المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة الخامسة
البيان السياسي
القاهرة، 4 شباط/ فبراير 1969
يا جماهير شعبنا الفلسطيني المناضل،
انعقد المجلس الوطني الفلسطيني في ظروف وأوضاع بالغة الأهمية والخطورة تمكنت في أثنائها حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة ونضال الجماهير بكافة أنحاء فلسطين المحتلة من إعادة الشعب الفلسطيني إلى مسرح الأحداث والتاريخ، ومن فرض وجود الشعب الفلسطيني وحقه المطلق في كامل وطنه على أرض وطنه، في الوقت الذي مزقت فيه حركة المقاومة الفلسطينية ونضال الجماهير الفلسطينية مخطط التآمر الصهيوني والإمبريالي للقضاء على شخصية الشعب الفلسطيني وكيانه، فإن القضية الفلسطينية تواجه في المرحلة الراهنة أخطار التصفية لمصلحة الصهيونية والاستعمار عبر قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 22/11/1967، وعبر كل ما يسمى بالحلول السلمية وكافة مشاريع التصفية المطروحة، ومنها المشروع السوفييتي الهادف إلى وضع برنامج زمني لتنفيذ قرار مجلس الأمن.
إن المجلس الوطني الفلسطيني، تعبيراً منه عن الثورة الفلسطينية وتجسيداً لآماله وطموح الشعب الفلسطيني بالقدر الذي يتمسك بحقه المقدس بكامل وطنه فلسطين، يؤكد بنفس الدرجة وبمنتهى العزم والتصميم رفضه الكامل لكل التدخلات والسياسات الغربية والدولية التي تنتقص من حقه في وطنه وفي ملكيته لقضيته، ويؤفض كافة أشكال الوصاية والتبعية والتدخل العربي الرسمي والدولي في شؤون القضية الفلسطينية وفي مسيرة حركة المقاومة الفلسطينية الصاعدة. وانطلاقاً من هذا، فإن الشعب العربي الفلسطيني يرفض بحزم كافة القرارات ومشاريع التصفية بما فيها قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 22/11/1967، والمشروع السوفييتي وأية مشاريع أخرى. وأن الشعب الفلسطيني، في نضاله المرير لتحرير وطنه والعودة إليه، إنما يهدف إلى إقامة مجتمع ديمقراطي حر في فلسطين لجميع الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين ويهود، وفي إنقاذ فلسطين وشعبها من سيطرة الصهيونية العالمية باعتبارها حركة عنصرية دينية رجعية ذات جذور فاشية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالإمبريالية العالمية لتخدم أغراضها وتشوه العلاقات الإنسانية وتجلب البغضاء والكراهية لجماهير اليهود باعتبارها تقوم على إحياء الروح اللاسامية المعادية لليهود اينما يتواجدون في العالم لتنميها في صفوفهم من ازدواجية الولاء القومي ومن عدم الارتباط والاندماج والإخلاص لمواطنهم الأصلية. وأن المجلس الوطني الفلسطيني، إذ يحيي جميع المقاتلين في كافة فصائل حركة المقاومة، ويحيي الجماهير العربية الصامدة المناضلة في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، ويحيي الجيوش العربية المرابطة على خط وقف إطلاق النار والمتوافقة مع العمل الفدائي، وإذ يحيي الجماهير العربية في الوطن العربي لالتفافها الرائع حول حركة المقاومة وبخاصة الجماهيير العربية الأردنية واللبنانية التي تواجه الاعتداءات الصهيونية المستمرة بصبر وتضحية، فإن المجلس الوطني يؤكد أن طريق المقاومة والتحرير هو طريق شاق وطويل مفروش بالدماء والدموع وبأغلى التضحيات.
لقد فرضت علينا الحركة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية المتعاونة مع الدول الاستعمارية وخاصة أميركا هذا الطريق، وما من طريق غيره لرد الغزة الصهيونية والإمبريالية عن الوطن العربي والتي ابتدأت بفلسطين. هذا بالإضافة إلى أن تطور الأمة العربية، وتقدمها وازدهارها، ويقظتها، واستثمار ثرواتها، يرتبط ارتباطاً أساسياً برد الغزوة الصهيونية الإمبريالية وبتحرير فلسطين تحريراً كاملاً. وبخلاف ذلك، سوف يبقى الوطن العربي مقسماً جغرافياً وبشرياً، ولسوف تتحول الأقطار العربية إلى مناطق نفوذ دائمة للصهيونية والاستعمار. لذلك، فإن المجلس الوطني يناشد الجماهير الفلسطينية خصوصاً، والجماهير العربية عموماً، أن تحشد كل طاقاتها، وأن تضع كل قواها في المقاومة الفلسطينية المسلحة باعتبار أن حركة تحرير فلسطين هي جزء من الثورة العربية الشاملة.
إن المجلس الوطني الفلسطيني، إذ يحقق خطوة أساسية محورية عامة في طريق بناء الوحدة الوطنية، يناشد جميع أبناء الشعب الفلسطيني وقواه العاملة إلى تعميق الوحدة الوطنية لزيادة قدرات حركة المقاومة وتصعيدها. ولا يسع المجلس الوطني، في هذا المجال، إلاّ أن ؤكد الحقيقة المطلقة: إن السلاح الذي يحمله المقاتلون إنما يحملونه لتصويبه نحو هدف واحد فقط، هو العدو الصهيوني، باعتبار أن التناقض الأساسي لهذه المرحلة هو التناقض مع العدو الصهيوني والاستعمار، وأنه يجب أن تتوقف كافة التناقضات الأخرى الداخلية باعتبارها تناقضات ثانوية.
إن منظمة التحرير الفلسطينية في ضوء الميثاق الفلسطيني المعدل في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في تموز (يوليو) 1968، وعلى أساس أوضاعها الثورية الجديدة، تناشد الجماهير الفلسطينية أن تلتف حولها التفافاً واسعاً ومنظماً، وأن تلفظ ذلك النفر المنحرف الانهزامي من دعاة التصفية والكيان الفلسطيني الزائف العميل للصهيونية والاستعمار. لقد اتخذ المجلس في اجتماعاته في دورة انعقاده هذه القرارات اللازمة، ووضع الخطة الملائمة لتصعيد حركة المقاومة، وفي مقدمة ذلك توحيد العمل الفدائي، وتوحيد الجباية المالية، وتقوية جيش التحرير الفلسطيني، وزيادة قدراته القتالية، وتفاعله مع الثورة وتطويرها إلى حرب التحرير الشعبية. ولما كان تنفيذ هذا المخطط الثوري يحتاج إلى الأموال الكافية، لذلك فإن المجلس الوطني الفلسطيني يدعو الجماهير الفلسطينية خصوصاً والعربية عموماً إلى المزيد من العطاء المالي، كما يدعو الدول العربية إلى الوفاء بكل التزاماتها المالية نحو منظمة التحرير الفلسطينية، ويدعو المجلس الوطني الدول العربية إلى تسهيل العمل والإقامة والتنقل لأبناء فلسطين المقيمين بها، نظراً لارتباط ما تقدمه من زيادة قدراتهم على دعم الثورة الفلسطينية في كافة المجالات.
إن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي يعتبر حركة التحرير الفلسطينية جزءاً من حركة التحرر الوطني في العالم، يعرب عن تمنياته إلى جميع أحرار العالم وشرفائه الذين يؤيدون حق الشعب الفلسطيني في وطنه، ويناشد جميع قوى الخير والتقدم في العالم بذل المزيد من التأييد للشعب الفلسطيني.
المصدر: الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1971، ص 41-42.