جدول الأحداث الكلي الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية | جدول الأحداث الكلي
جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
الفلسطينيون في ألمانيا
من الاكتئاب إلى الغضب

تعيش في ألمانيا أكبر جالية فلسطينية في أوروبا، إذ يقدر عدد الفلسطينيين فيها بين 100.000 إلى 200.000 نسمة. ويعود هذا الفرق الكبير بين العددين إلى أن الحجم الفعلي للجالية غير معروف تماماً، إذ إن أعداداً من الفلسطينيين مسجلون على أنهم يحملون جنسيات أُخرى أو يندرجون ضمن فئات "عديمي الجنسية" أو "غير محددي الجنسية".

هاجر الفلسطينيون إلى ألمانيا في ثلاث موجات رئيسية؛ ففي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، رحل المهاجرون (ومعظمهم من الرجال) إلى ألمانيا للدراسة أو العمل. وفي الثمانينيات، كانت ألمانيا الوجهة الأولى للفلسطينيين الذين هربوا من الحرب في لبنان. وفي السنوات الأخيرة، لجأ الفلسطينيون المقيمون بسورية مرة أُخرى إلى ألمانيا هرباً من الحرب بعد الدمار الذي لحق بمنازلهم في مخيمات اللاجئين التي عاشت فيها عائلاتهم منذ سنة 1948.

الهجرة الفلسطينية إلى ألمانيا

في ستينيات القرن العشرين، استقدمت الشركات الألمانية وصناع القرار السياسي أعداداً من العمال عندما شهدت البلاد طفرة صناعية واقتصادية. و بعد حرب حزيران/يونيو 1967، وجد الفلسطينيون من أبناء القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية، الذين كانوا قد انتقلوا إلى ألمانيا قبل الحرب للعمل أو الدراسة أو اكتساب المعرفة التي تحتاج إليها حركة التحرير الفلسطينية، أنفسهم وقد صاروا لاجئين. والسبب في ذلك أن إسرائيل لم تمنح حق الإقامة في الأراضي المحتلة إلاّ للذين كانوا يقيمون فيها فعلاً وقت إجراء التعداد السكاني في بداية الاحتلال. كان ذلك بمثابة عملية تهجير ثانية للعديد من الفلسطينيين الموجودين في ألمانيا في ذلك الوقت، بعد نزوحهم الأول في سنتي 1947 و1948 عندما كانوا أطفالاً. وكان عدم تمكنهم من العودة أشبه بتجربة الطرد التي عاشها آباؤهم في أثناء النكبة، وهي التجربة التي غالباً ما ألقوا باللوم فيها في سرهم على جيل آبائهم. وقد غادر بعض الفلسطينيين الأراضي المحتلة بعد سنة 1967 من أجل الدراسة في ألمانيا، وذلك بفضل برامج الدراسة في الخارج التي أتاحتها إسرائيل، ثم حرمتهم من حق العودة بعد الانتهاء من دراستهم، وظل هؤلاء في ألمانيا وتزوجوا من ألمانيات.

 

بعد عملية احتجاز الرياضيين الإسرائيليين رهائن خلال الألعاب الأوليمبية في ميونيخ سنة 1972، تم ترحيل مئات الفلسطينيين من ألمانيا كنوع من العقاب الجماعي، في إجراء يفتقر إلى أي أساس قانوني؛ إذ تم الفصل بين أفراد عائلات بأكملها، واضطُر الرجال إلى مغادرة ألمانيا الغربية حتى وإن كانوا متزوجين من ألمانيات ولديهم أطفال. واضطُر الطلاب إلى ترك دراستهم والمغادرة، ومع ذلك لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، بينما هاجرت أعداد صغيرة من الفلسطينيين إلى ألمانيا الشرقية، وكانوا في أغلبيتهم حاصلين على بعثات من منظمة التحرير الفلسطينية، أو طلاباً منتمين إلى منظمات فلسطينية يسارية أو غير ميسوري الحال حصلوا على منح من منظمة التحرير أو من منظمات يسارية منضوية في إطارها. وغادر معظمهم ألمانيا الشرقية بمجرد انتهاء منحهم الدراسية.

