المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة الرابعة عشرة
البرنامج السياسي والتنظيمي
دمشق، 15-22 كانون الثاني/ يناير 1979
إن التسوية الأميركية للصراع العربي الصهيوني التي تجسدت في اتفاقيات كامب ديفيد تشكل أخطاراً مصيرية على قضية فلسطين وقضية التحرر الوطنية العربية. فهي تسلم للعدو الصهيوني بمواصلة اغتصاب التراب الوطني الفلسطيني، وتلغي حق الشعب العربي الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين وحقه في العودة إليه وتقرير مصيره وممارسة استقلاله الوطني فوق أرضه وتفرط في أجزاء أخرى من الأرض العربية، وتتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية قائدة الكفاح الوطني لشعبنا وممثله الشرعي الوحيد الناطق باسمه والمعبر عن إرادته.
كما أن هذه الاتفاقيات تشكل اعتداء على الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية وتمهد الطريق لأحكام السيطرة الإمبريالية والصهيونية على منطقتنا العربية والبلدان الأفريقية ولاستخدام النظام المصري – في إطار التحالف مع الإمبريالية والصهيونية – كأداة قمع لحركة التحرر الوطني العربية والأفريقية.
وإدراكاً منا لخطورة المؤامرة الجديدة وأبعادها، فإن مسؤولياتنا الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية كممثلة لشعبنا العربي الفلسطيني بجميع فصائله وقواه الوطنية تحتم علينا رفض المخطط التآمري الجديد والتصدي له والدفاع عن شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة في وطنه فلسطين وثورتنا الفلسطينية.
إن موقف جماهيرنا الفلسطينية الباسل داخل الوطن المحتل وخارجه وموقف جماهير أمتنا العربية في رفض اتفقيات كامب ديفيد، وإعلانها العزم على التصدي لهذه المؤامرة الجديدة على شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة وأمتنا العربية يمنحنا المزيد من التصميم على مواجهة المؤامرة والمزيد من الثقة على دحرها.
وفي الوقت نفسه فإنه تقع على عاتقنا مسؤولية كبرى لا يمكن القيام بها إلاّ عبر موقف وطني وشعبي موحد من خلال منظمة التحرير الفلسطينية.
واستجابة منا لإرادة شعبنا للتحديات التي تواجهنا وإيماناً منا بالوحدة الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية طريقاً وحيداً لانتصارنا، وانطلاقاً من الميثاق الوطني الفلسطيني وقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية ووثيقة طرابلس الوحدوية بين فصائل الثورة الفلسطينية وحق شعبنا في إقامة الدولة الديمقراطية على كامل ترابه الوطني وفي مواجهة هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة من نضال شعبنا، نعلن نحن ممثلي كافة فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية ما يلي:
في المجال الفلسطيني:
أولاً: التمسك بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا في وطنه فلسطين، وحقه في العودة إليه وتقرير مصيره على أرضه دون تدخل خارجي وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني دون قيد أو شرط.
ثانياً: الدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بها ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبنا وقائداً لنضاله الوطني، وناطقاً باسمه في كافة المحافل العربية والدولية ومقاومة كافة المحاولات التي تستهدف النيل من منظمة التحرير أو تجاوزها والالتفاف حولها، أو خلق بدائل أو شركاء لها في تمثيل شعبنا الفلسطيني والتمسك بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط وقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرارين رقم 3236-3237 التي تؤكد حقوقنا الوطنية الثابتة والاعتراف العربي الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
ثالثاً: التصميم الثابت على مواصلة وتصعيد الكفاح المسلح وكافة أشكال النضال السياسي والجماهيري خاصة داخل الأرض المحتلة باعتبارها تشكل ميدان الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني وذلك لتحقيق الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف أو التفاوض للشعب العربي الفلسطيني.
رابعاً: التأكيد على أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي – الصهيوني وأساسه، ورفض جميع القرارات والاتفاقيات والتسويات التي لا تعترف أو تنتقص من حقوق شعبنا الثابتة في وطنه فلسطين، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة بشكل خاص قرار مجلس الأمن رقم 242.
خامساً: رفض ومقاومة مشروع الحكم الذاتي في الوطن المحتل الذي يكرس الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرضنا المحتلة ويتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني.
