مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن (مؤتمر سانت جيمس الثاني)
تقرير اللجنة المؤلفة لدراسة مراسلات حسين - مكماهون
لندن، 16 آذار/ مارس 1939
في الجلسة السادسة لمؤتمر فلسطين العربي البريطاني المعقودة بقصر "سان جيمس" في السادس عشر من شهر فبراير 1939 تقرر تعيين لجنة لدرس مكاتبات معينة اشتهرت باسم "مكاتبات مكماهون" تبودلت في سنتي 1915 و1916 بين السير هنري مكماهون الذي كان وقتئذ المندوب السامي لجلالته في القاهرة، وشريف مكة - الملك حسين ملك الحجاز فيما بعد - وتقديم تقرير إلى المؤتمر عن هذه المكاتبات.
2 - وطبقًا لهذا القرار ألفت لجنة من الآتية أسماؤهم:
ممثلو الوفود العربية لدى المؤتمر
صاحب الدولة الجنرال نورى السعيد - رئيس وزارة العراق.
(وقد حل محله بعد الجلستين الأوليين للجنة صاحب السعادة توفيق السويدي بك الذي تولى رئاسة الوفد العراقي بعد سفر الجنرال نورى السعيد).
صاحب السعادة عبد الرحمن عزام بك - الوزير المصري المفوض ببغداد - وجدة.
عوني بك عبد الهادي - من أعضاء الوفد الفلسطيني العربي.
موسى بك العلمي - من أعضاء الوفد الفلسطيني العربي.
المستر جورج انطونيوس - من أعضاء الوفد العربي الفلسطيني، والسكرتير العام للوفود العربية.
ومعهم كمستشار: السير متشيل ماك دونيل - رئيس المحكمة العليا بفلسطين سابقاً.
ممثلو حكومة جلالته في المملكة المتحدة.
اللورد موم - قاضى القضاة بإنجلترا.
السير جراتان بوش - المستشار القضائي بوزارة الخارجية.
ومعهما كمستشار: المستر ج. هيورث دون - أستاذ اللغة العربية بمدرسة الدراسات الشرقية بجامعة لندن.
وكسكرتير: المستر ج. ر. كولفيل - السكرتير الثالث بوزارة الخارجية.
3 - اجتمعت اللجنة بمجلس اللوردات أربع مرات - في يوم الخميس 23 فبراير ويوم الجمعة 24 فبراير، ويوم الثلاثاء 28 فبراير، ويوم الخميس 16 مارس. ودرست مكاتبات مكماهون - حسين، كما درست حوادث معينة لاحقة، ووثائق أخرى رأى ممثلو المملكة المتحدة أنها قد تلقى ضوءاً على معنى المكاتبات، أو المقصود منها.
4 - وعند شروع اللجنة في عملها، في بداية اجتماعاتها، أبان قاضى القضاة أنه ليس حاضراً بصفته القضائية، وأنه لا ينحل نفسه حق الفصل – كقاض - في "هل آراء حكومة جلالته في المملكة المتحدة في الموضوع المطروح، أو آراء العرب هي الصحيحة" وإنما هو موجود كممثل لحكومة جلالته ليس إلا، وإن مهمته الوحيدة هي شرح آرائها، وبيان حججها فيها.
5 - ولما كانت الوفود العربية أمام المؤتمر قد سبق لها أن انتقدت فقرات معينة في النص الإنجليزي للمكاتبات، بحجة أنها ترجمة غير دقيقة للفقرات المقابلة لها في النص العربي، فقد درست اللجنة عدداً من التصويبات للنص الإنجليزي اقترحها المستر جورج انطونيوس، وأقرها المستر - هيورث دون. ومع أن أعضاء اللجنة من العرب ذكروا أنه حتى مع هذه التصحيحات، فإن النص الإنجليزي لا يزال قاصراً عن تأدية النص العربي على خير وجه ممكن، إلا أنهم وافقوا على أن هذه التصحيحات إذا أدخلت فإن النص الإنجليزي يخلو بها من الخطأ الصريح الذي يحول دون الفهم الصحيح للنقط المثارة في المكاتبات المذكورة والتغييرات التي اتفق عليها مبينة في النص الإنجليزي الذي قدمه وزير الخارجية إلى البرلمان في 3 مارس 1939.
