إضاءة على –

مخيم مار الياس

إضاءة على –
مخيم مار الياس

مخيم مار الياس

2022
Author(s): 
أيهم السهلي

في الجنوب الغربي من العاصمة بيروت، وسط منطقتي اليونيسكو ووطى المصيطبة، يقع مخيم مار الياس أَصغر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث المساحة والتعداد السكاني. تحيط بالمخيم الصغير بأسلاكه الشائكة وعماره العشوائي المكدس، بنايات شاهقة حديثة، كما تعانقه على أطرافه من الجهة الشرقية كنيسة مار الياس الأرثوذكسية ومقبرة للطائفة الأرثوذكسية ومدرسة مار الياس بطينا، ومن الجهة الغربية جامع بوبس،

نشأة المخيم

في سنة 1948 وصلت إلى لبنان قوارب تحمل لاجئين فلسطينيين من حيفا ويافا بصورة رئيسية، معظمهم من المسيحيين، الذين قدمت لهم فرق الإنقاذ التابعة للحكومة اللبنانية العناية اللازمة. في البدء، أقامت عائلات هؤلاء اللاجئين لدى الأقارب وفي فنادق بيروت، قبل أن يتم نقلهم إلى دير مار الياس بطينا للروم الأرثوذكس. وهناك أقام 600 لاجئ بين سنتَي 1949 و1952، حيث سكنت كل ثلاث عائلات في غرفة واحدة. وواجهت العائلات في حينه أوضاعاً معيشية سيئة للغاية (على مستوى نقص المساحة وضمان النظافة والخدمات)، خفف من وطأتها قيام رابطة جمعيات الصليب الأحمر بتقديم خدمات صحية وغذائية.

في سنة 1952، قررت بطريركية الروم الأرثوذكس تحويل الدير إلى مدرسة إكليريكية لتدريب الكهنة، فتم إخلاء المبنى من اللاجئين ونقلهم إلى غابة صنوبر بالقرب منه تعود ملكيتها إلى وقف مار الياس، حيث أقاموا بخيام نُصبت في الموقع. بعد ذلك، استأجرت وكالة الأونروا الأرض التي تبلغ مساحتها 5.400 متر مربع، وبدأت بإقامة مساكن دائمة للاجئين فيها. فكان السكن في المخيم، الذي حمل اسم مار الياس، من نصيب اللاجئين الفلسطينيين الأرثوذكس، بينما انتقل اللاجئون الكاثوليك إلى مخيمي الضبية وجسر الباشا خارج بيروت. كما أن العديد من العائلات تمكن في السنوات القليلة الأولى من الانتقال خارج المخيم للسكن في بيروت، فحلت محلها عائلات مسيحية أُخرى وكذلك بعض العائلات المسلمة.

وترجع أصول العائلات التي سكنت في مخيم مار الياس لدى تأسيسه إلى مدن وقرى متعددة في فلسطين، بما فيها حيفا ويافا وعكا وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن توزيع السكان داخل مخيم لا يرتبط بالمدن والقرى التي تعود أصولهم إليها في فلسطين، كما جرت العادة في معظم المخيمات الفلسطينية، حيث تطلق على شوارعها وأحيائها أسماء المدن والقرى التي ينحدر منها السكان. وعلى الرغم من أن عدداً من العائلات لا زال يسكن في المخيم منذ نشأته، فإن المشهد العام وطبيعة المساكن والسكان تغيّرا إلى حد كبير.

ويتميز مخيم مار الياس بكثرة مداخله، إذ على الرغم من صغر مساحته، فإن له أربعة مداخل يستطيع السكان الدخول والخروج منها بحرية، ولا توجد حواجز للجيش اللبناني على هذه المداخل أسوة بعدد من المخيمات الأُخرى. وربما يعود السبب إلى طابع الهدوء والاستقرار الأمني في المخيم من ناحية، ولموقع من ناحية ثانية.

تطور البنية التحتية للمخيم

كان مخيم مار الياس في البدء حينما انتقل إليه اللاجئون الفلسطينيون، مملوءاً بأشجار الصنوبر، وكانت أرضه رملية كرمال شواطئ البحر. وكان من الممكن رؤية البحر من داخل المخيم، نظراَ إلى قربه منه وعدم وجود أبنية تحجبه عنه. ومع توالي السنوات، حلت بيوت بسيطة ذات أسقف من الحديد المموج (زينكو) محل الشوادر، لكن تمّ ذلك بصورة عشوائية.

