جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
نظام الأبارتهايد الإسرائيلي
نظام الأبارتهايد الإسرائيلي: ترسيخ الفوقية على الفلسطينيين

بات النظر إلى إسرائيل بصفتها دولة يهيمن فيها نظام الأبارتهايد - سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة في سنة 1967 (الضفة الغربية ، بما فيها القدس الشرقية ، وقطاع غزة )، أو على كامل المساحة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن – يمثّل، مع حلول عشرينيات القرن الحالي، قضية قانونية وسياسية على الصعيد العالمي، تبنتها في تقاريرها منظمات إقليمية ودولية تُعنى بحقوق الإنسان، بالاستناد إلى تحليلات سابقة لهيئات من المجتمع المدني الفلسطيني، وخلصت فيها إلى كون إسرائيل تمارس نظام حكم فصلٍ عنصري (أبارتهايد). وقد اعتمد العديد من هذه التقارير، في تأكيده هذا الاستخلاص، المعيار القانوني للأبارتهايد كما جرى تطويره في اتفاقيات وتشريعات دولية.

ما هو الأبارتهايد؟

الأبارتهايد هو نظام تمييز سياسي وقانوني ظهر في الدول التي خضعت للاستعمار الاستيطاني الأبيض في جنوب القارة الأفريقية في النصف الأول من القرن العشرين. وتعني كلمة أبارتهايد "التفرقة" أو "الفصل" في اللغة الأفريقانية، لغة مستوطني جنوب أفريقيا البيض. وقد أُطلق هذا المصطلح على النظام القانوني الذي أقامته الأقلية البيضاء وفرضته على أهل البلاد الأفارقة في جنوب أفريقيا ، وجنوب غرب أفريقيا (ناميبيا )، ودول أُخرى خضعت للحكم الاستعماري في المنطقة. وتبنّت دولة جنوب أفريقيا رسمياً الأبارتهايد بصفته نظاماً سياسياً لها في إثر انتخاب "الحزب القومي " في سنة 1948. وفي أوج التطبيق السياسي للأبارتهايد في جنوب القارة الأفريقية، جرى تثبيت حقوق سياسية وقانونية تمييزية تُحابي السكّان من الأقلية البيضاء، بحيث توفّر لهم حقوقاً حصرية أو تفضيلية فيما يتعلّق بالعمليات الانتخابية، والتمثيل السياسي، والملكية الخاصة، وسن القوانين، والتعيينات القضائية، والمواقع القيادية في الشركات والنقابات، والفرص التعليمية. أمّا الأغلبية السكانية من الأفريقيين السود فحُرمت، من خلال القمع التشريعي والشُرطي والعسكري، من هذه الحقوق.

انهار الأبارتهايد في جنوب القارة الأفريقية بين ثمانينيات القرن العشرين ومطلع تسعينياته، بعد عدّة عقود من العصيان المدني الواسع والمقاومة المسلحة، إضافة إلى تصاعد وتيرة العقوبات السياسية والاقتصادية الدولية. لكن، حتى مع حلول الحكم السياسي للأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا وناميبيا، لم تنقطع التشوّهات الاقتصادية للأبارتهايد حتى إلى ما بعد ولوج القرن الحادي والعشرين.

القانون الدولي والأبارتهايد

وفيما يربط الخطاب الرائج نظام الأبارتهايد بنشأته في جنوب القارة الأفريقية، إلاّ إنه بات للأبارتهايد تعريف كوني متجذّر في القانون الدولي، بحيث أصبح من الممكن معاينته حيثما وجد في العالم بغية حظره. والأداتان الدوليتان الرئيسيتان اللتان تحظران جريمة الأبارتهايد هما الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لسنة 1973 ، و نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 .

فقد جاء في المادة رقم 1 من اتفاقية سنة 1973 بشأن الأبارتهايد بأن هذا النظام يمثّل "جريمة ضد الإنسانية". وتحدّد المادة 2 هذه الجريمة كالآتي:

تنطبق عبارة جريمة الفصل العنصري، التي تشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الأفريقي، على الأفعال اللاإنسانية (...) المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على أية فئة عنصرية أُخرى من البشر واضطهادها إياها بصورة منهجية.

