البيان الختامي الصادر عن اجتماع المؤتمر الوطني الفلسطيني يعتبر القيادة الفلسطينية
برئاسة الرئيس محمود عباس لا تمثل الإجماع الفلسطيني
دمشق، 25/1/2008
عُقد في العاصمة السورية دمشق، خلال الأيام من الأربعاء وحتى الجمعة (23-25/1) تحت شعار "الوحدة الوطنية طريق للتحرير والعودة". وقد شارك في أعمال المؤتمر ألف ومائتا مندوب مثّلوا جماهير الشعب الفلسطيني وفصائله ومؤسساته الأهلية والشعبية في فلسطين المحتلة ومخيمات اللجوء والمغتربات، وبحضور ومشاركة عدد من الوفود العربية والإسلامية.
"انعقد مؤتمرنا الوطني في دمشق في هذا الوقت العصيب والحرج الذي تمرّ به قضيتنا، في محاولة لتصويب المسار السياسي الوطني الفلسطيني في استعادة روح العمل الجماعي التوافقي بعيداً عن سياسة التفرد والتهميش، ولاتخاذ مواقف مسؤولة أمام شعبنا العربي الفلسطيني حول القضايا الحيوية والمصيرية كالحوار الوطني، وصيانة الوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وحماية المقاومة من الاستهداف، وللتأكيد على التمسك بحقوقنا وثوابتنا الوطنية التي لا تقبل النص أو المساومة".
"فلسطين التاريخية ملك لشعبنا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً"
وأكد البيان الختامي أنّ "فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر ومن رفح إلى رأس الناقورة حق الشعب العربي الفلسطيني، وهي جزء من الأرض العربية والإسلامية، لا يجوز التصرّف بها أو التنازل عنها أو عن أي جزء منها تحت أية ذريعة كانت، فهي ملك لشعبنا الفلسطيني ماضياً وحاضراً ومستقبلاً".
كما أكد البيان أنّ "الشعب الفلسطيني وحدة واحدة في كافة أماكن تواجده، وهو جزء أصيل من الأمة العربية والإسلامية تاريخاً وحضارة وهوية وانتماء"، مشدداً على "وحدة القضية الوطنية الفلسطينية أرضاً وشعبنا في الداخل والخارج، ورفض كافة الإجراءات والسياسات التي تمس هذه الوحدة أو تتعامل معها بتمييز أو انتقائية أو تقسيم وتجزئة".
وأعلن المؤتمر تمسكه بحق الشعب الفلسطيني في "تقرير المصير كشعب في دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، ورفضه كل المخططات والمقترحات التي تحاول تقسيم السيادة على القدس أو تنتقص من سيادتنا الكاملة عليها".
العودة حق طبيعي والوحدة ثابت وطني
واعتبر البيان أنّ "عودة اللاجئين والنازحين من أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في الداخل وأماكن اللجوء إلى أرضيهم ومدنهم وقراهم التي هجّروا منها؛ حق طبيعي وقانوني كلفته الشرعية الدولية وهو غير قابل للتصرف أو التنازل تحت أي ظرف كان، أو من قبل أي شخص، وهو حق فردي وجماعي لكل لاجئ ونازح".
وقال البيان إنّ "الوحدة الوطنية ثابت وطني نسعى جميعاً لتكريسها وحمايتها والحفاظ عليها، ولا يجوز لأي كان أن يعبث بها أو يمسها تحت أي مسوغ أو مبرر كان".
المقاومة حقّ مشروع
كما أكد البيان أنّ "مقاومة الاحتلال بكل الوسائل حق مشروع لشعبنا العربي الفلسطيني، كفلته مبادئ القانون والمواثيق الدولية"، وطالب بتوفير كل الإمكانيات والطاقات "لدعم صمود شعبنا ومقاومته حتى دحر الاحتلال عن كامل التراب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية"، مشدداً على إدانته لـ "تنكر فريق أوسلو لمبدأ المقاومة".
استهداف المقاومة هو خدمة للاحتلال.
وأعلن المؤتمر في البيان الختامي رفضه "القاطع للسياسة التي ينتهجها فريق أوسلو ضد المقاومة لا سيما سلام فياض والأجهزة الأمنية"، وإدانة أي "اعتداء يقع على المقاومين من اعتقال أو مصادرة لسلاحهم، أو التعرض لهم بمحاورة تشويههم وتشويه نضالهم، أو اعتبارهم (ميليشيا خارجة على القانون) من قبل فريق أوسلو وحكومة سلام فياض".