أمّا الفلسطينيون الذين هاجروا إلى ألمانيا في ثمانينيات القرن العشرين فهم من أبناء وأحفاد لاجئي سنتي 1947 و1948. وقد وُلدوا وعاشوا في مخيمات اللاجئين في لبنان وفروا إلى ألمانيا الغربية هرباً من الحرب الأهلية؛ واستقر هؤلاء بشكل رئيسي في اثنين من أحياء برلين هما نويكولن (Neukölln) وكروزبرغ (Kreuzberg). ولم يتم الاعتراف بهم كلاجئين سياسيين لأن الحكومة الألمانية لا تمنح اللجوء السياسي إلاّ في حالات الاضطهاد الحكومي الواضح. أرادت السلطات الألمانية إعادتهم، لكن لبنان رفض توقيع اتفاقية إعادة قبولهم استناداً إلى أنهم رسمياً عديمو الجنسية. وأدت هذه السياسة إلى ما يسمى "وضعية التسامح" (Duldungsstatus)، وهو تأجيل موقت للترحيل يمكن تجديده مراراً وتكراراً، وربما لسنوات مديدة. وخلال وجودهم في ألمانيا، حُرم من صنفوا ضمن "وضعية التسامح" من الحق في التعليم والتدريب والعمل. ودفع هذا التمييز الاقتصادي بحقهم العديد منهم إلى دخول عالم الجريمة وتعاطي المخدرات. فقد حرمت "وضعية التسامح" هؤلاء الأشخاص من فرصة أن يعيشوا حياة طبيعية؛ وعاش العديد منهم وأمتعتهم معبأة في حقائب على أهبة الرحيل، لأن سلطات الهجرة كانت تستطيع أن تطرق على أبوابهم في أي وقت وتجبرهم على مغادرة ألمانيا فوراً. وشعر كثيرون منهم أنهم استبدلوا مخيم اللاجئين في لبنان بمخيم لاجئين ألماني. ولم يتم تعديل قانون الأجانب إلاّ في سنة 1990 ليحصل الذين وصلوا إلى ألمانيا قبل سنة 1990 على حقوق الإقامة.

وبالنسبة إلى الفلسطينيين الذين فروا من الحرب في سورية إلى ألمانيا، فهم أولئك الذين فروا أو هُجّروا من ديارهم في فلسطين إلى سورية في أثناء نكبة سنة 1948. وفي سورية، مُنحوا حقوقاً كاملة، لكن لم يكن في إمكانهم الحصول على الجنسية السورية. وفي ألمانيا، مُنحوا وضعية "غير محددة" لكنهم حصلوا على حقوق الإقامة والحق في العمل. وكانت الدولة الألمانية حريصة على العمل على دمج اللاجئين الآتين من سورية، لأنهم كانوا في معظمهم متعلمين، وذلك بهدف تعزيز الاقتصاد الألماني وتعويض النقص في العمال في قطاعات معينة مثل خدمات الرعاية وقطاع الضيافة.

النكبة مقابل الهولوكوست

كان العديد من الفلسطينيين الذين هاجروا إلى ألمانيا الغربية في ستينيات القرن العشرين متعلمين تعليماً جيداً، وكانوا يعملون في مهن ذات مكانة اجتماعية مرموقة، وتزوجوا من مواطنين ألمان. ومع ذلك، لم تعترف الدولة (والمجتمع ككل) بأن المهاجرين الفلسطينيين تعرضوا للطرد من وطنهم على يد إسرائيل، وفي بعض الحالات أكثر من مرة. فالنكبة، وهي نتيجة مباشرة للمحرقة (الهولوكوست)، ليس لها مكان في الذاكرة الجماعية الألمانية. وإسرائيل، من المنظور الألماني للعالم، هي ملاذ آمن لليهود. ولا يتم الاعتراف بالتجربة العنيفة التي تعرض لها الفلسطينيون؛ وعندما يتم الحديث عنها أو تظهر في سياق ما فإنه يُنظر إليها على أنها أمر ينطوي على تهديد، أمر يحاول أن يحجب الهولوكوست ويلوث تجربة العنف التي تعرض لها اليهود، فضلاً عن الثقافة الألمانية لتخليد ذكرى المحرقة. إن تصوير الهولوكوست والنكبة باعتبارهما حدثين متعارضين يجعل من الصعب فهم العنف الذي يستهدف الفلسطينيين باعتباره استمراراً لمعاداة السامية الأوروبية. وهذا يسمح لألمانيا بأن ترى نفسها على أنها أمة تجاوزت أخطاء الماضي واستعادت مكانتها الأخلاقية.