أمّا نظام روما لسنة 1998، الذي تمّ تبنّيه بعد أربعة أعوام من سقوط نظام الأبارتهايد في دولة جنوب أفريقيا، فيوفّر تعريفاً ذا نظرة مستقبلية للأبارتهايد، قابلاً للتطبيق على الصعيد العالمي. ففي المادة 7-2-ح، يحدّد النظام جريمة الأبارتهايد ضد الإنسانية كالتالي:

أية أفعال لا إنسانية.... ترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أُخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام.

وبصورة ملفتة، لا يشير نظام روما الأساسي بالتحديد الى جنوب القارة الأفريقية، بما يؤشّر إلى كون وجود الأبارتهايد في العالم ليس مرتبطاً بزمن محدّد أو بجغرافية محدّدة.

المعيار القانوني الدولي للأبارتهايد

على الرغم من بعض الفروقات الثانوية القائمة في تعريف الأبارتهايد بين إتفاقية سنة 1973 بشأن الأبارتهايد، من جهة، ونظام روما لسنة 1998، من جهة ثانية، فإن من الممكن التوفيق بينهما. وبناء على ذلك، فإن التعريف المعاصر لـ"جريمة الأبارتهايد ضد الإنسانية" المنبثق من والمتلائم مع هاتين الأداتين القانونيتين، يمكن أن يتمثل في المعيار التالي بمكوناته الثلاثة:

  1. وجود نظام مُمأسَس للاضطهاد والتمييز العرقيين المنهجيين؛
  2. نظام أُقيم بهدف إدامة سيطرة جماعة عرقية على جماعة أُخرى؛
  3. نظام يتسم بممارسة أعمال لاإنسانية تُرتكب باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من النظام.

هذا هو المعيار الذي ينبغي تطبيقه لإثبات وجود جريمة الأبارتهايد في العالم المعاصر، وليس التساؤل عما إذا كانت سمات الأبارتهايد الخاصة بجنوب القارة الأفريقية موجودة أم لا في حالة معاصرة من التمييز العنصري المنهجي.

فضلاً عن المشروعية العالية التي تتمتع بها هاتان الأداتان القانونيتان في تحريمهما للأبارتهايد، فإن هذا الأخير جرى تحريمه أيضاً بصفته تصرّفاً مخالفاً للقانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان، وذلك في "الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري لسنة 1965 ". كما أن القانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب والاحتلال) حرّم الأبارتهايد باعتباره سلوكاً مخالفاً للقانون، في المادة 85 (4) من البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف . فهذه المادة تعتبر انتهاكاً جسيماً للبروتوكول "ممارسة التفرقة العنصرية (الأبارتهايد) وغيرها من الأساليب المبنية على التمييز العنصري والمنافية للإنسانية والمهينة، والتي من شأنها النيل من الكرامة الشخصية."

الأبارتهايد في إسرائيل/فلسطين

منذ مطلع عشرينيات القرن الحالي، طبّقت مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية هذا التعريف القانوني الدولي للأبارتهايد على الوضع في فلسطين، سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو على نطاقٍ أوسع على كامل الأرض التي تسيطر عليها إسرائيل بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

معيار تطبيق الأبارتهايد على الأراضي الفلسطينية المحتلة

توصّل عدد من دُعاة حقوق الإنسان، بمن فيهم القائمون على مؤسسة "الضمير " ومقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى خلاصة تشير إلى كون إسرائيل فرضت نظام أبارتهايد على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، حيث اعتبروا أن المكونات الثلاثة لمعيار الأبارتهايد كافة ثبت انطباقها على الوضع في هذه الأراضي. من جهتها، أكدت جماعة "يِش دين " الإسرائيلية أن إسرائيل تمارس الأبارتهايد في الضفة الغربية، في حين ذكرت مؤسسة "الميزان " الفلسطينية أن محاصرة غزة جزء لا يتجزأ من نظام الأبارتهايد الإسرائيلي.

