برنامج الجبهة الوطنية الفلسطينية في الارض المحتلة
15 آب/ أغسطس 1973
يا جماهير شعبنا في أرضنا المحتلة،
في هذه الأيام يواجه شعبنا الفلسطيني كله داخل الأرض المحتلة وخارجها تصاعداً في موجات التآمر والهجوم الصهيوني الاستعماري الموجه ضده لضرب حركته الوطنية ومحو شخصيته المتميزة وتصفية قضيته العادلة تصفية نهائية، وإبقائه فريسة للتشرد والتمزق والاستعباد والضياع.
فالمحتلون الصهاينة يطلقون العنان لأعمال النهب والسلب والتهويد فوق أرضنا المحتلة، ويصادرون مساحات واسعة من الأراضي والممتلكات والأبنية العربية، ويطردون أصحابها ويدمرونها ويقيمون على أنقاضها الأحياء والمستوطنات الصهيونية الجديدة، ويتخذون الإجراءات المتلاحقة لإلحاق اقتصادنا بالاقتصاد الصهيوني وجعله ذيلا للشركات الصهيونية التي تجني الأرباح الطائلة على حساب استغلال شعبنا وتحويله إلى مجموعة من الخدم والأجراء ، وإرهاقه بالضرائب الباهظة والغلاء الفاحش.
ولا يتورع هؤلاء المحتلون الغزاة عن انتهاك حرمة مقدساتنا والعمل على هدمها والاستيلاء عليها، ومحاربة ثقافتنا العربية وامتهان كرامتنا القومية وحرماننا من أبسط الحقوق والحريات التي تنص عليها شرعة حقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي يمنعون فيه مئات الألوف من اللاجئين الفلسطينيين، سواء بعد عدوان سنة 1948 أو عدوان 1967، من العودة إلى أرضهم وديارهم والانضمام إلى أهلهم وذويهم، فانهم يفتحون الأبواب على مصراعيها لاستقبال الوافدين اليهود من أرجاء المعمورة وتوطينهم في فلسطين بأكملها.
ويتمادى الصهاينة في ذلك كله بالاستناد إلى حراب الغزو والاحتلال واستخدام أبشع صنوف الإرهاب الإجرامي الذي يشابه وحشية النازيين وتجريد حملات القمع الدموية ضد شعبنا العربي الفلسطيني وحركته الوطنية داخل الأرض المحتلة وخارجها، يشجعهم الدعم الأميركي الذي لا حدود له سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وكذلك تحرك قوى الاستسلام والانهزام في انتظار حل أميركي يطبخ في واشنطن ويستهدف خدمة وحماية المصالح الاستعمارية اللصوصية في الوطن العربي ، وتحقيق الأطماع التوسعية الصهيونية على حساب شعبنا العربي الفلسطيني وحقوقه المقدسة.
ولكن هذه المؤامرات والهجمات، على ضراوتها وخطورتها، لم تستطع أن تخضع شعبنا الفلسطيني المناضل، رغم ما تكبده من تضحيات جسيمة وما يتعرض له من ويلات وظروف قاسية ولم تتمكن من طمس شخصيته وتصفية قضيته. بل إن هذا الشعب الباسل لا يزال في الميدان يرفع رايات الكفاح، ويقوم بدور بارز في النضال العربي العام ضد العدوان الصهيوني - الامبريالي، ويتصدى الموجات التآمر والعدوان، سواء من جانب الصهاينة أو جانب المستعمرين وعملائهم من القوى الرجعية العميلة، واستطاع بنضاله البطولي إبراز الشخصية الفلسطينية وإحياء القضية الفلسطينية وكسب المزيد من الاعتراف والتأييد له. ويشهد على ذلك القرارات المتعددة من الأمم المتحدة والبيانات الصادرة عن المؤتمرات واللقاءات الدولية التي تؤكد كلها أنه لا سبيل إلى حل مشكلة الشرق الأوسط وإقرار السلام في المنطقة بدون تأمين الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والعودة.
إن شعبنا الفلسطيني، في أرضنا المحتلة، يدرك خطورة الموقف، لأنه يقف وجهاً لوجه أمام مخططات التوسع والتهويد الصهيونية التي تنفذ على حساب أرضه ووجوده ، مما يدفعه للتصدي لها ومقاومتها والسعي لتوحيد كل قواه لصد الطوفان الصهيوني الذي يهدد باكتساح كل شي.
ومن هنا، تنادى العديد من أبناء شعبنا في الأرض المحتلة لمواجهة الأخطار القائمة. وبعد التداول وتبادل وجهات النظر، قرروا تشكيل الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة باعتبارها الطريق المجرب لتعبئة وتوحيد طاقات شعبنا الكفاحية، وتجاوباً مع نداء المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في القاهرة في مطلع هذا العام.
وبالتالي، فإن الجبهة الوطنية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية والتي هي جزء من حركة التحرر العربي.
وتتبنى الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة البرنامج التالي:
1 - مقاومة الاحتلال الصهيوني والنضال في سبيل تحرير أرضنا العربية المحتلة.
2 - تأمين الحقوق المشروعة لشعبنا العربي الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره على أرضه والعودة إلى دياره.
