يهاجم ثوّار فلسطينيّون قافلة من الشاحنات على الطريق من نابلس
إلى طولكرم
ويقتلون ثلاثة سائقين يهود. في اليوم التالي، يقتل أعضاء من
في سنة 1936 تفجّر الاستياء الفلسطيني الواسع النطاق من الحكم البريطاني، تمرّداً علنياً وصل حدّ الثورة. ويمكن إرجاع الأسباب التي مهّدت الطريق لهذه الانتفاضة، إلى الديناميات والأحداث التالية: أولاً، كانت فترة الثلاثينات في فلسطين -كما في غيرها من البلدان- فترة اضطراب اقتصادي شديد، وفيها أصاب الفلسطينيين في الريف ضرر كبير نتيجة عمليات نزع ملكيتهم وتراكم الديون عليهم، جرّاء السياسات البريطانية في تشجيع الجهود الصهيونية لشراء الأراضي بالإكراه. وملأت الهجرة من الريف إلى الحضر حيفا ويافا بالفلسطينيين الفقراء الباحثين عن عمل، فبرزت أشكال جديدة من التنظيمات السياسية التي ركّزت على الشباب والدين والطبقة والأيديولوجية بدل البنى القديمة القائمة على النخبة. في تلك الأثناء، أدى تزايد المعاداة للسامية في أوروبا، وخصوصاً المدعومة من الدول، إلى زيادة هجرة اليهود إلى فلسطين، القانونية منها وغير القانونية.
ولم يكن أمراً مفاجئاً والحالة هذه، أن ينتج عن تلك التطورات والأحداث اضطرابات دورية، ابتداءً بـ
في غضون ذلك، قُتل في تبادل لإطلاق النار مع القوات البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 1935، الشيخ السوري الشعبي
مهّدت الأحداث التي مرّ ذكرها الأرضية بشكل مباشر للانتفاضة الفلسطينية الجماهيرية في سنة 1936، التي عُرفت بـ"الثورة الفلسطينية الكبرى
" واستمرت ثلاثة أعوام كاملة، ويمكن تقسيمها عموماً إلى ثلاث مراحل: استمرت المرحلة الأولى من ربيع 1936 وحتى تموز/ يوليو 1937، وهي مرحلة اشتعال الثورة بعد تأجج التوترات في فلسطين وتراكمها منذ خريف 1935، ففي منتصف نيسان/ أبريل 1936، هاجم أتباع القسّام قافلة من الشاحنات بين نابلس
وطولكرم
، فقُتل سائقان يهوديان، لتقوم منظمة
جرى الالتزام بالإضراب على نطاق واسع، الأمر الذي شلّ النشاط التجاري والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني. وفي تلك الأثناء، كان الفلسطينيون في أنحاء الريف كافة، يشكّلون مجموعات مسلحة لمهاجمة أهداف بريطانية وصهيونية. كان عملهم في البداية عفوياً ومتقطّعاً، ثم انتظم بعد ذلك بشكل متزايد، فتم ضمّ بعض المتطوعين العرب من خارج فلسطين إلى العمل المسلح، ولكن بأعداد بقيت قليلة.