وحول المنازل، زرع اللاجئون الكثير من الأشجار والنباتات، كالجوافة والتوت والعريشة والزهور المتنوعة وغيرها. ويصف سكان المخيم القدامى طرقاته التي كانت واسعة تستطيع السيارات الوصول إلى داخله، الأمر الذي أصبح مستحيلاً لاحقاً.

أمّا بالنسبة إلى المياه، فكان لكل منطقة في المخيم صنبور مياه وبرك تؤمنها وكالة الأونروا، يأتي إليهما السكان في طوابير لتعبئة ما يحتاجون إليه من المياه للاستخدام اليومي. أمّا الحمامات، فأقيمت خارج المنازل في البداية. ومع نشوء الثورة الفلسطينية، وتوقيع اتفاق القاهرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة الجيش اللبناني سنة 1969، تحسّنت أوضاع المخيمات، واستبدلت أسقف المنازل من الحديد المموج إلى أسمنتية حجرية، وتم تأمين المياه والخدمات إلى المنازل مباشرة.

لكن مع اكتظاظ المخيم بالتدريج، وتراجع خدمات الأونروا والحاجة إلى كميات إضافية، بدأت عمليات الحفر للوصول إلى الآبار، لكن السحب الزائد جعل المياه المستخرجة كلسية ومالحة، الأمر الذي حمل اللجنة الشعبية في المخيم على إطلاق مشروع تحلية للمياه يتم تمويله من خلال اشتراك شهري من السكان.
أمّا بالنسبة إلى الكهرباء، فبعد أن كان لكل منزل عداد رسمي تجبي شركة كهرباء لبنان على أساسه رسوم الاشتراك والاستهلاك، لم يعد العدد الأكبر من هذه العدادات يعمل، ولم تعد الشركة توفر الكهرباء بشكل متواصل. فأخذ السكان يعتمدون على المولدات الخاصة في مقابل اشتراكات مدفوعة شهرياً (كما هي الحال في لبنان بصورة عامة).

في سنة 2024، يعاني المخيم، كغيره من المخيمات، مشكلات كثيرة على مستوى الخدمات العامة ومنها المياه والكهرباء، وأبرزها التداخل والتشابك في شبكتي المياه والكهرباء، يضاف إليها تكدس النفايات، ومياه الأمطار التي تغمر زواريب المخيم في فصل الشتاء.

تطور الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية
وفقاً لمعطيات الأونروا، كان المخيم يضم 449 لاجئاً مسجلاً في سنة 1958، و472 في سنة 1975 في بداية الحرب الأهلية اللبنانية. ومنذ ذلك الحين، شهد المخيم العديد من عمليات النزوح المرتبطة بالمواجهة مع إسرائيل أو بالوضع الداخلي اللبناني. ففي الفترة التي تلت الاجتياح الإسرائيلي للبنان في صيف سنة 1982، ثم عشية "حرب المخيمات" وخلالها (1985-1987)، نزح عدد من العائلات من مخيم مار الياس إلى عدة مناطق في بيروت وخارجها، وسافر العديد منها إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا والبرازيل وأستراليا، وحلّت محلها عائلات من مخيمات أُخرى بعد تدميرها، مثل مخيم النبطية الذي دمرته إسرائيل في سنة 1974، ومخيمي تل الزعتر وجسر الباشا اللذين تم تدميرهما سنة 1976 خلال الحرب الأهلية اللبنانية. وفي بداية التسعينيات نزحت عائلات عديدة إلى مخيم مار الياس من أماكن متفرقة في لبنان.

وشيئاً فشيئاً أصبح المخيم مختلطاً سواء من ناحية الانتماء الديني أو الجنسية، إذ توافد إليه نازحون من الجنسية السورية والفلسطينية-السورية بعد اندلاع الأحداث في سوريا سنة 2011، إلى جانب عمّال مهاجرين (من السودان، وبنغلاديش، وإثيوبيا، وغيرها) اختاروا المخيم سكناً لهم، بسبب تدني بدلات السكن وقربه من أماكن العمل في بيروت. وأدّى هذا الإقبال الكبير على السكن في المخيم الصغير إلى اكتظاظه، بحيث لم يعد ممكناً، في سنة 2023، إيجاد منازل للإيجار أو الشراء في المخيم.

