المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة السادسة عشرة
البيان السياسي الختامي
(مقتطفات)
الجزائر، 14-22/2/1983
وقد أشادت جميع الكلمات والمداخلات، بما في ذلك كلمات الوفود العربية والأجنبية، ببطولات شعبنا في مواجهة الغزو الصهيوني للبنان وطوال أيام الحرب الفلسطينية الإسرائيلية التي استمرت ثمانية وثمانين يوماً، وكانت بذلك أطول حرب في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. إذ قاتلت القوات المشتركة في الجنوب والجبل والبقاع قتالاً بطولياً في وجه كل آلة الحرب الإسرائيلية المعززة بأحدث سلاح أميركي. وكان حصار بيروت ذروة هذه الحرب حيث صمد المدافعون في وجه الغزو الإسرائيلي المدعوم دعماً كاملاً من الولايات المتحدة الأميركية، صموداً قل نظيره في عصرنا الحديث. وبرهن المقاتل الفلسطيني واللبناني والسوري في هذه الحرب غير المتكافئة عن جدارة وبسالة عالية مؤكداً سقوط اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، وأن التغلّب على العدو ممكن إذا توفر لذلك الإرادة الصلبة والقرار السياسي الحازم.
ولم تكن المذابح الصهيونية في صبرا وشاتيلا وغيرها إلاّ تعبيراً عن التواطؤ الأميركي الصهيوني الفاشي لترويع شعبنا وتشتيته، وكشفت، كذلك، عن حقيقة الكيان الصهيوني، العدوانية والعنصرية، ذات الأساليب والوسائل النازية.
وتوقف المجلس، كذلك، أمام الأوضاع في المناطق المحتلة والصمود العظيم الذي تجلى في الانتفاضات المتواصلة والعمليات العسكرية البطولية ضد قوات الاحتلال وضد سياسة التهجير والاقتلاع والاعتداء على المقدسات ومحاولات ضرب المؤسسات الوطنية. وعبر المجلس عن التقدير البالغ لوحدة الموقف الوطني لشعبنا الفلسطيني على امتداد الأرض المحتلة في الجليل والمثلث والنقب وفي الضفة وفي غزة والقدس والجولان، هذا الموقف المعبر عن التفاف شعبنا بأسره حول أهدافنا الوطنية في تحرير أرضنا النبيلة وعودة شعبنا وتقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
إن هذا النضال البطولي خلال حرب لبنان وعلى الأرض المحتلة أكسب شعبنا المزيد من التأييد والمساندة، وعزز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية على كافة الأصعدة، عربياً وعالمياً. وزاد من عزلة العدو الصهيوني، وكشف بشك متزايد دور الولايات المتحدة الأميركية المعادي لشعبنا وأمتنا. ورغم المحاولات الأميركية لاستثمار نتائج الحرب لصالخ خططها ومشاريعها في الهيمنة على المنطقة وتصفية قضية شعبنا الوطنية، إلاّ إن ثورتنا، التي خرجت من هذه المعارك محافظة على قواها ووحدتها، تؤكد التصميم مع كل الجماهير العربية على مواجهة هذه المحاولات وإسقاطها.
وانطلاقاً من الميثاق الوطني الفلسطيني والبرنامج السياسي وقرارات المجالس الوطنية السابقة، اتخذ المجلس الوطني القرارات التالية:
1- على الصعيد الفلسطيني:
أولاً: الوحدة الوطنية الفلسطينية
جسدت معركة الصمود والبطولة في لبنان وبيروت الوحدة الوطنية الفلسطينية بأروع صورها. وانطلاقاً من هذه الخبرة النضالية الفلسطينية الرائدة، يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على تعزيز الوحدة الوطنية بين فصائل الثورة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على الارتقاء بصيغ العلاقات التنظيمية في جميع مؤسسات وهيئات المنظمة، على قاعدة العمل الجبهوي والقيادة الجماعية وعلى أساس البرنامج التنظيمي والسياسي الذي أقرته الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني.
ثانياً: القرار الوطني المستقل:
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على استمرار التمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل وصيانته ومقاومة الضغوط التي تستهدف النيل من هذه الاستقلالية من أية جهة أتت.
ثالثاً: الكفاح الفلسطيني المسلح:
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على ضرورة تطوير وتصعيد الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني، وعلى حق قوات الثورة الفلسطينية في ممارسة العمل العسكري ضد العدو الصهيوني من جميع الجبهات العربية. كمل يؤكد على ضرورة توحيد قوات الثورة الفلسطينية في إطار جيش تحرير وطني موحد.