6 - وفي الجلسة الأولى التي عقدتها اللجنة في يوم 24 فبراير قدم مندوبو العرب مذكرة تبين تفسير العرب للمكاتبات.
7 - وفي الجلسة الثانية التي عقدتها اللجنة يوم 24 فبراير قدم مندوبو المملكة المتحدة مذكرة تبين على العموم التفسير البريطاني.
8 - وفي الجلسة الثالثة التي عقدتها اللجنة في يوم 28 فبراير قدم مندوبو العرب مذكرتين تشرحان النقط القانونية المتعلقة بعبارة المكاتبات والظروف التي تبودلت المكاتبات فيها.
9 - وفي الجلسة الرابعة التي عقدتها اللجنة يوم 16 مارس قدم مندوبو المملكة المتحدة بياناً يتناول بإيجاز المذكرتين المقدمتين في الجلسة التالية.
10 – وهذه المذكرات ملحقة بالتقرير، وهي (ملحق أ) و (ملحق ب) و (ملحق ج) و (ملحق د) و (وملحق هـ).
11 - في الفقرات التالية تلخيص لوجهتي النظر العربية والبريطانية:
12 – يمكن تلخيص الحجج التي قدمها المندوبون العرب وشرحوها في مذكرتهم المؤرخة في 23 فبراير 1939 فيما يلي:
(أ) لا محل للشك في أن فلسطين كانت داخلة في الواقع في منطقة الاستقلال العربي، وكان الفريقان المشتركان في مكاتبات (مكماهون - حسين) يعنيان في أن تكون داخلة. وهذا واضح وضوحاً كافياً من نصوص المكاتبات نفسها. وفضلاً عن ذلك فإن الدليل التاريخي يعززه.
(ب) والدليل التاريخي مزيته أنه يلقي ضوءاً على النيات التي كانت حكومة جلالته تنطوي عليها في سنة 1916.وهو يثبت أن الساسة البريطانيين عند درسهم لما طلبته فرنسا من الحصول على مركز خاص في سوريا (وفيها فلسطين) - شعروا بأن الضرورة تقضي بمقاومة مطلب فرنسا فيما يتعلق بفلسطين، ولم يعترفوا لها به إلا فيما يتعلق بأجزاء من سورية الشمالية. فالتحفظ الذي وضعه السير هنري مكماهون في مذكرته المؤرخة في 24 أكتوبر 1915 يجب أن يقرأ على ضوء الموقف الذي كانت تتخذه وزارة الخارجية البريطانية في ذلك الوقت.
(ج) في جميع المكاتبات يبني السير هنري مكماهون إخراجه أجزاء من سوريا على دعوى المصالح الفرنسية. وإن الوصف الجغرافي الذي وصف به السير هنري والشريف الأجزاء التي تستثنى، ليشير إشارة لا تدع مجالاً للخطأ إلى المناطق الساحلية من سوريا الشمالية. ولما كانت السياسة البريطانية في ذلك الوقت ميالة إلى مقاومة مطلب فرنسا الخاص بسوريا كلها، فإن هذا يشير أيضاً إلى تعمد حذف فلسطين من المنطقة المتحفظ بها بدعوى المصالح الفرنسية.
(د) وبغض النظر عن نيات الحكومة البريطانية التي كان السير هنري مكماهون يرسل كتبه إلى الشريف بناءً على تعليماتها، فإن نص المكاتبات نفسها لا يدع مجالاً للشك فيما حمل به الوعد فعلاً.
