ينتصب مخيم الحصن، وحيداً على تلة من الأراضي الخصبة عند مدخل بلدة الحصن في محافظة إربد في شمال الأردن. ويبعد المخيم نحو كيلومترين عن مدينة إربد جنوباً، ويعد السابع من حيث عدد السكان بين مخيمات اللاجئين العشرة في الأردن وأحد أفقرها. أُطلق عليه رسمياً اسم مخيم الشهيد عزمي المفتي نسبة إلى الدبلوماسي الأردني، نائب القنصل في سفارة بوخارست، الذي اغتيل في رومانيا على يد جماعة أيلول الأسود سنة 1984.
إنشاء المخيم
مخيم الحصن للاجئين هو أحد المخيمات الستة التي أنشأتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) بعد حرب حزيران/ يونيو 1967. بعض الفلسطينيين الذين نزحوا إليه من الضفة الغربية (وضمنها القدس الشرقية) وقطاع غزة بعيد الحرب كانوا قد هُجّروا من بلداتهم الأصلية في أواخر الأربعينيات عند إنشاء دولة إسرائيل. في البداية، تم إيواؤهم في خيام في غور الأردن قبل توزيعهم لاحقاً على عدة مخيمات، بما فيها مخيم الحصن. وخلال سنة 1968، أي في السنة الأولى لإنشائه، كانت خيامه تؤوي 12.500 نسمة. وكانت مساحته الإجمالية تبلغ 758.199 متراً مربعاً ، تملك الحكومة منها أقل بقليل من 11.000 متراً مربعاً. أمّا الباقي فكان إمّا مملوكاً لأفراد باعوا حصصهم لتحويلها إلى أراضي دولة، وإمّا أراضٍ عامة تؤجرها الدولة للأونروا.
جاء معظم سكان المخيم في الأصل من بيسان ونابلس وحيفا وطوباس وجنين وبئر السبع وطولكرم ويافا وغيرها من البلدات والقرى التي احتلتها إسرائيل سنة 1948.
البنية التحتية
في الفترة بين سنة 1969 وسنة 1971، بدأت الأونروا تستعيض عن الخيام بمساكن جاهزة مسبقة الصنع. وبناء على تقرير دائرة الشؤون الفلسطينية الأردنية المحدَّث لسنة 2020، يضم المخيم 2314 وحدة سكنية يعيش فيها 27.918 فرداً (6348 عائلة) على مساحة 762.533 متراً مربعاً.
يعيش العديد من العائلات في مساكن صغيرة ومكتظة تبلغ مساحة كل منها 96 متراً مربعاً، مصنوعة من الطوب والصفائح المعدنية، وهي مواد غير عازلة ولذلك فهذه المساكن شديدة الحرارة في الصيف وشديدة البرودة في الشتاء. تحدد الأنظمة الصادرة عن دائرة الشؤون الفلسطينية المباني بطبقتين (الطبقة الأرضية وطبقة فوقه) بسبب ضعف الأساسات.
تطورت البنية التحتية لمخيم عزمي المفتي للاجئين منذ إنشائه وأُدخلت عليها تحسينات مع مرور الوقت لتوفير أوضاع معيشية أفضل للمقيمين به. وفي سنة 1998، وكجزء من برنامج تعزيز الإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية التابع لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، خضع المخيم لعملية إعادة تأهيل كبيرة. وشمل ذلك الجهود المبذولة لتحسين أنظمة إمدادات المياه والصرف الصحي، بما في ذلك تركيب خطوط أنابيب وخزانات للمياه وإصلاح السلالم في الأزقة.
يحمل معظم سكان المخيم بطاقات تسجيل لدى الأونروا تتيح لهم الاستفادة من خدماتها، كما يحملون الجنسية الأردنية التي مُنحت لجميع المقيمين بالمملكة الأردنية الهاشمية سنة 1954، وهذا يتيح لهم الحصول على جميع الخدمات في البلد. ولا يحمل سوى بضع مئات من سكان المخيم وثائق سفر موقتة تُمنح للاجئي غزة السابقين الذين وصلوا سنة 1967 بوثائق سفر مصرية. وهؤلاء يحملون وثائق أردنية موقتة محل وثائق السفر المصرية التي كانت بحوزتهم، وهذه الوثائق لا تعني حصولهم على الجنسية، لكن حامليها يتمتعون ببعض الحقوق الأساسية.
وعلى عكس مخيم إربد للاجئين الذي استقبل عدداً كبيراً من العمال المهاجرين واللاجئين السوريين بعد اندلاع الحرب في 2011 في سورية، لم يستقبل مخيم عزمي المفتي العديد من الجنسيات الأُخرى، باستثناء عدد قليل من العمال المصريين المهاجرين الذين يعملون في أعمال البناء والزراعة في تلك المنطقة. وبمرور الوقت، اشترى اللاجئون الفلسطينيون الذين تمكنوا من الخروج من المخيم عقارات قريبة منه.