نظام ممأسس للإضطهاد والتمييز العنصريين المنهجيين

فيما يتعلّق بالمكوّن الأول لمعيار الأبارتهايد، سجّل دُعاة حقوق الإنسان أن إسرائيل أقامت نظاماً قانونياً وسياسياً ثنائياً للحكم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عززته من خلال إنشاء تصنيف مزدوج لبطاقة التعريف الشخصية. إذ يتمتع أكثر من 700,000 مستوطن إسرائيلي يعيشون في مستوطنات مخصّصة حصراً لليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة بجميع الحقوق القانونية والسياسية والاجتماعية والقضائية التي يتمتّع بها سائر المواطنين اليهود داخل إسرائيل. وفي المقابل، يخضع نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية على نطاقٍ واسع لأكثر من 1,800 أمر عسكري إسرائيلي يطبّقها بالقوة نظام محاكم عسكرية تشهدُ نسبة تجريم تتجاوز الـ 99 بالمئة. وفي القدس الشرقية، يتمتع أكثر من 360,000 فلسطيني بوضعية ’المقيم’، إنما من دون حقوق مواطنة ومن دون الحق في الانتخاب، ويعيشون في أحياء مكتظّة، تشحّ فيها الخدمات البلدية وينحدر مستوى المعيشة إلى معدلات أدنى بكثير من مستوى معيشة اليهود الإسرائيليين الذين يعيشون في القدس . وفي غزة، جرى حجر أكثر من مليوني فلسطيني في مساحة ضيّقة من الأرض منذ سنة 2007 من خلال حصار شامل، جوي وبحري وبري، يرقى، بحسب بان كي مون ، الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة، إلى ممارسة العقاب الجماعي، المحرّم دولياً.

الفرض المتعمّد للتمييز المنهجي

يستقصي المكون الثاني لمعيار الأبارتهايد ما إذا كان هذا التمييز المنهجي قد فُرض بغرض إدامة سيطرة مجموعة عرقية واحدة على مجموعة أُخرى. وقد أشار دُعاة حقوق الإنسان إلى كون الحكومة الإسرائيلية الأخيرة اعتمدت توافقاً سياسياً جماعياً مُتبنىً على نطاقٍ واسعٍ يقضي باحتفاظ إسرائيل بالقدس الشرقية، ومعظم، أو كل، الضفة الغربية، سواء تحقّقت اتفاقية سلام أو لم تتحقّق. وفي ظل ترتيب كهذا، يبقى الفلسطينيون تحت السيطرة الأمنية والسياسية الدائمة لإسرائيل، من دون مواطنة ومن دون حقوقٍ معترفٍ بها دولياً.

ممارسات لاإنسانية في صلب النظام

يستقصي المكون الثالث لمعيار الأبارتهايد ما إذا جرى ارتكاب أعمال لاإنسانية (عديمة الرحمة) كجزء لا يتجزأ من النظام. وتشمل الأعمال اللاإنسانية التي يتناولها دُعاة حقوق الإنسان فيما يتعلّق بالأراضي الفلسطينية المحتلة إنكار الحقّ في الحياة والحرية، والحرمان من المشاركة الكاملة في جوانب الحياة الاجتماعية كافة، وغياب إمكانية ممارسة حرية الحركة وحرية التنظيم والتجمّع، والتمييز المترسّخ في مجال الإسكان وفي الحياة الاقتصادية في القدس الشرقية والضفة الغربية، ومواصلة مصادرة الأراضي الفلسطينية العامة والخاصة، والاستغلال الإٍسرائيلي لتبعية القوة العاملة الفلسطينية من خلال تشغيل العمال المياومين الفلسطينيين في المستوطنات وفي إٍسرائيل، والاستخدام المتكرّر من جانب إسرائيل للعقاب الجماعي، والاعتقال الإداري، والتعذيب والاغتيالات خارج القانون. ويؤشّر تكرار هذه الأعمال على أمد زمنيٍ طويل، والمصادقة عليها بتشريعات من الكنيست وبأحكام المحاكم الإسرائيلية، إلى كونها ليست نتيجة ممارساتٍ عشوائية وغير متعمّدة وإنما هي جزء لا يتجزّأ من نظام إسرائيل للحكم.