سادساً: التأكيد على وحدة شعبنا العربي الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه ووحدة تمثيله من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التصدي لجميع المحاولات والمشاريع التي تستهدف تجزئة شعبنا أو الالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية والعمل على دعم نضال شعبنا في المناطق المحتلة وتعزيز وحدته وصموده.
سابعاً: تدعيم بناء الجبهة الوطنية الفلسطينية في الداخل باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من منظمة التحرير الفلسطينية وتوفير كل وسائل الدعم السياسي والمادي لها بما يمكنها من تعبئة جماهير شعبنا في الداخل في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومخططاته ومشاريعه المعادية لشعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة.
ثامناً: التمسك بفلسطين وطناً تاريخياً لا بديل عنه للشعب الفلسطيني ومقاومة كافة مشاريع التوطين أو "الوطن البديل" التي يطرحها العدو الإمبريالي الصهيوني لتصفية قضية فلسطين والنضال الوطني الفلسطيني والالتفاف على حق العودة.
في المجال العربي:
أولاً: التأكيد على أن مواجهة اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها بما تمثله من أخطار مصيرية على قضية النضال العربي هي مسؤولية الجماهير العربية بأسرها وقواها الوطنية والتقدمية وأن الجبهة القومية للصمود والتصدي وحلقتها المركزية سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية هي القاعدة الرئيسية للتصدي لمؤامرة التسوية الأميركية الصهيونية.
ثانياً: العمل على تعزيز وتدعيم جبهة الصمود والتصدي وتوسيع دائرتها على قاعدة مقاومة مخططات التسوية الإمبريالية والصهيونية، والتمسك بهدف تحرير الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وعدم التفريط أو المساس بها، وتوفير كل إمكانيات الدعم الجماهيري والمادي لجبهة الصمود والتصدي بشكل خاص لمنظمة التحرير الفلسطينية والقطر العربي السوري.
ثالثاً: تدعو منظمة التحرير الفلسطينية كافة الأحزاب والحركات والقوى الوطنية والتقدمية في الوطن العربي إلى مساندة وتوفير كل إمكانيات الدعم الجماهيري والمادي لجبهة الصمود والتصدي كما تدعوها إلى التضامن والنضال على قاعدة مقاومة مخططات التسوية الإمبريالية الصهيونية.
رابعاً:
أ- تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها الثابت بوحدة وعروبة واستقلال لبنان واحترامها للسيادة اللبنانية والتزامها باتفاقية القاهرة وملحقاتها التي تنظم العلاقات بينها وبين السلطة الشرعية اللبنانية.
ب- تثمن منظمة التحرير الفلسطينية الدور الذي قام ويقوم به الشعب اللبناني وقواه الوطنية والقومية والتقدمية في دعم نضال الشعب الفلسطيني ودفاعها عنه وهي إذ تعبر عن اعتزازها بالتلاحم بين شعبنا الفلسطيني والشعب اللبناني وقواه الوطنية والقومية والتقدمية في الدفاع عن الأرض اللبنانية والثورة الفلسطينية ضد العدوان الصهيوني ومخططاته وأدواته المحلية تؤكد على أهمية استمرار هذا التلاحم وتعزيزه.
خامساً:
أ- تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية على العلاقة ذات الطبيعة الخاصة التي تربط بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني، وحرصها على استمرار التلاحم بين الشعبين الشقيقين.
ب- تعلن منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها بقرارات القمة العربية في الجزائر والرباط التي تؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وحق شعبنا في إقامة دولته الوطنية المستقلة، وتعتبر التزام النظام الأردني بهذه القرارات ورفض اتفاقيات كامب ديفيد ونتائجها والتورط وتمكين منظمة التحرير الفلسطينية من ممارسة مسؤوليتها النضالية والشعبية ضد العدو الصهيوني هو القاعدة التي تحكم علاقة منظمة التحرير الفلسطينية مع النظام الأردني.
سادساً: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية حقها في ممارسة مسؤولياتها النضالية على المستوى العربي والقومي وعبر أية أرض عربية في سبيل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
سابعاً: تعلن منظمة التحرير الفلسطينية أن مواقفها وعلاقاتها مع أي نظام عربي تتحدد على ضوء موقف أي نظام من الالتزام بمقررات قمتي الجزائر والرباط ومن رفض اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها ومقاومتها.
