جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
المصوّرون الفلسطينيون قبل عام 1948
توثيق الحياة في زمن متغيّر

التصوير الفوتوغرافي فن وحرفة جديدان في تاريخ العالم المديد. فإلى جانب توفيره أداة إبداع جديدة للفنانين، أتاح تثبيت المشهد بواسطة "المرآة ذات ذاكرة"، أي عدسة الكاميرا، توثيق المواقع والأحداث والأشخاص. ومنذ اللحظة الأولى لاختراعه، فتح التصوير الفوتوغرافي مجالات عديدة أمام علماء الآثار والطبيعة والعلوم الاجتماعية والصحافيين، الأمر الذي أدّى إلى انتشاره بسرعة فائقة في كافة أنحاء المعمورة ومنها فلسطين وعموم بلاد الشام العثمانية ومصر . وكانت فلسطين من أول المناطق خارج أوروبا التي وصلها التصوير وذلك في سنة 1839، وهو العام ذاته الذي أعلن فيه الفرنسي لويس داغيير عن اختراع التصوير.

وقد زار فلسطين بضع مئات من المصورين في القرن التاسع عشر، غالبيتهم من الأوروبيين الذين انصبّ اهتمامهم على تصوير المواقع المقدسة المرتبطة بالأحداث الإنجيلية والتوراتية. ولم يمضِ زمن طويل قبل أن يتحوّل التصوير إلى حرفة تُمارس محلياً على أيدي أبناء البلاد. ففي سنة 1860، على وجه التقريب، تأسست في القدس مدرسة لتعليم التصوير وذلك في الحي الأرمني من البلدة القديمة على يد أحد هواة التصوير وهو الأرمني أسايي غرابيديان ، وهو رجل دين انتقل للمدينة من الأناضول ليصبح مسؤول أرشيف كنيسة مار يعقوب الأرمنية . وسرعان ما انتُخب بطريركاً للمدينة المقدسة مما حال ما بينه وبين ممارسة هواية التصوير، فقرّر إذ ذاك تعليم الحرفة لأبناء الجالية الأرمنية في المدينة. ومن هذا المحترف خرج عدد من أوائل المصورين المحليين في فلسطين وفي عموم بلاد الشام خلال العقدين اللاحقين. نذكر منهم المصورين تومايان وحالدجيان. لكن لعل أهم طلاب المحترف كان المصور غرابيد كريكوريان ، ومردّ ذلك أنه أول من افتتح استوديو فوتوغرافي في فلسطين في مدينة القدس في سنة 1885، تقريباً. وعلى يده تدرب المصور خليل رعد ، ولكن هذا الأخير افتتح استوديو منافساً لمعلمه في التسعينات من القرن التاسع عشر ليكون أول مصور عربي في فلسطين ذاعت شهرته في كافة انحاء البلاد.

وإلى جانب رعد وكريكوريان، أسس السويدي لويس لارسون (1881- 1958) محترفاً فوتوغرافياً في إطار الجماعة الألفية المعروفة بـ الكولونية الأمريكية (American Colony) في القدس في سنة ١٨٩٨. ومن مصوري المحترف اشتهر كل من الاميركي الفلسطيني المولد جون ويتنغ (1882- 1951) والسويدي إريك ماتسون (1888- 1971). وقد عمل في الاستوديو عدد من المقدسيين الذين أصبحوا لاحقاً من أهم مصوري فلسطين. نذكر منهم الأخوين نجيب (1901- 1983) وجميل البينا ، وقد أصبحا فيما بعد مصورَين للمواقع الأثرية في فلسطين في  إطار متحف الآثار الفلسطيني الذي أسسته السلطات الانتدابية البريطانية في القدس. وفي محترف الكولونية الأميركية، كانت أيضاً بدايات المصور المقدسي حنّا صافية (1910- 1979) الذي انتقل بعدها ليفتتح محترفه الخاص وليصبح أحد أهم مصوري فلسطين والأردن . وفي أواخر القرن التاسع عشر أيضاً، افتتح المصور ميليتاد سافيدس استوديو خاصاً به في المدينة، كما افتتح المصور الصهيوني يهوشوا رافالوفيتش استوديو في سنة 1895 لم يستمر طويلاً، لكن مهاجرين يهوداً آخرين سرعان ما عملوا في المهنة منذ العقد الأول من القرن العشرين.

وفي النصف الأول من القرن العشرين انتشرت حرفة التصوير الفوتوغرافي على نطاق واسع في القدس وبرز عدد من المصورين الأرمن والعرب، منهم المصور حنّا تومايان الذي عمل في المدينة في بدايات القرن العشرين وقد اختص، كما تشير إعلاناته التجارية، بإنتاج صور البورتريه التي يظهر فيها زبائنه في أزياء مختلفة مثل الزي البدوي وأزياء رام الله وبيت لحم .

