توفيق زيّاد
ولد توفيق زيّاد في مدينة الناصرة؛ والده: أمين زيّاد؛ والدته: نزهة الخواجا؛ أخوته: صبيح، ومصباح، وعبد الفتاح، وأحمد؛ أخَواته: إنعام، ونعيمة، وعمة، ورهيجة؛ زوجته: نائلة يوسف صباغ؛ ابناه: أمين، وفارس؛ بناته: هيبة وعبور.
تلقى توفيق زيّاد تعليمه في مدارس مدينة الناصرة الحكومية، ونال الشهادة الثانوية في سنة 1946. وخلال فترة دراسته كان يساعد أباه في دكان البقالة الذي امتلكه.
بدأ زيّاد الاهتمام بالسياسة وهو في المرحلة الثانوية من دراسته، وتأثر توجهه السياسي التقدمي بأفكار ثلاثة من أساتذته، هم رشدي شاهين وجمال سكران وفؤاد خوري، الذين كانوا يطلعون تلامذتهم على ما تنشره صحيفة "الاتحاد" ومجلة "المهماز". وشارك زيّاد في سنة 1946 في قيادة مظاهرة طلابية ضد السياسة البريطانية المؤيدة للصهيونية.
انتسب زيّاد قبل وقوع نكبة فلسطين إلى فرع الناصرة لـ"عصبة التحرر الوطني في فلسطين"، التي تشكّلت في سنة 1944 وضمت الشيوعيين العرب الذين انفصلوا عن رفاقهم اليهود في الحزب الشيوعي الفلسطيني. وبرز في تلك المرحلة المبكرة حبه للأدب والثقافة العامة. وبدأ ينشر أولى قصائده منذ أواخر الأربعينيات.
انضمّ زيّاد، مع رفاقه في "عصبة التحرر الوطني" الذين بقوا في المناطق العربية التي احتلتها إسرائيل، إلى "الحزب الشيوعي الإسرائيلي" الذي أُعلن عن قيامه في تشرين الأول/ أكتوبر 1948.
نشط زيّاد، طوال سنوات الخمسينيات وحتى مطلع الستينيات، في العمل النقابي في مدينة الناصرة، في إطار "مؤتمر العمال العرب" أولاً، قبل أن يحل هذا المؤتمر نفسه في تموز/ يوليو 1953 ، ثم في إطار الكتلة الشيوعية داخل منظمة "الهستدروت". وكتب العديد من المقالات في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية عن أوضاع العمال في إسرائيل، وخصوصاً العرب منهم.
اعتقلته الشرطة الإسرائيلية في آذار/ مارس 1954، عقب المظاهرة الاحتجاجية التي انطلقت من مدرسة "عرابة " الابتدائية وانتهت باجتماع شعبي حافل احتجاجاً على قانون "ضريبة الرأس" التي فُرضت على المواطنين العرب الذين لا يخضعون للتجنيد الإلزامي، واقتيد إلى "معتقل طبريا" حيث حاول سجانوه إخضاعه بالضرب والإهانات، ثم قُدِّم إلى محكمة عكا العسكرية التي حكمت عليه بالسجن 40 يوماً بتهمة "الشغب" والاعتداء على رجال الشرطة.
انتخب زيّاد، عضواً في مجلس بلدية الناصرة في مطلع تموز/ 1954، في الموقع الثاني على "قائمة الشيوعيين وغير الحزبيين" التي فازت بستة مقاعد من أصل 15 مقعداً. ومنذ الجلسة الأولى للمجلس البلدي، اقترح السماح للجمهور بحضور جلساته، وهو ما رفضته غالبية أعضاء المجلس.
اعتُقل زيّاد في سنة 1958، عقب المظاهرة التي نظّمها الحزب الشيوعي بصورة سرية رداً على رفض السلطات الإسرائيلية منحه تصريحاً لتنظيم مظاهرة الأول من أيار/ مايو في الناصرة وفي أم الفحم، فأمضى فترة ستة أشهر بين سجني "الجلمة" و"الدامون"، تميّزت بكونها فترة إنتاج شعري خصبة.
تابع زيّاد بين سنتي 1962 و1964 دراسته الأكاديمية في "معهد العلوم الاجتماعية" في موسكو، حيث درس الفلسفة والاقتصاد السياسي. بعد عودته من موسكو، انتخب زيّاد في سنة 1964 سكرتيراً لفرع الناصرة للحزب الشيوعي.
