تُظهر النتائج الأولية فوز قائمة التغيير والإصلاح ("
شهدت فترة 2006-2017 انقساماً سياسياً وجغرافياً ما بين قطاع غزة
والضفة الغربية
، نتيجة النزاع المرير بين حركتي "
للنزاع المرير بين "حماس" و"فتح" تاريخ طويل. وما أجّج الخلاف أكثر هو فوز "حماس" بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني
، التي جرت في 25 كانون الثاني/ يناير 2006، والتي عَيّن في إثرها رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس
إسماعيل هنية
، من حركة "حماس"، في منصب رئيس الوزراء، ووافق على تشكيلة حكومته من دون الموافقة على برنامجه. وقد رفضت إسرائيل و
بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية بفترة قصيرة، شكّل وزير الداخلية الجديد قوة أمنية بقيادته، سميّت القوة التنفيذية المسانِدة
. وقد نافست الأخيرة قوات أمن السلطة الفلسطينية التابعة لعباس، التي كان الموالون لـ"فتح" يهيمنون عليها. وجرت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وأنصارهما، تناوبت مع محادثات الوحدة الوطنية في الفترة ما بين أيار/ مايو 2006، وكانون الثاني 2007، إلى أن تدخّلت
بعد ذلك مباشرة، وفي محاولة لتعزيز عباس بإظهار بعض التقدم في عملية السلام، جمعت الإدارة الأميركية الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل مواصلة المحادثات حول قضايا الوضع النهائي. ومن منتصف تموز/ يوليو 2007 ولغاية منتصف أيلول/ سبتمبر 2008، جرى العديد من جلسات التفاوض المكثّفة، من بينها مؤتمر في
في ذلك الوقت، في تموز/ يوليو - آب/ أغسطس 2006، اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله ، في إثر قيام الأخير باختطاف جنديين في شمال إسرائيل. وعلى الرغم من الغارات العنيفة، ومحاولات التوغّل في جنوب لبنان ، لأربعة وثلاثين يوماً، فشل الجيش الإسرائيلي في إيقاف قصف حزب الله للمناطق الإسرائيلية وفي اختراق دفاعاته. وعلى خلفية هذا الفشل، والحصار الشديد المفروض على غزة، والصواريخ المتبادَلة ما بين "حماس" وإسرائيل، شنّ الجيش الإسرائيلي من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008، ولغاية 18 كانون الثاني/ يناير 2009، حرباً على غزة (عملية الرصاص المصبوب التي أطلقت "حماس" عليها اسم عملية الفرقان) في محاولة لاسترداد قوته الرادعة، التي تضرّرت كثيراً نتيجة الحرب على لبنان، ولاختبار الدروس التي تعلّمها من تلك الحرب. فوجه ضرباته المتواصلة من الجو ومن البر، وقام بتوغلات برية على نطاق واسع، على حساب السكان المدنيين (قُتل 1,400 فلسطيني، وجُرح أكثر من 4,000)، وعلى حساب البنية التحتية في غزة، والمناطق العمرانية. وبعد ثلاث سنوات، من 14 حتى 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، شنّت إسرائيل حملة أخرى من القصف الكثيف على غزة، ولكنها لم تُقحم قواتها البرية فيها.
جلب الرئيس
على كل حال، كانت مصداقية القيادة الفلسطينية مقوَّضة بحدّ ذاتها. في آب/ أغسطس 2009، أصدر سلام فيّاض (الذي شغل منصب رئيس الوزراء حتى نيسان/ أبريل 2013) خطة لتطوير المؤسسات والبنية التحتية سمّيت خطة "إنهاء الاحتلال، وبناء الدولة"؛ أحدثت الخطة تغييراً طفيفاً فقط، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، ولأن فيّاض لم يتلقَّ الدعم السياسي الكافي من حركة "فتح". أما حكومة "حماس" في غزة، العاجزة عن كسر الحصار الاقتصادي الإسرائيلي وتلبية احتياجات السكان في مناطق سيطرتها، فقد وجدت بعض التعويض من خلال الأنفاق العابرة للحدود مع مصر ، التي شكّلت شريان الحياة بالنسبة إليها، وأيضاً من خلال فرض قواعد على السكان اعتبرتها جزءاً من النظام الاجتماعي الإسلامي الصحيح. وإضافة إلى ذلك، عانت السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة "حماس" في غزة من انقسامهما، على الرغم من مختلف المبادرات التي تقدّمت بها بعض الدول العربية، وفلسطينيون غير منتمين لا إلى "حماس" ولا إلى "فتح". وقد وقّع عباس وزعيم "حماس" خالد مشعل ، أو ممثلون عنهما، اتفاقيات متعاقبة في 4 أيار/ مايو 2011 في القاهرة، و7 شباط/ فبراير 2012 في الدوحة ، و20 أيار في القاهرة، نصّت على تشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط، وإجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. ومع ذلك لم تنفّذ على أرض الواقع أي من تلك الاتفاقيات.