لقد عانى الجيلان الأول والثاني من المهاجرين الفلسطينيين في ألمانيا على نحو عميق من مأسسة تخليد ذكرى الهولوكوست وتغييب النكبة. وينبع كثير من الصدمات التي تعرض لها الفلسطينيون في هذا البلد من ما يسميه بيار بورديو (Pierre Bourdieu) العنف الرمزي، عنف الخطابات التي تعمل على تطبيع العنف المؤسساتي وشرعنته. يبرر العنف الرمزي طرد الفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم والاستيلاء على أراضيهم بطرق متعددة: يتم التقليل من شأن العنف الكامن في الطرد، ويجري تقديم الطرد على أنه مثير للجدل، أو عرضي، أو نتيجة أفعال الفلسطينيين أنفسهم، أو حتى إنكار حدوثه بالكامل. ومن خلال إنكار وجود الفلسطينيين في فلسطين التاريخية أو ارتباطهم بتلك الأرض، تُمحى حقيقة العنف الواقع عليهم. لقد كان الفلسطينيون وما زالوا يُصوَّرون وفق أنماط متجددة على أنهم "متوحشون" و"إرهابيون" و"متطرفون إسلاميون" و"معادون للسامية"، في حين يُنظَر إلى إسرائيل باعتبارها جزءاً من الثقافة الغربية المسيحية اليهودية ومن قيمها المشتركة. وقد سار نظام التنميط هذا جنباً إلى جنب مع ممارسات التجريم مثل المراقبة والرقابة والترحيل وحظر التجمعات وحل الجمعيات الطلابية، وكلها ممارسات ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.

باختصار، يبدو أن العنف الذي تعرض له الفلسطينيون في ألمانيا كان بغرض تأديبهم وتعديل سلوكهم وإخضاعهم. إذ يُنظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم أشخاصاً يستحقون معاملتهم بعنف، وهذا جعل الكثيرين منهم، وخصوصاً بين الجيل الأول من المهاجرين، يستبطنون العنف الذي تعرضوا له باعتباره نتيجة أفعالهم هم؛ وهذا ولّد لديهم شعوراً "بالخزي" ودفعهم إلى لوم الذات. وأدى هذا إلى جعلهم يخافون من الظهور ومن ممارسة نشاط سياسي، ودفعهم أيضاً إلى الخوف من الشعور بالغضب والحزن، ناهيك عن التعبير عنهما، وهو ما يؤدي بدوره إلى الاكتئاب والعزلة والموت الاجتماعي وتدمير الذات. ولدى كثيرين منهم، أدى استمرار العنف العنصري في أوروبا الغربية أيضاً إلى جعلهم ينكرون هويتهم، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع حركة التحرير الفلسطينية التي تهدف إلى تأكيد الهوية الفلسطينية والتي تاق الجيل الأول من المهاجرين لأن يكون جزءاً منها. وهكذا لجأ كثيرون إلى إنكار هويتهم أو إخفائها في الأماكن العامة لتجنب ألم التمييز والوصمة الاجتماعية.

مجتمع مجزأ داخلياً

أدى العنف الذي مارسته الدولة، إلى جانب العزلة الذاتية والخوف، إلى تفتيت المجتمع الفلسطيني في ألمانيا وحال دون نشوء تنظيمات فلسطينية. بعد سنة 1967، حاول الطلاب الفلسطينيون تنظيم حملات توعية عامة لزيادة الوعي، لكن أحداث سنة 1972 في ميونيخ خنقت هذه المبادرات. ثم حاولوا تنظيم أنفسهم مرة أُخرى في أواخر الثمانينيات، وشُكلت تجمعات وجمعيات مهنية غير مسجلة في المدن الكبرى. كانت التجمعات تنتظم على مستوى الأقاليم وبشكل مستقل عن بعضها بعضاً. ورأت دورها في المقام الأول في الحفاظ على الثقافة الفلسطينية والهوية العربية الفلسطينية ونظمت دورات لغوية وفعاليات ثقافية للفلسطينيين.