وأدى توسّع البناء عمودياً وأفقياً في داخل المخيم إلى اقتلاع أشجار الصنوبر التي كانت تميزه فلم يبقَ إلاّ القليل منها، كما ضاقت الطرقات لتتحول إلى أزقة ضيقة جداً. ووفقاً للمسح الذي أجرته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني سنة 2017، كان يقيم بالمخيم 1767 شخصاً، 748 منهم من الفلسطينيين، و690 من السوريين، موزعين على نحو 450 وحدة سكنية. لكن من المرجح ارتفاع عدد سكان المخيم إلى نحو 2000 نسمة في سنة 2023.

الصحة

تشرف الأونروا على شؤون الصحة في المخيم من خلال عيادتها التي تضم عدداً من الأطباء والممرضين والموظفين. وتؤمّن العيادة خدمات طبية أهمها أدوية المرضى، وخصوصاً للأمراض المستعصية والمزمنة. وتجدر الإشارة هنا إلى انتشار عدد من هذه الأمراض بين سكان المخيم، وخصوصاً ارتفاع ضغط الدم والسرطان والسكري.

بالإضافة إلى عيادة الأونروا، هناك المركز الطبي الخاص "الشفاء" الذي يضم عدة أقسام منها طب الأسنان والصحة العامة. وهناك ثلاث عيادات أسنان خاصة، وعدد من الصيدليات، منها صيدلية دلال المغربي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويوجد في المخيم أيضاً مركز طبي تابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومركز مهم لجمعية "المساواة"، وهي جمعية أهلية تقدم خدمات طبية لذوي الإعاقة وإصابات الحوادث تشمل العلاج الفيزيائي والنطق والدعم النفسي وتطوير المهارات. والجدير بالذكر أن خدمات الجمعية مجانية ويستفيد منها المواطنون من الجنسيات كافة.

وفيما يتعلق بحالات الاستشفاء، يلجأ سكان المخيم عادة إلى مستشفى حيفا التابع لمنظمة التحرير في مخيم برج البراجنة. أمّا بالنسبة إلى العمليات التي تُعتبر معقدة ومكلفة في الوقت نفسه، فإن الأونروا تحوّل المرضى إلى عدد من المستشفيات اللبنانية في المنطقة، كمستشفى الساحل، أو مستشفى الرسول الأعظم وكذلك إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت. وفي سنة 2023 تقلصت تقديمات وكالة الأونروا لتغطي فقط ما نسبته 30% من تكلفة العلاج لهذه الحالات. ويقدم مكتب الضمان الاجتماعي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية تغطية مادية إضافية.

التعليم

يوجد في مخيم مار إلياس روضتان للأطفال: روضة غسان كنفاني وروضة أحلام لاجئ. وهناك مدرسة واحدة ابتدائية تابعة للأونروا، هي مدرسة الكابري المختلطة، وتضم أكثر من 300 تلميذ وتلميذة من الصف الأول إلى الصف السادس. أمّا طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، فإنهم يتلقون تعليمهم في مدرستَي حيفا والجليل التابعتين للأونروا في منطقة بئر حسن. كما يوجد في المخيم مركز تأهيل لذوي الحاجات الخاصة تابع لمؤسسة غسان كنفاني.

يتميّز مخيم مار الياس بوجود فئة من الشباب المتعلم، ومن حملة الشهادات العليا، لكن في الآونة الأخيرة ومع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ سنة 2019، والارتفاع الكبير في الأقساط الجامعية، تفاقمت ظاهرة التسرّب المدرسي والجامعي.

العمل

يعمل معظم الرجال خارج المخيم في أعمال حرة أو في مؤسسات الأعمال الصغيرة، كمحلات البقالة وورش تصليح السيارات وورش البناء. كما يعمل بعضهم في أعمال موسمية، مثل شهر رمضان، إذ يقوم البعض بإعداد المشروبات الرمضانية وبيعها، أو بيع المثلجات في فصل الصيف. أمّا النساء فتعمل بعضهن داخل المخيم في محلات السمانة وبيع الخضروات والفواكه. وبالنسبة إلى فئة الشباب، فإن عدداً منهم يعمل في مؤسسات تابعة للأونروا ومنظمة التحرير ومؤسسات أهلية ومؤسسات لبنانية خاصة.

يضم المخيم عدداً لا بأس به -بالنسبة إلى حجمه الصغير- من المتاجر والورش الصغيرة. ففي سنة 2023 كان في المخيم 7 محلات بقالة، وملحمتان، و4 أفران، وأكثر من محل لبيع الخضروات والفواكه، بالإضافة إلى ورش صيانة السيارات والحدادة والمقاهي الصغيرة ومحلين للحلاقة.

