لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني
مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين
رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان
بيروت، 20 تموز/ يوليو 2017
تمهيد
هذا النص، الذي وضعته "مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين" المشكّلة في إطار "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني" والتي تتبع رئاسة مجلس الوزراء، هو ثمرة عمل استغرق الوصول إليه قرابة العامين. وهو يتناول واحدة من القضايا التي أثارت انقساماً حاداً في المجتمع السياسي اللبناني ومع الفلسطينيين.
من خلال هذه الوثيقة، يعبّر اللبنانيون بمعظم كياناتهم السياسية، وللمرة الأولى، عن مقاربة مشتركة لكيفية التعامل مع قضية اللجوء الفلسطيني، مع استيعاب وتجاوز الظروف والملابسات والخلافات وذاكرة التناقضات التي رافقت المراحل الطويلة التي عبرتها العلاقات المتبادلة. ويمكن القول إن المشاركين في تحقيق هذا الإنجاز انطلقوا من مبدأ الحرص على المصلحة اللبنانية العليا، كذلك الحرص على بناء أفضل العلاقات الأخوية بين الشعبين.
لقد خاض المشاركون في مجموعة العمل غمار هذه التجربة، بعد أن قام رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني الدكتور حسن منيمنة بجولات ولقاءات تمهيدية مع قيادات الأحزاب والتيارات والقوى السياسية التي أعطت موافقتها على الشروع في هذا الحوار.
وقد تشكّلت مجموعة العمل من ممثلين عن كل من: القوات اللبنانية، حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر، حزب الكتائب اللبنانية، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن فريق من الميسّرين والخبراء ذوي الخبرة الطويلة في الشأن الفلسطيني وفي إدارة الحوار وصياغة التوافق.
وقد عقدت مجموعة العمل لقاءات منتظمة ناهزت أكثر من 50 اجتماعاً شهدت حواراً معمقاً وصريحاً حول الجوانب المعقدة من هذا الملف، من أجل التوصل إلى صياغة نص شامل بهدف تزويد الدولة اللبنانية ومؤسساتها بتوجيهات وطنية ثابتة ومستمرة حيال اللاجئين وقضيتهم. وقد انطلقت المجموعة من الحرص على معالجة المشكلات التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان كدولة مضيفة على الصعد المعيشية والاجتماعية والخدماتية، ولجهة علاقاتهم مع مؤسسات الدولة اللبنانية، وذلك بعد مضي قرابة الـ 70 سنة على وجودهم في لبنان.
وقد انطلقت المجموعة من نص وروح الدستور والقوانين اللبنانية ومنظومة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية والعربية ومن مواقف الإجماع اللبناني حول هذا الموضوع وفي مقدمها ما يتعلق بالتزام لبنان دعم القضية الفلسطينية في مسيرتها نحو تحقيق العودة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وقد رأت المجموعة أن تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية وتمكينهم من حقوقهم الأساسية لا يتناقض بأي حال من الأحوال مع سيادة لبنان ورفض التوطين كمُسلمة إجماع لبناني، ومع حق العودة إلى الأرض التي تمّ اقتلاعهم منها.
إن ممثلي الأحزاب اللبنانية المشاركة في هذا العمل أمضوا ساعات طوال في صياغة ومناقشة وتدقيق ما ورد في هذا النص متحصنين بالتوافقات اللبنانية المنجزة سابقاً، وانطلاقاً من التمسك بالمصلحة الوطنية العليا. وقد توصلوا إلى صياغات يمكن البناء عليها في إقرار سياسات عامة في هذا الشأن تحفظ للبنان سيادته على أرضه، وللفلسطينيين حقوقهم، وتحدد واجباتهم في إطار القوانين النافذة.