وأخيراً، في 23 نيسان/ أبريل 2014، وقّع الجانبان اتفاقاً في غزة (اتفاق مخيم الشاطئ )، أكّدت ما تم التوصّل إليه في الدوحة والقاهرة. وفي 2 حزيران/ يونيو، أدّت حكومة توافق وطني جديدة القسم أمام عباس، وهي حكومة مكوّنة من المستقلين والتكنوقراط برئاسة رامي حمد الله ، الذي كان يشغل مسبقاً منصب رئيس الوزراء في الضفة الغربية منذ سنة 2013. غير أن السلطة الحقيقية في الدوائر الوزارية وأجهزة الأمن في غزة بقيت في يد "حماس". وقد رحّبت العديد من الدول، من بينها الولايات المتحدة، بتلك الخطوة، وأعربت إسرائيل عن استيائها.
وبعد شهر واحد فقط على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وفي سياق التوترات المتجدّدة، شنّت إسرائيل هجوماً كبيراً ثالثاً على غزة. من 8 تموز/ يوليو وحتى 26 آب/ أغسطس 2014، قامت القوات البحرية والجوية والبرية الإسرائيلية بغارات عنيفة على غزة، وأعادت اقتحام مناطق واسعة فيها، ضمن ما سمّته عملية الجرف الصامد ، التي راح ضحيتها أكثر من 2,200 فلسطيني، معظمهم من المدنيين. وبالمقابل أطلقت "حماس" مجدّداً آلاف الصواريخ على إسرائيل، وصل بعضها شمالاً إلى زخرون يعقوف جنوب حيفا . وقُتل من الإسرائيليين 6 مدنيين و67 جندياً.
عندما بدا أن عملية أوسلو
صارت ميتة، ركّزت منظمة التحرير الفلسطينية على السعي إلى الحصول على الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة. وشملت جهودها محاولات لضمان قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وهكذا، في 23 أيلول/ سبتمبر 2011، تقدّم عباس بطلب رسمي للانضمام إلى الأمم المتحدة، على الرغم من معرفته أن الانتماء إلى المنظمة العالمية يتطلّب الدعم من
وكانت سلسلة الأحداث السياسية والصراعات التي دشّنها ما عُرف بدايةً باسم "الربيع العربي " أواخر 2010 وبداية 2011، قد عقّدت بشدّة المشهد في المنطقة. فالاضطرابات والصراعات التي اندلعت، لا سيما في دولتَي الجوار مصر وسوريا ، جذبت الأنظار بعيداً عن القضية الفلسطينية، في حين كان تأثيرها عنيفاً على اللاجئين الفلسطينيين، على وجه التحديد في سوريا. وفي الوقت نفسه، فإن التحالفات، والانقسامات، الجديدة في العالم العربي التي شاركت فيها أطراف إقليمية فاعلة غير عربية (إيران وتركيا ) جعلت من فلسطين ساحة للمنافسة الإقليمية بدلاً من أن تكون محور الدعم العربي والإقليمي. ونظراً لاستمرار الانقسامات الداخلية، وللتطورات الإقليمية بالغة الأهمية، ومجهولة المصير، يظلّ الغموض يكتنف مستقبل الفلسطينيين. ومن مظاهر انسداد الأفق السياسي عامي 2015-2016 العمليات غير المنسَّقة التي قام بها أفراد فلسطينيون ضد المستوطنين ونقاط التفتيش الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، والاشتباكات المتكرّرة مع الجنود الإسرائيليين في الحرم الشريف في القدس.