مؤتمر القمة العربي الثالث عشر
البيان الختامي
(مقتطفات)
عمان، 27-28 آذار/ مارس 2001
استعرض القادة الوضع الخطير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني جراء العدوان الواسع النطاق الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين مستخدمة مختلف أساليب القمع وأنواع الأسلحة، بما فيها المحرمة دولياً، إلى جانب إحكام الحصار الاقتصادي، ومواصلة السياسة الاستيطانية، والاغتيالات وهدم المنازل وتدمير البيئة، وذلك في انتهاك صارخ للاتفاقات والاستحقاقات وخرق واضح لقواعد القانون الدولي وللأعراف والمواثيق الدولية.
ويحيي القادة باعتزاز كبير صمود الشعب الفلسطيني، وانتفاضته الباسلة في وجه الهجمة الشرسة التي تشنها إسرائيل، ومجابهته للقمع الوحشي الذي تمارسه سلطات الاحتلال، ويوجهون تحية إكبار وإجلال لشهداء الانتفاضة البواسل، ويشيدون بروح الفداء والصمود للشعب الفلسطيني الذي استطاع بقيادته الوطنية وبعزيمة لا تلين، وتضحية بلا حدود، التصدي لإجراءات القمع الإسرائيلية، وإجهاض سياسة الأمر الواقع التي حاولت سلطات الاحتلال بواسطتها فرض شروطها المجحفة على الشعب والمفاوض الفلسطيني بالقوة.
ويعلن القادة وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله البطولي ودعم انتفاضته وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال حتى تتحقق مطالبه الوطنية العادلة المتمثلة في حقه في العودة، وفي تقرير المصير وفي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
كما يحيي القادة العرب صمود المواطنين السوريين في الجولان العربي السوري المحتل وتمسكهم بهويتهم الوطنية.
يدين القادة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، كما يدينون انتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة العقوبات الجماعية وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، والاعتداءات المستمرة على المرافق الحيوية والمؤسسات الوطنية الفلسطينية والتي تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وممارسات عنصرية، وكلها تشكل خرقاً جسيماً لقواعد القانون الإنساني الدولي، الأمر الذي يتعين مواجهته، ونتيجة لكل ذلك فإن هذه الممارسات الصهيونية ما زالت تعتبر شكلاً من أشكال العنصرية، كما يدعو القادة إلى استئناف عقد مؤتمر الدول أطراف اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 في أسرع وقت ممكن لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين الفلسطينيين.
ويعبر القادة عن استيائهم البالغ لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع القرار حول حماية الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية وإنشاء قوة الأمم المتحدة للمراقبة في تلك الأراضي، ويعبرون عن رفضهم التام للتبريرات الأمريكية، حيث إن هذا الموقف لا ينسجم إطلاقاً مع مسؤولية الولايات المتحدة بوصفها راعياً لعملية السلام وعضواً دائماً في مجلس الأمن وتتحمل مسؤولية خاصة تجاه صيانة الأمن والسلم الدوليين.
ويؤكد القادة مجددا مطالبتهم لمجلس الأمن بضرورة تحمل مسؤولية توفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتشكيل قوة دولية لهذا الغرض، ويطالبون الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وخاصة الدول دائمة العضوية، اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك.
ويطالب القادة مجلس الأمن محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا مجازر وجرائم في حق المواطنين العرب في جميع الأراضي العربية المحتلة وخارجها، وخاصة في ضوء ما ورد في تقرير المفوضية السامية للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السيدة ماري روبنسون.
يرحب القادة العرب بقرار المجلس الأعلى لصندوقي الأقصى وانتفاضة القدس الاستجابة العاجلة لدعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية بصرف مبلغ 15 مليون دولار من القرض الحسن الذي اعتمده بقيمة 60 مليون دولار تدفع على أربعة أشهر بناء على اقتراح تقدمت به المملكة العربية السعودية. وبالنظر للظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، يكلفون المجلس الأعلى للصندوقين الاستجابة لطلب السلطة الوطنية الفلسطينية بصرف المبلغ الإجمالي المطلوب والبالغ (180 مليون دولار) لدعم ميزانية السلطة للأشهر الستة القادمة.
كما يرحب القادة بتخصيص جمهورية العراق مبلغ مليار يورو من مبيعاتها النفطية المصدرة بموجب مذكرة التفاهم لتأمين احتياجات الشعب الفلسطيني من الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية الأخرى، ولمساعدة عوائل شهداء الانتفاضة باعتبار ذلك مطلباً قومياً عربياً يدعم صمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة، ويكلفون المندوبين الدائمين للدول العربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك متابعة وتسهيل طلب جمهورية العراق لدى مجلس الأمن في هذا الشأن.
يؤكد القادة على تمسكهم بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس وخاصة قراراته 252 (1968) و267 (1969) و465 (1980) و478 (1980) التي أكدت بطلان كافة الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها إسرائيل لتغيير معالم هذه المدينة، وطالبت دول العالم بعدم نقل سفارتها إلى القدس. وفي هذا الإطار يجدد القادة التأكيد على ما جاء في قرارات القمة العربية في عمان عام 1980، وبغداد عام 1990، والقاهرة عام 2000، بشأن قطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس أو تعترف بها عاصمة لإسرائيل.
