السنة | عرب | المجموع |
---|---|---|
1931 * | 1948 | |
1944/45 ** | 2950 | 2950 |
السنة | عرب | يهود | عام | المجموع |
---|---|---|---|---|
1944/45 * | 25258 | 4178 | 99 | 29535 |
الإستخدام | عرب | يهود | عام | المجموع | ||||||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
*تشمل خربة معصوب **تشمل خربة معصوب |
9508 | 2905 | 99 | 12512 (42%) | ||||||||||||||||
*تشمل خربة معصوب **تشمل خربة معصوب ***تشمل خربة معصوب |
15750 | 1273 | 17023 (58%) |
كانت القرية عربية تقع على سفوح تل صخري إلى الشمال من وادي البصّة، وتواجه الغرب، أي نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط. وكانت طريق فرعية تربطها بالطريق العام الساحلي بين عكا وبيروت. ولعل اسمها مشتق من اللفظة الكنعانية 'بِصاه'، وتعني المستنقع. وكان اسمها بيزيث (Bezeth) في الفترة الرومانية . وأشار إليها عماد الدين الأصفهاني (توفي سنة 1201)، وهو مؤرخ كان مقرباً من السلطان صلاح الدين الأيوبي، في كتاباته باسم عين البصّة . في سنة 1596، كانت البصّة قرية تابعة لناحية تبنين (لواء صفد)، وعدد سكانها 572 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون والقطن والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج والمستغَلات كالماعز وخلايا النحل والمراعي . وكانت البصّة تقع في منطقة مدار نزاع بين ظاهر العمر الذي أصبح الحاكم الفعلي لشمال فلسطين لزمن قصير في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وبين زعماء جبل عامل . أمّا خليفة ظاهر العمر، أحمد باشا الجزار، فقد جعل البصّة قصبة الناحية في أواخر السبعينات من القرن الثامن عشر .
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت البصّة مبنية بالحجار ويسكنها 1050 نسمة تقريباً. وكانت تقع على طرف سهل وتحيط بها بساتين الزيتون والرمان والتين والتفاح . وكانت القرية جزءاً من لبنان قبل الحرب العالمية الأولى، غير أنها أُلحقت بفلسطين بعد الحرب عندما رسمت بريطانيا وفرنسا الحدود بين هذين البلدين.
توسعت البصّة خلال الانتداب البريطاني لتشمل تلة مجاورة كانت تُعرف بالجُبيل. وبحلول سنة 1948، كان عدد منازل البصّة يفوق 700 منزل . وكان كل منزل من المنازل القديمة يشتمل، في العادة، على غرفة واحدة واسعة، وذات سقف عال. وكان لكل منزل حوش كبير يُنشر الغسيل فيه، وتحفظ الحيوانات فيه أيضاً. كما كان الحوش يشمل غرفاً لحفظ الحبوب وعلف الحيوانات، وبئراً تُجْمَع مياه الأمطار فيها. وكانت البئر تكفي أصحاب المنزل حاجتهم من المياه. وكانت تلك المنازل القديمة مبنية بالحجارة، ومتقاربة بعضها من بعض، ويفصل بعضها عن بعض شوارع وأزقة مرصوفة حجارة. أمّا المنازل الجديدة، التي بُنيت بعد الحرب العالمية الأولى، فغالباً ما كانت متباعدة بعضها عن بعض، وكانت مبنية بالأسمنت. وكان لبعضها طبقتان. أمّا الحوش في هذه المنازل الجديدة، فكان في الغالب يشتمل على حدائق منزلية فيها أنواع من أشجار الفاكهة والخضروات .
أمّا سكان هذه القرية وسكان قرية خربة معصوب المجاورة، فقد ضُمُّوا معاً في إحصاءات السكان لفترة 1944 /1945؛ وكان عددهم آنئذ 1590 مسيحياً و1360 مسلماً. في سنة 1948، كان عدد السكان يقدر بنحو 4000 نسمة، لكن من دون تحديد للانتماء الديني. وكانت هذه الزيادة في عدد السكان تُعزى إلى فيض من المهاجرين من مناطق أُخرى (وجدوا لأنفسهم أعمالاً في القواعد العسكرية البريطانية القريبة)، وإلى انخفاض نسبة الهجرة من القرية .