إن مجموعة العمل التي وقعت جميع مكوناتها على هذه الوثيقة، مع تحفظ جزئي لحزب الكتائب حال دون توقيعه، والذي شارك في وضع هذه الوثيقة في كل مفاصل انتاجها وكانت له مساهمات في الحوار والنقاش ومواقف إيجابية من معظم نقاطها، تأمل من القوى السياسية الرسمية والشعبية والأحزاب والمجتمع المدني، وكذلك من السلطة الفلسطينية وكافة الفصائل والتنظيمات اعتبار هذه الرؤية المشتركة حافزاً نحو مزيد من الأبحاث الجدية حول مختلف القضايا الإشكالية، وتدعوها إلى العمل على ترسيخ التوافق حول سيادة الدولة والقانون اللبناني، وتحصين القضية الفلسطينية وتحقيق العدالة للاجئين والدعم لقضية فلسطين.
المقدمة
1- برعاية من دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وبمبادرة من رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة تشكّلت في التاسع من شهر كانون الثاني 2015، مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعقدت أول اجتماع لها في السراي الحكومي بحضور رئيس الحكومة، وبمشاركة أعضاء المجموعة الممثلين للكتل البرلمانية السادة:
النائب الدكتور علي فياض، ممثلاً حزب الله
النائب الدكتور عمار حوري، ممثلاً تيار المستقبل
النائب سيمون أبي رميا، ممثلاً التيار الوطني الحر
الوزير السابق الدكتور طوني كرم، ممثلاً حزب القوات اللبنانية
الأستاذ المحامي رفيق غانم، ممثلاً حزب الكتائب اللبنانية
الدكتور بهاء كروم، ممثلاً الحزب التقدمي الاشتراكي
الأستاذ محمد الجباوي، ممثلاً حركة أمل
وتشكّل فريق الخبراء من ميسّر الحوار الدكتور أنطوان حداد، والخبيرين أديب نعمة وزياد الصايغ، وفريق لجنة الحوار المكون من الدكتور زهير هواري والمهندس عبد الناصر الأيي والدكتورة مي حمود.
وسبق انعقاد هذا الاجتماع جولة اتصالات تحضيرية مع الأطراف والقيادات السياسية والحزبية، تولّاها رئيس اللجنة.
2- تم تشكيل مجموعة العمل وحددت أهدافها الرئيسية في ما يلي:
أ- إقامة حوار رسمي بين الأطراف السياسية اللبنانية بشأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بهدف تقريب وجهات النظر في ما بينها في هذا الملف.
ب- العمل على بلورة نص جامع يعبر عن وجهة النظر المشتركة للأطراف اللبنانيين المشاركين في الحوار، ما من شأنه المساهمة في مساعدة الحكومة اللبنانية على بلورة إستراتيجية وطنية مستقرة في قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ت- تقديم اقتراحات للحكومة والأطراف الرسمية اللبنانية المعنية بشأن السياسات والخطوات التي يمكن اتخاذها من أجل معالجة المشكلات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين وعلاقاتهم بالدولة اللبنانية.
3- هذا النص هو ما توصل إليه حوار الأطراف الأعضاء في مجموعة العمل من رؤية مشتركة نتيجة لنقاشات مستفيضة في مختلف جوانب اللجوء الفلسطيني في لبنان.
الإطار المرجعي
4- تتبنى مجموعة العمل إطاراً مرجعياً ناظماً وموجهاً لمناقشاتها وتوافقاتها، مؤلفاً من ثلاث مكونات مترابطة ومتكاملة، لا تناقض في ما بينها، هي التالية:
أ- الالتزام بالدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني.
ب- الالتزام بمنظومة حقوق الإنسان بصفتها المرجعية العالمية للتعامل مع حقوق الأفراد والجماعات والبلدان.
ت- الحرص على المصالح الوطنية اللبنانية العليا التي تجسّد السيادة والاستقلال والعيش المشترك والاستقرار الداخلي واحترام القانون.
التوافقات اللبنانية المنجزة في موضوع اللاجئين الفلسطينيين
5- تنطلق مجموعة العمل من نقاط الإجماع الوطني اللبناني الواردة في اتفاق الطائف 1989، ومقرّرات هيئة الحوار الوطني عام 2006، والمواقف الرسمية الإجماعية اللبنانية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، خصوصاً ما يتصّل منها بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، والوجود الفلسطيني في لبنان عموماً.