بالإضافة إلى من سبق ذكرهم، مارس المهنة في القدس أنطون ميخائيل كرمي وأخوه جوزيف اللذان كانا مصورا الكنيسة الروسية الرسميين، ولكن عملهما في المدينة توقّف بعد الثورة الروسية عام 1917 . وقد عمل في المدينة أيضاً ابتداء من سنة 1924 الأرمني إيليا قهوجيان الذي جاء من تركيا إلى القدس في إثر مذبحة الأرمن سنة 1915 . تتلمذ قهوجيان على يد المصورَين كريكوريان وتوميان ومن ثم عمل لدى استوديو الأخوين حنانيا، اللذين كانا أصحاب دكان لبيع لوازم التصوير في شارع يافا في القدس، حتى سنة 1940 حين افتتح محترفه الخاص. وقد عرف قهوجيان بصوره للحياة اليومية الحضرية والقروية في فلسطين في تلك لفترة، وترينا صوره مشاهد مثل رجال يلعبون النرد أو يقفون بجانب النبع، أو صور ميناء يافا وسوق الجمعة فيها وموسم قطف الحمضيات. وثمّة شخص آخر تتلمذ على يد الأخوين حنانيا، وهو المصور علي زعرور المقدسي الذي ربما كان أول مسلم في المدينة يحترف التصوير. عمل زعرور مصوراً وثائقياً لصالح سلطات الانتداب البريطاني ومصوراً صحافياً لوكالة الأسوشييتد برس بعد احتلال البلدة القديمة سنة 1967 وحتى وفاته بعد عدة سنوات.

وقد احترف مهنة التصوير في عهد الانتداب في القدس مصورون عرب آخرون، منهم ديفيد عبدو الذي برع في التصوير الفني داخل الاستوديو عبر التلاعب بطباعة الصور بطريقة تظهر الشخص موضوع الصورة في عدة أوضاع في ذات الصورة. وقد انتقلت ممارسته الفوتوغرافية إلى بيروت بعد النكبة . وعملت معه في الاستوديو أخته مارغريت عبدو التي كانت تلون الصور يدوياً وربما التقطت بعضاً منها. أما سمعان السحّار ، وهو مصور مقدسي آخر، فقد عمل في المدينة في حقبة الانتداب وانتقل إلى بيت لحم بعد النكبة في إثر وقوع محترفه ضمن منطقة الحرام ما بين شطري القدس بعد النكبة. كذلك افتتح الأرمني كريكور إشخانيان محترفاً فوتوغرافياً في شارع يافا في المدينة لينتقل بعد تقسيم المدينة إلى داخل بلدة القدس القديمة في شارع الخانقاة في الحي المسيحي .

إضافة إلى مصوري مدينة القدس، فقد عمل في فلسطين مصورون آخرون، منهم المصور اليافاوي عيسى الصوابيني (من مواليد سنة 1875) الذي افتتح محترفاً في يافا قرب نهاية القرن التاسع عشر بعد تعلمه للحرفة في روسيا خلال دراسته لطب الأسنان هناك. وكذلك عمل في المدينة المصور داوود صابونجي مفتتحاً استوديو خاص به في العقد ذاته من القرن التاسع عشر. وقد ازدهر النشاط الفوتوغرافي أيضاً في حيفا والناصرة وبيت لحم قبل انتشاره في بقية أنحاء فلسطين.

ومن الجدير بالذكر أن أول امرأة في المنطقة تحترف التصوير الفوتوغرافي كانت النصراوية كريمة عبود التي افتتحت استوديو تصوير خاصاً بها في بيتها في مدينة بيت لحم. وعبود هي من مواليد 1894 وابنة القس سعيد عبود ، انتقلت إلى بيت لحم برفقة والدها الذي أصبح قسيس المدينة اللوثري. ويعتقد أنها تعلمت حرفة التصوير على يد مصور أرمني من القدس لا نعرف اسمه. باشرت عبود عملها كمصورة في سنة 1913، بداية في تلوين الصور ومن ثم في إنتاجها. ومن الجدير أن نذكر هنا أن كونها امرأة مكّن نساء بيت لحم من التصوير بحرية داخل الاستوديو، وبذلك فُتح المجال لهن لالتقاط صورهن في جو يناسب البيئة المحافظة في المدينة. وقد ذاعت شهرة كريمة عبود لدرجة أن نساء من غزة والقدس ويافا وحيفا أخذن يترددن عليها لالتقاط صورهن. ويتضح من مجموعة عبود أنها صورت في العديد من المدن الفلسطينية وبخاصة طبريا وحيفا وقيسارية . توفيت كريمة عبود سنة 1940 ولفترة طويلة تم تناسي اسمها ولم يرد ذكرها في أية من الدراسات الفوتوغرافية حول فلسطين وبلاد الشام حتى تمت إعادة اكتشاف أعمالها سنة 2000.