كانت البصّة ثانية كبرى القرى في المنطقة من حيث عدد السكان. وقد أُنشئ مجلس محلي فيها سنة 1922، بلغ دخله 121 جنيهاً فلسطينياً سنة 1929، و1407 جنيهات سنة 1944. أمّا نفقاته، فبلغت نحو نصف دخله السنوي في كلتا السنتين . بعيد سنة 1946، بدأت ميزانية المجلس تعاني عجزاً بسبب إنشاء شبكة من قنوات المياه التي مدّت منازل القرية بمياه الشرب. (وقبل إنشاء هذه الشبكة، كان كل منزل يحصل على مياه الشرب من آبار تتجمع مياه الأمطار فيها خلال الشتاء، ومن نبع أرتوازية حُفِرت في الأربعينات على بعد نحو 1,5 كلم غربي القرية). كما ساعد المجلس القرويين في الشؤون الزراعية، كاستئجار النواطير للحقول (وكان الفلاحون يدفعون رواتبهم)، وإرشاد سكان القرية في شؤون الزراعة، وتوقيت مواسم الحصاد لشتى المزروعات .
وكان في القرية مدرسة ابتدائية رسمية للبنين شيّدتها الدولة العثمانية في سنة 1882، ومدرسة ثانوية خاصة، ومدرسة ابتدائية رسمية للبنات. وأنشأ سكان القرية أنفسهم ناديين رياضيين، ومسجدين، وكنيستين، وأضرحة ومقامات عدة، بعضها للمسلمين وبعضها للمسيحيين، وكان مقامان منها مقدّسين لدى الطائفتين معاً . وكان العمال في البصّة أسسوا فرعاً محلياً لاتحاد العمال الوطني الفلسطيني. وكان هذا الاتحاد يدافع عن مصالح العمال، وقد أسس متاجر تعاونية في القرية . وكان في البصّة ما يزيد على عشرين متجراً تلبي حاجات القرى الأُخرى أيضاً، كما كان فيها 'حسبة' (سوق مفتوحة للمنتوجات بالجملة والمفرق) قائمة وسط القرية. وكانت 'الحسبة' تقام أيام الآحاد. وكان سكان القرية يعملون أيضاً في مهن أُخرى، كالحرف وصناعة الصابون، فضلاً عن العمل أُجراء في القواعد العسكرية البريطانية، كما أشرنا من قبل .
في أثناء فترة الانتداب، كان بعض سكان القرية يُعنى بتربية الحيوانات، بما فيها البقر. وكانت عشر عائلات على الأقل تعتاش من قطعان الماعز والضأن . وكانت المزروعات في القرية تسقى من قنوات الري ومياه الأمطار. وكان الري محصوراً في العادة بأشجار الفاكهة والخضروات، التي كان معظمها مزروعاً على بعد نحو 2 كلم غربي القرية، في منطقة كانت فيها أيضاً متنزهات ومقاه. في أوائل الأربعينات، كان في القرية تعاونية للفلاحين تملك الأدوات الزراعية، وشاحنة، وآلة للحصاد . ومع أن المزروعات الأساسية كانت القمح وغيره من الحبوب، فقد كانت الأرض تُزرع أيضاً خضروات وفاكهة وحبوب المكسّرات. في 1944 /1945، كان ما مجموعه 614 دونماً من أراضي البصّة وخربة معصوب مخصصاً للحمضيات والموز، و10437 دونماً للحبوب، و4699 دونماً مروياً أو مستخدَماً للبساتين.
وقد عثر على أثريات داخل القرية وخارجها. وكان في داخلها بقايا قرية قديمة، وأجزاء أرضيات من الفسيفساء، وبعض الآبار والقبور المنحوتة في الصخر. كما كشفت دائرة الآثار الفلسطينية سنة 1932 مقبرة مسيحية، عُثر فيها على نقود وزجاجيات تعود إلى القرن الرابع للميلاد . وعلاوة على ذلك، كان إلى جوار القرية ما يفوق 18 خربة.