تطبيق التعريف على فلسطين التاريخية، بما في ذلك إسرائيل

من ناحية أُخرى، توصّل دُعاةُ حقوق إنسان ذوو مصداقية آخرون، من خلال اعتماد المعيار القانوني ذاته بمكوناته الثلاثة، إلى خلاصة مفادها أن إسرائيل تمارس الأبارتهايد في كامل الأرض التي تسيطر عليها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. فقد أصدرت منظمات "هيومن رايتس ووتش "، و"أمنستي إنترناشيونال "، و"الحقّ "، و"بتسيلم "، بين منظماتٍ أُخرى، تقارير قدّرت، في جوهر ما قدّرت، أنه من المستحيل وجود "ديمقراطية هنا، وأبارتهايد هناك". وفي رأي هذه المؤسسات، فإن إسرائيل قامت خلال السنوات الخمس والسبعين الماضية بالتشظية الإستراتيجية للأرض والسكّان الفلسطينيين – تجمعات الفلسطينيين في القدس الشرقية، وفي الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وداخل الخط الأخضر ؛ وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينية في لبنان وسوريا  والأردن ؛ وفي الشتات الفلسطيني – وفصلت بين كل تجمعٍ وآخر اجتماعياً وسياسياً وديموغرافياً، الأمر الذي يرقى إلى تمييز منهجي وإلى هيمنة نظام الأبارتهايد إلى حد كبير. وأشارت بعض التعليقات إلى العلاقة الوثيقة بين ممارسة إسرائيل للأبارتهايد وتاريخها الاستعماري الاستيطاني الطويل في فلسطين منذ مطلع القرن العشرين.

ومن أبرز التجليّات الأساسية للأبارتهايد التي يرى دُعاة حقوق الإنسان أنه ينطبق على مجمل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل ’قانون العودة ’ لسنة 1950 (الذي يمنح أي يهودي الحقّ في الهجرة إلى إسرائيل والحصول التلقائي على المواطنة الإسرائيلية)؛ ورفض السماح في المقابل لأيٍ من الـ 1,000,000 لاجئٍ فلسطيني من حرب فلسطين وحرب عام 1967 ، ولنسلهم، بالعودة إلى منازلهم؛ والمصادرة واسعة النطاق للمنازل والأملاك الفلسطينية والتدمير المادي لمئات الكيانات المجتمعية الفلسطينية بعد سنة 1948 من خلال ’قانون أملاك الغائبين لسنة 1950 ’ و’قانون الاستحواذ على الأراضي لسنة 1953 ’. وفيما يُتاح لمواطني إسرائيل الفلسطينيين المشاركة في الانتخابات، والسعي للحصول على مناصب سياسية، والمشاركة في بعض نواحي الحياة الإسرائيلية العامة، إلاّ إن هناك تقييدات شديدة مفروضة عليهم فيما يتعلّق بتملّك الأرض واستخدامها، وهم محرومون من بعض المزايا الاجتماعية التي توفّرها الدولة (لأن معظمهم لا يخدم في الجيش الإسرائيلي، وهذه الخدمة شرط أساسي لتأمين بعض المزايا)، وهم يواجهون سوقاً تمييزية للعمل والإسكان، ومكانتهم الاقتصادية- الاجتماعية أسوأ كثيراً من مكانة اليهود الإٍسرائيليين. وينصّ ’القانون الأساسي: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي ’، الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي في سنة 2018، على أن لليهود وحدهم حقّ تقرير المصير في هذه الأرض، وأن تطوير المستوطنات اليهودية يشكل "قيمة قومية".

