المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة السابعة عشرة
البيان الختامي (مقتطفات)
عمان، 22-29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1984
لقد جسد المجلس الوطني الفلسطيني بانعقاده الشخصية الوطنية الفلسطينية واستقلالية القرار الوطني الفلسطيني وحرية الارادة الفلسطينية وشرعية الثورة الفلسطينية، معبراً عنها كلها بمنظمة التحرير الفلسطينية قائدة لشعبنا ورمزاً لنضاله.
وقد تم انتخاب لجنة تنفيذية، بما يكفل انتظام عمل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وفاعليتها، ونشاط نضال شعبنا على كافة المستويات وفي كل الساحات بما فيها الساحة العربية والدولية.
وقد حقق المجلس الوطني، بذلك، الاهداف الاساسية التي من اجلها عقد دورته السابعة عشرة، متجاوزا جميع المعوقات والعراقيل والضغوطات التي استهدفت عكس ذلك.
وقد دارت في هذه الدورة مناقشات ومداخلات شاملة وعميقة، تناولت بمسؤولية وطنية وقومية كاملتين كافة المشاكل والمآسي والاحداث التي تعرض لها شعبنا ومنظمتنا في الفترة التي تلت انعقاد دورة مجلسنا السادسة عشرة في شباط (فبراير) من العام الماضي في الجزائر.
وبهذه الروح المسؤولة، روح الحرص على المصلحة الوطنية العليا وتغليبها على كل الجراح، نجح المجلس في اتخاذ القرارات التي تمكنه من معالجة نتائج أحداث الماضي المؤلمة ومواجهة التحديات المستقبلية وإيجاد السبل الكفيلة بالتصدي لها، بما يكفل مواصلة وتصعيد فاعلية نضالنا، وإنجاز أهدافنا الوطنية الثابتة، وتعزيز عملنا القومي وتعاوننا الاقليمي والدولي على ضوء المستجدات في الساحة العربية والدولية.
ومن هذا المنطلق، وكمحصلة لكافة الكلمات والآراء التي طرحت، بما فيها العرائض والبرقيات والرسائل التي وردت من أهلنا في الارض المحتلة وأصدقائنا في العالم، فقد تضمنت قرارات هذا المجلس فيما تضمنت:
أولاً: الحرص على ضرورة متابعة الجهد لتحقيق وحدة وطنية فلسطينية مستقلة الإرادة والقرار، تكون أمينة ووفية للأهداف التي من أجلها كان نضالنا ومنظمتنا وفي سبيلها سقطت قوافل شهدائنا. ونصت هذه القرارات بوضوح على ضرورة استمرار الحوار الذي تم في هذا الاتجاه في الجزائر وعدن ... وقد كلف المجلس الوطني الفلسطيني مكتب الرئاسة واللجنة التنفيذية تشكيل لجنة من بين أعضائه، تشارك في متابعة الحوار الوطني الشامل، من أجل إغنائه وضمان استمراره ونجاحه في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، والحفاظ عليها.
ثانياً: إن المجلس الوطني إذ يعتبر أن حق تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية هي المدخل والأساس لأي تحرك سياسي عادل لقضيتنا، فإنه يؤكد قراراته في دوراته السابقة حول موقفه من قرار 242، الذي لا يتعامل مع قضيتنا كقضية شعب وحقوق وإنما كقضية لاجئين، ويتنكر من ثم لحقوقنا الوطنية. وأكد المجلس الوطني رفضه لجميع المشاريع التي لا تتضمن هذه الحقوق، وخاصة اتفاقيتي كامب ديفيد ومشاريع الحكم الذاتي، ومشروع ريفان وكل ما لا يعترف بحقوقنا الوطنية غير القابلة للتصرف.
وكذلك أعلن مجلسنا الوطني أن قراره الوطني المستقل مرتبط بالبعد القومي، وهو يرى أن أي حل لقضية فلسطين لا يتحقق إلا وفق الشرعية الدولية وعلى أساس قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين، وفي إطار مؤتمر دولي تشارك فيه الدولتان العظميان تحت رعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبحضور كافة الأطراف المعنية بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية وعلى قدم المساواة.
