المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة التاسعة
البيان الختامي
القاهرة، 13 تموز/ يوليو 1971
في ظروف بالغة الصعوبة اتسع فيها نطاق التآمر على الثورة الفلسطينية عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته التاسعة في القاهرة في الفترة ما بين 7-13 تموز (يوليو) 1971. وقد استمر أعضاء المجلس في مناقشة كل ما تطلبه المرحلة الراهنة للثورة الفلسطينية، في الوقت الذي كانت فيه السلطة الأردنية تقوم بالاعتداء على قواعد الثورة الفلسطينية والهجوم على رجالنا الأبطال في عجلون وجرش ومخيم غزة.
واتخذ المجلس، إلى جانب المهمة التي كان يضطلع بها، كافة الإجراءات المناسبة لمواجهة الموقف والتي أُذيعت في حينها.
لقد تميزت الدورة التاسعة للمجلس الوطني الفلسطيني بميزات عديدة مثلت خطوات متقدمة نحو الوحدة الوطنية، أبرزها:
أولاً- عبر تشكيل المجلس الجديد عن تمثيله لقطاع أكثر شمولاً من المجالس التي سبقته، فقد شاركت فيه بلا استثناء كافة المنظمات الفدائية واتسع فيه تمثيل المنظمات النقابية.
ثانياً- أكد المجلس صيغة الوحدة الوطني التي سبق إقرارها في دورته الثامنة واتخذ بشأنها قرارات عملية جديدة تتناول وحدة قوات الثورة في كافة مجالات القيادة والتنظيم والتدريب والتسليح والأوامر القتالية.
كما أقر إنشاء مجلس موحد للإعلام ونظام موحد للجباية والإنفاق.
ثالثاً- وعلى أساس هذه المواقف، والتجاوب الإجماعي معها، فقد تم انتخاب اللجنة التنفيذية كقيادة عليا للثورة الفلسطينية اتسع فيها تمثيل المنظمات الفدائية بصورة تضمن جماعية العمل والبعد عن الانفراد وبشكل يضمن مشاركة كافة القوى في مواجهة الظروف الخطيرة التي تتهدد الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
وقد كانت وقفة المجلس الأولى أمام الوضع الخطير الذي تواجهه الثورة في الأردن، وإزاء إصرار الحكم في الأردن على ضرب الثورة وإجهاضها أدان المجلس سياسة القمع والإرهاب التي تمارسها السلطة الأردنية وما ينجم عنها من تعصب إقليمي لما ولدته وتولده هذه السياسة من آثار سلبية على الوحدة الوطنية في الساحة الأردنية الفلسطينية تؤدي عملياً إلى إضعاف وحدة الجماهير وإنكار حق الثورة في تمثيل الشعب الفلسطيني وتحقيق أمانيه في تحرير أرضه المغتصبة.
وأدان المجلس العقبات المتوالية التي تضعها السلطة في الأردن أمام مسيرة الثوار في التوجه نحو أرضهم المحتلة، بما في ذلك الحصار الذي تفرضه على قواعد الثورة والتعرض لقوافل تموينها والتصدي المسلح للرجال العائدين بعد تنفيذ العمليات العسكرية على أرضنا المحتلة.
كما أدان المجلس التجاهل المتكرر لحق الثورة الفلسطينية في ممارسة واجبها الأساسي والذي ضبطت بعض جوانبه اتفاقيات القاهرة وعمان. ويطالب المجلس بالتقيد بهذه الاتفاقيات، كما يطالب الدول العربية الموقعة عليها باتخاذ المواقف التي تعهدت بها لضمان تنفيذ اتفاقيات القاهرة وعمان، وحجب المساعدات المالية عن السلطة الأردنية التي استمرت في تجاهل وعدم احترام هذه الاتفاقات حتى تستخدم من أجل الهدف الذي خصصت من أجله، وهو تحرير فلسطين ورد الهجمة الإمبريالية عن الأرض العربية.
وقد رأى المجلس تدعيم الجهود المبذولة من قبل القوى الوطنية الأردنية لبناء جبهة وطنية متماسكة تعمل على دعم مسيرة الثورة الفلسطينية وحمايتها ضد كل من يتآمر عليها.
إن الثورة الفلسطينية التي تجد نفسها ملزمة بالدفاع عن الحقوق الوطنية الراهنة لشعبنا في الأردن، وهي تهدف من جملة ما تهدف إليه إلى تدعيم وحدة الضفتين، تؤكد من خلال مجلسها الوطني أن تدعيم هذه الوحدة لا يتم عن طريق ممارسات السلطة الأردنية التي تغذي النزعات الإقليمية والانفصالية، بل على أسس وطنية ديمقراطية تعزز التلاحم بين أبناء الشعب وتوحد جهودهم من أجل التحرير.
ثم كانت وقفة المجلس الثانية أمام خطر التسويات السياسية حيث ناقش اتساع نطاق الجهود المبذولة حالياً لتنفيذ التسوية وخاصة ما تقوم به الإمبريالية الأميركية من فرض نفسها على منطقة الشرق الأوسط بخلق أوضاع خادعة تؤدي في الحقيقة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد المجلس موقفه المتمثل بالتمسك الدائم بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه عن طريق الكفاح المسلح، وتجديد الرفض الحاسم لجميع الحلول الاستسلامية والمشاريع التي تتعرض للحقوق الطبيعية والتاريخية للشعب الفلسطيني بما في ذلك رفضه قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967.
وعبر المجلس الوطني الفلسطيني عن إرادة الشعب الفلسطيني وإصراره على مواصلة نضاله المسلح حتى يحقق كامل أهدافه الوطنية بالرغم من شراسة الهجمة التآمرية التي تتعرض لها الثورة الفلسطينية.
والثورة الفلسطينية، وهي تتابع نضالها وتقدم التضحيات، تتطلع دائماً إلى الجماهير العربية وقواها الوطنية وحركات التحرر الوطني في العالم كله، لكي تقوم بواجبها في معركة تعتبر من أشرس المعارك التي يخوضها شعب مسالم ضد الصهيونية والقوى الإمبريالية وعملائها في المنطقة العربية.
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1974، ص 599-600.