المجلس المركزي الفلسطيني
بيان حول زيارة الرئيس أنور السادات لإسرائيل
(مقتطفات)
دمشق، 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977
اجتمع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق بتاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977، برئاسة الأخ خالد الفاهوم، وبحضور الأخ أبو عمار، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية – القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، وأعضاء اللجنة التنفيذية.
وقد قدمت اللجنة التنفيذية عرضاً شاملاً للموقف العربية الراهن، والنتائج الخطيرة على النضال العربي، الناجمة عن زيارة السادات إلى القدس وفلسطين المحتلة. وبنتيجة ما دار في المجلس من مناقشات وتحليلات في موضوع زيارة السادات، انتهى المجلس إلى أن الزيارة التي قام بها السادات إلى الكيان الصهيوني، خلال فترة عيد الأضحى المبارك، تشكل بحد ذاتها، وبالنتائج التي أخذت تتوالى بعدها، انتهاكاً خطيراً لمبادىء النضال العربي ضد العدوان الصهيوني الإمبريالي الذي بدأ في أرض فلسطين منذ مطلع هذا القرن، وتتالت حلقاته متصاعدة بالخطورة سواء في عام 1948، حين أعلن قيام دولة العدو الصهيوني على حساب شعبنا وتشرده، وفي الحروب العدوانية التي تلت، والتي كشفت عن أن أطماع العدو الصهيوني غير محصورة في فلسطين، وإنما تشمل المنطقة العربية بأسرها. إن زيارة السادات تختلف في مخاطرها عن كل ما واجهه النضال العربي في الحقبة من صعوبات ومحن نجمت عن طبيعة الصراع ومقاومة القوى المعادية، ذلك أن هذه الزيارة طعن داخلي لجوهر الموقف العربي من الصراع، وتجسيم خطير لمنطق العدو الصهيوني، وتخل عن الحق العربي الفلسطيني، وتصديع للصف العربي، وانتهاك لميثاق جامعة الدول العربية ومقررات مؤتمرات القمة العربية، وخاصة قمتي الجزائر والرباط، وإصرار على إخراج مصر العربية من جبهة الصراع مع العدو.
إن هذه السياسة الإستسلامية التي قادت إلى الزيارة، واتبعت بدعوة العدو الصهيوني إلى اجتماع يعقد في القاهرة، تشكل خطراً جديداً على الثورة الفلسطينية، وخيانة عظمى للقضية الفلسطينية والعربية. إن هذا الإصرار من قبل السادات على الإمعان في سياسة التسليم إلى شروط العدو والإمبريالية الأميركية، يشكل أكبر ضربة للقضية الفلسطينية منذ أن بدأت هذه القضية بأن هذه السياسة وضعت كل مقدراتها بيد الإمبريالية الأميركية، والكيان الصهيوني قاعدتها وأداتها الرئيسية في الشرق الأوسط. إن زيارة السادات تشكل كذلك انفراجاً للكيان الصهيوني، وفرصة للتنفس والبدء بتنفيذ مرحلة جديدة من المخططات الهادفة إلى استكمال السيطرة على الأرض العربية، واستغلال الموارد العربية، وتحويل المنطقة العربية إلى منطقة تابعة سياسياً واقتصادياً للعدو والقوى الإمبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تدعمه وتحميه، كما أن الزيارة تشكل تحدياً لقرارات هيئة الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين، والتي أكدت حق الشعب العربي الفلسطيني بالعودة وتقرير وبناء دولته المستقلة فوق أرضه، تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب القلسطيني. وانطلاقاً من هذا التحليل لزيارة السادات الاستسلامية، يؤكد المجلس المركزي على ما يلي:
1- إن منظمة التحرير الفلسطينية، انطلاقاً من ميثاقها وتمسكها بمقررات مجالسها الوطنية والإعلان السياسي الصادر عن الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني، لتؤكد موقفها الثابت والحازم في إدانة زيارة السادات لوطننا المحتل، وتعبر عن تصميمها على التصدي لخطوة السادات وكافة الإجراءات التالية لها، بما في ذلك اجتماع القاهرة الذي دعا إليها السادات، والذي ترفضه منظمة التحرير الفلسطينية شكلاً ومضموناً؛
2- إن المجلس المركزي الفلسطيني ليحيي باعتزاز موقف شعبنا في الوطن المحتل، بكافة منظماته الجماهيرية وهيئاته الوطنية، من زيارة السادات، ويعتبر ذلك الموقف الباسل دليلاً لرفض جماهيرنا لهذه الزيارة، وتصميماً منها على التصدي لنتائجها، ويدعو الجماهير للضرب بيد من حديد على أية محاولة للخروج من إطار منظمة التحرير الفلسطينية؛
3- إن المجلس المركزي ليحيي باعتزاز موقف جماهيرنا العرببية في جميع أقطارها في رفض سياسة السادات الاستسلامية، كما يحيي موقف الأنظمة الوطنية والتقدمية العربية التي رفضت الزيارة وتصدت لها، ويطالب الدول العربية الأخرى بتحديد موقف واضح من الزيارة ونتائجها، ويعتبر ذلك واجباً وطنياً وقومياً تفرضه مسؤوليات المرحلة، كما يشجب المجلس مواقف القلة من المسؤولين العرب الذين حركتهم الإمبريالية الأميركية لتأييد السادات في سياسته الاستسلامية؛
4- إن المجلس المركزي ليفتخر، بشكل خاص، بالموقف الوطني المبدئي الذي وقفته القوى الوطنية والتقدمية وجماهيرنا في مصر العربية، ويرى في هذا الموقف الشجاع تأكيداً من شعب مصر وقواه الوطنية والتقدمية على التزامها بمسؤولياتها الوطنية، وأهداف حركة التحرر الوطني العربية والمرتدين عن إرادة الشعب المصري والأمة العربية، كما يرى في هذا الموقف، تصميماً من شعب مصر العظيم وجيشها البطل على رفض المخططات الرامية إلى إخراج مصر من دائرة الصراع بدوره التاريخي في النضال التحرري العربي الذي رفع رايته عالية الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر؛
5- إن المجلس المركزي، وهو يطالب الأمة العربية، على المستويين الرسمي والشعبي، بأن يكون حجم التصدي للمؤامرة مساوياً لخطورتها، يؤكد على ضرورة دعم القوى الوطنية والجماهير لمنظمة التحرير الفلسطينية في موقفها القومي، والتصدي للحل الأميركي الإسرائيلي الذي فضح أخباره وأهدافه البيان المشترك الفلسطيني – السوري. والمجلس يرى في تلاحم القوى الوطنية والتقدمية مقياساً حقيقياً بجدية التصدي، وقدرة الأمة العربية على مواجهة المرحلة الخطيرة؛
6- يرى المجلس أن تمكين العلاقة الاستراتيجية بين منظمة التحرير الفلسطينية والقطر العربي السوري، وتلاحم كافة القوى والأنظمة الوطنية العربية معهما، لهو الحلقة المركزية في صمود الأمة العربية في وجه المؤامرة الجديدة، والتصدي لها وإحباط نتائجها.
ويدعو المجلس جميع الدول العربية أن تقدم لجبهة المواجهة والصمود الدعم الذي يكفل لها القيام بواجبها للدفاع عن الأرض العربية والحق العربي؛
7- يدعو المجلس المركزي إلى العمل الفعال على تمتين وتطوير أشكال التعاون والتنسيق بين الدول والقوى الوطنية العربية، وبين البلدان الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي الصديق؛
8- يدعو المجلس المركزي إلى مضاعفة التحرك باتجاه الدول الإسلامية والإفريقية ودول عدم الانحياز، للوقوف في وجه سياسة السادات التي تفتح الطريق أمام القوى الإمبريالية والصهيونية في منطقتنا، وفي أفريقيا ودول العالم الثالث.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
وثورة حتى النصر.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1977". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1978، ص 521-523.