رسالة رئيس الوزراء البريطاني رمزي ماكدونالد
إلى حاييم وايزمن، رئيس الوكالة اليهودية
لندن، 13 شباط/ فبراير 1931
عزيزي الدكتور وايزمن،
1 – يسرني بأن أبعث إليكم البيان التالي عن موقفنا الذي سيعتبر التفسير الرسمي للكتاب الأبيض في الشئون التي تتناولها هذه الرسالة وذلك للعمل على إزالة بعض ما أسيء إدراكه وفهمه مما ظهر بشأن سياسة حكومة صاحب الجلالة فيما يختص بفلسطين كما هو مبين في الكتاب الأبيض الصادر في أكتوبر سنة 1930 والذي أصبح موضوع نقاش في مجلس العموم في 17 نوفمبر وكذلك لمواجهة الانتقادات التي قدمتها الوكالة اليهودية.
2 - لقد قيل بأن سياسة حكومة صاحب الجلالة تتضمن خروجاً جدياً عن التزامات الانتداب كما فهمت حتى الآن، وأنها تتجاهلها وترمى إلى سياسة لا تتفق والتزامات الانتداب نحو الشعب اليهودي.
3 – إن حكومة جلالته لا ترى من الضروري أن تذكر بإسهاب تصريحاتها السياسية التي سبق وأفضت بها. ولكنها تود أن تلفت النظر إلى الواقع، وهو أن الكتاب الأبيض الصادر في 1930 لا يشير إلى الكتاب الأبيض لسنة 1922 – الذي كانت الوكالة اليهودية قد قبلته – ولا يقره فحسب، بل يعترف بأن التزامات الانتداب هي التزامات للشعب اليهودي وليست التزامات للسكان اليهود في فلسطين. وقد وضع الكتاب الأبيض في مقدمة بيانه، خطابي الذي ألقيته في مجلس العموم في الثالث من أبريل سنة 1930 والذي أعلنت فيه بكلمات لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً، بأن رغبة حكومة جلالته، هي الاستمرار في إدارة فلسطين بما يتفق وشروط الانتداب كما أقره مجلس عصبة الأمم.
وقد أعيد تأكيد هذا الموقف كما أوضحه مرة أخرى خطابي في مجلس العموم في تاريخ 17 نوفمبر. وفي خطابي الواقع في الثالث من شهر أبريل، استعملت اللغة الآتية:-
"إن حكومة جلالته ستستمر بإدارة فلسطين بما يتفق وشروط الانتداب كما وافق عليه مجلس عصبة الأمم. وهذا التزام دولي لم يعد التراجع عنه موضع بحث".
"وبموجب شروط الانتداب، تعتبر حكومة جلالته نفسها مسؤولة عن تشجيع إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، على أن يكون معلوماً بأن لا يتم أي شيء من شأنه أن يكون مجحفاً بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو بالحقوق والوضع السياسي التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر".
"وهنالك أي في صك الانتداب، التزام مزدوج، أحدهما إلى الشعب اليهودي من جهة وآخر إلى سكان فلسطين من غير اليهود من جهة أخرى: وقد أصبح قرار حكومة جلالته الحازم، تنفيذ كلا الشقين من هذا التصريح بقدر متساو، خص جميع طوائف شعب فلسطين بالعدالة المتساوية. وتعتبر حكومة جلالته هذا واجباً لن تتخلى عنه وأنها – في سبيل القيام به – ستستخدم جميع الموارد التي تحت تصرفها".
"إن ذلك التصريح لا يتفق ومواد الانتداب فحسب بل أيضاً ومقدمة صك الانتداب حيث يعاد تأكيده بوضوح.
4 - وفي تطبيق سياسة الانتداب، لا يمكن للدولة المنتدبة أن تتجاهل وجود مصالح ووجهات نظر متضاربة. ولكن هذه المصالح ووجهات النظر ليست في حد ذاتها مستحيلة التوفيق. لكن حلها لا يمكن أن يتم إلا إذا توفر هناك إدراك صحيح، يقر بأن الحل التام للمشكلة، يتوقف على تفاهم بين اليهود والعرب.
وإلى أن يتم هذا، يجب أن ندخل – بصورة أكيدة – اعتبارات التوازن في تفسير السياسة.