3 - رفض جميع المشاريع التآمرية التي تستهدف تصفية قضية شعبنا العربي الفلسطيني والتفريط بحقوقه، سواء منها المشاريع الصهيونية مثل الكيان الفلسطيني والإدارة المدنية والحكم الذاتي ومشروع ألون، أو مشروع الملك حسين، والحلول الأميركية، وما شاكلها من التسويات التصفوية المشاريع والحكم الاستسلامية.
4 - الدفاع عن الأراضي والممتلكات العربية في وجه عمليات المصادرة والإغلاق والتهويد.
5 - حماية اقتصادنا العربي والمحافظة على المشاريع والمؤسسات الزراعية والصناعية والتجارية العربية أمام محاولات المحتلين لضربها وإلحاقها بالشركات الصهيونية.
6 - حماية ثقافتنا العربية وتاريخنا من العبث والتشويه الصهيوني، خصوصاً في مجال المناهج الدراسية.
7 - الدفاع عن مقدساتنا أمام تطاولات الصهاينة ومساعيهم لهدمها والاستيلاء عليها.
8 - إحياء تراثنا الشعبي وأدب المقاومة لما فيهما من تجسيد لتعلق شعبنا بأرضه ونضاله البطولي للدفاع عنها.
9 - العناية بالمناضلين والمناضلات من أبناء شعبنا وبناته الذين يرزحون في سجون الصهاينة والنضال لتحسين معاملتهم والإفراج عنهم، ورعاية شؤون عائلاتهم والاهتمام بأطفالهم ونسائهم وذويهم.
10 - دعم المنظمات الجماهيرية كالنقابات العمالية والمهنية واتحادات الطلبة والنساء والأندية والهيئات الدينية والاجتماعية ومساندتها في الدفاع عن مصالح الفئات التي تمثلها وتعبئة طاقاتها في النضال ضد الاحتلال والعمل مع هذه المنظمات جميعاً لحمايتها من محاولات الصهاينة للتغلغل فيها، والتصدي لمساعي المحتلين لإغراق شبابنا بموجات التفسخ والانحلال واللاوطنية.
11 - تؤكد الجبهة وحدة الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني، وتعلن تحويل الأردن إلى قاعدة متينة يستند إليها النضال العربي والفلسطيني ضد العدوان الصهيوني الاستعماري.
12 - تؤكد الجبهة على أن الحركة الوطنية لشعبنا الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها هي جزء أصيل من حركة التحرر العربي. كما تؤكد على أن استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني لا يهدد حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني وحده، إنما يهدد كذلك حقوق ووجود الشعوب العربية الشقيقة الأخرى.
13 - تناضل الجبهة من أجل تعزيز أواصر الصداقة والتعاون مع جميع القوى التقدمية والثورية في العالم، وفي مقدمتها الدول الاشتراكية، وتعمل من أجل اكتساب المزيد من الأصدقاء والمؤيدين لقضيتنا العادلة في المجال الدولي .
يا جماهير شعبنا الفلسطيني،
إن قيام الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة والتفاف جماهير شعبنا من حولها، خطوة هامة من شأنها أن تعزز ثقة شعبنا بنفسه وترفع من مستوى نضاله ضد الاحتلال، وتقطع الطريق على مزاعم الفراغ في الأرض المحتلة. وتشد من ازر النضال الفلسطيني في الخارج، وتؤكد وحدة نضال شعبنا الفلسطيني في جميع مواقعه داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وخارجها. اننا ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني في أرضنا المحتلة بمختلف طبقاته وفئاته ، من فلاحين وعمال وتجار وطلاب ومثقفين وحرفيين ورجال دين وأصحاب الصناعات الوطنية، إلى الانضواء تحت لواء الجبهة الوطنية الفلسطينية، ونهيب بكل مواطن تعز عليه أرض الآباء والأجداد وكرامتنا القومية وحرمة مقدساتنا أن يلتف من حول هذه الجبهة .
فعدونا عدو شرس يستهدف اقتلاعنا من جذورنا. ومن أجل مقاومته بنجاح لا بد أن يشترك في هذه المقاومة شعبنا كله. وأن لا تقتصر هذه المقاومة على ميدان واحد بل تشمل كل الميادين، ويتخذ فيها كل مواطن موقعه المناسب ويساهم فيها بنصيبه أياً كان رجلاً أو امرأة.
إن عصرنا اليوم هو عصر تحرر الشعوب وانتصار قوى التحرر والتقدم وهزيمة قوى الاستعمار والغزو والعدوان والعنصرية. وفي مقدور كل شعب إذا ما حزم أمره ووحد جهوده وسلك طريق النضال المثابر أن يحرز النصر، يظفر بحريته وحقه في تقرير مصيره، مهما كانت قوة أعدائه ومهما بلغت أساليب القمع والإرهاب الوحشي التي يستخدمونها.
هكذا انتصر شعب الجزائر وشعب اليمن الجنوبية بعد كفاح مرير طويل حافل بالتضحيات، وهكذا يشهد العالم اليوم انتصار شعب الفيتنام على أعتى قوة استعمارية ممثلة في الإمبرياليين والأميركان أسياد الصهاينة وحماتهم. وسير شعبنا على نفس الدرب يجعل النصر حليفه الحتمي.
عاشت أمتنا العربية وعاش شعبنا العربي الفلسطيني، والنصر لنضاله العادل.
الهزيمة والخزي لغزاة الصهاينة وأسيادهم الإمبرياليين.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1976، ص 252-253.