واعتبر البيان أنّ ما يقوم به "فريق أوسلو" بشأن استهداف المقاومة وملاحقة رجالاتها؛ "خدمة للاحتلال وانتهاك لقدسية السلاح المقاوم الذي يدافع عن الأرض والحقوق الوطنية الفلسطينية".
احترام إرادة جماهير الشعب في الضفة والقطاع
ولفت البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الوطني الفلسطيني الانتباه إلى أنّ "التعددية السياسية والاحتكام إلى مبدأ الديمقراطية والاختيار الشعبي الحر والمباشر؛ يُعد الإطار والشكل الناظم للعمل السياسي الفلسطيني والسبيل الوحيد لإدارة مؤسساتنا الوطنية"، مطالباً باحترام "إرادة جماهير شعبنا في الضفة والقطاع، التي عبرت عن وفائها وتأييدها لخيار المقاومة بما أفرزته نتائج الانتخابات عام 2006".
تجاهل خيار شعبنا ومحاولة الانقلاب عليه يعمّق الأزمة الداخلية
ونبّه البيان إلى أنّ "تجاهل خيار شعبنا ومحاولة الانقلاب عليه من شأنه أن يسيء إلى الوحدة الوطنية ويعمّق الأزمة، ويزيد من استفحال الخلافات والأزمات في الساحة الفلسطينية"، داعياً إلى "احترام خيارات شعبنا بهذا الشأن صوناً لوحدة شعبنا، وتعزيزاً لصموده في معركته ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم"، حسب وصف البيان.
وشدّد المؤتمرون في بيانهم الختامي على أنّ "لغة الحوار والتفاهم هي السبيل الوحيد لحل خلافاتنا الفلسطينية، كما نحرِّم ونجرِّم الاقتتال بين الأشقاء، واستخدام القوة والتهديد بها في علاقاتنا الفلسطينية الداخلية".
الاحتكام إلى لغة الحوار
كما طالب البيان الختامي للمؤتمر الوطني الفلسطيني؛ قيادة حركتي "فتح" و"حماس"؛ "بالاحتكام إلى لغة الحوار والجلوس معاً والتفاهم سوياً برعاية فلسطينية أو عربية أو إسلامية على أساس ما اتفاق عليه في القاهرة في آذار (مارس) عام 2005، ووثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكّة"
وشدّد البيان على ضرورة "إطلاق حوار وطني فلسطيني شامل لإعادة وتفعيل منظمة التحرير وطنية وديمقراطية ومؤسسية، يشارك فيها الجميع دون استثناء، وتستند إلى الميثاق الوطني الفلسطيني، لتكون المرجعية الوطنية العليا لشعبنا العربي الفلسطيني، وممثله الشرعي والوحيد"، مؤكداً على ما جاء في اتفاق القاهرة في آذار (مارس) 2005 بهذا الخصوص.
كما دعا البيان كافة الفصائل والقوى الفلسطينية إلى "الالتزام بما اتفق عليه والعمل على تفعيل الاتصالات ووضع الآليات المناسبة للتمكن في أسرع وقت ممكن من إنجاز هذه المهمة الوطنية التي تجسد وحدة الصف والرؤيا والهدف".
فريق أوسلو لا يعبر عن الإجماع الفلسطيني
وقد شدّد المؤتمرون على رفضهم لنتائج مؤتمر أنابوليس وللمفاوضات القائمة بين "فريق أوسلو" والكيان الصهيوني، مؤكدين في الوقت ذاته أنّ "فريق أوسلو لا يعبر عن ولا يمثل الإجماع الفلسطيني، وبالتالي فهو فريق غير مفوض ولا موكل بالحديث باسم شعبنا في الداخل وأماكن اللجوء".
على مصر تحمّل مسؤولياتها لكسر حصار غزة
وطالب البيان مصر بتحمّل مسؤولياتنا في ممارسة دورها لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وأشاد بموقف مصر "الايجابي تجاه قيام أبناء شعبنا بالعبور الاضطراري إلى مصر للتزود بمستلزماتهم الحياتية"، داعياً مصر "للقيام بخطوات إضافية في هذا الجانب وعدم الاستجابة للضغوط التي تمارس على مصر لإغلاق الحدود، ولإحكام الحصار على القطاع"، منادياً بـ "بسط السيادة المصرية والفلسطينية على معبر رفح".