(هـ) ولا سبيل إلى المنازعة - ولم يحصل هذا قط - في أن فلسطين داخلة في المنطقة التي طلب الشريف حسين أن تكون هي منطقة الاستقلال العربي في المستقبل. وقد قبل السير هنري مكماهون هذه المنطقة في جملتها فيما عدا بعض التحفظات. ولم يرد ذكر لفلسطين في هذه التحفظات. وقد كان السير هنري مكماهون يحرص - كلما رأى داعياً إلى النص على استثناء كما هو الحال فيما يتعلق بالمناطق الساحلية لسوريا الشمالية، أو أقاليم العراق – على تعيين الجزء المستثنى، لأن عبء الاستثناء كان واقعاً عليه. فكونه لا يذكر فلسطين لا صراحة ولا ضمناً يجعل من المستحيل على أي إنسان أن يذهب إلى أن فلسطين كانت مخرجة في المنطقة التي وافق السير هنري مكماهون على أن تكون منطقة الاستقلال العربي في المستقبل.
(و) أما ما تذهب إليه حكومة جلالته من أن عبارة "ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب" تشمل كل ولاية سورية، فقول لا ينهض، وهي دعوى قائمة على أن كلمة منطقة أو سنجق تعادل كلمة ولاية، وهو ما ليس بصحيح لا عقلاً ولا نصاً.
(ز) وحتى لو فرضنا جدلاً أن فلسطين كانت مستثناة من المنطقة العربية فعلاً، فإن استثناءها لا يبرره إلا الاستناد على مطالب فرنسا. وقد نزلت فرنسا أخيراً عن مطلبها فيما يتعلق بفلسطين، ففقدت الدعوى، وما لعله كان لها من قوة.
(ح) وبناءً على هذه الحجج المسرودة بإسهاب في المذكرة العربية بتاريخ 23 فبراير 1939 يذهب مندوبو العرب إلى أن المستفاد من المكاتبات بمجردها، أو مع مراعاة الدليل التاريخي والظروف المحيطة بها - هو أن فلسطين كانت، فعلاً ونية، داخلة في المنطقة التي تعهدت بريطانيا العظمى بأن تعترف بالاستقلال العربي فيها وتؤيده.
13 - وتلخص الحجج التي أدلى بها المندوبون البريطانيون في الجلسة الثانية للجنة فيما يلي:
(أ) كانت فلسطين في مركز خاص جداً في الوقت الذي دارت فيه المكاتبات نظراً لكونها بلاداً مقدسة لديانات ثلاث كبرى، ولاهتمام المسيحيين والمسلمين واليهود بها في العالم كله، ولكثرة عدد المباني الدينية وغيرها فيها، والمعاهد التابعة لغير العرب، وللمصالح العملية الواضحة لبريطانيا العظمى في بلاد مثلها مجاورة لمصر وقناة السويس. ويذهب مندوبو المملكة المتحدة أيضاً إلى أن فلسطين ليست بلاداً عربية صرفا.
(ب) أن ما استثناه السير هنري مكماهون في كتابه المؤرخ في 24 أكتوبر 1915 وهو "أجزاء من سورية واقعة غربي ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب" من منطقة الاستقلال العربي التي طلبها الشريف حسين في كتابه المؤرخ في 14 يوليه 1915 يخرج - وكان ينبغي أن يكون مفهوماً أنه يخرج - ذلك الجزء من سوريا الجنوبية الذي يتألف من أجزاء من ولاية بيروت السابقة، وسنجق القدس السابق المستقل، وهو المعرف الآن بفلسطين، ويذهب مندوبو المملكة المتحدة استناداً إلى حجج موضحة في مذكرتهم المؤرخة في 24 فبراير 1939 إلى أن هذه العبارة تشمل منطقه ممتدة من حدود كيلكيا إلى خليج العقبة، يقع غربها ما يسمى الآن فلسطين.