استخدم البريطانيون أساليب وتكتيكات مختلفة لوقف الإضرابات وقمع العصيان المسلّح في المناطق الريفية، وزادوا أعداد رجال الشرطة البريطانيين واليهود، وتعرّض الفلسطينيون لتفتيش المنازل والمداهمات الليلية والضرب والسجن والتعذيب والترحيل، ووصل القمع البريطاني إلى حد هدم أحياء واسعة في مدينة يافا القديمة. وتزامنت العمليات العسكرية والتدابير القمعية البريطانية، مع إرسال الحكومة البريطانية لجنة تحقيق برئاسة
في 11 تشرين الأول 1936، وتحت وطأة ضغوط السياسات القمعية البريطانية، وضغوط بعض الملوك والأمراء العرب، والعواقب الاقتصادية للإضراب الممتد ستة أشهر على السكان الفلسطينيين، قامت اللجنة العربية العليا بوقف الإضراب ووافقت على التعاون مع
سجّلت المرحلة الثانية من النضال الفلسطيني (من تموز 1937 حتى خريف 1938) مكاسب كبيرة، فوقعت مساحات شاسعة من الأراضي الجبلية تحت سيطرة الفلسطينيين، بما في ذلك البلدة القديمة في القدس
لفترة من الزمن، فاستبدلوا فيها مؤسسات الانتداب البريطاني، مثل المحاكم وخدمة البريد وغيرها، بمؤسسات وطنية، فما كان من البريطانيين إلا أن اتخذوا تدابير أشد قسوة في محاولة لسحق الثورة، فأعلنت سلطة الانتداب لا شرعية اللجنة العربية العليا والأحزاب السياسية الفلسطينية كافة، وألقت القبض على القادة السياسيين والأهليين، ونفت عدداً من الشخصيات العامة رفيعة المستوى، كما لجأت إلى تصعيد الوسائل العسكرية لمكافحة التمرد، فنشرت الدبابات والطائرات والمدفعية الثقيلة في جميع أنحاء فلسطين، وطبّقت العقاب الجماعي في حق الفلسطينيين، فزجّت بآلاف منهم في "معسكرات الاعتقال"، كما تم تدمير أحياء سكنية وإغلاق مدارس وتغريم قرى بشكل جماعي، وإجبارها على إيواء الشرطة والقوات البريطانية... وأمام هول ما كان يحدث للشعب الفلسطيني، استفادت المؤسسات العسكرية الصهيونية من الوضع لبناء قدراتها بدعم بريطاني، وبحلول أوائل سنة 1939 حصل 14 ألف رجل من "شرطة المستعمرات اليهودية" على الدعم والزي الرسمي والسلاح من الحكومة البريطانية، وكانت منظمة الهاغاناه الإرهابية الصهيونية تعمل خلف واجهتهم، إضافة إلى ما يسمّى
أما المرحلة الثالثة من الثورة، فاستمرت تقريباً من خريف 1938 حتى صيف 1939. كان البريطانيون قد عينوا في كانون الثاني/ يناير 1938 لجنة تحقيق أخرى بقيادة
وفي أيار 1939، نشرت الحكومة البريطانية
في أواخر صيف 1939، أوصلت الجهود البريطانية العسكرية والدبلوماسية المشتركة، الثورة إلى نهايتها، وخلال السنوات الثلاث للثورة قُتل حوالى 5 آلاف فلسطيني وجُرح ما يقارب 15 ألف منهم، إضافة إلى نفي القيادات الفلسطينية واغتيالها وسجنها وتأليب بعضها ضد بعض.
ومهما كانت التنازلات التي قدمها الكتاب الأبيض لمصلحة مطالب الثوار، ومهما كانت المكاسب التي حققها الفلسطينيون خلال الثورة، سرعان ما تجاوزت العمليات الجيوسياسية الكبرى لـ الحرب العالمية الثانية جميع هذه المكاسب، في حين ترك الهجوم البريطاني- الصهيوني على الحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية خلال الثورة، إرثاً ثقيلاً وطويل الأمد.
الحكم العثماني
1500
1600
1700
1800
1810
1820
1830
1840
1850
1860
1870
1880
1890
1900
1901
1902
1903
1904
1905
1906
1907
1908
1909
1910
1911
1912
1913
1914
1915
1916
الاحتلال البريطاني وعهد الانتداب المبكر
1917
1918
1919
1920
1921
1922
1923
1924
1925
1926
1927
1928
1929
1930
1931
1932
1933
1934
1935
عهد الانتداب المتأخر
1936
1937
1938
1939
1940
1941
1942
1943
1944
1945
1946
حرب فلسطين والنكبة
1947
1948
1949
ارتدادات حرب فلسطين
1950
1951
1952
1953
1954
1955
1956
1957
1958
1959
1960
1961
1962
1963
1964
1965
صعود الحركة الوطنية الفلسطينية
1966
1967
1968
1969
1970
1971
1972
بعد حرب سنة 1973: سلام منفصل وحرب أهلية
1973
1974
1975
1976
1977
1978
1979
1980
1981
منظمة التحرير الفلسطينية: هزيمة، وانشقاقات، وبقاء
1982
1983
1984
1985
1986
الانتفاضة الأولى والمفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية
1987
1988
1989
1990
1991
1992
مسار أوسلو: نحو الفشل
1993
1994
1995
1996
1997
1998
1999
الانتفاضة الثانية وحقبة ما بعد عرفات
2000
2001
2002
2003
2004
2005
فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والاعتداء عليه
2006
2007
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2016
أمام مأزق يزداد استعصاء، فلسطين إلى أين؟
2017
2018
2019
2020