6- تجدد مجموعة العمل تبنّيها لنقاط الإجماع اللبناني هذه، بوصفها تعبيراً عن خيارات وطنية جامعة، لا بد من تثبيتها والبناء عليها لبلورة رؤية متكاملة إزاء الوجود الفلسطيني في لبنان واللاجئين الفلسطينيين. تُبنى عليها سياسات وطنية ثابتة لاعتماد الخطوات المناسبة من قبل الدولة اللبنانية بالعلاقة مع الجهات الدولية والشرعيّة الفلسطينية، لقيام كل طرف بقسطه من الأدوار والواجبات والمسؤوليات المُلقاة على عاتقه.
7- عليه، تؤكد مجموعة العمل على حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعلى التزام لبنان القيام بدور ديبلوماسي فاعل في هذا الاتجاه، مع التأكيد على المسؤولية الدولية في توفير حل عادل للقضية الفلسطينية ورعاية حقوق اللاجئين وحاجاتهم، والتي تشكّل مسؤولية وكالة الأونروا إحدى تعبيراتها.
8- إن اول نقاط الإجماع هو الموقف الحاسم الرافض للتوطين باعتباره موقفاً لبنانياً جامعاً وموقفاً لبنانياً – فلسطينياً مشتركاً. كما تشمل معالجة مسألة السلاح وفق مندرجات مقرّرات هيئة الحوار الوطني عام 2006.
9- في الجانب المعيشي، تؤكد المجموعة على ضرورة مضاعفة العمل لمعالجة المسائل الإنسانية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين من خلال توفير الحقوق الإنسانية للاجئين من ناحية، وتحسين أوضاع المخيمات وتطبيق القوانين اللبنانية بهذا الشأن من ناحية أخرى.
تؤكد مجموعة العمل، تبنّيها، والتزامها بعناصر التوافق السابقة التي جرى تكثيفها أعلاه، وبما تداولت بشأنه على امتداد عامين، والنقاط المشتركة التالية التي توصلت إليها، لاسيما الإشارة إلى التوصيات الخمسة التي سبق أن رفعها الفريق إلى رئيس الحكومة تمّام سلام بتاريخ 20/3/2015 وتعتبر ذلك أساسا صالحاً يجب تثبيته والانطلاق منه في نقاشات إضافية، لتطوير مساحة المشتركات قدر الإمكان، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات والمستجدات الوطنية والإقليمية والدولية خلال العقد الأخير.
تعريف التوطين
10- ترى مجموعة العمل أنه لا بد من سدّ الثغرة الناجمة عن خلوّ النصوص التشريعية اللبنانية من تعريف رسمي لبناني للتوطين وللاجئ بشكل عام، واللاجئ الفلسطيني بشكل خاص، الأمر الذي يوّلد التباسات، مع الإشارة إلى أن لبنان لم يوقّع على الاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين لعام 1951.
11- تقترح مجموعة العمل تعريف توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أنه يعني: "إعطاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الجنسية اللبنانية بشكل جماعي، بعضهم أو كلهم، من خارج السياق القانوني بموجب قرار سياسي مفروض في سياق تسوية إقليمية أو دولية، خلافاً للدستور، سواء تم ذلك دفعة واحدة أو بالتدرج"
تعريف اللاجئ الفلسطيني
12- تقترح مجموعة العمل تعريف اللاجئ الفلسطيني في لبنان بأنه: "كل فلسطيني هُجر إلى الأراضي اللبنانية منذ عام 1947، بسبب عمليات الاقتلاع وما رافقها من أشكال التهجير القسري، وما تلاه من احتلال إسرائيلي لكامل فلسطين عام 1967 وتداعيات ذلك، وكل متحدّر من لاجئ فلسطيني في لبنان بالمعنى المحدّد أعلاه".
وبالتالي، فإن اللاجئين الفلسطينيين هم حصراً الفئات التالية:
أ- اللاجئون المسجلون لدى وزارة الداخلية والبلديات،
ب- لاجئو عام 1948 المسجلّون لدى وكالة الأونروا في لبنان،
ت- اللاجئون الفلسطينيون الذين حدّدتهم السلطات اللبنانية ضمن فئة فاقدي الأوراق الثبوتية.
