رسالة التطمينات الأميركية إلى إسرائيل
18 تشرين الأول/ أكتوبر 1991
إن قرار إسرائيل المشاركة في مؤتمر السلام للشرق الأوسط، وافتتاح محادثات مباشرة وثنائية لمفاوضات سلام متعددة الأطراف، هو خطوة مهمة تقرّب إسرائيل من السلام والأمن اللذين تتوق إليهما. والآن، هذا هو الوقت الملائم لاتخاذ قرارات من قبل الأطراف كافة، كي نستطيع التحرك بسرعة نحو مؤتمر ومفاوضات. وفعلاً، فإنه لن يكون في الإمكان تحقيق سلام حقيقي وأمن إلا من خلال مفاوضات مباشرة.
وفيما يتعلق بعملية السلام التي نبدأ بها، نود الرد على طلبكم تطمينات معينة متعلقة بهذه العملية. وتشكل هذه التطمينات نقاط التفاهم ونيات الولايات المتحدة فيما عنى المؤتمر والمفاوضات.
منذ البداية، أوضحنا أن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لتقديم ضمانات تتلاءم مع سياستنا، ولا تُضعف أو تتناقض مع الإطار الذي أوجدناه لعقد مؤتمر السلام. وقلنا أيضاً أنه لن تكون ثمة ضمانات تقدم لأحد الأطراف ولا تُعْلَم الأطراف الأخرى بها.
إن عملية المفاوضات هذه تستند إلى العلاقات الخاصة القائمة بين بلدينا، والتي تقوم على قيم ومصالح مشتركة، وعلى احترام للديمقراطية. منذ إقامة دولة إسرائيل، فهمت الولايات المتحدة أن التحديات التي مثلت أمام إسرائيل تتعلق بوجودها ذاته. وخلال فترة طويلة جداً، عاشت إسرائيل في منطقة رفض فيها جيرانها الاعتراف بوجودها، وحاولوا تدميرها. لهذا السبب كان المفتاح لدفع السلام إلى الأمام، دائماً، هو الاعتراف بحاجات أمن إسرائيل وضرورة التعاون الوثيق بين بلدينا من أجل تحقيق هذه الحاجات.
إننا نعدكم بأن التزامنا أمن إسرائيل باقٍ بلا مساس. وكل من يحاول دق إسفين بيننا، في محاولة للمسّ بهذا الالتزام، لا يستطيع أن يفهم العلاقات المتينة القائمة بين بلدينا وطبيعة التزامنا أمن إسرائيل، بما في ذلك التزام المحافظة على تفوقها النوعي. إننا نود أن نكرر تأكيد موقفنا الذي يقول إن لإسرائيل الحق في حدود آمنة وقابلة للدفاع عنها، حدود يجب الاتفاق عليها في مفاوضات مباشرة ويقبل جيرانها بها. إن الولايات المتحدة تعتقد أن هدف هذه العملية هو سلام عادل وقابل للبقاء، يتم تحقيقه بمحادثات تستند إلى قراري مجلس الأمن رقم 242 ورقم 338، بما في ذلك إبرام معاهدات سلام وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل وجيرانها العرب.
لقد بلّغتمونا، أنتم والأطراف الأخرى، أن هناك تفسيرات مختلفة لقرار مجلس الأمن رقم 242، وأن تلك التفسيرات ستطرح خلال المفاوضات. وتبعاً لسياسة الولايات المتحدة التقليدية، فإننا لا نؤيد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. إننا أيضاً لا نؤيد استمرار السيطرة على الأراضي التي تحتلها إسرائيل، أو ضمها.
لن تكون للمؤتمر سلطة لفرض حلول على الأطراف، أو نقض اتفاقات تتوصل الأطراف إليها. لن تكون له صلاحية اتخاذ قرارات ولا حق في التصويت على مسائل أو نتائج. ويمكن للمؤتمر أن يجتمع مجدداً في حال موافقة الأطراف كافة.
ستبدأ مفاوضات ثنائية ومباشرة بعد أربعة أيام من افتتاح المؤتمر. وستجتمع الأطراف الراغبة في الانضمام إلى المحادثات المتعددة الأطراف بعد افتتاح المؤتمر بأسبوعين، كي تنظم هذه المفاوضات. إن الولايات المتحدة تؤيد المشاركة في هذه المفاوضات المتعددة الأطراف وتنظيمها. إننا نعتقد أنه يجب أن تتركز المناقشات على موضوعات إقليمية عامة مثل: المياه، البيئة، مراقبة التسلح والأمن الإقليمي، التطوير الاقتصادي، مسألة اللاجئين، وموضوعات أخرى.
