المجلس الوطني الفلسطيني
دورة طارئة
القرارات
عمان، 28 آب/ أغسطس 1970
1- إن المجلس الوطني الفلسطيني وهو يشير إلى قراراته السابقة في دورات انعقاده الرابعة والخامسة والسادسة بشأن رفض قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1967، هذه القرارات التي أعلن فيها المجلس وأكد رفضه للقرار المشار إليه، وبين بالتفصيل الأسباب التي تدعوه إلى هذا الرفض، والتي أعلن فيها المجلس وأكد أن تحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة لا يمكن أن يتحقق بغير الكفاح المسلح وحرب الشعب الطويلة المدى،
يعلن اليوم رفضه القاطع ومقاومته الحازمة للمؤامرة الأميركية المسماة خطة روجرز، مؤكداّ بذلك جميع القرارات التي صدرت مؤخراً بهذا الشأن من اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، سواء في ذلك ما يتعلق برفض قرار مجلس الأمن رقم 242 وما يتعلق بخطة روجرز وما تفرع عنها من وقف إطلاق النار والشروع في المفاوضات مع العدو الإمبريالي الصهيوني المحتل.
ويرى المجلس أن المقترحات الإمبريالية الأميركية تتضمن:
أ – التنازل عن جزء من الأرض الفلسطينية العربية لمحتل غاصب لأول مرة في التاريخ الإسلامي والعربي.
ب – الاعتراف بشرعية العدو المحتل والتسليم بالقهر الصهيوني الإمبريالي الذي وقع على شعب فلسطين العربي وتكريس وجود هذا العدو في جسم الوطن العربي.
ج – تصفية الوجود الفلسطيني ومعالجة قضية شعب فلسطين مرة ثانية كمشكلة لاجئين ومحاصرة كل تطلع فلسطيني للثورة والتحرير، وبذلك يصبح كل حديث عن حقوق شعب فلسطين المشروعة بلا معنى وطني أو مدلول قومي.
د – تثبيت وتوسيع النفوذ الإمبريالي واستغلاله في الوطني العربي كافة، وفتح الباب واسعاً أمام الصهيونية العالمية وإسرائيل لتنفيذ برامجها الاستعمارية التوسعية القائمة على أساس – إسرائيل الكبرى – كدولة صناعية كبرى تشكل قاعدة للرأسمالية الصهيونية والأميركية في البلاد العربية والشرق الأوسط، تجعل من المنطقة سوقاً احتكارياً بما يؤدي إلى قتل كل بدايات التصنيع العربية والإبقاء على حالة التخلف والتجزئة في المنطقة.
2- إن المجلس الوطني الفلسطيني في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة الحاسمة التي تعمل فيها جميع الجهات والأجهزة المتآمرة والمضادة لشعبنا وقضيته على إبراز بعض العناصر من ذوي الارتباطات المشبوهة ليدعوا أنهم يمثلون شعب فلسطين تمهيداً لإشراكهم في الاستسلام والتسويات من وراء ظهر حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة،
يعلن:
أ- إن حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة ممثلة في المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمرتبطة عضوياً بالحركة الوطنية الجماهيرية في الأردن على اعتبار أن الساحة الفلسطينية الأردنية ساحة نضالية واحدة، هي الممثل الوحيد لشعب فلسطين استناداً إلى حقها الطبيعي في كونها الثورة المعبرة عن أماني شعبنا وتطلعاته الأصيلة في تحرير كامل تراب الوطن.
ب- وانطلاقاً مما تقدم فإن كل من ينشط للتكلم باسم شعب فلسطين وتزييف قيادته وإرادته، خارج عن إرادة شعب فلسطين، وخائن لقضيته ولثورته التحررية، مستحق كل قصاص حازم عادل، وذلك ضماناً لوحدة مسيرة ثورتنا التحررية واستمرارها وحفاظاً على قضيتنا من أخطار التلاعب التصفية.
ج- إن الدعوات الزائفة التي أطلقت مؤخراً بشأن حق شعب فلسطين في تقرير المصير لا تعدو أن تكون محاولة يائسة لدفع نفر من ضعاف النفوس ذوي الارتباطات المعروفة من أجل القيام بشكل أو بآخر بنشاطات أو أعمال تسجل على شعب فلسطين زوراً وتزييفاً أنه ساهم في التسوية الاستسلامية أو أنه مستعد لذلك.
إن المفهوم العلمي الوحيد لحق تقرير المصير في هذه المرحلة هو الاختيار بين الاستسلام وتصفية القضية وبين استمرار القتال من أجل التحرير الكامل، وقد اختار شعبنا حرب الشعب الوطنية طريقاً وحيداً لا يمكن بغيره تحقيق الأماني الوطنية والقومية.