عمل أيضاً في بيت لحم عدد من المصورين الآخرين ولربما كان أولهم المصور زخريا أبو فحيلة (1885-1951)، ويوسف شامية الذي أسس محترفه سنة 1942 باسم "شركة المصورون الشرق أوسطيون"، وسمعان السحّار بعد انتقاله من القدس للمدينة في إثر وقوع مكان عمله في المنطقة الحرام سنة 1948. بعض هؤلاء تعلم التصوير على يد المصورين الأرمن في القدس أو لدى الاستوديوهات الأخرى في المدينة. أمّا في رام الله فقد افتتح يوسف قدورة أول استوديو في المدينة سنة 1935 وأسماه ستوديو مي نسبة لابنته. وقد تتلمذ قدورة أيضاً على يد أحد مصوري القدس الأرمن. وفي غزة، حيث انتشر التصوير بشكل واسع بعد النكبة الفلسطينية وذلك بسبب وصول مصورين لجأوا من يافا وغيرها من المناطق التي احتلتها إسرائيل آنذاك. منهم المصور الأرمني هرانت نكشيان .

ما ميّز التصوير المحلي المبكر هو اعتماده على الطلب على الصور، وبالتالي فقد تخصص المصورون في مجالات مختلفة. فمنهم من أنتج صوراً لتلبية الطلب المتزايد على صور البلاد المقدسة من قبل السيّاح والحجاج والتي ركزت على تصوير مواقع مرتبطة بالتاريخ الإنجيلي للبلاد، ومنهم من اختص بالتصوير داخل الاستوديو لتلبية الطلب على صور يرتدي أصحابها أزياء البلاد المقدسة، ولاحقاً على صور العرسان والصور الشخصية للمعاملات الرسمية. وخلال الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) تخصص عدد منهم في تصوير الجنود قبل ذهابهم للحرب في إثر إعلان النفير العام. ومما يجدر ذكره أن عدداً منهم تخصص في الصور العائلية والتي ظهرت فيها العائلات في تصوير داخل الاستوديو. وقد عمل البعض على تصوير الموتى لإبقاء ذكراهم حية لدى أقربائهم وخصوصا أولئك الذين لم يكن لهم صور وهم أحياء. ومع اقتراب نهاية الحكم البريطاني في فلسطين سنة 1948، كانت مهنة التصوير قد انتشرت بشكل واسع في كافة أرجاء البلاد.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/11/27
E.g., 2024/11/27

الحكم العثماني

1500

1600

1700

1800

1810

1820

1830

1840

1850

1860

1870

1880

1890

1900

1901

1902

1903

1904

1905

1906

1907

1908

1909

1910

1911

1912

1913

1914

1915

1916

الاحتلال البريطاني وعهد الانتداب المبكر

1917

1918

1919

1920

1921

1922

1923

1924

1925

1926

1927

1928

1929

1930

1931

1932

1933

1934

1935

عهد الانتداب المتأخر

1936

1937

1938

1939

1940

1941

1942

1943

1944

1945

1946

حرب فلسطين والنكبة

1947

1948

1949

ارتدادات حرب فلسطين

1950

1951

1952

1953

1954

1955

1956

1957

1958

1959

1960

1961

1962

1963

1964

1965

صعود الحركة الوطنية الفلسطينية

1966

1967

1968

1969

1970

1971

1972

من الشعور بالانتصار إلى سلام منفصل وحرب أهلية

1973

1974

1975

1976

1977

1978

1979

1980

1981

منظمة التحرير الفلسطينية: هزيمة، وانشقاقات، وبقاء

1982

1983

1984

1985

1986

الانتفاضة الأولى وبداية المفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية

1987

1988

1989

1990

1991

1992

مسار أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية

1993

1994

1995

1996

1997

1998

1999

انتفاضة الأقصى ونهاية حقبة في السياسة الفلسطينية

2000

2001

2002

2003

2004

2005

سلطة فلسطينية منقسمة، وهجمات إسرائيلية على غزة، وانتكاسات عملية السلام

2006

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

2014

2015

2016

أمام مأزق يزداد استعصاء، فلسطين إلى أين؟

2017

2018

2019

2020