خطاب الرئيس جورج بوش
أمام جلسة الكونغرس المشتركة بشأن الشرق الأوسط
(مقتطفات)
واشنطن، 6 آذار/ مارس 1991
إن التزامنا السلام في الشرق الأوسط لا ينتهي بتحرير الكويت. لذلك، دعوني أخطُّ الخطوط العريضة لأربعة تحديات لا بد من أن نواجهها.
أولاً، علينا أن نعمل معاً لإنشاء ترتيبات أمنية في المنطقة. إن أصدقاءنا وحلفاءنا في الشرق الأوسط يقرون بأن عليهم تحمل القسط الأكبر من المسؤولية عن الأمن الإقليمي. لكن نريدهم أن يعلموا أنه مثلما وقفت أميركا معهم لدحر العدوان، فإنها مستعدة الآن للعمل معهم من أجل ضمانة السلام.
وهذا لا يعني مرابطة قوات برية أميركية في شبه الجزيرة العربية، لكنه يعني مشاركة أميركية في تدريبات مشتركة للقوات الجوية والبرية. وهذا يعني الاحتفاظ بحضور بحري أميركي قادر في المنطقة، مثلما لم نزل نفعل منذ أكثر من 40 عاماً. ليكن ذلك واضحاً: إن مصالحنا القومية الحيوية تعتمد على وضع مستقر وآمن في الخليج.
ثانياً، يجب أن نعمل على الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ المستعملة لحملها. سيكون مأساوياً أن تندفع دول الشرق الأوسط والخليج الآن، عقب الحرب، إلى سباق تسلح جديد. والعراق يستدعي انتباهاً مضاعفاً. وإلى أن يقنع العراق العالم بنياته السلمية ـ وبأن قادته لن يستخدموا وارداتهم الجديدة لإعادة التسلح وإعادة بناء آلته الحربية الخطرة ـ فإنه ينبغي للعراق ألا يحصل على أدوات الحرب.
ثالثاً، يجب أن نعمل على إتاحة فرص جديدة للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. في الليلة التي أعلنت فيها بدء عملية عاصفة الصحراء، أعربت عن أملي بأن تنجلي أهوال الحرب عن دفع جديد للسلام. لقد تعلَّمنا في العصر الحديث أن الجغرافيا ليست ضمانة للأمن، وأن الأمن لا يأتي من القوة العسكرية وحدها.
كلنا يعلم عمق الأحقاد التي جعلت الخلاف بين إسرائيل وجاراتها مؤلماً وعصياً. إلا إن إسرائيل ودولاً عربية عدة قد وجدت نفسها تواجه، أول مرة، المعتدي نفسه في الحرب التي انتهت لتوها. ويجب أن يكون واضحاً للجميع الآن أن صنع السلام في الشرق الأوسط يستلزم تسويات وتنازلات. وفي الوقت نفسه، يعود السلام بمنافع حقيقية على الجميع. وعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا لردم الهوة بين إسرائيل والعرب ـ وبين إسرائيل والفلسطينيين. تكتيكات الإرهاب لن تجدي نفعاً. ليس ثمة بديل من الدبلوماسية.
لا بد من أن يقوم السلام الشامل على قاعدة قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 ورقم 338، وعلى مبدأ الأرض في مقابل السلام. ولا بد من أن يصاغ هذا المبدأ على نحو يضمن لإسرائيل الأمن والاعتراف بها ويضمن للفلسطينيين حقوقهم السياسية المشروعة. وكل ما عدا ذلك سيخفق في اختبار الإنصاف والأمن. لقد آن الأوان لوضع حد للصراع العربي ـ الإسرائيلي.
الحرب مع العراق وضعت أوزارها. ويجب أن نمضي قدماً بقوة وعزيمة متجددتين في البحث عن حلول لمشكلة لبنان والنزاع العربي ـ الإسرائيلي والخليج. وأنا ضامن لكم أن لا أحد سيعمل بجد أكثر منا من أجل إحلال السلام الدائم في المنطقة.
رابعاً، يجب أن ننشط النمو الاقتصادي من أجل السلام والتقدم. فالشرق الأوسط والخليج يشكلان منطقة غنية بالموارد الطبيعية، وفيهما ثروة من الطاقة البشرية غير المستغلة. فالموارد التي كانت تبدَّد على القوة العسكرية يجب أن يعاد توجيهها نحو أهداف سلمية. نحن نواجه الآن العواقب الاقتصادية المباشرة لعدوان العراق. والتحدي الآن هو أن نتقدم إلى الأمام ـ أن نشجع الحرية الاقتصادية والازدهار لكل شعوب المنطقة.
فإذا ما نهضنا بأعباء هذه التحديات الأربعة استطعنا أن نبني إطاراً للسلام. لقد طلبت من وزير الخارجية بيكر أن يذهب إلى الشرق الأوسط ليبدأ هذه العملية. وهو سيذهب ليستمع، ويسبر، ويقدم المقترحات، وليدفع البحث عن السلام والاستقرار إلى الأمام. وقد طلبت منه أن يثير مأساة الرهائن المحتجزين في لبنان. نحن لم ننسهم ولن ننساهم.
ما من حل واحد لجميع المشكلات التي تواجه تلك المنطقة من العالم، وما من جواب أميركي بحت. لكن في وسعنا أن نرجِّح الكفة. إن أميركا ستعمل، بلا كلل، محفِّزاً على التغير الإيجابي.
المصدر: "مجلة الدراسات الفلسطينية". العدد 7 (صيف 1991) ص 185.