(ج) ولكن سواء أصح أم لم يصح القول بهذا، وبغض النظر عنه إذا كان غير صحيح، فإن مندوبي المملكة المتحدة يذهبون إلى أن التحفظ الوارد في كتاب السير هنري مكماهون في 24 أكتوبر 1915 فيما يتعلق بالمصالح الفرنسية، ينطبق، وما زال منذ ذلك الوقت ينطبق ويسري، على كل الأرض التي طالبت بها في 24 أكتوبر 1915 وبالتالي على فلسطين التي كانت تعد في ذلك الوقت جزءاً من سوريا. وهذا التحفظ يستمر سريانه على هذا الوجه، حتى لو كانت فرنسا فيما بعد قد نزلت نهائياً عن مطلبها الخاص بفلسطين لسبب ما، لعل بريطانيا تكون قد تساهلت لها فيه. على أن مندوبي المملكة المتحدة يرفضون القول بأن فرنسا فعلت ذلك فيما يتعلق بفلسطين، لأنها احتفظت بمطالبها المتعلقة بفلسطين في اتفاق "سيكس - بيكو" وبعده أيضًا، ومما لا شك فيه أنها كعضو في عصبة الأمم لا يزال لها رأي وصوت في مصيرها.
(د) وبناءً على هذا وغيره من الحجج المستندة إلى الكتاب المؤرخ في 24 أكتوبر 1915 وغيره من المكاتبات، يذهب مندوبو المملكة المتحدة إلى أن ما يستخلص من قراءة المكاتبات على ضوء الظروف المحيطة بها، وفي جملتها الظروف المبينة في الفقرة "أ" هو إخراج ما يسمى الآن "فلسطين" من المنطقة التي كان على بريطانيا أن تعترف فيها باستقلال العرب وتؤيده.
(هـ) وفضلاً عن ذلك فإن مندوبي المملكة المتحدة مع اعترافهم بأن هذا ليس له وزن قانوني في تفسير المكاتبات، يودون أن يلفتوا النظر إلى أن السير هنري مكماهون، والسير جلبرت كليتون، وقد اشتغلا بصوغ المكاتبات المرسلة من القاهرة، قد قررا أن المقصود من المكاتبات هو إخراج فلسطين من منطقة الاستقلال العربي.
قال السير هنري مكماهون في سنة 1937:
" أشعر بأن من واجبي أن أقول - وأنا أقول ذلك بلهجة التأكيد - إني لم أقصد حين قطعت العهد للملك حسين أن تكون فلسطين داخلة في المنطقة التي وعد العرب فيها بالاستقلال ".
وفي سنه 1923 قال السير جلبرت كليتون الذي كان من معاوني السير هنري مكماهون في سنتي 1915 و1916:
" كنت على اتصال يومي بالسير هنري مكماهون في أثناء المفاوضات مع الملك حسين، ووضعت الصيغة الابتدائية لجميع المكاتبات. وفي وسعي أن أؤيد القول بأنه لم يكن في النية قط أن تكون فلسطين داخلة في التعهد العام المُعْطَى للملك حسين، وقد كان المعتقد في ذلك الوقت - وربما كان خطأ – أن العبارات الافتتاحية في كتاب السير هنري كافية في الإشارة إلى هذا الاستثناء، وفي ظني أنه كان من البديهي أن المصالح الخاصة المرتبطة بفلسطين تمنع بذل أي تعهد نهائي خاص بمستقبلها في تلك المرحلة المبكرة".
14 - وقد رد المندوبون العرب على حجج المندوبين البريطانيين بملاحظات كتابية في 27 فبراير 1939 وتولى السير متشيل ماك دونيل الرد من الناحية القانونية على الحجج البريطانية. ويمكن تلخيص هذه الردود فيما يلي:
(أ) أن القول بأن الصبغة المقدسة لفلسطين، وجوارها لمصر، تجعل من غير المعقول أن تسلمها بريطانيا لحكم العرب بدون ضمانات، يفنده أن السير هنري مكماهون نص بصراحة على ضمانات خاصة بسلامة الأماكن المقدسة، وبالتعاون البريطاني في إنشاء حكومة عربية صالحة، وهذا فضلاً عن الضمانات الأخرى التي ينطوي عليها الاتفاق العربي البريطاني. ويكفي أن السير هنري نص على مثل هذه الضمانات الخاصة بالأماكن المقدسة لإثبات أنه يفكر في فلسطين ويعنيها حين قطع العهود البريطانية للشريف حسين.
(ب) أن القول بأن أجزاء من بلاد الشام واقعة إلى الغرب من ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب تخرج في الواقع - وكان ينبغي عقلاً أن يكون المفهوم أنها تخرج - فلسطين. هذا القول قد أجيب عليه في مذكرة 23 فبراير1939 وبتفصيل أوفى في بيان السير منشيل ماك دونيل في 27 فبراير 1939.