الموقف من التوطين
13- ترى مجموعة العمل ضرورة تناول مسألة رفض التوطين بشكل شامل وغير مجتزأ. يستند هذا الموقف إلى مقدمة الدستور، وينطلق من الحرص على المصالح اللبنانية العليا. ويتكامل ذلك مع الالتزام اللبناني بدعم حق العودة وسائر الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني عموماً، وقضية اللاجئين خصوصاً، كأحد موجبات سياسة لبنان الخارجية وانتمائه العربي.
14- إن التعامل الشامل وغير المجزأ مع مسألة رفض التوطين، يلحظ ثلاثة ابعاد، وهي:
أ- البُعد السياسي – السيادي،
ب- البُعد الاجتماعي – الثقافي،
ت- البُعد المعيشي – الحياتي.
التوطين: البعد السياسي – السيادي
15- التزاماً بالدستور اللبناني، تؤكد مجموعة العمل رفض التوطين بما هو اكتساب جماعي للجنسية اللبنانية كما جاء في التعريف أعلاه، وما يترتب عنه من حقوق سياسيّة محصورة بالمواطنين اللبنانيين، والعمل على ترجمة هذا الموقف في السياسات والتشريعات بشكل يعكس توافقات اللبنانيين في هذا الصدد.
التوطين: البعد الاجتماعي – الثقافي
16- تعتبر مجموعة العمل أن الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية للاجئين الفلسطينيين يساعد على التفاعل السليم بين مجتمع اللاجئين الفلسطينيين والمجتمع اللبناني، ويرسم حدوداً واضحة فاصلة بين التفاعل الصحي وبين تذويب الهوية الفلسطينية.
17- إن الحفاظ على الهوية الفلسطينية بصفتها عنصر حصانة ضد التوطين في بُعده الاجتماعي والثقافي، متلازماً مع سيادة الدولة اللبنانية على المخيمات الفلسطينية، من شأنه تعزيز الحياة الديموقراطية وحرية العمل السياسي السلمي لمتابعة العمل من أجل الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتسهيل نشاط منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية ضمن الأطر القانونية.
التوطين: البعد المعيشي – الحياتي
18- لبنان ملتزم بمنظومة الحقوق كما ورد في هذا النص، ومن ضمنها المسؤولية السيادية للبنان، كدولة مضيفة، عن المقيمين على أراضيها كافة، مع التأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي في هذا المجال، وما يتفرّع عن ذلك لجهة تلبية الحقوق والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
19- ترى مجموعة العمل أن يتم رفع القيود غير الضّرورية على منح وتمتّع اللاجئين الفلسطينيين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك حق العمل والحماية الاجتماعية، على أن يجري تنظيم ممارسة هذه الحقوق، وتجلياتها الملموسة، من خلال التشريع والسياسات العامة التي تراعي هذه الحقوق بما لا يتعارض مع مصلحة لبنان العليا وقدراته الواقعيّة ومصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
20- تؤكد مجموعة العمل على حق اللاجئ الفلسطيني بالسكن اللائق، وضرورة مقاربة مسألة حق التملك، ومعالجة القضايا العالقة بعد صدور القانون 296/2001 الذي حرم اللاجئ الفلسطيني من حق التملك بما لا يتعارض مع أحكام الدستور ومصالح لبنان العليا وحقوق الإنسان.
إدارة المخيمات
21- ترى مجموعة العمل أن الوضع الحالي غير المنظّم في المخيمات، بدءاً من التداخل بين النطاق الرسمي المحدد وغير الرسمي الذي تمدّد مع النمو السكاني، وصولاً إلى الإدارة الداخلية للمخيم، والعلاقة بين المخيم ومحيطه، هي نتاج مسار تراكمي وتسيير الأمور بحكم الامر الواقع، في غياب استراتيجية متسقة ومستقرّة.
