بإذن من رئيس الحكومة إيهود باراك ووزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي ، وعلى الرغم من التحذيرات الفلسطينية، يقوم رئيس حزب الليكود أريئيل شارون بزيارة الحرم الشريف ، تواكبه قوة كبيرة من الشرطة، بهدف تأكيد السيادة الإسرائيلية عليه. تشعل الزيارة الاحتجاجات داخل الحرم وفي محيطه؛ فيصاب 24 فلسطينياً من بينهم ثلاثة نواب فلسطينيين في الكنيست وفيصل الحسيني ، جراء استخدام الشرطة الإسرائيلية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. وتمتد الاحتجاجات العنيفة لتشمل جميع أنحاء القدس الشرقية ورام الله .
خلال الفترة ما بين سنتي 2000- 2006، انهار عملياً مسار
بعد مرور شهرين على انهيار قمة السلام الأمريكية- الإسرائيلية- الفلسطينية في
على الرغم من أن استفزاز شارون أشعل الفتيل الأول للانتفاضة الفلسطينية (المعروفة باسم انتفاضة الأقصى)، إلاّ أن هناك عوامل أخرى قد ساهمت في اندلاعها واستمرارها، منها: فشل مفاوضات الوضع النهائي؛ عدم وفاء إسرائيل بالتزامات المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو ، بما فيها الالتزام بإعادة الانتشار إلى خارج معظم مناطق الضفة الغربية؛ توسيع المستوطنات. وبالمقابل، نجاح تجربة مقاومة حزب الله في جنوب لبنان التي أدت إلى الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار/ مايو 2000.
خلال الربع الأخير من سنة 2000، حاول الرئيس الأميركي
كانت الانتفاضة قد تحوّلت منذ أواخر تشرين الثاني 2000، من مظاهرات عارمة إلى هجمات مسلحة من قبل الناشطين الفلسطينيين (المنتمين لحركة "فتح " بشكل أساسي في المرحلة الأولى) رداً على القمع الشديد الذي مارسته إسرائيل، مع تفاوت في مستوى العنف خلال الأشهر اللاحقة. واتخذت إجراءات إسرائيل أشكالاً عدّة، منها قصف المكاتب الإدارية للسلطة الفلسطينية والمجمعات الأمنية، وتوغّل في المناطق الخاضعة لولاية السلطة الفلسطينية، وأغلاق تلك المناطق، وفرض حظر التجول، وشنّ حملة اغتيالات موجَّهة في صفوف الناشطين، وهدم المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية، وإقامة مئات نقاط التفتيش من أجل إعاقة حركة الفلسطينيين. أما المناضلون الفلسطينيون، فلجأوا إلى زرع العبوات على جوانب الطرقات، وإطلاق النار على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وشنّ الهجمات بقذائف الهاون (وخصوصاً على المواقع العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات الواقعة في محيط قطاع غزة)، وابتداءاً من أواخر أيار 2001، بدؤوا بالتفجيرات الانتحارية ("حماس" بشكل رئيسي، ثم تبعتها "فتح" وحركة الجهاد الإسلامي ).
أتت أهم محاولات
بعد يومين على التفجير الانتحاري الذي قامت به "حماس"، في 27 آذار/ مارس 2002، في فندق في نتانيا
، وأودى بحياة عشرات المدنيين الإسرائيليين، بدأت إسرائيل عملية اجتياح كبرى لأغلب مدن، وقرى، ومخيمات الضفة الغربية. وحاصرت القوات البرية مقر عرفات في رام الله
، وتسببت بأضرار جسيمة في البلدة القديمة في نابلس
، ودمّرت قسماً كبيراً من مخيم جنين للاجئين
بعد معركة ضارية جرت أوائل نيسان/ أبريل 2002، كما نهبت مكاتب السلطة الفلسطينية. وقد انسحبت القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية أوائل شهر أيار، ولكنها حافظت على التواجد في محيطها، وواصلت عمليات التوغل. وفي الوقت نفسه، أقرّت الحكومة الإسرائيلية بناء جدار لفصل إسرائيل وعدد من المستوطنات عن التجمعات الفلسطينية. وجرى تخطيط مسار الجدار بشكل يتماشى في بعض المقاطع مع
في ذلك الوقت، وبتحريض من الشركاء الدوليين، واستجابة لـمبادرة السلام العربية
(المعلَنة في بيروت
في آذار 2002)، قبِلت الإدارة الأميركية تشكيلَ ما سوف يُعرف باسم
في الوقت نفسه، باشرت القيادة الفلسطينية عملية الإصلاح، وذلك بضغط من اللجنة الرباعية ومن كوادر حركة "فتح" أيضاً. وبالتحديد، أُجبر عرفات في شباط/ فبراير 2003 على القبول باستحداث منصب رئيس الوزراء، بعد أن هدّده ممثلو اللجنة الرباعية بأن الولايات المتحدة ستعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للإطاحة به في حال فشلت السلطة الفلسطينية باتخاذ القرار قبل الغزو الأميركي المتوقَّع لـ العراق . وهكذا أجرى المجلس التشريعي الفلسطيني ، بموافقة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، تعديلات على القانون الأساسي في آذار، وأفسح المجال لتشكيل حكومة جديدة برئاسة محمود عباس في نيسان 2003. ولكن، نتيجة الإحباط جراء عدم قدرته على الحكم وبنوع خاص، على ضبط قوات أمن السلطة الفلسطينية، قدّم عباس استقالته في أيلول 2003. فحلّ محلّه في الشهر التالي أحمد قريع كرئيس للوزراء.
تمشياً مع عدم رغبته في تطبيق خارطة الطريق، بدأ شارون، أواخر سنة 2003، العمل على خطة بديلة (
أما بخصوص الوضع على الأرض في الفترة ما بين 2003 و2005، فقد استمرت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وإن باتت أضعف، ولكنها ازدادت في قطاع غزة. وتجاوبت الفصائل الفلسطينية مرات عدة مع وساطات مصرية فأعربت عن استعدادها لوقف إطلاق نار مشروط مع إسرائيل. غير أن إسرائيل أحكمت قبضتها على الضفة الغربية عبر عملياتها العسكرية المتواصلة، ونقلت خطواتها التصعيدية إلى قطاع غزة. واغتالت الزعيم الروحي لحركة "حماس"
مع رحيل الزعيم الكاريزمي للحركة الوطنية الفلسطينية، كان المجتمع الفلسطيني قد أُنهك بسبب عنف الانتفاضة الثانية، والقمع الإسرائيلي الوحشي لها، وغياب أي أمل بالوصول إلى تسوية تفاوضية. وضمن قواعد اللعبة التي فرضتها إسرائيل من جانب واحد (في الضفة الغربية على الأقل)، حاول عباس - ونجح أحياناً - أن يحصل على موافقة التنظيمات على هدنة مع إسرائيل، وأن يعيد بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية عبر طلب المساعدة من الدول المانحة واللجوء إلى صناديق الاقتراع. فقد جرت أربع جولات من الانتخابات المحلية في الفترة ما بين كانون الأول 2004 وكانون الأول 2005، أظهرت ازدياداً مطَّرداً في دعم "حماس" في صفوف الناخبين الفلسطينيين. ومع قرار "حماس" المشاركة في الانتخابات التشريعية التي تقرر إجراؤها في كانون الثاني 2006، وقيامها بحملة متماسكة، على عكس حملة "فتح" المضطربة، ومن ثم انتصارها، بدأت صفحة جديدة في السياسة الفلسطينية.