(جـ) والقول بأن تحفظ السير هنري مكماهون فيما يتعلق بالمصالح الفرنسية يجب أن يعد سارياً على سوريا كلها، قد فند بالملاحظات المؤرخة في 27 فبراير 1939 وببيان السير متشيل ماك دونيل في التاريخ عينه.
(د) ويرى مندوبو العرب أن القاعدة السليمة للحكم في الموضوع كله، هي نصوص المكاتبات نفسها، أما الكتاب الذي بعث به السير هنري مكماهون إلى التيمس، ونشرته له في 23 يوليه 1937 وفيه يصرح بأنه كان يقصد أن يخرج فلسطين من منطقة الاستقلال العربي - هذا الكتاب لا يجوز أن يكون له من الوزن والقيمة فوق ما يستحق. وقد بين السير متشيل ماك دونيل أن ما قاله السير هنري مكماهون إنه كان يعنيه أو يقصده لا قيمة له على الإطلاق، لأنه لم يكن هو الذي يقطع العهود، بل الحكومة البريطانية التي كان هو أداتها، والذي له قيمة هو ما قاله السير هنري مكماهون فعلاً، لا الذي أراد أن يقوله، أو الذي كان يعنيه أو ما يظن السير جلبرت كليتون أنه كان المقصود.
(هـ) وإذا جاز اتخاذ نية شخص وسيلة لفهم ما قيل بالفعل، فهذا الشخص لا يكون إلا الرجل المسؤول عن السياسة التي رسمت، وهو في هذه الحالة السير ادوارد جراي – الفيكونت جراي أوف فالودن فيما بعد - وكان وزيراً للخارجية في ذلك الوقت، وبناءً على تعليماته كان السير هنري مكماهون يقدم للشريف عهود بريطانيا. وقد خطب اللورد جراي في مجلس اللوردات في 27 مارس 1923 فقال إنه يشك شكاً كبيراً في صحة تفسير الحكومة البريطانية للعهد الذي أمر هو بأن يقطع للشريف حسين في سنة 1915.
15 - وقد ورد مندوبو المملكة المتحدة في الجلسة الرابعة على النقط المهمة التي وردت في ملاحظات مندوبي العرب التي تضمنتها الفقرات السابقة. وكان بين ما أدلوا به في ردهم ما يأتي:
(أ) قال مندوبو المملكة المتحدة إن ما ذهبوا إليه فيما يتعلق بالمناطق التي لا يستطيعون التصرف أو العمل فيها بحرية بدون ضرر بمصالح حليفتهم فرنسا لا يزال قائماً، لأنهم يرون أن ما قاله مندوبو العرب لم يفنده.
(ب) أن ما قاله اللورد جراي في مجلس اللوردات في سنة 1933 كان في أثناء مناقشة ولم يكن أمامه نص تصريح بلفور.
16 - حاول كل من مندوبي المملكة المتحدة والعرب - بنجاح فيما يرجون - أن يفهم وجهة النظر الأخرى، ولكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى اتفاق على تفسير المكاتبات، وهم يشعرون بأن عليهم أن يقدموا تقريرهم إلى المؤتمر بهذا الأمر الواقع.
17 - على أن مندوبي المملكة المتحدة أبلغوا مندوبي العرب أن حجة العرب كما شرحت للجنة فيما يتعلق بتفسير المكاتبات - ولا سيما فيما يتعلق بمعنى عبارة أجزاء من بلاد الشام الواقعة إلى الغرب من ولايات دمشق وحمص وحماه وحلب، لها من القوة أكثر مما كان يبدو من قبل.