نُظمت جمعيات مهنية (على سبيل المثال، للأطباء والصيادلة والمهندسين المعماريين) على مستوى البلد. وحافظت على علاقات وثيقة مع الجمعيات المهنية في فلسطين ورأت أن دورها يتمثل في مساعدة الفلسطينيين في وطنهم. ولم تتحول إلى جمعيات مسيَّسة إلاّ بعد بدء عملية أوسلو. وبدأت بتنظيم حملات للتوعية والتواصل وبدعوة الألمان إلى المشاركة في الفاعليات السياسية والمناسبات الوطنية مثل يوم الأرض ويوم النكبة. وفي سنة 1986، كانت قد تأسست الجمعية الألمانية الفلسطينية وهدفها في المقام الأول تثقيف الألمان وتوعيتهم بشأن قضية فلسطين. وفي سنة 2024، صار الألمان يشكلون نحو 80 في المئة من أعضائها. لكن كل هذا العمل السياسي ازداد صعوبة إلى حد كبير بعد قرار البرلمان الألماني (البوندستاغ) إدانة حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها BDS)) في سنة 2019. وكان العديد من الفلسطينيين الذين فروا إلى ألمانيا في الثمانينيات قد انضموا إلى تنظيمات وأحزاب لبنانية ذات توجه ديني وإسلامي، بسبب الهيكل الفضفاض للمنظمات الفلسطينية وخيبة الأمل التي سببتها اتفاقات أوسلو.

الدولة تطالب بالولاء لإسرائيل

في السنوات الأخيرة وعلى نحو أشد كثافة بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم إضفاء الطابع المؤسسي على التصوير السلبي للهوية الفلسطينية وشيطنتها على نحو متزايد في سياسات الدولة ومؤسساتها. في أيار/مايو 2019، أقر البرلمان الألماني قراراً يدين حركة المقاطعة السلمية BDS باعتبارها معادية للسامية. وحظر القرار على البوندستاغ أن يوفر قاعات أو يمنح تمويلاً للمنظمات المرتبطة بحركة المقاطعة ودعا المقاطعات والبلديات إلى أن تفعل الشيء نفسه، وجعل من المسموح إدانة أي شخص يدافع علناً عن حقوق الفلسطينيين. وجاء قرار البوندستاغ في أعقاب قرار البرلمان الأوروبي في 1 حزيران/ يونيو 2017 بشأن مكافحة معاداة السامية، والذي دعا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد تعريف معاداة السامية الذي صاغه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست.

وذهبت ألمانيا إلى أبعد من ذلك؛ فبعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعا البوندستاغ الحكومة إلى جعل التضامن والدعم الكاملين لإسرائيل جزءاً من مبررات وجود الدولة الألمانية وحماية حياة اليهود في البلد من خلال مكافحة معاداة السامية في ألمانيا على نحو أكثف وأشد صرامة. ووصف الخطاب السياسي والإعلامي حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بأنها حرب ضد معاداة السامية. وبالتوازي مع ذلك، تم تصوير المجتمعات المهاجرة العربية الفلسطينية على أنها تهديد للحياة اليهودية في ألمانيا. وسهّلت الهيئة المسؤولة عن شؤون التعليم في برلين الرقابة على كل ما يعبّر عن الهوية الفلسطينية من خلال اعتبار مثل هذه الإشارات والرموز مهدِّدة وتحض على العنف. وفي رسالة إلى مديري المدارس في برلين، سمحت هيئة التعليم بحظر الرموز التي رأت أنها تمجد العنف ضد إسرائيل مثل الكوفية أو ملصقات فلسطين الحرة في المدارس بزعم الحفاظ على السلام المدرسي. ونصحت السلطات الطلاب والمعلمين في المدارس بطلب المساعدة من الشرطة لمعاقبة القاصرين الذين يعبِّرون عن دعمهم لهجوم حركة "حماس" على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 أو للمنظمات أو الحركات الفلسطينية التي تُصنف على أنها "إرهابية" بشكل عام. وعلاوة على ذلك، بدأت الجمعية العامة لإقليم برلين بتوزيع كتيب "أسطورة إسرائيل 1948" في المدارس في نويكولن، وهو حي يسكنه عدد كبير من الفلسطينيين. ينكر الكتيب طرد الفلسطينيين من أراضيهم في سنتي 1947 و1948، ويقلل من شأن الخطر الذي يمثله التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، ويصور منتقدي إسرائيل على أنهم معادون للسامية. والكتيب هو جزء من مشروع أشمل يهدف إلى ترويج التأريخ التصحيحي بحجة مكافحة معاداة السامية. وتجلى تحويل العنف الرمزي إلى عنف مؤسساتي على نحو متزايد ليس فقط في القيود التي تفرضها الدولة على الحضور الفلسطيني الثقافي والسياسي في الأماكن العامة فحسب، بل أيضاً في تشديد العنف الموجه الذي تمارسه الشرطة ولا يستثني حتى القاصرين.

