هشام شرابي
ولد هشام شرابي في مدينة يافا، وعاش طفولته بين يافا وعكا في دار جدّه عارف الصوفي. والده بشير، والدته فاطمة الصوفي، إخوانه: خالد، نظام، نظيم، أختاه: عطاف، عفاف، ابنتاه: ليلى، ناديا.
التحق هشام شرابي بروضة الأطفال الإنكليزية في يافا، ثم درس المرحلة الابتدائية في مدرسة "الفرندز" الداخلية في رام الله، وأكمل دراسته الثانوية في "الإنترناشيونال كولدج" التابعة للجامعة الأميركية في بيروت خلال الفترة 1939-1943، ليلتحق في خريف سنة 1943 بالجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الفلسفة، وهي الدراسة التي أنهاها بحصوله على البكالوريوس في سنة 1947.
انتسب هشام شرابي في حزيران/ يونيو 1946، في فترة دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، قبل أن يسافر في أواخر سنة 1947 إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث التحق بجامعة شيكاغو ونال فيها شهادة الماجستير في الفلسفة في كانون الأول/ ديسمبر 1948.
في مطلع سنة 1949 عاد إلى بيروت للعمل في صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي، فشارك مؤسسه أنطون سعادة في إعادة تنظيم صفوف الحزب، وعُيّن وكيلاً لعميد الثقافة والفنون الجميلة في الحزب ومشرفاً على مجلته الشهرية "النظام الجديد".
لدى قيام السلطات اللبنانية بملاحقة أنطون سعادة والمسؤولين في الحزب، بمن فيهم شرابي، في حزيران/ يونيو 1949، هرب شرابي إلى عمّان، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة في تموز/ يوليو 1949 (بعد أيام معدودة من محاكمة أنطون سعادة وإعدامه في بيروت)، والتحق من جديد بجامعة شيكاغو، وبدأ بإعداد رسالته الجامعية لنيل درجة الدكتوراه بعد أن تحوّل من الفلسفة إلى التاريخ الحديث. وفي هذه الفترة، شارك شرابي في قيادة فرع الحزب السوري القومي الاجتماعي في الولايات المتحدة حتى سنة 1955، عندما قرر الانسحاب منه.
بعد حصوله على شهادة الدكتوراه عن رسالته: "العلاقة الثقافية بين أوروبا والعالم الإسلامي في القرن الحادي عشر في مدينة طليطلة"، عُيّن هشام شرابي سنة 1953 أستاذاً محاضراً في جامعة جورجتاون في واشنطن، حيث درّس مادة سياسة الشرق الأوسط، ثم انصرف بعد سنة 1967 إلى تدريس مادة تاريخ الفكر الأوروبي الحديث منذ هيغل.
في سنة 1963، حصل هشام شرابي على منحة دراسية من الجامعة الأميركية في بيروت، فأمضى فيها عاماً لإنجاز دراسة عن القومية والثورة في العالم العربي (نُشرت بالإنكليزية في سنة 1966).
وقام هشام شرابي في صيف سنة 1969 بزيارة قواعد حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة في الأردن، اجتمع خلالها بالفدائيين، كما أجرى لقاءات مع بعض قادة المقاومة مثل جورج حبش وخالد الحسن وصلاح خلف، وسجّل مشاهداته ولقاءاته في كتابه: "الفدائيون الفلسطينيون: صدقهم وفاعليتهم".
ثم درّس، خلال السنة الأكاديمية 1970-1971، في دائرة الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت بصفته أستاذاً زائراً، وعمل مع يوسف صايغ في مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية. خلال وجوده في بيروت، شارك مع القائمين على مؤسسة الدراسات الفلسطينية في الإعداد لإنشاء "مجلة الدراسات الفلسطينية" باللغة الإنكليزية (Journal of Palestine Studies) وترأس تحريرها من عددها الأول في خريف 1971 إلى العدد 124 في صيف 2002.
عاد هشام شرابي في خريف سنة 1971 إلى عمله التدريسي في جامعة جورجتاون، ثم قرر العودة نهائياً إلى لبنان في سنة 1974، فاستأجر، مع عائلته، شقة في رأس بيروت، لكن اندلاع الحرب الأهلية اضطره إلى الرجوع إلى واشنطن، فجدّد عقده مع جامعة جورجتاون لمواصلة تدريس مادة الفكر الأوروبي الحديث فيها. وقد شغل فيها من سنة 1977 حتى تقاعده، كرسي عمر المختار للحضارة العربية.
أسس هشام شرابي في واشنطن سنة 1977 "صندوق القدس للثقافة والتنمية الاجتماعية" الذي صار يقدم منحاً دراسية للطلبة الفلسطينيين. وفي وقت لاحق في سنة 1990، وفي مساهمة إضافية للبناء المؤسسي المتعلق بفلسطين، أسس وترأس "المركز الفلسطيني للدراسات السياسية" في واشنطن حتى وفاته.