18 - وفضلاً عن ذلك فإن مندوبي المملكة المتحدة أبلغوا مندوبي العرب أنهم يوافقون على أن فلسطين كانت داخلة في المنطقة التي طالب بها الشريف حسين في كتابه المؤرخ في 15 يونيه 1915 وأنه ما لم تكن فلسطين قد استثنيت فيما بعد من هذه المنطقة، فإنه يجب عدها داخلة في المنطقة التي تعهدت بريطانيا العظمى بالاعتراف بالاستقلال العربي فيها وتأييده. وهم يذهبون إلى أن التفسير الصحيح للمكاتبات يجعل فلسطين مستثناة، ولكنهم يعترفون بأن العبارة التي تضمنت هذا الاستثناء لم تكن محددة صريحة ولا غير قابلة للخطأ، كما ظن في وقتها.
19 - أشير من قبل إلى أن اللجنة درست حوادث ووثائق تالية للمكاتبات، رأى هذا الفريق أو ذلك أنها قد تلقى ضوءاً على معنى المكاتبات، أو الغاية منها، وفي خلال هذا الدرس لفت نظر اللجنة في جملة ما لفت نظرها إليه إلى ما يسمى "اتفاق سايكس - بيكو" وإلى "تصريح بلفور" وإلى "رسالة هوجارث " (ملحق ف) وإلى "التصريح للسبعة" (ملحق و) وإلى تأكيدات أعطاها الجنرال السير ادموند – الفيكونت فيما بعد - اللنبي حين كان قائداً للقوات المتحالفة في سوريا وفلسطين (ملحق جـ) والتصريح البريطاني الفرنسي في 7 نوفمبر 1918 (ملحق ي).
20 - فيما يتعلق بـ "رسالة هوجارث" تود اللجنة أن تبين أن مندوبي العرب يعتمدون اعتماداً عظيماً على عبارة في رسالة أبلغها إلى الملك حسين الكومندر د. جـ. هوجارث من رجال المكتب العربي بالقاهرة في يناير 1918، ومؤداها أن هجرة اليهود إلى فلسطين لم يسمح بها إلا بقدر ما يتفق ذلك مع الحرية السياسية والاقتصادية للأهالي العرب. وهذه العبارة هي ترجمة مندوبي العرب للعبارة المقابلة لها في مذكرات الملك حسين باللغة العربية عن محادثته مع الكومندر هوجارث. وقد أبلغ مندوبو المملكة المتحدة المندوبين العرب أن الحكومة البريطانية رأت من الضروري، لجلاء الموضوع، أن تنشر النص الكامل للرسالة التي كلف الكومندر هوجارث أن يبلغها مع تقريره عن زيارته.(أنظر "ملحق و").
21 - كذلك أبلغ مندوبو المملكة المتحدة مندوبي العرب أن حكومة جلالته رأت من الضروري أن تنشر نص التصريح الذي أُعْطي في حوالي 16 يونيه 1918 لسبعة من كبار العرب سبق لهم أن قدموا إلى حكومة جلالته مذكرة في موضوع مستقبل البلاد العربية.(انظر "ملحق ز").
22 - وليس من اختصاص اللجنة أن تبدي رأياً في التفسير الصحيح للبيانات المختلفة المذكورة في الفقرة 19 ومثل هذا الرأي لا يمكن في أي حال أن يتكون إلا بعد النظر في بيانات أخرى صدرت في أثناء الحرب أو بعدها. على أن من رأي اللجنة مع ذلك أن من الجلي من هذه البيانات أن حكومة جلالته لم تكن حرة في التصرف في فلسطين بدون مراعاة لرغبات أهالي فلسطين ومصالحهم، وأن هذه البيانات يجب أن تدخل في الحساب عند محاولة تقدير المسؤوليات التي احتملتها حكومة جلالته حيال هؤلاء الأهالي، كنتيجة للمكاتبات، كائناً ما كان تفسيرها.
الإمضاءات
ت. السويدي ع. ر. عزام عوني عبد الهادي
موسى العلمي ج. انطونيوس
موم جراتان بوش لاسى باجاللى
ملاحظة: الملاحق المشار إليها في النص ليست وارد
المصدر: سمير أيوب. "وثائق أساسية في الصراع العربي الصهيوني، الجزء الثالث، مرحلة سطوة الوعي بالخطر"، ط 1. بيروت: دار الحداثة، 1984، ص 265 – 276.