يعاني سكان مخيم مار الياس كغيرهم من سكان المخيمات ارتفاعاً في نسب البطالة، وخصوصاً لدى فئة الشباب، والتي ازدادت حدتها منذ بداية الأزمة الاقتصادية في سنة 2019، فضلاً عن قوانين العمل اللبنانية التي تحرم اللاجئين الفلسطينيين ممارسة معظم المهن، لذا يضطر حملة الشهادات إلى العمل في أعمال لا تمت إلى تخصصاتهم بصلة.

العلاقات الاجتماعية

يتميز مخيم مار الياس عن غيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان بتنوع سكانه. ويتصف هذا التنوع بالانسجام بين سكان المخيم والتفاهم والاحترام المتبادل. ويظهر ذلك جلياً في المناسبات الدينية، ففي عيد الميلاد مثلاً يحتفل المسلمون بالعيد تماماً مثل المسيحيين فيعايدون بعضهم البعض ويوزعون الحلوى، وتعم أجواء العيد المخيم، وكذلك الأمر في المناسبات الدينية الإسلامية كشهر رمضان، حيث يتم تزيين شوارع ومنازل المخيم. ويشارك الأطفال من كلا الديانتين في المناسبات كافة. ونظراً إلى صغر حجم المخيم، تعرف العائلات بعضها البعض، وخصوصاً تلك التي تسكن في المخيم منذ مدة طويلة.

أمّا علاقة المخيم بالمحيط القريب منه فهي شبه معدومة، إذ تحيط بالمخيم بنايات فخمة حديثة تعبّر عن طبيعة الطبقة الاجتماعية القاطنة فيها والمختلفة عن وضع سكان المخيم الاجتماعي. أمّا على طول الجهة الغربية للمخيم، فتنتشر المحلات على أنواعها كمحلات تصليح السيارات، والبقالات، والمقاهي، والأفران التي تعتمد بصورة أساسية على الزبائن الخارجيين، القادمين من مناطق أُخرى في بيروت، علماً بأن معظم أصحاب هذه المحلات ليسوا من سكان المخيم.

أمّا علاقة المخيم بمحيطه الأوسع، فهي تتمحور حول العلاقة مع المخيمات الفلسطينية في منطقة بيروت (مخيما شاتيلا وبرج البراجنة)، حيث يعمل بعض سكان مخيم مار الياس فيها، أو لديهم أقارب وأصدقاء فيها. هذا بالإضافة إلى علاقات المصاهرة بين العائلات من الجانبين اللبناني والفلسطيني في المناطق الأُخرى.

المؤسسات الأهلية

في سنة 2023 كان المخيم يضم نحو 20 مؤسسة أهلية، منها: مؤسسة النجدة الاجتماعية، أحلام لاجئ، مؤسسة غسان كنفاني، مشروع كياني، بيت أطفال الصمود، مؤسسة أسر الشهداء، جمعية المساواة. ويشير هذا العدد إلى اتخاذ معظم الجمعيات الفلسطينية المخيم مركزاً لها بسبب موقعه في العاصمة، واستقرار أوضاعه الأمنية والسياسية.

ويُعتبر مخيم مار الياس ناشطاً على المستوى الثقافي بفضل النادي الثقافي الفلسطيني الذي تأسس سنة 1993 على يد مجموعة من طلاب جامعة بيروت العربية. ويعمل النادي على تنمية الوعي لدى الشباب الفلسطيني والعربي داخل المخيمات حول القضية الفلسطينية، من خلال إحياء المناسبات الوطنية الخاصة بفلسطين، وتنظيم دورات تعليمية تتعلق بجغرافيا فلسطين وتاريخها، وعقد لقاءات ثقافية متنوعة، وعرض أفلام، بالإضافة إلى مكتبة متنوعة متاحة للجميع. وفي بداية سنة 2023، تأسست "أكاديمية دار الثقافة" فاتخذت مخيم مار الياس موقعاً لها، وهي تهدف إلى دعم المواهب وتحفيزها نحو الإبداع الحر، وإثراء المشهد الفلسطيني والعربي، فضلاً عن العروض الثقافية التي تنظمها في المخيم.

