القمة العربية التاسعة
بيان حول اتفاق كامب ديفيد
بغداد، 2-5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978
بمبادرة من حكومة الجمهورية العراقية، وبدعوة من السيد الرئيس المهيب أحمد حسن البكر، عقد مؤتمر القمة العربي التاسع في بغداد بالفترة بين 2-5 تشرين الثاني [نوفمبر] عام 1978.
وقد تدارس المؤتمر، بروح عالية من المسؤولية القومية والحرص المشترك على وحدة الموقف العربي في مواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد الأمة العربية، لا سيما بعد التطورات الناجمة عن توقيع الحكومة المصرية لاتفاقيتي كامب ديفيد وأثرهما على النضال العربي لمواجهة العدوان الصهيوني ضد الأمة العربية،
وانطلاقاً من المبادىء التي تؤمن بها الأمة العربية، واستناداً إلى وحدة المصير العربي، والتزاماً بتقاليد العمل العربي المشترك، فقد أكد المؤتمر المبادىء الأساسية التالية:
أولاً: إن قضية فلسطين قضية عربية مصيرية، وهي جوهر الصراع مع العدو الصهيوني، وأن أبناء الأمة العربية وأقطارها جميعاً معنيون بها وملزمون بالنضال من أجلها وتقديم كل التضحيات المادية والمعنوية المطلوبة في سبيلها.
وأن النضال من أجل استعادة الحقوق العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة مسؤولية قومية عامة، وعلى جميع العرب المشاركة فيها كل من موقعه وبما يمتلك من قدرات عسكرية واقتصادية وسياسية وغيرها. وأن الصراع مع العدو الصهيوني يتعدى إطار الصراع ضده من قبل الأقطار التي احتلت أراضيها في عام 1967 إلى الأمة العربية كلها، لما يشكله العدو الصهيوني من خطر عسكري وسياسي واقتصادي وحضاري على الأمة العربية كلها وعلى مصالحها القومية الجوهرية وعلى حضارتها ومصيرها، الأمر الذي يحمل كل أقطار الأمة العربية مسؤولية المشاركة في هذا الصراع بما تملكه من إمكانيات.
ثانياً: وعلى كل الأقطار العربية تقديم كافة أشكال المساندة والدعم والتسهيلات لنضال المقاومة الفلسطينية بشتى أساليبه من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها، من أجل التحرير واستعادة الحقوق الوطنية للشعب، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني. وتلتزم الدول العربية بالحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعمل الفلسطيني.
ثالثاً: تأكيد الالتزام بمقررات القمة العربية، وخاصة المؤتمرين السادس والسابع المنعقدين في الجزائر والرباط.
رابعاً: واستناداً إلى ما جاء في أعلاه، فإن من المبادىء الجوهرية التي لا يجوز الخروج عنها أو التساهل فيها، عدم جواز انفراد أي طرف من الأطراف العربية بأي حل للقضية الفلسطينية بوجه خاص، وللصراع العربي الصهيوني بوجه عام.
خامساً: ولا يقبل أي حل إلاّ إذا اقترن بقرار من مؤتمر قمة عربي يعقد لهذه الغاية.
وقد ناقش المؤتمر الاتفاقيتين اللتين وقعتهما الحكومة المصرية في كامب ديفيد، واعتبرهما تمسان حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الأمة العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وتمتا خارج إطار المسؤولية العربية الجماعية، وتتعارضان مع مقررات القمة العربية، لا سيما مقررات الجزائر والرباط، وميثاق الجامعة العربية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين، ولا تؤديان إلى السلام العادل الذي تنشده الأمة العربية.
لذلك، فقد قرر المؤتمر عدم الموافقة على هاتين الاتفاقيتين، وعدم التعامل مع ما يترتب عليهما من نتائج، ورفضه لك ما يترتب عليهما من آثار سياسية واقتصادية وقانونية وغيرها من آثار.
وقد قرر المؤتمر دعوة حكومة جمهورية مصر العربية للعودة عن هاتين الاتفاقيتين، وعدم توقيع أية معاهدة للصلح مع العدو. ويأمل المؤتمر منها العودة إلى حظيرة العمل العربي المشترك، وعدم التصرف بصورة انفرادية بشؤون الصراع العربي – الصهيوني. وفي هذا الصدد، فقد اتخذ المؤتمر عدداً من القرارات لمواجهة المرحلة الجديدة وحماية أهداف الأمة العربية ومصالحها إيماناً منه بأن الأمة العربية قادرة، من خلال إمكانياتها المعنوية والمادية، أن تواجه الظروف الصعبة وكل التحديات كما كانت كذلك عبر التاريخ، لأنها تدافع عن الحق والعدل ووجودها القومي.
وقد أكد المؤتمر ضرورة توحيد الجهود العربية كافة من أجل معالجة الخلل الاستراتيجي الذي ينجم عن خروج مصر من ساحة المواجهة.
وقرر المؤتمر أن تنسق الدول التي لديها الاستعداد والمقدرة على المشاركة بجهود فعالة. كما أكد على ضرورة التمسك بأنظمة المقاطعة العربية وأحكام تطبيق بنودها. ودرس المؤتمر وسائل تطوير الإعلام العربي الموجهة إلى الخارج بما يخدم القضايا العربية العادلة.
وقرر المؤتمر عقد اجتماعات سنوية لمؤتمر القمة العربي، وحدد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام موعداً للمؤتمر.
ومن خلال دراسة الوضعين العربي والدولي، فقد أكد المؤتمر التزام الأمة العربية بالسلام العادل الذي يقوم على أساس الانسحاب الإسرائيلي الشامل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس العربية، وضمان الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني.
وقد قرر المؤتمر القيام بأوسع نشاط دولي لشرح الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني والأمة العربية. وأنه ليعرب عن خالص الشكر والتقدير لجميع الدول التي وقفت إلى جانب الحق العربي العادل.
وقد عبر المؤتمر عن تقديره للجمهورية العربية السورية وصمود جيشها الباسل، والمملكة الأردنية الهاشمية وجيشها الباسل. كما أعرب عن اعتزازه بنضال الشعب الفلسطيني وصموده في الأرض المحتلة وخارجها تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
وبارك المؤتمر ميثاق العمل القومي المشترك الذي تم توقيعه مؤخراً بين القطرين الشقيقين السوري والعراقي، والذي يعتبره إنجازاً هاماً على طريق التضامن العربي.
كما عبر المؤتمر عن تقديره العالي لمبادرة الحكومة العراقية الشقيقة، بقيادةا لرئيس المهيب أحمد حسن البكر، بالدعوة لعقد مؤتمر القمة العربي في بغداد، بغية توحيد الصف العربي، وتنظيم الجهود العربية المشتركة لمواجهة المخاطر التي تتعرض لها الأمة العربية في هذه المرحلة.
وقد اتخذ المؤتمر عدداً من القرارات والإجراءات لمواجهة المرحلة الجديدة وحماية أهداف الأمة العربية ومصالحها، وذلك إيماناً منه بأن الأمة العربية قادرة، من خلال إمكانياتها المعنوية والمادية، وعلى أساس تضامنها، أن تواجه الظروف الصعبة وكل التحديات كما كانت عبر التاريخ لأنها تدافع عن الحق والعدل وعن وجودها القومي.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1978". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1980، ص 660-662.