5 - لقد وجهت انتقادات كثيرة إلى الكتاب الأبيض، على أنه يحتوي بصورة أكيدة على مزاعم تمس حق الشعب اليهودي ومنظمة العمل اليهودية، في حين أنه من السهل دحض أي قصد كهذا يمكن أن ينسب إلى حكومة جلالته. إنه لمن المعترف به بأن الوكالة اليهودية قد تعاونت دائماً وعن طيب خاطر في تنفيذ سياسة الانتداب، وبأن العمل الإنشائي الذي تم على يد الشعب اليهودي في فلسطين، كان له أثر مفيد في تقدم البلاد ورفاهيتها بصورة عامة.
وتعترف حكومة جلالته أيضاً بقيمة الخدمات والعمل التي قامت بها منظمة نقابات العمال اليهودية في فلسطين والتي تستحق أن تمنح كل تشجيع.
6 - ولقد ظهرت هنالك مشكلة بشأن المعنى الذي يجب أن يتصل بكلمات "حفظ حقوق جميع سكان فلسطين المدنية والدينية، بغض النظر عن الجنس والدين، مما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وكذلك الكلمات التي تؤكد عدم الإجحاف بحقوق بقية طوائف السكان ومركزهم مما ورد في المادة السادسة من الصك المذكور.
كما أن الكلمات التي تؤكد ما يحفظ الحقوق المدنية والدينية الواردة في المادة الثانية لا يمكن تفسيرها بأنها تعني أن حقوق أفراد المواطنين المدنية والدينية لا يمكن تغييرها. وفي قضية سليمان مره الذي أشير إليه، قال مجلس الملك الخاص في صدد تفسير هذه الكلمات في المادة الثانية: "إن هذا لا يعني .. أن جميع الحقوق السياسية لكل فرد من سكان فلسطين، التي كانت قائمة عند تاريخ الانتداب، من شأنها أن تبقى بلا تغيير طيلة بقاء هذا الانتداب:
إذ لو كان هذا شرط لازم لصلاحية الانتداب لأصبح من الممكن سن تشريع فعال. ولذلك، فالكلمات يجب أن تقرأ بمعنى آخر، والوسيلة لإدراك الغرض الحقيقي للجملة ومعناها يجب أن تقع عليها في الكلمات الختامية للمادة: "بغض النظر عن الجنس والدين"، إن هذه الكلمات تدل على أن الانتداب – فيما يختص بالحقوق المدنية والدينية – لا يجوز له أن يميز بين الأشخاص على أساس الدين أو الجنس، كما أن هذا الشرط الوقائي ينطبق بالتساوي على اليهود والعرب، وكذلك جميع أقسام السكان.
7 - إن كلمات "حقوق ومركز بقية طوائف السكان"، الواردة في المادة السادسة، تشير بوضوح إلى الطائفة غير اليهودية. وأن ما أشرنا إليه، من مركز وحقوق، لا يجوز الإجحاف بها، أي لا يجوز إزالتها أو تحويلها إلى أسوأ. ولذلك فإن أثر سياسة الهجرة والاستيطان على الوضع الاقتصادي للطائفة غير اليهودية، لا يمكن إلا أن يؤخذ بعين الاعتبار. ومع ذلك فالكلمات لا يجوز أن تقرأ كأنها تجميد للأوضاع الاقتصادية القائمة في فلسطين بل على العكس من ذلك. فإن الالتزام بتسهيل الهجرة اليهودية، وتشجيع استيطان اليهود المكتظ في الأراضي، يبقى إلتزاماً إيجابياً للانتداب يمكن إنجازه، دون الإجحاف بحقوق الطوائف الأخرى من سكان فلسطين ومركزها.
8 - ويمكننا أن ننتقل إلى الادعاء القائل بأن الانتداب قد أعيد تفسيره بصورة مجحفة جداً بمصالح اليهود فيما يختص بقضيتي استيطان الأراضي والهجرة الحيويتين.
لقد قيل بأن سياسة الكتاب الأبيض من شأنها أن تقيم العراقيل في وجه الهجرة، كما أنها تعطل، إن لم، تنه فعلاً، استيطان اليهود المكتظ للأراضي، مما هو غرض الانتداب الأول، ولدعم هذا الادعاء وجهت أهمية خاصة إلى الفقرة التي تشير إلى الأراضي الأميرية المذكورة في الكتاب الأبيض والتي تنص على: إنه لمن غيرالممكن جعل هذه المساحات ميسورة للاستعمار اليهودي وذلك أولاً بالنظر لإشغالها فعلاً من قبل المزارعين العرب من جهة ثم لأهمية العمل على جعل أراضي أخرى مهيئة لاستيطان هؤلاء المزارعين الذين لا أرض لهم الآن.