رابعاً: الوطن المحتل:
1- يحيي المجلس الوطني الفلسطيني جماهيرنا الصامدة في الأرض المحتلة في وجه الاحتلال والاستيطان والاقتلاع، ويحيي اجماعها الوطني الشامل، والتفافها الكامل من حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
2- إن المجلس الوطني الفلسطيني يدين ويشجب جميع المحاولات الإسرائيلية والأميركية المشبوهة الرامية إلى ضرب الإجماع الوطني الفلسطيني، ويدعو جماهير شعبنا إلى مقاومتها والتصدي لها.
3- يؤكد المجلس الوطني على تعزيز وحدة المؤسسات الوطنية والاجتماعي والنقابية والجماهيرية وعلى ضرورة العمل لبناء الجبهة الوطنية في الداخل وتطويرها.
4- يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل تعزيز صمود شعبنا في داخل الوطن المحتل، وتقديم كافة مستلزمات هذا الصمود، لوضع حد للتهجير والحفاظ على الأرض وتطوير الاقتصاد الوطني.
5- يحيي المجلس الوطني صمود شعبنا داخل المناطق المحتلة عام 1948، ويعتز بكفاحه في وجه العنصرية الصهيونية من أجل تأكيد هويته الوطنية باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. ويؤكد المجلس على ضرورة توفير كل سبل الدعم له وتعزيز وحدته ووحدة هيئاته وقواه الوطنية.
6- يوجّه المجلس تحية التقدير والاعتزاز إلى الأسرى والمعتقلين في سجون العدو داخل الوطني المحتل وفي الجنوب اللبناني.
خامساً: شعبنا في الشتات:
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على ضرورة تعبئة طاقات شعبنا في جميع مناطق تواجده خارج أرضنا المحتلة وتعزيز التفافه حول منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لشعبنا، ويوصي اللجنة التنفيذية بالعمل على المحافظة على مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية والدفاع عن حقوقهم المكتسبة وحرياتهم الأساسية وأمنهم.
سادساً: الاتصالات مع القوى اليهودية:
تأكيداً للقرار رقم 14 من الإعلان السياسي الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة عشرة المنعقدة بتاريخ 12/3/1977، يدعو المجلس الوطني الفلسطيني اللجنة التنفيذية إلى دراسة التحرك في هذا الإطار بما يتلاءم ومصلحة قضية فلسطين والنضال الوطني الفلسطيني.
2- على الصعيد العربي
أولاً: تعميق التلاحم بين الثورة الفلسطينية وحركة التحرر الوطني العربية في الوطن العربي بأكمله وذلك من أجل التصدي الفعال للمؤامرات الإمبريالية والصهيونية والمشاريع التصفوية وخاصة اتفاقيات كامب ديفيد ومشروع ريغان وإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة.
ثانياً: تقوم العلاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية على الأسس التالية:
أ- الالتزام بقضايا النضال العربي وفي طليعتها قضية فلسطين والنضال من أجلها.
ب- التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وهي الحقوق التي أكدتها قرارات القمم العربية.
ج- الحرص على وحداني التمثيل والوحدة الوطنية واحترام القرار الوطني الفلسطيني المستقل.
د- رفض كل المشاريع الرامية إلى المساس بحق منظمة التحرير الفلسطينية في التمثيل الوحيد للشعب الفلسطيني عبر أية صيغة كالتفويض أو الإنابة أو المشاركة في حق التمثيل.
هـ- يدعو المجلس الوطني الفلسطيني إلى تعزيز التضامن العربي على قاعدة قرارات مؤتمرات القمة العربية، وعلى ضوء الأسس السابق ذكرها.
ثالثاً: مقررات قمة فاس "المشروع العربي للسلام":
يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني قرارات قمة فاس الحد الدوني للتحرك السياسي للدول العربية الذي يجب أن يتكامل مع العمل العسكري بكل مستلزماته من أجل تعديل ميزان القوى لصالح النضال والحقوق الفلسطينية والعربية. ويؤكد المجلس أن فهمه لهذه القرارات لا يتناقض مع الالتزام بالبرنامج السياسي وقرارات المجلس الوطني.
رابعاً: الأردن
أ- التأكيد على العلاقات الخاصة والمميزة التي تربط الشعبين الأردني والفلسطيني وضرورة العمل على تطويرها بما ينسجم والمصلحة القومية للشعبين والأمة العربية وفي سبيل إحقاق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ب- التمسك بقرارات المجلس الوطني الخاصة بالعلاقة مع الأردن والانطلاق من أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها. ويرى المجلس الوطني الفلسطيني أن تقوم العلاقة المستقبلية مع الأردن على أسس كونفدرالية بين دولتين مستقلتين.