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية
يختار من لديه الإمكانات المادية مغادرة المخيم. وفي الوقت الحاضر، معظم سكان المخيم هم من كبار السن أو الشباب الذين لا يملكون وسائل للمغادرة. لدى الشباب مساحات محدودة للتجمع، ويلوح خطر العنف والجريمة والمخدرات في مثل هذه البيئات المجتمعية المهمشة.
التعليم
هناك أربع مدارس أساسية في المخيم تديرها الأونروا، اثنتان للبنين واثنتان للبنات، تعمل وفق نظام الفترتين الصباحية والمسائية؛ مدرستان ثانويتان حكوميتان تشرف عليهما وزارة التربية والتعليم. وتوفر الأونروا كذلك الدعم لتسع رياض أطفال تديرها لجنة برامج المرأة المحلية ومركز لإعادة التأهيل المجتمعي. وهناك حاجة إلى خدمات رعاية الأطفال خلال النهار بالنسبة إلى النساء اللواتي يعملن بالساعة وفي فترات موسمية، وخصوصاً في الزراعة.
الرعاية الصحية
تعد العيادات الصحية والمرافق الطبية مكونات أساسية للبنية التحتية للمخيم، إذ تقدم هذه المرافق خدمات الرعاية الصحية الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية الأولية واللقاحات وخدمات رعاية صحة الأم والطفل والرعاية المحدودة في حالات الطوارئ. وأكثر من نصف السكان الذين يعيشون في مخيم الحصن ليس لديهم تأمين صحي لأنهم لا يمارسون عملاً منتظماً يغطي رعايتهم الصحية ضمن القطاعين العام والخاص.
تدير الأونروا مركزاً صحياً واحداً يعمل فيه ثلاثة أطباء و17 ممرضاً وطبيب أسنان واحد. ويمكن للمقيمين أيضاً الاستفادة من خدمات سبع عيادات صحية خاصة تقدم خدمات متخصصة وصيدليتين.
العمل
ترتفع معدلات البطالة والفقر في المخيمات الفلسطينية في الأردن، واستناداً إلى مسح للأوضاع المعيشية في سنة 2013 نشرته مؤسسة فافو النروجية (FAFO)، بلغ معدل البطالة في المخيم 18% ، وهو من أعلى المعدلات في المخيمات في الأردن. وعدا عن أن فرص العمل المتوفرة للاجئين محدودة، فإنها تتطلب جهداً بدنياً في مقابل أجور متدنية في أكثر الأحيان، وهو ما يرهق كاهل العديد من السكان الذين يعجزون عن تغطية نفقات عائلاتهم. ونظراً إلى وقوع المخيم بالقرب من أراضٍ زراعية، يبحث العديد من سكان المخيم، ولا سيما النساء، عن عمل في مجال الزراعة. كما تنتشر الأعمال الصغيرة الحرة، إذ يوجد في المخيم أكثر من 400 محل تجاري و9 مخابز.
يعمل سكان الحصن، وبصورة خاصة النساء، أيضاً في المناطق الصناعية المؤهلة. وتقع هذه المناطق الموجهة للتصدير في إربد، وتوفر إمكان التصدير المعفي من الرسوم الجمركية إلى سوق الولايات المتحدة للمنتوجات المصنوعة في الأردن، باستخدام مُدخلات ومكونات من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذه المناطق هي نتيجة ثانوية لمعاهدة السلام التي وقعها الأردن وإسرائيل سنة 1994.
إدارة المخيم
تطورت إدارة مخيم الحصن للاجئين والإشراف عليه مع مرور الوقت، وهو ما يعكس التغيرات في النهج المتبع في مساعدة اللاجئين ودور المنظمات المتعددة.
عندما أُنشئ المخيم في البداية، كانت الأونروا تتولى مسؤولية الإدارة التي شملت توفير الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الإغاثية. وعمل موظفو الأونروا مباشرة داخل المخيم لإدارة العمليات وضمان توفير الضروريات الأساسية وتلبية الحاجات الفورية للسكان.
ومنذ سنة 1988، تشرف دائرة الشؤون الفلسطينية في الحكومة الأردنية، تحت رعاية وزارة الخارجية، على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البلد. وهي مسؤولة، من بين أمور أُخرى، عن الحفاظ على البنية التحتية المادية للمخيمات، فضلاً عن مساعدة الأونروا والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وتسهيل عملياتها في المخيم. كما تسعى لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل نظام المخيم. وللدائرة مكتب في الحصن، كما يوجد في المخيم مركز للشرطة. وتشرف الأونروا على شؤون نظام النظافة داخل المخيم وتوفر العديد من الخدمات فيه.
