مي صايغ
ولدت مي صايغ في مدينة غزة لعائلة مسيحية مثقفة وملتزمة وطنياً.
والدها: موسى. والدتها: هند فرح. زوجها: محمد أبو ميزر. أولادها: عبير؛ وائل؛ رنده؛ عمر.
درست مي صايغ المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس مدينة غزة، وأنهت مرحلتها الثانوية في "مدرسة الزهراء" للبنات. وفي تلك المدرسة، تفتحت موهبتها في الكتابة، إذ صارت تكتب، بتشجيع من والدتها الأديبة هند فرح، مواضيع إنشائية جميلة، كانت معلمتها تقرأها على طالبات الصفوف العليا.
سافرت مي صايغ إلى القاهرة في أواخر خمسينيات القرن العشرين، والتحقت بكلية الآداب في جامعة القاهرة لدراسة الفلسفة وعلم الاجتماع، وحصلت فيها على شهادة البكالوريوس. وكانت قد ألقت، في سنتها الثانية في جامعة القاهرة، قصيدة شعرية أمام يوسف السباعي، فأُعجب بقصيدتها ونشرها في اليوم التالي على الصفحة الأخيرة من جريدة "الجمهورية" مرفقة بصورتها، ثم دعاها علي هاشم رشيد مدير إذاعة "صوت فلسطين" إلى قراءتها في الإذاعة، وفتح أمامها المجال لقراءة كل ما تكتبه فيما بعد في الإذاعة. وقد نشرت لها الصحف المصرية، في تلك الفترة، عدة قصائد، ثم راحت تنشر قصائدها على صفحات مجلات عربية مثل "الآداب" اللبنانية، و"أقلام" العراقية.
شاركت مي صايغ في تأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الذي عقد مؤتمره التأسيسي في سنة 1965 في مدينة القدس، ثم التحقت، في سنة 1968، بحركة "فتح"، وناضلت معها في عمّان حتى خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن في تموز/ يوليو 1971.
اضطرت مي صايغ إلى الانتقال إلى بيروت، حيث انتخبت عضواً في المجلس الثوري لحركة "فتح"، كما اختيرت، منذ سنة 1973، عضواً في المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وشغلت صايغ، ما بين سنتَي 1971 و1986، منصب الأمينة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وانتُخبت، ما بين سنتي 1975 و1982، عضواً في المكتب الدائم للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي. وشاركت، منذ سنة 1975، في دورات "مؤتمر التنمية والمساواة والسلام"، التي عُقدت في برلين، وباريس، وهافانا، ونيويورك، وموسكو وبغداد. وبعد إعلان دولة فلسطين في الجزائر سنة 1988، ستستمر صايغ في تمثيل المرأة الفلسطينية في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية، بما فيها لجنة المرأة في هيئة الأمم المتحدة.
عايشت مي صايغ في لبنان مراحل خطرة من عمر النضال الوطني الفلسطيني، وخصوصاً في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، التي اندلعت في ربيع سنة 1975، والغزو الإسرائيلي في صيف سنة 1982. وساهمت في قيادة الجهود النسائية الشعبية لدعم صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني في أثناء حصار الجيش الإسرائيلي لمدينة بيروت. وفي تلك السنوات، نشرت صايغ العديد من المقالات في مجلة "فلسطين الثورة"، التي التحقت بمجلس تحريرها، كما كتبت إلى جريدة "السفير"، وإلى مجلتَي "الكاتب" و"الكرمل".
كانت مي صايغ قد نشرت أولى مجموعاتها الشعرية في سنة 1969، وحملت عنوان "إكليل الشوك"، ثم شاركت في سنة 1972 بقصيدة ضمن كتاب: "قصائد منقوشة على مسلّة الأشرفية"، وأصدرت في سنة 1974 مجموعة شعرية جديدة بعنوان: "قصائد حب لاسم مطارد"، وصدرت لها في سنة 1985 مجموعة جديدة بعنوان: "عن الدموع والفرح الآتي"، بينما صدرت مجموعتها الأخيرة في سنة 2014 بعنوان يذكّر بالشاعر الأموي عمر بن أبي ربيعة: "ليت هنداً لم تعد".
وفي سنة 1988، أصدرت كتاب يوميات بعنوان: "الحصار، سيرة ذاتية "، وأعقبته، في سنة 2002، برواية بعنوان: "بانتظار القمر". كما أعدت عدداً من أوراق عمل ودراسات نقدية حول المرأة، وصدر لها كتابان في هذا الشأن هما: "دراسات حول المرأة" في سنة 1981، و"المرأة العربية والفلسطينية" في العام نفسه.