د- إن الواقع التاريخي – الاقتصادي والاجتماعي والسياسي – يؤكد وحدة الشعب في الساحة الفلسطينية الأردنية، وعلى هذا فإن شعبنا يرفض المؤامرات الاستعمارية والرجعية لتمزيق وحدة الشعب والأرض والمصير، ويؤكد على رفضه لتقسيم البلاد إلى دويلة فلسطينية ودويلة أردنية في محاولة للتغرير بشعب فلسطين وتمرير الحلول التصفوية وإقامة دويلات عميلة يستخدمها الاستعمار والصهيونية لضرب حركة الثورة الفلسطينية والعربية وصمام أمن لإسرائيل.
3- يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني أن واجب شعب فلسطين والشعب العربي عامة، في هذه المرحلة النضالية الحاسمة، يجب أن لا يقتصر على مجرد إعلان الرفض للحلول الاستسلامية والمؤامرات التصفوية الإمبريالية الأميركية، بل عليه أن يضع وينفذ الخطط العملية النضالية من أجل إحباط جميع المشاريع والخطط التصفوية الاستعمارية وحماية الثورة المسلحة واستمرارها، كما يؤكد على أن الساحة الأردنية بحكم واقعها السياسي والوطني والاجتماعي هي الساحة الأساسية التي يمكن فيها البدء بعملية إحباط الحلول التصفوية، لذلك يقرر المجلس الوطني الفلسطيني ما يلي:
أ- إن وحدة القيادة ووحدة التحرك النضالي لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في هذه المرحلة شرط أساسي هام للنجاح في إحباط المشاريع والخطط التصفوية، ولذلك يجب أن تعزز صلاحيات اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكافة القيادات والأجهزة التي تتوحد من خلالها جميع جميع الفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة، وبصفة خاصة القيادة العسكرية التي يجب أن تصبح قادرة على السيطرة والقيادة للقوات المسلحة لكافة المنظمات وتحريكها بشكل مركزي فعال.
ب- على اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كقيادة ثورية لشعبنا، أن تتخذ جميع الوسائل والإجراءات الضرورية من أجل منع الاستمرار في التفاوض القائم الآن مع العدو في نطاق المشاريع والخطط التصفوية، وذلك انطلاقاً من اعتبار الساحة الأردنية الفلسطينية ساحة نضالية واحدة لا يجوز أن تتصرف فيها سلطة بقضيتنا ومصيرنا خلافاً لرغبات شعبنا وأمانيه الحقيقية، وأن على اللجنة المركزية أن تعمل بكل الوسائل على تحويل الساحة الأردنية الفلسطينية كاملة إلى معقل لثرة الشعبية الشاملة تنتظم فيها القوى الثورية الشعبية المسلحة مع الجنود لتبني الاستمرار في القتال الشعبي لتحرير كامل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، لتعبئة جميع الطاقات العربية حولها من أجل تحقيق هذا الغرض.
ج- على اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تتخذ جميع الوسائل والإجراءات الفعالية محلياً في الأردن، وعلى النطاق العربي، لحماية استمرار الكفاح المسلح ضد العدو، لحماية قوى الثورة الشعبية ذاتها من المؤامرات والتحركات العسكرية وغير العسكرية الجارية الآن من أجل ضرب وتصفية حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة. وأن من حق اللجنة المركزية وواجبها في هذا الخصوص أن لا تتوانى أو أن تتردد أو أن تتأخر في المبادرة إلى قطع الطريق على جميع المؤامرات والاستعدادات المكشوفة الجارية الآن.
د- تعني التسوية الاستسلامية بالنسبة لشعبنا في الضفة الشرقية القضاء على كافة المكاسب التي انتزعها الشعب بنضاله وتضحياته خلال السنوات الثلاث الماضية، فهي تعني بالضرورة انتزاع السلاح من بين أيدي الجماهير، والقضاء على حق الجماهير في حرية الاجتماع والنشر والتعبير والتظاهر والانتماء السياسي، والعودة إلى عهد الإرهاب الأسود الذي عانت منه طويلاً قبل حزيران (يونيو) سنة 1967 وسقط ضحيته المئات منه.
هـ- وفي مجال النشاط العربي من أجل إحباط الحلو التصفوية وحماية حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة واستمرارها يقرر المجلس الوطني الفلسطيني:
1- أن تعمل حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة باعتبارها انطلاقة ثورية جديدة تحررية وحدوية تقدمية لشعبنا العربي في هذا اليوم ومن خلال هذا المجلس على إقامة صلة تنظيمية عضوية مع جميع الحركات والهيئات الشعبية العربية التي تتبنى رفض الحلو التصفوية ابتداء من الحركات التي تشاركنا حضور هذا المجلس، بشكل تصبح معه اجتماعات هذا المجلس نقطة تحول هامة تكفل لهذه الثورة الفلسطينية أن تأخذ عمقها القومي الشعبي الصحيح.
