نص خطاب الرئيس باراك أوباما حول سياسات الولايات المتحدة
في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعتبر فيها أن حدود إسرائيل وفلسطين يجب
أن تقوم على أساس خطوط العام 1967 مع تبادل متفق عليه في الأراضي
(مقتطفات)
واشنطن، 19/5/2011
البيت الأبيض
مكتب السكرتير الصحفي
للنشر الفوري
19 أيار/مايو 2011
كلمة الرئيس باراك أوباما
عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وزارة الخارجية الأميركية
واشنطن العاصمة
الساعة 12:15 بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة
إن وزارة الخارجية هي المكان المناسب للاحتفاء بفصل جديد في الدبلوماسية الأميركية. فلقد شهدنا على مدى ستة شهور تغيرا استثنائيا يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمن ميدان إلى ميدان، ومن مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد نهضت الشعوب مطالبة بحقوقها الإنسانية. وتنحى زعيمان عن الحكم، وقد يلحق بهما آخرون. وعلى الرغم من أن تلك البلدان تقع على مسافات بعيدة عن شواطئنا، فإننا نعلم أن مصيرنا نحن يرتبط بهذه المنطقة بقوى الاقتصاد والأمن، وبالتاريخ والعقيدة.
فمنذ عقود طويلة، ظل النزاع بين الإسرائيليين والعرب يخيم بظلاله على المنطقة. وبالنسبة للإسرائيليين، فإنه كان يعني العيش في خوف من أن أبناءهم قد يتعرضون لحادث تفجير في حافلة أو بصواريخ تُطلق على منازلهم، بالإضافة إلى الألم الذي تسببه لهم معرفة أن أطفالا آخرين في المنطقة يتم تلقينهم على كراهيتهم. وبالنسبة للفلسطينيين، كان يعني معاناة ذل الاحتلال، وأنهم لم يعيشوا أبدا في دولة خاصة بهم. وعلاوة على ذلك فإن النزاع كبّد منطقة الشرق الأوسط تكلفة كبيرة، لأنه عوّق قيام علاقات شراكة كان من الممكن أن تجلب درجة أكبر من الأمن والرخاء والازدهار والتمكين للمواطنين العاديين.
ولأكثر من عامين ظلت حكومتي تعمل مع الأطراف المعنية والمجتمع الدولي من أجل إنهاء هذا النزاع، بالبناء على عقود من الجهود التي بذلتها الحكومات الأميركية السابقة، ولكن خابت كل التوقعات. فأنشطة الاستيطان الإسرائيلية مستمرة. والفلسطينيون انسحبوا من المحادثات. والعالم ينظر إلى نزاع ظل يطحن ويطحن ويطحن ولكنه لا يرى شيئا يتحقق إلا الجمود والتوقف. وفي الواقع فإن هناك من يقول إنه مع كل ما يحدث من تغيير وعدم يقين في المنطقة ، فإن الأمر ببساطة يعني أنه من غير الممكن التقدم الآن إلى الأمام.
لكنني لا أوافق على ذلك. ففي الوقت الذي تنفض فيه شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعباء الماضي، فإن الدفع نحو سلام دائم يُنهي النزاع ويبدد كل الادعاءات أصبح أكثر إلحاحاً عما كان في أي وقت سابق. وهذا يصدق بالتأكيد بالنسبة للطرفين المعنيين.
فبالنسبة للفلسطينيين، ستنتهي جهودهم لنزع الشرعية عن إسرائيل إلى الفشل. فالأعمال الرمزية لعزل إسرائيل في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر لن تخلق دولة مستقلة. ولن يحقق القادة الفلسطينيون السلام والرخاء إذا ما أصرت حماس على انتهاج سيل الإرهاب والرفض. ولن يحقق الفلسطينيون أبدا استقلالهم بإنكار حق إسرائيل في الوجود.
وبالنسبة لإسرائيل، فإن صداقتنا متأصلة عميقا في تاريخ مشترك وقيم مشتركة. والتزامنا بأمن إسرائيل لا يتزعزع. وسنقف ضد محاولات التفرد بها لانتقادها في المنتديات الدولية. ولكن من المهم نتيجة لاعتبارات صداقتنا بالذات أن نجاهر بالحقيقة وهي: إن الوضع الرهن غير مستدام وعلى إسرائيل أيضا أن تعمل بشجاعة على تقدم السلام الدائم.
فالحقيقة هي أن أعدادا متزايدة من الفلسطينيين تعيش إلى الغرب من نهر الأردن. وستزيد التكنولوجيا من صعوبة دفاع إسرائيل عن نفسها. فمنطقة تمر بتغيير أساسي سيؤدي إلى الشعبانية (التمثيل الشعبي) ينبغي فيها لملايين الناس – وليس لمجرد زعيم أو زعيمين – أن تؤمن بأن السلام ممكن. فقد تعب المجتمع الدولي ومل من عملية لا تصل إلى نتيجة. والحلم بدولة يهودية وديمقراطية لا يمكن أن يتحقق مع دوام الاحتلال.