وكان شرابي قد أصدر في سنة 1988 عن منشورات جامعة أكسفورد كتابه الشهير: (Neopatriarchy: A Theory of Distorted Change in Arab Society) الذي تُرجم إلى العربية وصدر في مطلع سنة 1992 بعنوان: "النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي" عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.
عمل هشام شرابي في النصف الأول من سنة 1993 أستاذاً زائراً في دائرة التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت. وفي خريف السنة ذاتها، وبعد توصل منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل إلى "اتفاق أوسلو"، زار فلسطين ومدينته الأصلية يافا، لكنه صار، منذ أواخر سنة 1996، يتخذ موقفاً نقدياً من الاتفاق المذكور، ويرى أن البديل لأوسلو هو التخطيط الفلسطيني والعمل على جبهتين: جبهة الصراع الفلسطيني-العربي المشترك ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد الاستيطان الصهيوني، وجبهة إعادة بناء المجتمع الفلسطيني على أرض فلسطين وفي أماكن الشتات.
تقاعد هشام شرابي في سنة 1998 من عمله التدريسي في جامعة جورجتاون، وانتقل إلى العيش في بيروت.
توفي هشام شرابي في بيروت في 13 كانون الثاني/يناير 2005، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وشُيع بحضور أفراد عائلته وممثلين عن بعض الأحزاب اللبنانية والمنظمات الفلسطينية.
كان هشام شرابي مثقفاً ملتزماً، ويمكن اعتباره واحداً من أبرز المفكرين الفلسطينيين والعرب، الذين فرضوا، من خلال مساهماتهم المتميّزة في حقول الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع، حضوراً قوياً في الساحة الثقافية العربية، ونالوا شهرة واسعة في الأوساط الأكاديمية والثقافية في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية .
نبذة عن كتاب: "النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي"
صدر هذا الكتاب في الأصل باللغة الإنكليزية سنة 1988 عن منشورات جامعة أكسفورد بعنوان:Neopatriarchy: A Theory of Distorted Change in Arab Society
ثم نقله محمود شريح إلى العربية وصدر في سنة 1992 في بيروت عن مركز دراسات الوحدة العربية. يهدف هشام شرابي من هذا الكتاب إلى الكشف عن أسباب التخلف العربي، وكيفية تجاوز هذا التخلف والتغلب عليه، وهو لا يقصد بالتخلف التخلف الاقتصادي أو التربوي، وإنما التخلف الكامن في أعماق الحضارة الأبوية (والأبوية المستحدثة)، والذي يتخذ أشكالاً متعددة تتميز عن بعضها بعضاً بصفتين مترابطتين هما: اللاعقلانية والعجز. وهو يعتبر أن مصير المجتمع العربي يتوقف على مقدرته في التغلب على نظامه الأبوي (والأبوي المستحدث)، القائم بصورة أساسية على استعباد المرأة، واستبداله بمجتمع حديث، وذلك عبر عملية ذاتية تحدث في داخل المجتمع وفي داخل الفرد معاً.
من آثاره:
"الفدائيون الفلسطينيون: صدقهم وفاعليتهم". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1970.
"المثقفون العرب والغرب. عصر النهضة 1875-1914". بيروت: دار النهار للنشر، ط1، 1971.
"مقدمات لدراسة المجتمع العربي". بيروت: الدار المتحدة للنشر، 1975.
"الجمر والرماد: ذكريات مثقف عربي". بيروت: دار الطليعة، 1978.
"البنية البطريركية: بحث في المجتمع العربي المعاصر". بيروت: دار الطليعة، 1987.
"النقد الحضاري للمجتمع العربي في نهاية القرن العشرين". بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1990.
"النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي". بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1992 .
"صور الماضي: سيرة ذاتية". بيروت: دار نلسن، 1993.
"نصوص ومقالات في القضية الفلسطينية 1970-2000". بيروت: دار نلسن، 2001.
"أزمة المثقفين العرب: نصوص مختارة". بيروت: دار نلسن، 2002.
Nationalism and Revolution in the Arab World. Princeton, NJ: Van Nostrand, 1966.
المصادر:
أبو فخر، صقر. "هشام شرابي وفلسطين: الحاضر كابوس، والماضي هو الحقيقة". "مجلة الآداب"، العدد 11-12 (2005)، ص 45-49 .
بلحاج، الزهرة. "الغرب في فكر هشام شرابي". بيروت: دار الفارابي، 2004.
دايه، جان. "هشام شرابي صحافياً". بيروت: دار نلسن، 2006 .
العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان: د.ن.، 1976.
معزوز، عبد العالي. "هشام شرابي ونقد النظام الأبوي في المجتمع العربي". بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012.
"هشام شرابي يروي قصة ثلاث مدن عاش فيها: عكا وبيروت وواشنطن". مقابلة حررها وقدم لها محمود شريح. كولونيا: منشورات الجمل، 1994 .
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: PASSIA Publication, 2006.