سيرة

عز الدين القلق

سيرة

عز الدين القلق

1936, حيفا
3 آب 1978, باريس

ولد عز الدين القلق في مدينة حيفا في سنة 1936. والده: محمد سعيد. والدته: فاطمة محمود اليحيى. أشقاؤه: برهان وأمين وعبد القادر. شقيقاته: ميسر وجهاد ويسر وصفية.

أطلق محمد سعيد القلق على ابنه اسم عز الدين تيمناً بالشيخ عز الدين القسّام الذي أشعل الشرارة الأولى للثورة الفلسطينية الكبرى.

بدأ عز الدين القلق تعليمه الابتدائي في مدارس مدينة حيفا، قبل أن يضطر، عند وقوع النكبة، إلى اللجوء مع عائلته إلى مدينة دمشق حيث تابع دراسته الإعدادية في مدرسة ابن خلدون، والثانوية في مدرسة الميدان الثانوية.

بعد حصوله على شهادة البكالوريا-القسم العلمي، التحق عز الدين القلق بكلية العلوم في جامعة دمشق، ونسج علاقات صداقة مع عدد من المثقفين السوريين الذين تميّزوا في مجال إبداعهم، مثل الناقد السينمائي سعيد مراد والأديب شوقي بغدادي، وشارك في نشاط الرابطة الأدبية "وحي القلم"، وبرز شغفه بالمسرح والموسيقى والفن التشكيلي، وخصوصاً بكتابة القصة القصيرة إذ نشر في سنة 1956 مجموعة من قصصه في الصحف السورية، كما ترجم في سنة 1961 قصصاً عن الأدب الأميركي والأدب الصيني.

انتسب عز الدين القلق خلال دراسته في جامعة دمشق إلى الحزب الشيوعي السوري الذي كان ملاحقاً من سلطات الجمهورية العربية المتحدة، وسُجن لهذا السبب نحو ثلاثة أعوام (1959-1961) في سجن المزة.

بعد الإفراج عنه، تابع عز الدين دراسته الجامعية، فنال في سنة 1963 الإجازة في العلوم-قسم الكيمياء، وسافر إلى المملكة العربية السعودية حيث عمل مدة عامين مدرساً للعلوم في ثانوية اليمامة في الرياض.

في سنة 1965، قرر عز الدين القلق السفر إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا، فدرس اللغة الفرنسية في مدينتَي رين وبواتتيه، قبل أن يلتحق بجامعة بواتييه (Université de Poitiers) حيث نال في سنة 1969 دكتوراه الحلقة الثالثة في الكيمياء الفيزيائية. وخلال وجوده في فرنسا، انضم عز الدين القلق إلى حركة "فتح"، وانتُخب رئيساً لفرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في فرنسا، وبدأ مسيرته النضاليه متنقلاً بين المدن الفرنسية من أجل التعريف بحيثيات القضية الفلسطينية وعدالة نضال شعبها، من خلال عقد الندوات وتنظيم التجمعات وإلقاء المحاضرات ونشر البيانات، وهو ما أثار انتباه أنصار إسرائيل في فرنسا.

بعد استقراره في مدينة باريس، عمل عز الدين القلق في المجال الإذاعي فترة من الزمن في إذاعة "مونتي كارلو"، وكان مسؤولًا عن ترجمة النشرة الإخبارية وإعدادها، وساهم، في سنة 1970، بالتعاون مع عدد من أنصار القضية الفلسطينية من المغرب والمشرق العربيين، في تشكيل لجنة مبادرة لدعم الكفاح الفلسطيني وفي إصدار مجلة "فدائي" Fedai)). كما تعاون مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية محمود الهمشري في العمل على رفع مستوى الوعي بقضية فلسطين في فرنسا، وخصوصاً في الأوساط اليسارية.

بعد اغتيال محمود الهمشري على يد الأجهزة الإسرائيلية، عُيّن عز الدين القلق، في مطلع أيلول/سبتمبر 1973، ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي لم تكن قد حصلت بعد على تمثيل رسمي في فرنسا، فباشر مهماته  النضالية والإعلامية والدبلوماسية، وراح يعمل بجد ودأب متواصلين، فبنى صداقات كثيرة في فرنسا وأوروبا واتصل بالأحزاب والقوى السياسية، وخصوصاً اليسارية والديمقراطية منها، واستطاع بفضل شخصيته المتميزة من جهة، وتمكّنه من اللغتين الفرنسية والإنكليزية من جهة ثانية، أن يوسع حركة التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني في فرنسا، التي كانت تضج آنذاك بنشاط الدعاية والإعلام الصهيونيين.

في سنة 1975، وبعد موافقة الحكومة الفرنسية على افتتاح مكتب اتصال وإعلام رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا، أقام عز الدين القلق مكتباً له في مقر وفد جامعة الدول العربية في باريس الواقع في جادة هوسمان في الدائرة الثامنة، وهو المكتب الذي تحوّل سريعاً إلى خلية عمل متواصل من أجل فلسطين وقضيتها.  