كما دعا البيان كافة المؤسسات الدولية والإسلامية والعربية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية؛ "للعمل بكل الوسائل المتاحة والضغط في المحافل الدولية والإقليمية لوقف الحصار والعقاب الجماعي الممنهج الذ ي تمارسه سلطات وقوات الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا العربي والفلسطيني"، مؤكداً أنّ "استمرار هذا الواقع سيكون له انعكاسات سلبية على المنطقة العربية وبرمتها".
رفض لمشاريع "تذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية"
كما أكد المؤتمر رفضه "لكل مشاريع تذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية، وأي إجراءات من شأنها توطين اللاجئين أو إعادة تهجيرهم"، مطالباً الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين بـ"الاعتراف بحقوقهم الإنسانية الأساسية بما في ذلك حقهم في العمل والتعليم والتنقل والعيش الكريم".
وطالب المؤتمر الأمم المتحدة، والحكومة اللبنانية، وكافة المؤسسات الدولية المعنية بشؤون وحقوق اللاجئين؛ بأن تباشر "العمل على إعادة بناء مخيم نهر البارد، والتعويض عنها (الأضرار التي وقعت) جراء الأعمال العسكرية التي حدثت في المخيم، والتي أسفرت عن تدمير المخيم وتهجير سكّانه بالكامل".
إطلاق سراح الأسرى بكل الوسائل الممكنة
ووجه البيان دعوة لكافة المؤسسات الوطنية والعربية والدولية "للعمل على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حتى ينال آخر أسير حريته وكرامته، وحقه في العيش بكرامة على أرض وطنه"، مؤكداً التزام المؤتمرين بالعمل من أجل تحقيق ذلك "بكل الوسائل الممكنة".
اللاجئون الفلسطينيون في العراق
وفيما يتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق في المخيمات الحدودية والملاجئ الجديدة؛ دعا البيان إلى العمل الجاد على إنهاء مأساتهم "وفتح أبواب الدول العربية لاستقبالهم كمحطة في طريق العودة إلى أرضيهم ومدنهم وقراهم في فلسطين".
احترام حقوق الإنسان الفلسطيني وحرياته
وأكد البيان ضرورة احترام حقوق الإنسان الفلسطيني، من قبيل حرية الرأي والتعبير، والتجمع، والتظاهر، والتنقل، والإقامة، والعمل؛ "كحق أساس لأبناء شعبنا ووقف كافة الممارسات غير القانونية بحقهم وتحريم كل أشكال الاعتقال السياسي وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين أينما وجدوا".
كما شدد على أمن المواطن الفلسطيني ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة والعامة، وعدم المساس بها، والمطالبة بإعادة عمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأهلية في الضفة الغربية "والتي جرى إغلاقها من قبل فريق أوسلو على خلفية سياسية".
وأدان المؤتمر الوطني الفلسطيني كافة مظاهر الاعتداء التي جرت بحق الصحفيين والإعلاميين في الضفة والقطاع، مطالباً المسؤولين والمؤسسات والمواطنين إلى احترام حرية الصحافة والإعلام وتوفير الحماية اللازمة للصحفيين.
دعوة "مناضلي فتح للتعبير عن إرادتهم وانحيازهم إلى قضايا شعبنا"
وتوجّه المؤتمرون في بيانهم إلى حركة "فتح"، قيادة وكوادر؛ "للعمل الجاد والمسؤول للإسهام في دفع عجلة الحوار الوطني الشامل ومعالجة حالة الانقسام، وتجاوز آثاره السلبية والتأكيد على وحدة شعبنا الوطنية"، مطالبين حركة "فتح" بتوفير المناخ المطلوب "لتحشيد طاقات شعبنا وتصويب كل مظاهر الخلل والعبث التي ينتهجها فريق أوسلو، الذي أدار الظهر لتضحيات حركة فتح"، وقال البيان في هذا الصدد "إذ نهيب بمناضلي حركة فتح؛ فإننا ندعوهم للتعبير عن إرادتهم وانحيازهم إلى قضايا شعبنا وأهدافه الوطنية".
وأكد البيان ضرورة تشكيل لجنة متابعة عليا تمثل القوى والفصائل ولجان العودة وشخصيات فلسطينية، تنبثق عنها أمانة سرّ لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر وتسيير العمل اليومي.
وتوّجه المؤتمرون في ختام البيان بالتحية إلى جماهير الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، كما وجهّ التحية إلى الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال وإلى "قوى المقاومة والصمود والممانعة في الأمة".
المصدر: أخذ النص من