وبذلك، جمعت مي صايغ في علاقة قوية ما بين الانتماء إلى المقاومة الفلسطينية والانخراط في صفوفها من باب الإيمان بأن قضية المرأة جزء من قضية فلسطين وحريتها، من جهة، وبين التعبير عن ذلك من خلال الشعر والرواية، من جهة ثانية. وهي قدّرت أن على المرأة الفلسطينية أن تساهم في النضال الوطني، بحيث تحسّن شروط دورها، وتدعم مكانتها في المجتمع الفلسطيني، ولا تعود مواطنة من الدرجة الثانية، بل تحقق مساواتها الإنسانية مع الرجل. أمّا بشأن دوافعها للكتابة، فقد أشارت في حوار مع مجلة "أدب ونقد" المصرية في سنة 1987 إلى أن لديها صوراً ومخزونات عاطفية، وبقايا ذكريات طفولة وشباب، وأفكاراً سياسية، تريد التعبير عنها، وتكتبها شعراً، وأحياناً نثراً، وأضافت أن الشعر عندها ينطلق من دفقة شعورية، وشحنة عاطفية ووجدانية مركّبة، بينما ينطلق النثر من إحساس بأن من واجبها تجاه الشعب والمستقبل أن تقول كل الأشياء للأجيال القادمة، وأن لا تذهب تجربتها هباءً، كونها تنتمي إلى جيل مضى خطوات على طريق الشعب الفلسطيني نحو التحرّر.
توفيت مي صايغ في الخامس من شباط/ فبراير 2023 في مدينة عمّان ودفنت فيها. وقد نعتها حركة "فتح"، وجاء في بيان لها، "اليوم تودع فلسطين وحركة فتح وأنصار النضال الفلسطيني الإنساني والتحرري قامة تركت لفلسطين كل هذا الأثر الباقي من النضال والإنجاز الفريد لتظل نبراساً حياً لكل الأحرار." ونعتها وزارة الثقافة الفلسطينية، وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف: "إن الثقافة الفلسطينية والعربية خسرت قامة أدبية مهمة، وعلماً من أعلامها ورمزاً من رموز الإبداع والعطاء، إذ كان للراحلة دور بارز ومساهمة فاعلة في إثراء المخزون الأدبي الفلسطيني والعربي، ودورها كذلك في قيادة الحركة النسوية الفلسطينية." كما نعاها الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، وقال رئيسه مراد السوداني: "إن رحيل مي صايغ خسارة كبيرة للمشهدين الثقافي والنضالي، وما يشفع لغيابها القَدَري أثرها الأدبي وسيرتها النضالية المتوقدة بقوة الحقيقة الفلسطينية."
تقلّدت مي صايغ العديد من الأوسمة والجوائز، كان من أبرزها "وسام نجمة القدس" الذي قلّدها إياه الرئيس محمود عباس في سنة 2009، تقديراً لجهودها في إبراز القضية الفلسطينية والدفاع عنها في العالم، و"جائزة القدس للثقافة والإبداع" في سنة 2013. كما منحها الرئيس الكوبي فيديل كاسترو "جائزة آنا بيتانكور" المناضلة من أجل استقلال كوبا في القرن التاسع عشر.
من آثارها:
مجموعات شعرية:
"إكليل الشوك". بيروت: دار الطليعة، 1969.
"قصائد حب لاسم مُطارد". بيروت: دار العودة، 1974.
"عن الدموع والفرح الآتي". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1985.
"ليت هنداً لم تعد". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2014.
كتابات روائية:
"الحصار". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1988.
"بانتظار القمر". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2002.
المصادر:
جودة، أحمد. "مع الأديبة مي الصايغ". مجلة "أدب ونقد"، أيار/ مايو 1987.
حنا، جورج. "مي الصايغ.. عن وطن يسكننا ونكاد لا نسكنه". "رويترز"، 2 آذار/ مارس 2015.
https://www.reuters.com/article/idUSL5N0W149F
ديكان-واصف، سارة. "معجم الكتّاب الفلسطينيين". باريس: معهد العالم العربي، 1999.
"رحيل مي الصايغ.. عمرٌ لفلسطين وقضية المرأة". "العربي الجديد"، 5 شباط/ فبراير 2023.
https://www.alaraby.co.uk/culture/رحيل-مي-الصايغ-عمرٌ-لفلسطين-وقضية-المرأة
زعرب، امتياز النحال. "فلسطينيات: وجوه نسائية فلسطينية معاصرة". غزة: دار المقداد للطباعة، 2013.
سعادة، علي. "الشاعرة المناضلة مي صايغ ترحل ’بانتظار المطر’". "عربي 21"، 11 شباط/ فبراير 2023.
سماح، عادل. "'مي الصايغ'.. صورة فلسطين في الخارج صورة وردة في كتاب الشعر". 26 آذار/ مارس 2023.
https://kitabat.com/cultural/مي-الصايغ-صورة-فلسطين-في-الخارج-صورة-و/
شاهين، أحمد عمر. "موسوعة كتّاب فلسطين في القرن العشرين" (الجزء الثاني). دمشق: المركز القومي للدراسات والتوثيق، 1992.
الفراني، عبد الحميد جمال وعوني محمد العلوي. "أعلام النساء الفلسطينيات". بيروت: دار العلوم العربية، 2013.