وهكذا، فإن الأمر في نهاية المطاف عائد للإسرائيليين والفلسطينيين في اتخاذ الإجراءات اللازمة. فما من سلام يمكن أن يفرض عليهم – لا من قبل الولايات المتحدة ولا من أي جهة أخرى. والتأخير الذي لا نهاية له لن يجعل المشكلة تتلاشى. وما بوسع أميركا والمجتمع الدولي أن يفعلاه هو أن يعلنا صراحة ما يعلمه كل الناس وهو – أن السلام الدائم يشمل دولتين لشعبين: إسرائيل كدولة يهودية ووطن للشعب اليهودي، ودولة فلسطين كوطن للشعب الفلسطيني وتتمتع كل دولة منهما بتقرير المصير والاعتراف المتبادل والسلام.
وهكذا في حين أن قضايا الصراع الجوهرية يجب التفاوض عليها، فإن الأساس لتلك المفاوضات واضح وهو: فلسطين قابلة للحياة، وإسرائيل آمنة. والولايات المتحدة تعتقد أن المفاوضات يجب أن تسفر عن قيام دولتين بحدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين. ونحن نعتقد أن حدود إسرائيل وفلسطين يجب أن تقوم على أساس خطوط العام 1967 مع تبادل متفق عليه في الأراضي بحيث يتم إنشاء حدود آمنة معترف بها للدولتين. إذ يجب أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في حكم نفسه بنفسه ويحقق كامل إمكانياته في دولة ذات سيادة ومتصلة.
وأما بالنسبة للأمن، فإن لكل من الدولتين الحق في الدفاع عن النفس وينبغي لإسرائيل أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها – بنفسها – ضد أي تهديد. والشروط يجب أن تكون قوية أيضا إلى حد كاف للحيلولة دون عودة الإرهاب ووقف تسرب الأسحلة وتوفير أمن فعال للحدود. وانسحاب القوات العسكرية الإسرائيلية التام يجب أن ينسق مع تولي الفلسطينيين مسؤولية أمنهم في دولة ذات سيادة غير عسكرية. ويجب الإتفاق على مدة الفترة الإنتقالية كما يجب إظهار البرهان على فاعلية الترتيبات الأمنية.
هذه المبادئ توفر أساسا للمفاوضات. إذ ينبغي للفلسطينيين أن يعرفوا حدود أراضي دولتهم، وللإسرائيليين أن يعرفوا أن هواجسهم الأمنية الأساسية ستلبى. أنا أدرك أن هذه الخطوات وحدها لن تحل الصراع لأن هناك مسألتين مؤلمتين وعاطفيتين تظلان ماثلتين هما: مستقبل القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين. لكن التحرك الآن والمضي قدما على أساس الأرض والأمن يضع الأساس لحل هاتين المشكلتين بأسلوب عادل ومنصف ويحترم حقوق وطموحات الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.
الآن، دعوني أقول هذا: إن إدراك أنه لا بد للمفاوضات أن تبدأ بقضايا الأرض والأمن لا يعني أن العودة إلى طاولة المفاوضات ستكون سهلة. فما أعلن مؤخرا على الأخص من اتفاق بين فتح وحماس يثير تساؤولات أساسية ومشروعة بالنسبة لإسرائيل: كيف يمكن للمرء أن يتفاوض مع طرف أظهر نفسه أنه غير مستعد للاعتراف بحقك في البقاء؟ وعلى القادة الفلسطينيين أن يقدموا في الأسابيع والشهور القادمة جوابا موثوقا به لهذا السؤال. وفي غضون ذلك ستكون الولايات المتحدة وشركاؤنا في الرباعية والدول العربية بحاجة إلى الاستمرار في بذل كل جهد للتغلب على المأزق الحالي.
أنا أدرك مدى صعوبة ذلك. إذ إن حالات الشك والعداء قد تناقلتها الأجيال، وأنها قد ازدادت صلابة في بعض الأحيان. ولكنني على قناعة بأن غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين يفضلون التطلع إلى المستقبل بدلا من الوقوع في شباك الماضي. إننا نرى هذه الروح في الأب الإسرائيلي الذي قتل نجله على يد حركة حماس، والذي ساعد في إنشاء منظمة جمعت ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذي فقدوا أحباء لهم. إذ قال ذلك الأب "لقد أدركت تدريجيا أن الأمل الوحيد في التقدم هو معرفة وجه النزاع." ونحن نراه في تصرفات الفلسطيني الذي فقد ثلاث بنات بفعل القذائف الإسرائيلية في غزة. وقال "إن لي الحق في أن أغضب. فالكثير من الناس كانوا يتوقعون مني أن أكره. وجوابي لهم هو أنني لن أكره"... قائلا "دعونا نأمل في الغد."
وهذا هو الخيار الذي يجب اتخاذه - وليس فقط في هذا النزاع، ولكن عبر المنطقة بأسرها- وهو خيار بين الكراهية والأمل؛ بين أغلال الماضي ووعد المستقبل. وهو خيار يجب أن يتخذ من قبل القادة وأبناء الشعوب، وهو الخيار الذي سيحدد مستقبل المنطقة التي كانت بمثابة مهد للحضارة وبوتقة للصراعات والفتن.