في سنة 1965، عند وقوع الانقسام داخل الحزب الشيوعي الإسرائيلي، كان زيّاد من ضمن أعضاء الحزب العرب الذي أسسوا مع عدد من رفاقهم اليهود "القائمة الشيوعية الجديدة" (راكاح) في إسرائيل، التي عادت وتبنت اسم "الحزب الشيوعي الاسرائيلي" في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين.
تسلّم زيّاد في سنة 1966 رئاسة تحرير مجلة "الجديد" الأدبية التي كان يصدرها الحزب الشيوعي، وهو ما أتاح له فرصة أكبر للتفرغ لنشاطه الأدبي.
أوفدته قيادة حزبه في مطلع السبعينيات إلى مدينة براغ ممثلاً لها في هيئة تحرير مجلة "قضايا السلم والاشتراكية" (Problems of Peace and Socialism) التي كانت تصدرها الأحزاب الشيوعية. وكلفته بمتابعة شؤون موفدي الحزب من الطلبة إلى جامعات الدول الاشتراكية.
انتخب زيّاد في أواخر سنة 1973 نائباً للكنيست في دورته الثامنة عن "القائمة الشيوعية الجديدة" (راكاح). وعقب قيامه بنشر قصيدته "العبور الكبير" في صحيفة "الاتحاد"، في الذكرى الأولى لحرب تشرين الأول 1973، طالب نواب اليمين الإسرائيلي بمنعه من دخول الكنيست وبنزع حصانته البرلمانية ومحاكمته.
حققت قائمة "جبهة الناصرة الديمقراطية" التي ترأسها زيّاد فوزاً كبيراً في انتخابات المجلس البلدي لمدينة الناصرة التي جرت في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1975، إذ إنها فازت بنسبة 67 في المئة من أصوات المقترعين وبأحد عشر عضواً من أصل سبعة عشر. واختير زيّاد رئيساً للبلدية، فبذل جهوداً حثيثة كي يجعل من مدينة الناصرة عاصمة سياسية وثقافية، وقام بفتح جلسات المجلس البلدي أمام الجمهور، وناضل من أجل مساواة الناصرة في الميزانية مع المدن والبلدات المساوية لها في عدد السكان، وبادر إلى تنظيم مخيمات العمل التطوعي التي شهدتها مدينة الناصرة سنوياً منذ سنة 1976 وحتى سنة 1992.
وبعد النجاح الباهر الذي حققته "جبهة الناصرة الديمقراطية"، ساهم زيّاد، مساهمة فعالة، في تأسيس "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة".
لعب زيّاد، من موقعه في الكنيست وفي رئاسة بلدية الناصرة، دوراً بارزاً في إنجاح إضراب "يوم الأرض"، في الثلاثين من آذار 1976، إذ إنه تصدّى بحزم لعدد من رؤساء المجالس المحلية العربية الذين حاولوا، بضغط من السلطات الإسرائيلية، إفشال الإضراب. ونتيجة موقفه الحازم هذا تعرض للاعتداء الجسدي وجرت محاولة لإحراق منزله.
كرس زيّاد، منذ سنة 1975، معظم وقته لعمله في رئاسة المجلس البلدي لمدينة الناصرة، الذي بقي يشغله حتى وفاته. وأعدّ، قبل رحيله بسنوات قليلة، مشروعاً طموحاً لتطوير المدينة باسم "مشروع الناصرة 2000".
استقال زيّاد من عضوية الكنيست الاسرائيلي في سنة 1990 لكنه عاد، تحت الضغط الجماهيري والحزبي، إلى عضوية الكنيست رئيساً لقائمة "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" في الانتخابات التي جرت في حزيران 1992.
تعرض زيّاد خلال فترة رئاسته بلدية مدينة الناصرة وعضويته في الكنيست الإسرائيلي لمحاولات اغتيال عديدة باءت كلها بالفشل.
توفي توفيق زياد في الخامس من تموز 1994 في حادث سير مروع وهو في طريق عودته من مدينة أريحا بعد مشاركته في استقبال الرئيس ياسر عرفات.
