا مستوصفاً يعمل فيه طبيب وممرض فقط وتوجد فيه صيدلية، وكان هذا المستوصف، في البدء، على شكل خيمة كبيرة يقدم فيها العلاج، ثم تطورت لتصبح مركزاً صحياً يضم عدداً من الأطباء والممرضين، ويخدم رقعة جغرافية واسعة تتجاوز حدود المخيم، وهو ما جعل الكشف والعلاج في المركز سطحيين، نظراً إلى عدم تناسب كثرة أعداد المرضى مع قلة أعداد مقدمي الخدمة الطبية.

ومن ناحية أُخرى، يوجد في المخيم مشفىً خاص وحيد هو مشفى السلام، يقع على الشارع العام الواصل بين محافظتي دمشق والقنيطرة، ويضم مستوصفاً تابعاً لجيش التحرير الفلسطيني يحمل اسم الشهيد عبد القادر الحسيني، ويقدم خدماته بأسعار رمزية، بالإضافة إلى عدد من العيادات الخاصة متنوعة التخصصات. وإذ يفتقد المخيم إلى مراكز صحية حكومية، فإن هذه المراكز موجودة في البلدات المجاورة له، والتي تقدم خدماتها مجاناً للفلسطينيين والسوريين على حد سواء.

وفي نيسان/أبريل سنة 2009، طوّرت وكالة الأونروا مركزها الصحي، القديم والمتداعي، بعد حصولها على منحة من حكومة الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أتاح الفرصة للمرضى بتلقي الخدمة الطبية بصورة أفضل بعيداً عن المشكلات التي كان يواجهها المركز الصحي القديم.

التعليم

عُرِف مخيم خان الشيح باهتمام سكانه بالتعليم، فقد أُنشئت المدارس فيه من اللحظة الأولى لوصول اللاجئين إليه، إذ وفرت الأونروا خيماً كبيرة كي يتلقى التلامذة تعليمهم فيها، وشغّلت عدداً من المدرسين، قبل أن تتحوّل هذه الخيم إلى أبنية مصنوعة، بصورة أساسية، من الطين. وعندما بدأ استخدام الأسمنت المسلح في البناء، تطوّر عدد المدارس من واحدة إلى ثلاث مدارس، ليصل في تسعينيات القرن الماضي إلى ست مدارس (أربع مدارس تتبع نظام دوامين صباحي ومسائي– ومدرستان تتبعان نظام الدوام الصباحي فقط).

وبينما تتبع المدارس الإعدادية والابتدائية الموجودة في المخيم إلى وكالة الأونروا، فإن المدرسة الثانوية الوحيدة الموجودة فيه تتبع وزارة التربية السورية. كما يوجد في المخيم عدد من رياض الأطفال والمعاهد الخاصة. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2008، أعادت وكالة الأونروا بناء مدرستي بئر السبع ودير عمرو، بفضل منحة بقيمة مليون دولار حصلت عليها من حكومة الولايات المتحدة الأميركية.

علاقة السكان بالمحيط

أقام سكان مخيم خان الشيح علاقات جيدة بالمناطق المحيطة به، فقد تشارك أغلب سكان هذه المناطق مع سكان المخيم صفة الهجرة من الموطن الأصلي نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، واستمرت هذه العلاقات إلى يومنا هذا، إذ يُعتبر المخيم سوقاً رئيسية تباع فيها البضائع المنتجة في البلدات المجاورة، كما يرتاد أهالي الجوار المخيم يومياً كونه يضم مخبزاً ومشفىً وعدداً من المحال التجارية التي تؤمن جميع حاجات السكان في تلك المنطقة.

الإدارة في المخيم

تقوم الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب منذ تأسيسها بدور رئيسي في المخيم، إذ تقدم خدمات جمة، سواء على الصعيد الإداري أو على الصعيد الخدمي، فضلاً عن الدور المهم الذي تضطلع به الأونروا في تسهيل حياة اللاجئين.

ويوجد للدولة السورية مكاتب متعددة المهمات في المخيم تابعة للوزارات المعنية، تقوم بتسيير الخدمات العامة لسكانه، كالكهرباء والهاتف، وضمان الأمن.

الحضور السياسي والأهلي في المخيم

يُعتبر مخيم خان الشيح من المخيمات النشطة على المستويين السياسي والثقافي، إذ تنشط فيه فصائل فلسطينية متعددة، وبرز فيه عدد كبير من السياسيين والمثقفين الفلسطينيين، كما تميّز المخيم بالدور التنموي الذي يضطلع به عدد المؤسسات، فضلاً عن برامج التنمية التي ترعاها وكالة الأونروا من خلال مراكزها في المخيم، مثل مركز التنمية الاجتماعية ومركز دعم الشباب.

وبعد استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة، نشط عدد من المنظمات المحلية في مجال تقديم المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية للسكان، مثل مؤسسة الإغاثة وتنمية الشباب "جفرا"، التي تعاونت مع صندوق (Farmamundi) للمساعدات الإنسانية والطوارئ (FAHE)، بحيث صار يستفيد من هذا التعاون نحو 8000 شخص من مخيم خان الشيح.

المخيم بعد سنة 2012

مع بداية الأحداث في سورية، اتخذ مخيم خان الشيح موقف الحياد، وبادر سكانه إلى تقديم الخدمات الإغاثية والإنسانية للمناطق المنكوبة والتي هجرها أهلها بعد احتلال القوات غير النظامية لها، فاستقبل المخيم آلافاً من النازحين قُدّر عددهم بنحو 50 ألفاً، كان معظمهم من السوريين الذين سكنوا في بيوت المخيم ومزارعه ومساجده. بيد أن المخيم لم يبقَ منطقة آمنة بعد دخول مجموعات من المسلحين إليه، الأمر الذي تسبب في رحيل عدد كبير من سكانه ونازحيه، لينخفض بذلك مجموع عدد سكانه إلى نحو 10 آلاف، ثم إلى 2000 فرد في سنة 2016. وبعد استعادة الجيش السوري السيطرة على منطقة المخيم، بدأ سكانه يعودون بالتدريج، فبلغ عددهم في سنة 2022 نحو 16 ألف نسمة.

وقد تضررت البنى التحتية في المخيم وبعض مبانيه أسوة بمناطق عديدة أصابتها مأساة الحرب، إذ برزت على سبيل المثال مشكلات توفير المياه؛ فمع أن معظم العائلات القاطنة في المخيم تستفيد من الآبار القائمة لديها، إلاّ إن انقطاع الكهرباء فترات طويلة يجعل الاستفادة من تلك الآبار أمراً صعباً.

قراءات مختارة: 

المركز الفلسطيني للإعلام. "مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين في سوريا.. المياه عنوان لأزمة حادة"

https://palinfo.com/news/2023/05/18/837113/

مركز المعلومات الوطني الفلسطيني-وفا. "مخيم خان الشيح".

https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=8850

موسوعة المخيمات الفلسطينية. "مخيم خان الشيح".

https://palcamps.net/ar/camp/52/مخيم-خان-الشيح

الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب. "مخيم خان الشيح".

 http://www.gapar.sy/ar/khanalsheehcamp.html

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأجنى. "مخيم خان الشيح".

https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/سوريا/مخيم-خان-الشيح

 

"On the Mend: Palestine Refugees in Khan Eshieh Camp Get better Health Services."

https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/mend-palestine-refugees-khan-eshieh-camp-get-better-health-services