ويؤكد القادة استمرار تمسكهم بالسلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وبما يكفل الحقوق العربية المشروعة، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويحذر القادة العرب من عواقب تنصل الحكومة الإسرائيلية من الأسس والمرجعيات والمبادئ التي قامت عليها عملية السلام في مدريد سنة 1991، ومن مغبة الالتفاف عليها، أو طرح بدائل لها لا تستجيب لقواعد الشرعية الدولية. ويؤكدون على تلازم المسارين والسوري واللبناني، وترابطهما مع المسار الفلسطيني تحقيقاً للأهداف العربية في تفعيل كافة المسارات، ويحذرون من الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى الانفراد بمسار دون آخر، ويدعون إلى التنسيق العربي. ويؤكدون مجدداً أن إقامة السلام العادل والشامل في المنطقة يتطلب بادئ ذي بدء الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، والجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران، يونيو 1967، ومن الأراضي اللبنانية التي ما تزال محتلة إلى الحدود المعترف بها دولياً، بما فيها مزارع شبعا، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و425 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد حقوقه الوطنية الثابتة بما فيها حقه في العودة إلى دياره، والتعويض عما لحقه من أضرار نتيجة للاحتلال الإسرائيلي وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والإفراج عن جميع الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية.
يحمل القادة إسرائيل المسؤولية القانونية الكاملة عن وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتهجيرهم، ويؤكدون رفضهم للخطط والمحاولات الرامية إلى توطين هؤلاء اللاجئين خارج ديارهم، كما يؤكدون على تحميل إسرائيل مسؤولية تعويض الدول العربية المضيفة عما تحملته هذه الدول من أعباء مالية نيابة عن المجتمع الدولي، جراء استضافتها لهؤلاء اللاجئين.
ويقرر القادة مواصلة تعليق مشاركة الدول العربية في المفاوضات المتعددة الأطراف، واستمرار وقف كافة خطوات وأنشطة التعاون الاقتصادي الإقليمي مع إسرائيل، وتحميلها مسؤولية الخطوات والإجراءات التي تتخذها الدول العربية تجاهها والتي تستوجبها مواجهة توقف عملية السلام، وتصعيد سلطات الاحتلال الإسرائيلية لإجراءات القمع والحصار على الشعب الفلسطيني. ويؤكد القادة على قرارهم في قمة القاهرة غير العادية لعام 2000، القاضي بالتصدي الحازم لمحاولات إسرائيل التغلغل في العالم العربي تحت أي مسمى، والتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل، ويحملونها مسؤولية الخطوات والقرارات التي تتخذ في صدد العلاقات معها من قبل الدول العربية، بما في ذلك إلغاؤها. كما يطالبون بتفعيل المقاطعة العربية ضد إسرائيل من خلال انتظام عقد مؤتمرات المقاطعة الدورية التي يدعو إليها المكتب الرئيسي للمقاطعة بهدف منع التعامل مع إسرائيل تطبيقاً لأحكام المقاطعة.
كما يؤكد القادة تضامنهم التام مع سورية ولبنان ويرفضون التهديدات الإسرائيلية التي تصاعدت مؤخراً ضد البلدين الشقيقين، وكذلك التهديدات الخطيرة الموجهة من قبل المسؤولين الإسرائيليين تجاه الدول العربية وتجاه الشعب الفلسطيني وقيادته، كما يدينون منطق التهديد باستخدام القوة، ويؤكدون ضرورة تدارس الموقف الخطير الناجم عن ذلك وعن عودة إسرائيل إلى سياستها العنصرية. ويدعون إلى رسم إستراتيجية عربية واضحة المعالم لكشف المخططات الإسرائيلية التي لا تخدم السلام وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. كما يرفضون محاولات إسرائيل الصاق تهمة الإرهاب بالدول العربية التي تقوم بواجب المقاومة الوطنية المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها...
ويؤكد القادة أن تحقيق السلام والأمن الدائمين في المنطقة يستلزم انضمام إسرائيل لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع كافة منشآتها النووية لنظام التفتيش والمراقبة الدولية، ويؤكدون في هذا الصدد الأهمية البالغة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وكافة أسلحة الدمار الشامل باعتبار هذا الهدف شرطاً ضرورياً ولازماً لإرساء أية ترتيبات للأمن الإقليمي في المنطقة مستقبلاً.
ويجدد القادة التأكيد على أن الالتزام بعملية السلام يتطلب قيام إسرائيل بتنفيذ الاتفاقات والاستحقاقات التي تم التوصل إليها والبناء على ما تم إنجازه، واستئناف المفاوضات على جميع المسارات من حيث توقفت، وفقاً للمرجعيات والشروط التي انطلقت بموجبها. وعلى راعيي عملية السلام، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، تحمل مسؤولياتهما والتزاماتهما تجاه عمليه السلام على أسس من العدل والحياد.
كما يحث القادة جميع الدول المهتمة بعملية السلام وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي، القيام بدور فاعل للتغلب على العقبات التي تعترض العملية السلمية في الشرق الأوسط.
ويرى القادة العرب أن الأمم المتحدة المنوط بها صيانة الامن والسلم الدوليين، باعتبارها مصدر الشرعية الدولية، مطالبة بالقيام بدور أكثر فاعلية لتنفيذ قراراتها الخاصة بتسوية قضية الشرق الأوسط.
المصدر: على موقع جامعة الدول العربية glasportal.or