الإدارة
في خمسينيات القرن الماضي وستينياته كان مخيم مار الياس تحت سيطرة السلطات اللبنانية؛ فكانت الشرطة اللبنانية تقيم مركزاً لها داخل المخيم، حيث كان أبناء المخيم يعانون بسبب التضييق عليهم، ويتذكر أحد السكان تلك المرحلة فيقول: "لم يكن لنا الحق في دق مسمار على حائط، أو استخدام المياه للتنظيف أمام منازلنا." وفي نهاية الخمسينيات، شددت السلطات اللبنانية سيطرتها على المخيم كما على باقي المخيمات من خلال "المكتب الثاني" التابع لمخابرات الجيش اللبناني، والذي كانت مهمته مراقبة ومنع جميع النشاطات السياسية في المخيمات الفلسطينية.

لكن أوضاع المخيمات في لبنان، ومنها مخيم مار الياس، تغيرت بعد توقيع اتفاق القاهرة في سنة 1969، فأصبحت تحت إشراف منظمة التحرير الفلسطينية، وأخلتها الأجهزة الأمنية التابعة اللبنانية. ويمكن القول أن مخيم مار الياس حافظ، في مختلف المراحل، على سمتي الهدوء والاستقرار، فلم يشهد أحداثاً أمنية أو ما شابه، إذ احتفظت الفصائل الفلسطينية بمراكز لها داخل المخيم، لكن من دون مظاهر مسلحة.

وكما في مخيمات اللاجئين الأخرى في لبنان، تدير مخيم مار الياس لجنة شعبية أعضاؤها من اللاجئين المقيمين فيها والذين يتم ترشيحهم من المنظمات السياسية الفلسطينية. حالياً، تشرف على المخيم لجنة شعبية مكونة من: حركة "فتح"، وحركة "حماس"، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

على مستوى الخدمات العامة، يقع مخيم مار الياس منذ إنشائه تحت إدارة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا). ومنذ التسعينيات، تقوم اللجنة الشعبية، بالتنسيق مع الأونروا، بمختلف الأعمال الإدارية، وهي على تواصل مباشر مع سكان المخيم، إذ تقوم بتأمين مختلف الخدمات لهم، وإدارة شؤون المخيم الحياتية، وحل المشكلات التي قد تحدث بين السكان.

****

مخيم مار الياس، المخيم الصغير في قلب العاصمة بيروت، بزواريبه الضيقة، وألوانه المتعددة، بأشجاره القليلة الباقية التي تحكي حكايات من عاشوا فيه وتذكّر ساكنيه بكل ما مر على هذا المخيم، بصور القيادات الفلسطينية التي تستقبل الزائرين والمارين على مدخله الرئيسي، بالأطفال الذين تقابلهم بين الزقاق والآخر يلعبون، بالكبار الذين يحكون لك قصص المخيم وتبدلاته، بجدرانه الملونة وجدارياته التي تستوقف إحداها المارة بعبارة "نحن محكومون بالأمل" (من أقوال سعد الله ونوس)؛ هذا المخيم، وعلى الرغم من حاجته إلى الاهتمام والرعاية وخطة إعادة تأهيل شاملة للبنى التحتية، فإنه يمتاز بسعي سكانه إلى تحقيق التعايش والأمن والهدوء.

قراءات مختارة: 

الدرعي، محمد كامل. "من سكان مخيمات إلى لاجئين حضريين: تحضير مخيمات اللاجئين في لبنان وإقصاؤها". في: محمد علي الخالدي (تحرير). "تجليات الهوية: الواقع المعاش للاجئين الفلسطينيين في لبنان". بيروت: موسسسة الدراسات الفلسطينية والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى، 2010.

عبد العال، شذا. "مار الياس: أصغر المخيمات وأكثرها تغيراً ديموغرافياً".

لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، إدارة الإحصاء المركزي – لبنان، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. "التعداد العام للســكان والمســاكن في المخيمات والتجمعات الفلســطينية في لبنان - 2017 : تقرير النتائج الرئيسية (السـكان، المسـاكن والوحدات السـكنية)". بيروت: 2018.

موسوعة المخيمات الفلسطينية. "مخيم مار الياس: الوضع الصحي".

https://palcamps.net/ar/camp/62/4/الوضع-الصحي

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. "مخيم مار إلياس للاجئين".

https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/لبنان/مخيم-مار-إلياس-للاجئين

Sfeir, Jihane, L’exil palestinien au Liban : le temps des origines (1947-1952). Paris: Karthala-Ifpo, 2008.

مقابلات:

أبو عماد، أمين سر اللجنان الشعبية، تموز/ يوليو 2023.

أبو جان، أحد سكان مخيم مار الياس القدامى، تموز/يوليو 2023.