22- توافرت في تجربة إعادة إعمار مخيم نهر البارد، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه المخيم ولبنان، ظروف ملائمة نسبياً لتقديم نموذج جديد في إدارة المخيمات، تمثّلت في توفر مناخ إيجابي صحي مناسب من كل الأطراف المعنية، مع تحمّل الدولة اللبنانية، مسؤولية إعادة الإعمار بكل تفاصيلها، وفق خطة ممنهجة وبمشاركة أهالي المخيم. وقد تضمّنت الرؤية اللبنانية في مؤتمر فيينا أفكاراً جديدة تتعلق بالاستملاك والتخطيط المدني وبسط سيادة الدولة، وإعادة أهالي المخيم إلى بيوتهم بشكل منهجي ومتدّرج. يجب استكمال هذه التجربة، حتى نهايتها، والإفادة منها في بلورة صيغ بديلة لإدارة المخيمات.
23- ترى مجموعة العمل أن دور الدولة في إدارة المخيمات، يجب ألا يقتصر على البعد الأمني كما هو سائد حالياً، بل يجب أن يتعداه إلى التعامل السياسي والخدماتي والحقوقي، وبالتالي رعاية كل من يقيم فوق أراضيها ضمن مبدأ سيادة الدولة على كامل أراضيها والمقيمين عليها.
24- إن وجود لجان ذات طابع تمثيلي في المخيمات، من شأنه أن يساعد على تحسين إدارة المخيم في شؤونه المعيشية، وأن يسهّل التعامل بين اللاجئين ومختلف الإدارات الحكومية الخدماتية والبلديات المحيطة.
25- إن تولي الدولة مسؤولية إدارة المخيمات يجب أن يتم بالتفاعل والتعاون مع وكالة الأونروا باعتبارها مسؤولة عن تقديم الخدمات، ومع اللجان التمثيلية لأهالي المخيم وفعالياته.
26- إن تقييم تجربة إدارة المخيمات راهناً وعمل اللجان الشعبية من مختلف الإدارات الرسمية والمؤسسات الخدماتية والبلديات يظهر ضرورة العمل في هذا الاتجاه، المقترن في الوقت نفسه بالخطوات الإجرائية التالية:
أ- تحديد السلبيات الناجمة عن تأثير تعدد المرجعيات وقنوات التواصل على أوضاعها،
ب- توحيد المرجعيتين الإدارية اللبنانية، والفلسطينية، وتنظيم العلاقة في ما بينهما على أسس سليمة.
تشكيل الجمعيات
27- تؤكد المجموعة حق اللاجئين الفلسطينيين في العمل المدني، بما في ذلك تأسيس الجمعيات غير السياسية، وترى أنه يساهم في تنمية مجتمعهم وترسيخ الهوية الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي يخدم مصلحة لبنان ومصلحة اللاجئين الفلسطينيين معاً.
28- ترى مجموعة العمل ضرورة معالجة الوضع الحالي لجهة إجراءات تأسيس الجمعيات العاملة في الوسط الفلسطيني في لبنان، وهي إجراءات معتمدة تؤدي إلى تقييد الجمعيات المدنية المستقلة وذات التوجهات الحقوقية أو الخدماتية المفيدة، في حين أن مجموعات ذات توجهات متطرفة وخطرة تجد طرقاً كثيرة للتمويل والعمل دون قيود تذكر، بعيداً عن قوانين وضوابط الدولة وعن سفارة فلسطين والأطراف والمؤسسات الفلسطينية المعروفة.
29- في هذا السياق، تقترح مجموعة العمل، أن تعمد السلطات اللبنانية، وضمن منطق قانون الجمعيات، على وضع إجراءات خاصة تسهل تشكيل وتسجيل الجمعيات الفلسطينية العاملة في المخيمات وفي أوساط اللاجئين، لتلافي اللجوء إلى إجراءات التفافية مثل تشكيل جمعيات فلسطينية بواجهات لبنانية شكلية، ومثل هذا الأمر من شأنه بقاء الجهات اللبنانية المعنية مغيبة عن الاطلاع على نشاط الجمعيات وأوضاعها من خلال إلزامية التصريح والتسجيل... إن الحصول على التراخيص اللازمة من شأنه إفادة الدولة اللبنانية وتسهيل عمل الجمعيات المدنية في حمل عبء أكبر لتحسين أوضاع المخيمات وسكانها.