خامساً: لبنان
1- تعميق العلاقات مع الشعب اللبناني وقواه الوطنية وتقديم الدعم والإسناد لها في نضالها الباسل لمقاومة الاحتلال الصهيوني وأدواته.
2- تكون في مقدمة المهامات الراهنة للثورة الفلسطينية المساهمة مع الجماهير اللبنانية وقواها الوطنية والديمقراطية لمحاربة الاحتلال الصهيوني وإنهائه.
3- يدعو المجلس اللجنة التنفيذية إلى العمل من أجل إجراء المباحثات بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية لتحقيق أمن وسلامة المواطنين الفلسطينيين المقيمين في لبنان وضمان حقوقهم في الإقامة والتنقل والعمل وحرية العمل السياسي والاجتماعي.
4- العمل على إيقاف الاعتقالات الكيفية الجماعية والفردية القائمة على أساس سسياسي والإفراج عن المعتقلين في سجون السلطة اللبنانية.
سادساً: العلاقة مع سورية:
تقوم العلاقة مع سورية الشقيقة انطلاقاً من قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دوراته المتعاقبة التي تؤكد أهمية العلاقة الاستراتيجية بين منظمة التحرير الفلسطينية وسورية لخدمة الأهداف النضالية الوطنية والقومية لمواجهة العدو الإمبريالي الصهيوني، وباعتبار أن منظمة التحرير الفلسطينية وسورية خط المواجهة الأمامي أمام الخطر المشترك.
سابعاً: جبهة الصمود والتصدي
يكلف المجلس الوطني الفلسطيني اللجنة التنفيذية بعقد مباحثات مع أطراف الجبهة القومية للصمود والتصدي بحث كيفية إحيائها من جديد على أسس سليمة واضحة وفعالة انطلاقاً من أن الجبهة لم تكن بمستوى المهمات المطلوبة منها أثناء الغزو الصهيوني للبنان.
ثامناً: مصر
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني رفضه لاتفاقيات كامب ديفيد وما يرتبط بها من مشاريع الحكم الذاتي والإدارة المدنية وانطلاقاً من الإيمان الراسخ بدور مصر وشعبها العظيم في النضال العربي فإن المجلس يؤكد على الوقوف إلى جانب نضال الشعب المصري وقواه الوطنية لأنها سياسة كامب ديفيد حتى تعود مصر إلى موقعها النضالي في قلب أمتنا العربية ويدعو المجلس اللجنة التنفيذية إلى تطوير علاقات منظمة التحرير الفلسطينية مع القوى الوطنية الديمقراطية والشعبية المصرية التي تكافح ضد التطبيع والعلاقات مع العدو الصهيوني بمختلف أشكالها باعتبار ذلك يعبر عن المصالح الأساسية للأمة العربية ويدعم نضال شعبنا الفلسطيني في سبيل حقوقه الوطنية.
ويدعو المجلس اللجنة التنفيذية إلى تحديد العلاقة مع النظام المصري على أساس تخليه عن سياسة كامب ديفيد.
3- على الصعيد الدولي:
أولاً: مشروع بريجنيف:
يعبر المجلس الوطني الفلسطيني عن التقدير والتأييد للمقترحات التي تضمنها مشروع الرئيس ريجنيف الصادر في 16/9/1981 والتي تؤكد على الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بقيادة م. ت. ف. ممثله الشرعي والوحيد. كما يعبر المجلس عن تقديره لمواقف دول المنظومة الاشتراكية تجاه قضية شعبنا العادلة والتي أكد عليها بيان براغ الخاص بالوضع في الشرق الأوسط الصادر في 3/1/1983.
ثانياً: مشروع ريغان:
إن مشروع ريغان في نهجه ومضمونه لا يلبي الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني لأنه يتنكر لحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ويتناقض مع الشرعية الدولية. ولذلك يعلن المجلس الوطني الفلسطيني رفض اعتباره أساساً صالحاً للحل العادل والدائم لقضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني.
ثالثاً: العلاقات الدولية:
9- يؤكد المجلس الوطني على تمسكه بمبادىء وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي أكدت الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، وحق كل الشعوب التي تخضع للاحتلال في ممارسة جميع أشكال النضال من أجل تحررها واستقلالها الوطني.
10- يثمن المجلس الوطني الفلسطيني نشاطات لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الثابتة في فلسطين وإنجازاتها ويحيي جهود أعضائها وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تنظيم مؤتمر دولي في جنيف 1983 لتأييد الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق حقوقه الثابتة.
المصدر: "فلسطين الثورة" (نيقوسيا)، العدد 448، 5/3/1983، ص 9-12.