وكان تقرير لمنظمة "بتسيلم" قد خلص، في سنة 2021، إلى كون إسرائيل "أقامت نظام تفوّق يهودي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط"، وهو ما يشكّل نظام أبارتهايد.

ردود فعل عالمية على استخلاصات منظمات حقوق الإنسان بشأن الأبارتهايد الإسرائيلي

تقدّم إسرائيل وأنصارها عادةً ثلاث حججٍ للرد على توصيف إسرائيل بالأبارتهايد. الحجة الأولى تدّعي أن اتهامات كهذه كاذبة وتُشكّل مسلكاً لاساميّاً. والثانية تقضي بأنه لا يمكن مقارنة إسرائيل بجنوب أفريقيا لدى خضوعها للأبارتهايد. والحجة المضادة الثالثة تعتبر أن إلصاق صفة الأبارتهايد بإسرائيل هو إلهاء سياسي، يفضي فقط إلى تحويل أنظار أصحاب القرار عن حلّ المشكلات الفعلية على الأرض.

عندما برز الجدل بشأن الأبارتهايد الإسرائيلي على السطح منذ مطلع عشرينيات القرن الحالي، قامت حكومات في ’الشمال العالمي’ إمّا بانتقاد هذا التوصيف الجديد لإسرائيل وإمّا بتجاهله، لكن من دون تقديم أي حيثيّات جوهرية لهذا الاستبعاد. بينما وجد هذا التوصيف، في المقابل، جمهوراً متجاوباً أكثر في ’الجنوب العالمي’، حيث قامت دول مثل جنوب أفريقيا، وناميبيا، وماليزيا ، وإندونيسيا بتبنّي هذا التوصيف.

في السنوات الأخيرة، صرّحت شخصيات مرموقة أن سياسات وممارسات إسرائيل المترسّخة ترقى إلى، أو تشبه كثيراً، الأبارتهايد. ففي سنة 2014، أكّد الجنوب أفريقي الحائز على جائزة نوبل للسلام، ديزموند توتو : "من خلال تلمّس مباشر للوضع، أعلم بأن إسرائيل أوجدت واقع أبارتهايد داخل حدودها وعبر احتلالها".  وفي سنة 2021، كتب الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، أنه "يمكن الادّعاء بأن هيمنة إسرائيل البنيوية واضطهادها للشعب الفلسطيني من خلال احتلال لا ينتهي... يشكلان نظام أبارتهايد." أمّا المستشار القضائي الأسبق للحكومة الإسرائيلية ميخائيل بن- يائير ، فقد قال في سنة 2022 إن إسرائيل أصبحت "نظام أبارتهايد... واقع دولة واحدة، مع شعبين مختلفين يعيشان فيها بحقوق غير متساوية".

وتشير الاتجاهات السياسية والاجتماعية على الأرض إلى ترسّخ نظام الأبارتهايد، في الأراضي الفلسطينية المحتلة وداخل إسرائيل نفسها على حدّ سواء. إذ لم يؤدِ التنامي المتواصل لعدد المستوطنين الإٍسرائيليين، وإنشاء مستوطناتٍ جديدة وشرعنتها، إلاّ إلى تعميق الفصل التمييزي بين السكّان اليهود والفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية. كما أن قيام إسرائيل بتشديد الحصار الشامل المفروض على غزة وفرض سيطرة شبه كاملة على حركة الدخول والخروح من وإلى القطاع، تسبّبا بحالة بؤس واسع أصابت المدنيين هناك. إن مثل هذا الحصار لعدد كبير من السكّان فريد من نوعه في العالم المعاصر ويذكّر بالقرون الوسطى. ومع تبلور آثار قانون القومية لسنة 2018 على الأرض، ستزداد حدة بُنية القوانين والممارسات التمييزية التي فرضتها إسرائيل على مواطنيها الفلسطينيين، والتي تحوّلهم إلى مواطنة من الدرجة الثانية.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/12/26
E.g., 2024/12/26

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.