الأمن
30- ترى مجموعة العمل أن بنود وثيقة الوفاق الوطني ومقرّرات هيئة الحوار الوطني في 2006 هي الإطار والأساس للتعامل مع البعد السيادي والأمني – في قضايا المخيمات واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، انطلاقاً من حق لبنان، الذي لا جدال فيه، في بسط سيادته على كامل أراضيه دون استثناء، وحصرية الحق في استخدام السلاح. وتجدد مجموعة العمل التأكيد على ما جاء في مقرّرات مؤتمر الحوار الوطني عام 2006 في هذا الصدد، التي تنص على "إنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في مهلة قدرها ستة أشهر، ومعالجة قضية السلاح داخل المخيمات، مع تأكيد مسؤولية الدولة اللبنانية والتزامها حماية المخيمات الفلسطينية من أي اعتداء. والتزم المجتمعون العمل الجدي لتنفيذ ما ورد أعلاه ودعم جهود الحكومة للتوصل إلى ذلك عن طريق الحوار".
31- ترى مجموعة العمل أنه وبعد مرور أكثر من عقدين ونصف على انتهاء الحرب في لبنان وإلغاء المجلس النيابي لمفاعيل اتفاقية القاهرة، وتوقيع اتفاق الطائف، بالإضافة إلى مجمل التطورات الإقليمية والداخلية، والتطور الإيجابي الحاصل في العلاقات بين الدولة اللبنانية ودولة فلسطين، كلها تستدعي من الحكومة إعادة استحضار مقررات الحوار الوطني تلك وتوفير مستلزمات الشروع في تطبيقها، وإيجاد السياق السياسي المؤاتي لذلك، بما يأخذ في الاعتبار أولوية المصالح الوطنية اللبنانية.
32- ترى مجموعة العمل ضرورة توحيد وأنسنة الإجراءات الأمنية حول المخيمات وعلى مداخلها وفق معايير موضوعية ومحدّدة، وتوحيد الجهة المرجعية اللبنانية المعنية في هذا المجال.
حق العودة
33- ترى مجموعة العمل أن رفض التوطين وتأييد حق العودة وجهان مترابطان للموقفين اللبناني والفلسطيني، حيث أن التوطين ليس مطلباً فلسطينياً ولا لبنانياً، بل هو مطلب إسرائيلي يحظى بدعم بعض القوى الدولية النافذة. عليه، فإن الأطراف اللبنانيين والفلسطينيين، وغيرهم من الأطراف الداعمين للبنان وللحق الفلسطيني هم في موقع مشترك في مواجهة هذا الخطر الخارجي.
34- تؤكد مجموعة العمل دعم التوجهات والالتزامات التي سبق أن عبّرت عنها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ 2005 حول استخدام لبنان طاقاته السياسية العربية والدولية وصلاته الخارجية ونشاطه الديبلوماسي من أجل دعم قيام الدولة الوطنية الفلسطينية وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وترى أن ذلك يقع في صلب أي حلّ عادل وسلام دائم، وبما يحقّق المصلحة العربية عموماً، لاسيما مصلحة فلسطين ولبنان. وتدعو مجموعة العمل الحكومة اللبنانية إلى ترجمة التوافق في مجال رفض التوطين وحق العودة إلى خطة عمل وطنية موجهة للسياسة الخارجية في هذا المجال.
العلاقة مع الأونروا
35- تؤكد مجموعة العمل الأهمية السياسية لاستمرار وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) وقيامها بدورها واستمرارها في تحمّل مسؤولياتها الكاملة تجاه اللاجئين باسم المجتمع الدولي. وهي توصي بأن يجري تنظيم هذه العلاقة بموجب اتفاقيات واضحة ومفصلة توقّع بين الطرفين الدولي واللبناني، بما يضمن إطّلاع الدولة اللبنانية الوافي على أعمالها، ويكفل حقها في إبداء الرأي والتوجيهات المناسبة من وجهة نظرها، ويضمن تحقيق الانسجام بين عمل الوكالة في خدمة اللاجئين وتنمية مجتمعهم.
لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني وإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين
36- ترى مجموعة العمل أن إنشاء لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني شكّل خطوة هامة في طريق التعامل المنهجي والموحّد مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهي توصي بتطوير عمل "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني"، لاسيما في المواضيع التالية:
أولاً: تحديد المهام بما يتوافق مع خطتها الاستراتيجية، وتطوير الهيكل التنظيمي للجنة، وتخصيص موازنة رسمية لها بما يتلاءم مع مهامها.
ثانياً: التأكيد على ضرورة بلورة سياسة لبنانية عامة تجاه قضايا اللاجئين الفلسطينيين، وإيجاد إطار رسمي للدولة اللبنانية للتعامل مع الشؤون الفلسطينية وتأمين الهيكليات المناسبة لذلك.
37- تدعم مجموعة العمل التوجه نحو تنفيذ الدراسات الإحصائية، وإنشاء مرصد لقضايا اللاجئين، وما يتصل به من اعمال بحث ودراسة، بما يتيح للدولة اللبنانية ومؤسساتها، العمل بالاستناد إلى قاعدة بيانات موثوق بها في ما يتصل باللاجئين الفلسطينيين واوضاعهم كافة.
نقاط ختامية
38- ختاماً، تؤكد مجموعة العمل تضامنها الكامل مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقاومة الاحتلال وما يمارسه من حروب وعدوان وحصار وقمع واغتيالات، وفي مواجهة خطط الاستيطان والتهويد عموماً وجدار الفصل العنصري.
39- تؤكد مجموعة العمل تشديدها على علاقات الأخوة والتضامن مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء، لاسيما في لبنان. وهي ترحب بالتطور الإيجابي في العلاقات بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وبمضمون "إعلان فلسطين في لبنان" الذي قدّم فيه الأخوة الفلسطينيون مراجعة نقدية لتجربة علاقاتهم بالدولة اللبنانية والشعب اللبناني خلال سنوات الحرب اللبنانية، وقد آن الأوان ليقوم اللبنانيون بدورهم بقراءة نقدية لتجربتهم للاستفادة من التجارب في العلاقة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في الفترة السابقة.
40- تؤكد مجموعة العمل أيضاً على التزامها، باسم من تمثل من أحزاب وتيارات سياسية، بهذا التوجه الهادف إلى تنقية العلاقات اللبنانية – الفلسطينية من الآثار السلبية للمراحل السابقة، وإقامة العلاقات بين الدولتين والشعبين وممثليهما على أساس الأخوة والمصالح المشتركة في مواجهة المخاطر التي تستهدفهما معاً.
41- توصي مجموعة العمل الحكومة اللبنانية، بأن تبادر إلى إطلاق مسار صياغة سياسة وطنية متكاملة وثابتة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، على قاعدة حق هؤلاء بالكرامة والأمان وسيادة لبنان والمصالح المشتركة، وتبدي كل استعداد، باسم الأحزاب والتيارات التي شاركت في أعمالها، للمشاركة الفعالة في صياغة مقومات ومكونات هذه السياسة والالتزام بموجباتها القانونية والتنفيذية، ضمن إطار تنسيقي وتوافقي عام.
42- هذا النص الجامع، هو محصّلة نقاش امتدّ بين 9 كانون الثاني 2015، و 17 تشرين الثاني 2016 وشارك فيه على امتداد إثنين وخمسين اجتماعاً ممثلو الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية المنضوية في مجموعة العمل، وهو يعبّر عن رؤيتهم الموحدة التي توصلوا إليها بشكل مشترك من خلال الحوار التفاعلي الصريح، ويضعونها بتصرف الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، وصنّاع القرار والمسؤولين، للاستناد إليها في ما يقررونه من خطط وسياسات تتعلق باللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
القوى السياسية الموقّعة
كتلة القوات اللبنانية
تكتل الإصلاح والتغيير
كتلة الوفاء للمقاومة
كتلة التنمية والتحرير
كتلة جبهة النضال الوطني
كتلة نواب المستقبل
المصدر: موقع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني lpdc.gov.lb