استناداً إلى مصدرين إسرائيليين وإلى تقرير لوكالة يونايتد برس، فإن احتلال البصّة كان تم في 14 أيار/مايو 1948، خلال عملية بن عمي. غير أن المؤرخ الفلسطيني عارف العارف يؤرخ سقوطها قبل ذلك بثلاثة أيام، أي في 11 أيار/مايو. وورد في كتاب "تاريخ الهاغاناه" أن القوات الصهيونية نزلت عند هذه القرية الساحلية بالقوارب؛ فكان هذا النزول "من زاوية معينة أول عملية لسلاح البحرية." ويضيف الكتاب أن سكان القرية "قد فروا لدى ظهور القوات اليهودية." غير أن شهود عيان قابلهم المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال لاحقاً، رووا الأحداث بصورة مختلفة. فقد قال هؤلاء إن الكثيرين من النساء والأطفال كانوا قد رُحِّلوا قبلاً خوفاً من القتال، غير أن بعضهم ظل في مكانه. ويوم الهجوم، أُخذ مقاتلو القرية بغتة، فتراجعوا نحو الشمال. ويستذكر سكان القرية أن قوات الاحتلال أمرت جميع من تبقى، ومعظمهم من الشيوخ، بالتجمع في كنيسة القرية. وهناك أخذوا بعض الشبان (ومن جملتهم امرأة واحدة على الأقل)، وأعدموهم رمياً بالرصاص خارج الكنيسة، وأمروا الباقين بأن يدفنوهم. ولا يذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس هذه الحادثة، وإنما يقول إن معظم سكان القرية كان رحل عنها من قبل، وإن معظم الباقين "فرّ خلال الهجوم". ويضيف أن بعضهم "أُمِر، أو 'نُصِح' له التوجه شمالاً إلى لبنان"، وأن 100 آخرين تقريباً من سكانها (ومعظمهم من المسنين والمسيحيين) نُقلوا إلى قرية المزرعة، مع غيرهم من القرويين المهجّرين من الجليل. واستناداً إلى نزّال، قتل بعض سكان القرية لاحقاً حين حاولوا العودة إلى القرية لاستعادة ما تبقى من ممتلكاتهم .
القرية أنشأ الإسرائيليون مستعمرة بيتست سنة 1949 في موقع القرية، وأسكنوا فيها مهاجرين يهوداً من رومانيا ويوغسلافيا. وقد أُنشىء مطار حربي يحمل الاسم ذاته قرب هذه المستعمرة. وفي السنة ذاتها، أسس أفراد من لواء يفتاح، التابع للبلماح، مستعمرة كفار روش هنكرا على أراضي القرية . وفي سنة 1949 أيضاً أُنشئت مستعمرة ليمان على أراضي القرية، إلى الشرق من موقعها. وكانت ليمان في البدء قاعدة عسكرية تدعى تساهال ، ثم دُعيت ليمان بعد أن زارها عضو مجلس الشيوخ الاميركي هربرت ليمان (Herbert Lehman) في سنة 1959. وأُنشئت شِلومي، وهي إحدى مدن التطوير، في سنة 1950 على أراضي القرية، إلى الجنوب قليلاً من موقعها الأصلي. ويبلغ عدد سكانها الآن 2200 نسمة تقريباً . أمّا مستعمرة متسوفا، التي أُسست في سنة 1940، فقد توسعت ويقع بعض أبنيتها الآن على أراضي القرية.
لم يبق من القرية اليوم سوى اثنين من أبنيتها الكبرى، هما كنيسة الروم الكاثوليك، ومزار إسلامي: الكنيسة، وهي مبنية بالحجارة، غنية بالمعالم المعمارية، بما في ذلك نافذة عالية تعلوها قنطرة دائرية الشكل وإلى جانبها نافذتان أصغر منها تعلوهما قنطرتان. أمّا المنطقة التي تتضمن منبر الوعظ، وهي في أحد أجزاء البناء، فلها شكل نصف دائري، ولها أيضاً نوافذ عالية ذات قناطر. أمّا برج الجرس فيرتفع عن سقف متدرج مغطى بالقرميد. وهذه الكنيسة متداعية الآن من أحد جوانبها، كما أن حيطانها مشقَّقة. أمّا المزار الإسلامي فتعلوه قبة، وهو مهجور، ويقع وسط أشجار عديدة، بينها شجرتا نخيل. وقد بقي بعض منازل القرية قائماً، ويحتل الإسرائيليون عدداً من هذه المنازل. وأحد المنازل عبارة عن بناء ذي طبقتين، له أبواب ونوافذ مستطيلة ومقوَّسة. وإطار أحد هذه الأبواب يشتمل على أربعة أعمدة مستديرة، في كل جانب منه اثنان، وسقف للباب عليه نقوش وزخارف. وثمة فوق السقف أيضاً قنطرة إضافية مزخرفة.
وتنتشر في أجزاء أُخرى من الموقع أشجار التين والشوك والصبّار، وركام من حجارة المنازل المدمَّرة. أمّا الأراضي المحيطة بالقرية فمزروعة.