ثامناً: تدعو منظمة التحرير الفلسطينية كافة القوى القومية والعربية والأنظمة الوطنية والصديقة إلى دعم ومساندة الشعب المصري وحركته الوطنية لتمكينه من التصدي لمؤامرة السادات وإسقاط اتفاقية كامب ديفيد وانعكاساتها على الشعب المصري وعروبته وتاريخه النضالي ضد الصهيونية والإمبريالية.
في المجال الدولي:
أولاً: إن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية ضد شعبنا الفلسطيني ونضاله الوطني وضد حركة التحرير الوطني العربية وأهدافها في التحرير والاستقلال سواء من دعمها للكيان الصهيوني أو من خلال أدواتها في المنطقة العربية يشكل عدواناً سافراً على شعبنا وقضيته الوطنية، وأن منظمة التحرير الفلسطينية بالتلاحم مع جميع فصائل حركة التحرر الوطني العربية وقواها وأنظمتها الوطنية والتقدمية تعبر عن عزمها على مقاومة سياسة الولايات المتحدة وأهدافها وممارساتها في المنطقة.
ثانياً: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية أهمية تحالفها مع البلدان الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي باعتبار هذا التحالف يشكل ضرورة وطنية في مجال التصدي للمؤامرة الأميركية الصهيونية على قضية فلسطين وحركة التحرر الوطني العربية ومنجزاتها.
ثالثاً: تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية على أهمية تعزيز وتدعيم تعاونها مع دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والأفريقية والصديقة المؤيدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونضالها في سبيل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة.
رابعاً: تعبر منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني عن تضامنها مع حركات التحرر الوطني في العالم وخاصة في زيمبابوي وناميبيا وجنوب أفريقيا وتصميمها على تعزيز علاقاتها النضالية ومعها باعتبار أن النضال ضد الإمبريالية والصهيونية والعنصرية قضية مشتركة لكافة قوى التحرر والتقدم في العالم.
خامساً: تعلن منظمة التحرير الفلسطينية تمسكها الثابت بالإنجازات التي تحققت للنضال الفلسطيني على الساحة الدولية من اعتراف دولي واسع بمنظمة التحرير الفلسطينية وبحق الشعب العربي الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين وفي العودة وتقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة فوق ترابه الوطني وهي في الإنجازات التي تجسدت في قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1974 حتى اليوم وخاصة القرارين رقم 3236 و3237 وتؤكد حق منظمة التحرير الفلسطينية في الاشتراك في جميع الاجتماعات والمؤتمرات التي تبحث قضية فلسطين على هذه الأسس وتعتبر أن أي بحث أو اتفاق في غيابها فيما يتعلق بقضية فلسطين باطل من أساسه.
في المجال التنظيمي:
أولاً: تشارك فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية في كافة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية وعلى أسس جبهوية ديمقراطية.
ثانياً: القيادة الفلسطينية قيادة جماعية بمعنى أن القرار مسؤولية الجميع سواء من حيث المشاركة في اتخاذه أو تنفيذه وعلى أساس ديمقراطي بالتزام الأقلية برأي الأكثرية طبقاً للبرنامج السياسي التنظيمي وقرارات المجالس الوطنية.
ثالثاً: ضمان قيام دوائر المنظمة ومؤسساتها وأجهزتها بممارسة صلاحياتها كاملة وفق الاختصاصات المحددة لها في النظام الأساسي للمنطقة، وتشكل اللجنة التنفيذية مجالات عليا متخصصة على أسس جبهوية تتولى وضع الخطط ومراقبة التنفيذ لمؤسسات منطقة التحرير الفلسطينية وخاصة في المجالات العسكرية والإعلامية والمالية.
رابعاً: تشكل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي حسب ما يتفق عليه وضمن ما ينص عليه النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وقرارات المجلس الوطني.
خامساً: تتولى اللجنة التنفيذية القادمة في بداية عملها وضع الخطط اللازمة لوضع البرنامج المرحلي موضع التنفيذ وتعيد النظر في دوائر أجهزة المنظمة بشكل يراعي الكفاءة والنوعية لضمان تحقيق المردود الأفضل من عمل هذه الدوائر والأجهزة.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1979". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981، ص 36-39.