9 - إن لغة هذه الفقرة يجب أن تقرأ على ضوء السياسة كمجموع. إنه لمن المرغوب فيه أن يصبح واضحاً بأن العرب الذين لا أرض لهم والذين كان الغرض من الإشارة إليهم في الفقرة المذكورة، هم العرب الذين يعتبرون قد أخرجوا من ديارهم – أي من الأراضي التي كانوا يقيمون فيها – على أثر انتقالها إلى أيدي اليهود، ثم لم يحصلوا على غيرها ليتمكنوا من الاستقرار فيها أو الحصول على عمل مرض مماثل. إن عدد هذا النوع من العرب يجب أن يكون موضوعاً لتحقيق دقيق. كما أن حكومة جلالته تشعر بأنها ملزمة بتسهيل توطين هذه الطبقة من العرب الذين لا أرض لهم. وأن الاعتراف بهذا الالتزام لا يحط ولا بصورة من قدر أغراض التحسين العظيمة التي تعتبرها حكومة جلالته أكثر الوسائل فعالية لتشجيع إنشاء الوطن القومي اليهودي.
10 - وبوضع سياسة لتسوية مشكلة الأراضي، من الضروري أن تأخذ حكومة جلالته بعين الاعتبار كل حالة تمت إلى الغرض الأساسي من الانتداب.
فمساحة الأراضي القابلة للزراعة، وإمكانيات الري، وقدرة البلاد الاستيعابية فيما يختص بالهجرة، جميعها عناصر تتلائم والنتائج التي يجب أن توضح، كما أن إهمال أي واحد منها من شأنه أن يكون مجحفاً عند وضع سياسة عادلة وثابتة.
"وفي نية حكومة جلالته أن تقوم بأقرب ما يمكن بتحقيق للتأكيد في أمور كثيرة منها، مشكلة الأراضي الأميرية وغيرها من الأراضي الصالحة، أو التي يمكن جعلها صالحة للإسكان الكثيف من قبل اليهود المشار إليهم في الالتزام المفروض على الحكومة المنتدبة بموجب المادة السادسة.
إن هذا التحقيق سيكون شاملاً في مداه كما يتضمن جميع موارد الأراضي في فلسطين وفي أثناء إجراء تحقيق كهذا ستؤخذ بعين الاعتبار جميع المصالح، يهودية كانت أم عربية بصورة تجعل اقتراحات كهذه تتقدم كما يمكن أن يكون مرغوباً فيها.
11 - إن قضية ازدحام الفلاحين في المناطق الجبلية من فلسطين، تنظر إليه حكومة جلالته بعين الاعتبار الدقيق. وينتظر أن تتخذ تدابير لتحسين الأراضي وتنميتها تنمية واسعة، ولإدخال مناطق – ربما كانت قد بقيت حتى الآن غير مزروعة – ضمن المنطقة الزراعية، مما سيؤمن للفلاحين مستوى أحسن من المعيشة، تغنيهم عن الالتجاء إلى الانتقال إلا في حالات شاذة.
12 - وفي حالة تنفيذ سياسة لتسوية مشكلة الأراضي، كما هي مبينة في المادة الحادية عشر من الانتداب، من الضروري – إذا ما أردنا تجنب الفوضى، وإعطاء هذه السياسة الفرصة لتنتج – أن يكون هنالك إشراف مركزي على الصفقات المختصة بتملك الأراضي وتحولها خلال فترة الانتقال الذي يمكن أن يكون ضرورياً في حدود المعقول لوضع مشروع التحسين على أساس متين.
والسلطة المنتظر تكوينها، مهمتها تنظيمية لا تحريمية، برغم أنها تشمل على سلطة تمكنها من الحيلولة دون الصفقات المناقضة لفحوى المشروع. لكن استخدام هذه السلطة سيكون محدوداً. كما أنه لن يكون ولا في أي حالة تعسفياً. وستشترط في كل حالة اعتبارات من شأنها أن تعمل على أحسن طريقة لتحقيق أغراض الانتداب. إن كل رقابة منتظرة، ستكون محاطة بالتحفظات اللازمة لضمان أقل ما يمكن من التدخل في انتقال الأراضي بصورة حرة.