وبدعم من دائرة الشؤون الفلسطينية، تم تشكيل لجان محلية تؤدي دوراً في إدارة المخيم، وهو في أكثر الأحيان دور تمثيلي للسكان أمام المنظمات التي تقدم المساعدة ولدى الدولة وكصلة وصل بينهم وبينها. وساعدت هذه اللجان في معالجة بعض الأمور المهمة بالنسبة إلى المجتمع وفي إدارة الموارد والتواصل مع الكيانات الخارجية. وإدراكاً لأهمية المشاركة المجتمعية، بُذلت جهود لإشراك السكان في عمليات صنع القرار وإدارة المخيم. وشمل ذلك تمكين سكان المخيم من خلال برامج التدريب وبناء القدرات وتشجيع المشاركة الفعالة في شؤونه.
المنظمات المدنية والسياسية
ينشط العديد من المنظمات المجتمعية في مخيم الحصن؛ ويقودها في أكثر الأحيان لاجئون (يحملون الجنسية الأردنية) وهي توفر مجموعة واسعة من الخدمات بتمويل محدود.
والمنظمات المجتمعية هي منظمات شعبية تشكلت داخل المخيم من أفراد المجتمع أنفسهم. وهي تهدف إلى معالجة الحاجات والتحديات التي يواجهها السكان بصورة خاصة ولم تعالجها الأونروا والمؤسسات الحكومية بشكل كافٍ.
وتوجد في المخيم 20 منظمة مجتمعية تعمل في مجالات التعليم غير الرسمي والتعليم الديني والعمل الخيري ومراكز للمرأة والشباب. ويتم تمويل هذه المنظمات المجتمعية من الجهات الخيرية ووزارات الحكومة الأردنية (مثل وزارة الشباب ووزارة التنمية الاجتماعية) والقطاع الخاص. وبعد سنة 2011، حوَّل العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية التي كانت تموّل المنظمات المجتمعية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تمويله لدعم اللاجئين السوريين. ونتيجة ذلك، أغلقت بعض المنظمات المجتمعية في المخيمات أبوابها، أو اضطرت إلى البحث عن جهات تمويل محلية.
وتركز المنظمات النسائية داخل المخيم بصورة خاصة على تمكين المرأة، والمساواة بين الجنسين، والتحديات التي تواجهها النساء والفتيات. ويمكن لهذه المنظمات أن توفر خدمات الدعم والتعليم والتدريب على المهارات وفرص القيادة النسائية والمشاركة في عمليات صنع القرار.
وتعمل المنظمات الشبابية على إشراك الشباب وتمكينهم داخل المخيم، وتوفر في أكثر الأحيان نشاطات تعليمية وترفيهية والتدريب المهني وبرامج بناء المهارات والفرص للشباب للتعبير عن اهتماماتهم والمشاركة في تنمية المجتمع. ويستفيد شباب المخيم كذلك من نادي الكرمل الرياضي.
توفر مخيمات اللاجئين في بعض الأحيان مراكز للتنظيم السياسي وللنشاط الذي يقوده العضو في مجلس النواب ممثلاً للدائرة التي يقع فيها المخيم. ومنذ أحداث أيلول الأسود سنة 1970، حظرت الحكومة الأردنية الحركات السياسية الفلسطينية. ولدى الحركات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين أو الجماعات السلفية فروع أو ممثلون في المخيم، وهي تنخرط في الدعوة السياسية وتنظيم المجتمع ورفع مستوى الوعي حول الحقوق والواجبات الوطنية.
تلتنز، آجا وهوافنج زانج (إعداد). "الأوضاع المعيشية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن: ملخص النتائج لدراستين تم تنفيذهما في ثلاثة عشر مخيماً للاجئين الفلسطينيين 2011، أوسلو: فافو، 2014.
https://www.fafo.no/images/pub/2014/20394-web-ARB.pdf
دائرة الشؤون الفلسطينية. "سبعة عقود في خدمة اللاجئين الفلسطينيين". عمّان: دائرة الشؤون الفلسطينية، 2021.
موسوعة المخيمات الفلسطينية. "مخيم الحصن، عزمي المفتي".
https://palcamps.net/ar/camp/43/مخيم-الحصن-عزمي-المفتي
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. "مخيم الحصن للاجئين".
https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/الاردن/مخيم-الحصن-للاجئين
el Abed, Oroub, and Ursula Biemann. “The Refugee-Industrial Complex: The QIZ in Jordan.” ArteEast. Spring 2010. https://arteeast.org/quarterly/the-refugee-industrial-complex-the-qiz-in-jordan/
Bradbury, Connor. “The Prevalence of Refugee Poverty in Jordan.” The Borgen Project. 5 January 2021. https://borgenproject.org/refugee-poverty-in-jordan
Department of Palestinian Affairs. “55 Years in Serving Refugee Camps.” Annual Report. Amman: Author, 2002.
Grommen, Ciel, Lotte Dietvorst, and Marthe Theuns. Husn Camp Island, Extending the Identity of a Palestinian Presence. Masterpaper, 2012. https://issuu.com/cielgrommen/docs/booklet_1_analysis