توفيق زيّاد أحد أشجع القادة العرب الفلسطينيين في إسرائيل وأقربهم إلى نفوس الناس، عُرف بدماثة خلقه واستقامته وتواضعه. وهو، إلى هذا، يُعتبر من شعراء المقاومة الفلسطينية البارزين، عكست قصائده انتماءه الحزبي ومواقفه الطبقية والأممية وركّزت على قضايا شعبه الوطنية، وتميّزت بالعُمق والبساطة وسهولة الحفظ، وهو ما سهّل تلحين العديد منها التي تحوّلت إلى أغان غَدت جزءاً من التراث الغنائي الشعبي للمقاومة.
نال توفيق زيّاد في سنة 1990 "وسام القدس للثقافة والفنون والآداب" من منظمة التحرير الفلسطينية. وبادرت زوجته وبعض أصدقائه ورفاقه، بعد رحيله، إلى إنشاء "مؤسسة توفيق زيّاد للثقافة الوطنية والإبداع"، التي تُعنى بجمع إرثه الأدبي. وأنشأت وزارة الثقافة التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، في سنة 1995، جائزة "توفيق زياد الأدبية" تكريماً له.
من آثاره الشعرية:
"أشد على أياديكم". حيفا: مطبعة الاتحاد، 1966.
"ادفنوا موتاكم وانهضوا". بيروت: دار العودة، 1969.
"أغنيات الثورة والغضب". بيروت: دار العودة، 1970.
"شيوعيون". بيروت: دار العودة، 1970.
"كلمات مقاتلة". الناصرة: دار الحرية، 1970.
"عمّان في أيلول". الناصرة: دار الحرية، 1971.
"تهليلة الموت والشهادة". بيروت: دار العودة، 1972.
"الأعمال الشعرية الكاملة". بيروت: دار العودة، 1971.
"الأعمال الشعرية الكاملة". عكا: الأسوار، 1985.
ومن آثاره الأخرى:
"عن الأدب الشعبي الفلسطيني". بيروت: دار العودة، 1970.
"نصراوي في الساحة الحمراء". الناصرة: مطبعة النهضة، 1972.
"صور من الأدب الشعبي الفلسطيني". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1974.
"حال الدُنيا، حكايات فولكلورية". الناصرة: دار الحرية، 1974.
"أنا من هذه المدينة". عكا: مطبعة أبو رحمون، 1994.
المصادر:
"توفيق زيّاد - سيرة ذاتية". موقع مؤسسة توفيق زيّاد للثقافة الوطنية والإبداع. في الرابط الإلكتروني zayyad.com
دراج، فيصل. "توفيق زياد شاعر الواقعية المقاتلة". "شؤون فلسطينية"، العددان 53 و54 (كانون الثاني– شباط 1976)، ص 96- 108.
ديكان- واصف، سارة. "معجم الكتاب الفلسطينيين". باريس: معهد العالم العربي، 1999.
شاهين، أحمد عمر. "موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين، الجزء الأول". دمشق: المركز القومي للدراسات والتوثيق، 1992.
كامبل، روبرت. "أعلام الأدب العربي المعاصر: سير وسير ذاتية. المجلد الأول". بيروت: المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، 1996.
كناعنة، مصلح. "توفيق زياد الظاهرة والإنسان". "المجتمع والتراث"، العدد 47، صيف 2007، ص 173- 188).
لوباني، حسين علي. "معجم أعلام فلسطين في العلوم والفنون والآداب". بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2012.
مجلي، نظير. "في الذكرى الأربعين لرحيل الفارس توفيق زياد. الإنسان، القائد، الشاعر". الناصرة: منشورات بلدية الناصرة، 1994.
المناصرة، عز الدين. "ديوان توفيق زياد". بيروت : دار العودة، د.ت.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: A Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia publication, 2006.
Fischbach, Michael. " Zayyad, Tawfiq." in Philip Mattar, ed. Encyclopedia of the Palestinians. New York: Facts on File, 2005.
Sorek, Tamir. The Optimist: A Social Biography of Tawfiq Zayyad. Stanford: Stanford University Press, 2020.
محتوى ذو صلة
عمل شعبي استعمار
يوم الأرض، 30 آذار/ مارس 1976
نقطة تحول في مسيرة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية في إسرائيل