وسيسري مفعول هذه الرقابة المركزية منذ ذلك التاريخ الذي تبدأ فيه السلطة الموكولة إليها مهمة تنفيذ سياسة تحسين الأراضي، القيام بعملها. وإلى أن يتم قيام رقابة مركزية كهذه، سيتمتع المندوب السامي بالسلطات الكاملة لاتخاذ جميع الخطوات الضرورية لحماية حقوق المزارع والمشغل من ضمنها حق وضع اليد في جميع أنحاء فلسطين.
13 - وما عدا ذلك، فبيان سياسة حكومة جلالته لا يتضمن منع امتلاك اليهود لأراضي إضافية. فهو لا يحتوي على تحريم كهذا، كما أنه ليس هنالك أية نية من هذا القبيل. إن كل ما يرمي إليه هو نوع الرقابة الموقتة على تملك الأراضي وانتقالها مما يمكن أن يكون ضرورياً لعدم الإضرار بتنسيق وفعالية مشروع الأراضي الذي سيعمل به. إن حكومة جلالته تشعر بأنها ملزمة بأن تشير إلى أنها وحدها – من الحكومات التي كانت مسئولة عن إدارة فلسطين منذ قبول الانتداب – هي التي أعلنت عزمها النهائي على الشروع بسياسة تحسين فعالية يعتقد بأنها ستثمر عن فائدة أساسية ودائمة لكل من اليهود والعرب.
14 - ومما هو ذا صلة بهذه المسألة، هو مراقبة الهجرة. وقبل كل شيء، يجب الإشارة إلى أن مراقبة كهذه لا تعتبر – ولا بصورة – خروجاً على السياسة السالفة. فمنذ سنة 1920 وما بعد، أي عندما أصبح قانون الهجرة الأصلي في حيز التنفيذ، كانت تصدر من وقت لآخر أنظمة لمراقبة الهجرة، غرضها منع الهجرة غير المشروعة وتحديد الهجرة المرخص بها وتسهيلها. إن هذا الحق في تنظيم الهجرة لم يكن في يوم ما موضوع اعتراض.
15 - ولكن على ما يظهر، قد فهم من قصد حكومة جلالته، "بأن لا يسمح لأية هجرة يهودية ما دامت تحول دون حصول أي عربي على عمل يعتاش منه".
إن حكومة صاحب الجلالة لم تقترح أصلاً اتباع سياسة كهذه. لقد كانت مهتمة لتوضح بأنه من الضروري لتنظيم الهجرة اليهودية، تطبيق المبادىء الآتية: وهي أولاً ضرورة التأكد من أن لا يصبح المهاجرون عبئاً على شعب فلسطين كمجموع، ثم ان لا يحرم أي فريق من السكان الحاليين عملهم.
(الكتاب الأبيض 1922)
فإذا كان يترتب على حكومة جلالته من جهة أن لا تنسى تسهيل الهجرة اليهودية، تحت ظروف ملائمة وتشجيع استعمار اليهود للأراضي، فمن جهة أخرى يجب عليها أيضاً أن لا تنسى واجبها الذي يفرض عليها أن تتأكد بأن لا يتولد عن ذلك أضرار تمس بحقوق الطائفة غير اليهودية ومركزها.
وبسبب هذا التعارض الظاهر في الالتزامات شعرت حكومة صاحب الجلالة بأنها ملزمة بتأكيد ضرورة تطبيق مبدأ القدرة الاستيعابية بصورة صحيحة أن هذا المبدأ حيوي لأي مشروع إعماري، يكون غرضه الأول إفساح المجال لاستيطان كل من اليهود والعرب الذين طردوا من أراضيهم.
ولهذا السبب كانت حكومة جلالته قد ألحت، كما أنها مضطرة لأن تلح، على ضرورة المحافظة على مراقبة الحكومة للهجرة وعلى ضرورة تطبيق أنظمة الهجرة تطبيقاً صحيحاً. أما الاعتبارات المختصة بحدود القدرة الاستيعابية فهي اعتبارات اقتصادية محضة.