ولا يكفي في هذا المجال أن تعتبر الحركات الشعبية العربية التقدمية مجرد حركات مدعمة للثورة الفلسطينية، بل علينا أن نلتحم جميعاً في جبهة شعبية عربية ثورية واحدة يكون في مقدمة برنامجها النضال الكفاح المسلح لتحرير فلسطين.
ولذلك يكلف المجلس اللجنة المركزية بالعمل على تشكيل هيئة قيادية شعبية عربية تمثل تحرك شعبنا العربي وتقوده في نضاله ضد الإمبريالية والصهيونية والعلاء.
2- وفي سبيل حشد كل طاقاتنا الثورية لضمان إحباط الحلول الاستسلامية وتصعيد كفاحنا المسلح ضد العدو المحتل، يطلب المجلس الوطني من الدول العربية المعنية إطلاق حرية جيش التحرير الفلسطيني ووضعه بالفعل تحت تصرف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتقوم بدورها في تحريك هذا الجيش ونقله إلى الأماكن المناسبة التي يجب أن يكون فيها وخاصة في الأردن ليتمكن من القيام بدوره القتالي اللازم.
3- دعوة الأنظمة العربية التي أعلنت رفضها للمبادرة الأميركية إلى ترجمة هذا الموقف إلى مساندة مباشرة للمقاومة ودعم حريتها في العمل في شتى الميادين.
4- مطالبة جميع الدول العربية المعادية للاستعمار والصهيونية بتقديم المساندة الفعالة لقوى الثورة الفلسطينية المسلحة ودفع التزاماتها للصندوق القومي الفلسطيني.
5- مطالبة الشعب العربي في كافة أقطاره بالنضال الفعال ضد المصالح والمواقع الاستعمارية وضد عملاء الاستعمار والإمبريالية، لأننا نرى في النضال ضد الإمبريالية في البلاد العربية دعماً للثورة الفلسطينية التي هي جزء من حركة الثورة العربية.
4- أ- بما أن حركة المقاومة الفلسطينية جزء من حركة التحرر الوطني العالمية والثورة العالمية ضد الإمبريالية، فإننا نناشد جميع قوى التحرر الوطني في كل مكان بمساندة صراع شعبنا المشروع من أجل تحرير بلاده.
ب- يطلب المجلس الوطني الفلسطيني من اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بكافة مؤسساتها وأجهزتها، أن تقوم بتحرك واسع على المستوى العالمي في المجال الإعلاني، والاتصال المباشرة مع جميع حركات التحرر الوطني والحركات والأنظمة التقدمية من أجل شرح موقف حركة المقاومة في رفض الحلول الاستسلامية وضرورة استمرار الثورة، ودحض كل الدعايات المضادة التي تحاول تشويه هذا الموقف.
ولا بد للمجلس من أن يؤكد على أهمية الإعلام في هذه المرحلة سواء منه ما كان موجهاً لشعبنا الفلسطيني في الأرض المحتلة وغيرها، أو ما كان موجهاً لشعبنا العربي في كل مكان، أو الذي يستهدف المستوى العالمي.
إن أجهزة إعلامية ضخمة لعدد من دول أجنبية وعربية تقوم في الوقت الحاضر بدعايات ضارة بالقضية الفلسطينية مؤيدة للحلول الاستسلامية، وهي تستهدف أول ما تستهدف شعبنا العربي الفلسطيني لتزين له الحلو الاستسلامية وتشوه صورة العمل الفدائي أمامه، وبالتالي بلبلة رأيه وتمييع موقفه، وهذا يؤكد أهمية الإعلام الثوري في هذه المرحلة بشكل حاسم.
لذلك يرى المجلس أنه من الضروري استئناف البث من إذاعة صوت فلسطين – صوت منظمة التحرير الفلسطينية، وتوحيد جميع أجهزة الإعلام الثورية والقيام بكل نشاط إعلامي ممكن.
5- يعهد المجلس الوطني إلى لجنة مشتركة من اللجنة المركزية ومجلس التخطيط لوضع الصيغة التفصيلية لمواجهة كافة الاحتمالات الناشئة عن الوضع الراهن.
6- يكلف المجلس الوطني اللجنة المركزية باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بتنفيذ توصياته وقراراته.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1972، ص 692-695.