إن الولايات المتحدة ملزمة بتحقيق تسوية سلمية شاملة للنزاع الإسرائيلي ـ العربي، وستبذل وسعها لتضمن تقدم هذه العملية، في المسارين، حتى نهايتها. وتأمل الولايات المتحدة بتوسيع نطاق السلام ليشمل دولاً أخرى في المنطقة.
إن الولايات المتحدة لا تؤيد إيجاد رابط بين مختلف المفاوضات لتحقيق تسوية شاملة.
إن الولايات المتحدة تعتقد أنه لن يتعين على أي طرف في العملية الجلوس مع من لا يرغب في الجلوس معه. ولا يجوز أن تكون هناك مفاجآت فيما يتعلق بنوعية التمثيل في المؤتمر، أو في المفاوضات. إن الولايات المتحدة تعتقد أن الفلسطينيين سيكونون ممثلين في وفد أردني ـ فلسطيني مشترك في المؤتمر. وأن الفلسطينيين الذين هم سكان الضفة الغربية وغزة، والذين يوافقون على المقاربة ثنائية المسار والتفاوض على مراحل ويرغبون في العيش بسلام مع إسرائيل، سيشاركون في الوفد وفي المفاوضات بشأن التسويات المرحلية.
علاوة على ذلك، ليس هدف الولايات المتحدة إدخال م.ت.ف. في العملية، أو التسبب بدخول إسرائيل في حوار أو مفاوضات مع م.ت.ف. وستعمل الولايات المتحدة كوسيط نزيه لحل النزاع الإسرائيلي ـ العربي.
إن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك حاجة إلى فترة انتقالية لهدم أسوار الريبة وعدم الثقة، ولوضع أساس لمفاوضات مستمرة في شأن الوضع الدائم.
وفيما يخص المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ستُجرى المباحثات على مراحل: في البداية ستُجرى محادثات في شأن تسوية مرحلية لحكم ذاتي يستمر خمسة أعوام. وستجرى هذه المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاق خلال عام. وابتداء من العام الثالث لفترة التسويات المرحلية، ستبدأ مفاوضات في شأن التسويات الدائمة. وفي ضوء علاقاتنا الخاصة بإسرائيل، فإن الولايات المتحدة توافق على التشاور مع إسرائيل وعلى أخذ مواقفها من المسائل المتعلقة بعملية السلام بعين الاعتبار. وفي الوقت نفسه، تحتفظ الولايات المتحدة لنفسها بالحق في إعلان مواقفها التقليدية عند الضرورة.
لقد أبديتم قلقاً خاصاً تجاه هضبة الجولان، وفي هذا السياق، تواصل الولايات المتحدة التمسك بالوعد الذي قطعه الرئيس فورد لرئيس الحكومة رابين في 1 أيلول/ سبتمبر 1975، والذي فحواه أن الولايات المتحدة ستؤيد موقفاً يقضي بأن اتفاقاً شاملاً مع سوريا، في إطار اتفاق سلام، سيضمن أمن إسرائيل من هجمات تُشنّ من هضبة الجولان.
إن الولايات المتحدة تواصل تأييد الموقف القائل إن السلام العادل والقابل للبقاء يجب أن يكون مقبولاً من كلا الطرفين. ولم تبلور الولايات المتحدة بعد موقفاً نهائياً من مسألة الحدود. وعندما يتعين عليها القيام بذلك، فستعطي وزناً كبيراً لموقف إسرائيل القائل إن أية تسوية سلمية مع سوريا يجب أن تقوم على بقاء إسرائيل في هضبة الجولان. وفي هذا السياق، فإن الولايات المتحدة على استعداد لاقتراح ضمانات أميركية للترتيبات الأمنية على الحدود، التي ستتفق إسرائيل وسوريا عليها، وذلك وفقاً للعملية التشريعية لدينا.
وفيما يخص لبنان، وتبعاً لسياسة الولايات المتحدة التقليدية، فإننا نعتقد أن لإسرائيل الحق في الأمن على امتداد الحدود الشمالية. علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة تبقى ملزمة بانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، وتجريد كل الميليشيات من أسلحتها.
إننا لا نزال نعتبر معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر والعلاقات بينهما حجر أساس لسياستنا في المنطقة، ولا نزال نؤيد تنفيذ معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وتنفيذ الاتفاقات الملحقة بها.
هذه هي الضمانات التي تقدمها الولايات المتحدة فيما يتعلق بدفع المبادرة التي تحدثنا عنها إلى الأمام. وبعمل مشترك على أساس الثقة المتبادلة التي تميزت بها العلاقات بيننا دائماً، سيكون في إمكان إسرائيل والولايات المتحدة التقدم نحو السلام، الذي حرمت إسرائيل منه لفترة طويلة.
المصدر: "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 8، خريف 1991.