في السابع من تشرين الثاني 2024، تبنى البرلمان الألماني قراراً بعنوان "لن يتكرر مرة أُخرى الآن: حماية الحياة اليهودية في ألمانيا وصونها وتعزيزها" يشدد القيود على الحرية الأكاديمية. والقرار الذي انتقده على نطاق واسع خبراء القانون الدستوري وغيرهم، يجعل تخصيص التمويل العام للفنون والعلوم متوقفاً على الالتزام بتعريف مثير للجدل إلى حد كبير، مفاده أن أي خطاب ينتقد إسرائيل يمثّل معاداة للسامية.

ردة فعل الجالية الفلسطينية على الإبادة الجماعية في قطاع غزة

بدأ المهاجرون الفلسطينيون من الجيل الثاني يستعيدون هويتهم وتاريخهم المنبوذيَن اجتماعياً، وبدل إنكار الذات اتبعوا سياسات تبرز وجودهم وتعزز حضورهم في المجتمع. كان الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة سنة 2014 والإبادة الجماعية التي تُرتكب (2023-2024) في غزة بمثابة نقطة تحول لكثيرين منهم. لقد كان تصعيد تبرير العنف الذي تمارسه دولة إسرائيل في الخطاب العام الألماني حتى في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل حرب إبادة جماعية بمثابة تكرار للصدمات التاريخية الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون نتيجة الاستيطان الاستعماري، وعدم الثقة بالمجتمع الذي نشأوا فيه، والشعور بالاغتراب.

وصارت الحدود بين "هنا" – ألمانيا- و"هناك"- فلسطين التاريخية -أكثر ضبابية لدى الألمان من أصل فلسطيني. ألقى الجيل الأول من المهاجرين في السابق باللوم في غياب التعاطف مع الفلسطينيين على جهل المجتمع الألماني بما لاقوه، لكن الجيل الثاني من المهاجرين صار أكثر ميلاً إلى تفسير ذلك على أنه عنصرية معادية للفلسطينيين. ولذلك أخذوا يبنون أطر تضامن تتجاوز الحدود الوطنية، ويقاومون التفتت، ويضعون أنفسهم في إطار الشتات الفلسطيني الأوسع. وقد أدى هذا التطور بين الأجيال إلى استعادة التجربة المفقودة والشعور بالانتماء والقدرة والكفاءة الذاتية على المستويين الذهني والعاطفي. ويكتشف أفراد الجيلين الثاني والثالث من الألمان الفلسطينيين الحزن والغضب اللذين حُرم آباؤهم من التعبير عنهما وصاروا أكثر حضوراً؛ يعلنون هويتهم الفلسطينية ​​في الأماكن العامة، ويخرجون إلى الشوارع بانتظام، ويدافعون عن حق الفلسطينيين في الحرية والمساواة. إنهم ينظمون أنفسهم في حركات شعبية مناهضة للاستعمار والعنصرية (منها: فلسطين تتحدث، الفلسطينيون وحلفاؤهم، حملة فلسطين، لجنة وقف إطلاق النار، ائتلاف طلبة برلين، نضالات)، ويتهمون ألمانيا علناً بالتواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية. (تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل). وقد رفع ناشطون ومحامون من هذا الجيل الشاب من الفلسطينيين الألمان دعاوى جنائية ضد أعضاء مجلس الأمن الفيدرالي الذي يضع سياسة تصدير الأسلحة، بما في ذلك ضد المستشار أولاف شولتس ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك (حزب الخضر)، بتهمة المساعدة على الإبادة الجماعية والتشجيع عليها من خلال السماح بتصدير الأسلحة وتعليق المدفوعات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2025/02/11
E.g., 2025/02/11

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.