ثالثاً: إن المجلس الوطني الفلسطيني، مستلهماً تاريخ شعبنا في علاقاته العربية، وإيمانا منه بقومية قضيته، ووعياً منه لما يمس الاقطار العربية أمناً وسيادة بسبب قضية فلسطين، وإدراكا منه لأهمية التضامن العربي في مواجهة التحالف الأميركي الإسرائيلي المعادي لشعبنا والطامع في الهيمنة على أمتنا واحتكار ثرواتنا، اتخد المجلس الوطني جملة قرارات تنطلق من هذا كله، وتستهدف بناء واقع عربي قادر على مواجهة تحديات هذا التحالف في هذه المرحلة.
فبالنسبة إلى الأردن، قرر المجلس مواصلة السعي لتطوير العلاقات مع الأردن بهدف تنسيق الجهد المشترك من أجل تحقيق أهدافنا الواحدة بتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني، وذلك استناداً على قناعاتنا الثابتة بالمصير الواحد وعلى قاعدة ما اتفق عليه العرب في فاس وبالتعاون مع الدول العربية.
وبالنسبة للشقيقة سوريا التي نقدر تاريخها العربي النضالي وأهميتها الجغرافية والسياسية، وقدرتها العسكرية، فقد أوصى المجلس الوطني بضرورة تجاوز ما أصاب العلاقات الفلسطينية السورية من توتر وتخريب، والتسامي على الجراح والآلام ومشاعر المرارة بهدف تصحيح العلاقة على أسس واضحة وصريحة، تضمن حرية الارادة والقرار الوطني الفلسطيني والتعامل المتكافئ في اطار الالتزام القومي، بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الفريقين من أجل حشد كل الطاقات في مواجهة التحالف الامريكي الاسرائيلي ومخططاته.
وبالنسبة للشقيقة مصر التي نقدر مكانتها ودورها، فلقد أوضح المجلس الوطني الفلسطيني الثوابت في العلاقات العربية المصرية والمستجدات في السياسة المصرية، وطلب الى اللجنة التنفيذية انتهاج السياسة التي تعتمد هذه القاعدة وتلبي حاجات شعبنا في مصر وقطاع غزة وتعمل على تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين المصري والفلسطيني.
وأكد المجلس قراراته الخاصة بتوثيق العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وتطويرها وفق قرارات الدورة السادسة عشرة.
كما أكد المجلس استمرار دعم شعب فلسطين ومنظمة التحرير لنضال الشعب اللبناني من أجل تحرير ترابه واستعادة وحدة أرضه وشعبه وسيادته الوطنية.
رابعاً: وقف المجلس الوطني تحية وإجلالاً لشعبنا في الأرض المحتلة، تقديراً لموقف الصمود الرائع الذي يقفه في مواجهة الاحتلال الصهيوني وممارسته العنصرية والارهابية دفاعاً عن حريته وأرضه ومقدساته، ولا سيما في بيت المقدس الذي يتعرض فيه المسجد الأقصى، والحرم الابراهيمي، ومقدساتنا الاسلامية والمسيحية لدنس الاحتلال واخطار التهويد . كما حيا المجلس التفاف أهلنا في الوطن المحتل، حول منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الشرعية، الذي تجسد بمظاهرات التأييد لانعقاد المجلس، وتوج بدماء الشهداء، فكان قرار المجلس تسمية هذه الدورة السابعة عشرة بدورة شهداء المجلس الوطني.
وقد اتخذ المجلس جملة قرارات لتعزيز صمود شعبنا ومقاومته، حتى يتم لنا تحرير أرضنا بمختلف الوسائل المشروعة وفي طليعتها تصعيد الكفاح المسلح.
المصدر: "شؤون فلسطينية". العدد 140-141 (تشرين الثاني/ نوفمبر – كانون الأول/ ديسمبر 1984)، ص 171-174.