16 - إن حكومة جلالته لم تأمر كما لا تفكر أصلاً بوقف الهجرة اليهودية أو منعها مهما كان نوعها. إن عادة الموافقة على قائمة "المهاجرين من العمال" الذين يعيشون على الأجرة ستستمر. وفي كل حالة سيؤخذ بعين الاعتبار الاحتياج السابق إلى العمال، وذلك للأعمال التي تعتمد على رأسمال يهودي أو أكثره يهودي مما لن يتم القيام بها إلا إذا توفر وجود العمال من اليهود. وأما فيما يختص بالأعمال العامة وأعمال البلديات التي تمول من الأموال العامة، فإن ادعاء العمال اليهود بحقهم في قسط معين من الاستخدام المتيسر – على أساس المساهمة اليهودية بالدخل العام – سيؤخذ بعين الاعتبار. أما فيما يختص بأنواع أخرى من الاستخدام، فمن الضروري أن يحسب حساباً في كل وضع، للعوامل التي لها علاقة بالحاجة إلى عمل، ومن ضمنها عامل البطالة بين كل من اليهود والعرب. والمهاجرون الذين يأملون في الحصول على عمل غير العمل ذي الطابع الموقت، فإنهم لم يحرموا منه وذلك لسبب واحد، وهو أن الاستخدام لا يمكن ضمانه على أن يكون لمدة غير محدودة.
17 - وفي حالة تحديد المدى الذي يسمح فيه للهجرة، في أي وقت ما، فمن الضروري أيضاً الاهتمام بالسياسة التي صرحت بها الوكالة اليهودية والتي تنص "على أنه في كل الأعمال والمشاريع التي تقوم بها الوكالة اليهودية أو تعقدها يجب أن تعتبر قضية توظيف العامل اليهودي قضية مبدأ". إن حكومة جلالته لا تتحدى ولا بصورة حق الوكالة اليهوية في وضع سياسة كهذه أو الموافقة عليها وتصديقها. إن مبدأ تفضيل وقصر استخدام المؤسسات اليهودية للعامل اليهودي، هو مبدأ من حق الوكالة اليهودية أن تقرره. ولكن من الضروري الإشارة إلى أنه فيما إذا كان العامل العربي – كنتيجة لهذه السياسة – قد طرد من عمله أو ازدادت البطالة القائمة تحرجاً، عندها يظهر هناك عامل في الموقف، يحتم على حكومة الانتداب أن تنظر إليه بعين الاعتبار.
18 - وأخيراً ترغب حكومة جلالته في أن تقول، كما أكدت مراراً وبصورة قاطعة، بأن الالتزامات الملقاة على عاتق الحكومة المنتدبة – عند قبولها الانتداب – هي التزامات دولية مقدسة، لم يخطر على بالها اليوم ولا في يوم ما أن تتخلى عنها وقد صممت حكومة جلالته على القيام بالواجبات الملقاة عليها من قبل الانتداب، ولن تحيد عنها.
ولكن إذا ما أردنا أن تكون جهودها ناجحة، فهنالك حاجة ماسة للتعاون والثقة والاستعداد لدى كل الجهات، وذلك لتقدير صعوبات هذه القضية وتعقيداتها، كما أنه من الواجب – قبل كل شيء – أن يكون هنالك اعتراف مطلق بألا حل يمكن أن يكون مرضياً، أو دائمياً إلا إذا كان قائماً على إنصاف كل من الشعب اليهودي وطوائف فلسطين غير اليهودية.
وإني يا عزيزي دكتور وايزمن.
المخلص لكم جداً
(التوقيع) ج. رمزي مكدونلد
"إلى رئيس الوكالة اليهودية"
ملاحظـــــــة
وفي 12 فبراير 1931 أدلى رئيس الوزراء مكدونلد بالتصريح الآتي في مجلس العموم وذلك فيما يختص بالصبغة الرسمية للكتاب المذكور أعلاه:
"ليس هنالك أي شك بصبغة الكتاب الرسمية. وسيوزع كوثيقة بين دول عصبة الأمم، ويرسل في خطاب رسمي كتعليمات إلى المندوب السامي لفلسطين".
المصدر: "الوثائق الرئيسية في قضية فلسطين، المجموعة الأولى، 1915-1946" (القاهرة: جامعة الدول العربية، الأمانة العامة، [1957])، ص 188-195.
ملاحظة: لم نعثر على الترجمة الرسمية لهذه الرسالة ولذلك عمدنا إلى ترجمتها بمعرفتنا وأثبتنا النص الأصلي باللغة الإنكليزية إلى جانبها. "إدارة فلسطين"