شارك عز الدين القلق في العديد من المؤتمرات في أوروبا وإفريقيا، كان أهمها مؤتمر اتحاد البرلمانيين الدولي في مدريد، حيث قابل مع الوفد الفلسطيني ملك إسبانيا خوان كارلوس، وتمخض ذلك اللقاء عن موافقة الحكومة الإسبانية على افتتاح مكتب رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في مدريد. كما كان عز الدين أول مسؤول رسمي يُدعى، في أوائل سنة 1978، إلى قصر الإليزيه الرئاسي في باريس للمشاركة في الحفل الذي أقامه الرئيس فاليري جيسكار ديستان لضيفه الملك خالد عاهل المملكة العربية السعودية.

وعلى الرغم من المسؤوليات الكبيرة التي أُلقيت على عاتقه في المجالين الدبلوماسي والإعلامي، فإن شغفه بالدراسة والعمل في الحقل الثقافي لم يفارقه، فانتسب عز الدين القلق إلى المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس بصفة مستمع، وسعى لتوثيق الثقافة والتراث الفلسطينيين من خلال جمع الطوابع الفلسطينية، والبطاقات البريدية، والملصقات الفلسطينية، وقام أيضاً بتأسيس قسم للسينما الفلسطينية في مكتب المنظمة في باريس، نجح في استقطاب مجموعة من الشباب السينمائيين الفرنسيين التقدميين، "مجموعة فانسان"، التي أخرجت فيلماً وثائقياً عنه بعد استشهاده بقليل، حمل اسمه.

اغتيل عز الدين القلق مع مساعده عدنان حمّاد في مكتب منظمة التحرير في باريس، في الثالث من آب/ أغسطس 1978، على يد شابين اتهمتهما قيادة منظمة التحرير الفلسطينية  بالانتماء إلى "المجلس الثوري لحركة فتح" (أو جماعة أبو نضال-صبري البنا)، المنشق عن الحركة في سنة 1974. وبعد اعتقالهما على يد البوليس الفرنسي، جرت محاكمتهما، في آذار/ مارس 1980، وحُكم عليهما بالسجن مدة 15 عاماً، وأُطلقا بعد أن أمضيا نصف المدة في السجن.

كان لاستشهاد عز الدين القلق صدى كبيراً في الأوساط العربية والدولية، وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بياناً رسمياً بهذا الشأن جاء فيه: "كان يعمل دائماً على إجراء حوار بنّاء مع السلطات الفرنسية"، كما أشادت معظم الصحف الفرنسية بدوره وصفاته. وشاركت جموع كبيرة بالصلاة على جثمانه في جامع باريس، كان ضمنهم الدبلوماسيون العرب  المعتمدون في باريس، كما شاركت في وداعه حشود كبيرة من أصدقاء الشعب الفلسطيني الفرنسيين والأجانب، وتمّ نقل جثمانه إلى دمشق، حيث أقيمت له جنازة حاشدة شارك فيها عشرات الألوف من المواطنين الفلسطينيين والسوريين، وألقى خلالها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات كلمة تأبين للشهيد في مخيم اليرموك في دمشق، حيث دُفن في مقبرة الشهداء.

برحيل عز الدين القلق، وهو في عز عطائه، خسرت منظمة التحرير الفلسطينية مناضلاً حقيقياً، ودبلوماسياً لامعاً، وأكاديمياً بارزاً، تابع، على خطى رفيقه محمود الهمشري، إرساء اللبنات الأولى للنشاط السياسي والإعلامي الفلسطيني في فرنسا، ونجح في استقطاب جمهور واسع من السياسيين والمثقفين والإعلاميين والنقابيين الفرنسيين وعبأهم لنصرة القضية الفلسطينية.

 

من مؤلفاته:

"شهداء بلا تماثيل" (قصص قصيرة). بيروت: منشورات فلسطين الثورة، 1978.

"الملصق الفلسطيني مجموعة الشهيد عز الدين القلق". بيروت: منشورات فجر، 1979.

"فلسطين بطاقات بريدية من مجموعة عز الدين القلق"، إعداد الياس صنبر، فاروق مردم بك، جنفييف سيلييه. القاهرة: المركز الجرافيكي العربي، 1980.

 

 المصادر:

الريماوي، إيهاب. "الشهيد عز الدين القلق .. دبلوماسي الثورة الفلسطينية في أوروبا". وكالة وفا، 7/8/2019.

https://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=QZZHoDa859307327604aQZZHoD

لازار، كلود. "مع عز الدين قلق":

http://ezzedinekalak.com/with-ezzedine/

المركز الفلسطيني الأوروبي الإعلامي. "عز الدين القلق"، 3 آب/اغسطس 2021

https://www.palumedia.eu/عز-الدين-القلق

ملص، فايز. "عن عز الدين قلق، وعن الملصق الفلسطيني":

http://ezzedinekalak.com/aboutpalposter/

يعقوب، أوس داوود. "شهداء الكلمة الفلسطينية .. ضحايا الإرهاب الصهيوني"، 6 كانون الأول/ ديسمبر 2011:

https://www.diwanalarab.com/شهداء-الكلمة

Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: A Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: PASSIA Publication, 2006.

Bôle-Richard, Michel. “Les assassins d'Ezzedine Kalak ont été condamnés à quinze ans de réclusion criminelle”. Le Monde, 10 mars 1980.

“Ezzedine Kalak: portrait d'un militant”. Beyrouth : Département de l'information extérieure, Organisation de libération de la Palestine, 1978.