مكان

وادي الحوارث

مكان
وادي الحوارث
تعرف أيضاً بإسم: وادي الحوارث الشمالي, وادي الحوارث الجنوبي
اللواء
السامرة
المحافظة
طولكرم
متوسط الارتفاع
25 م
المسافة من طولكرم
16.5 كم
تعداد السكان
السنة عرب المجموع
1931 1112 1112
1944/45 * 1330 1330
ملكية الأرض (1944/45) بالدونم
السنة عرب يهود عام المجموع
1944/45 * 2515 2795 1796 7106
إستخدام الأرض (1944/45) بالدونم
الإستخدام عرب يهود عام المجموع
المناطق غير صالحة للزراعة والمبنية (المجموع)
الإستخدام عرب يهود عام المجموع
غير صالحة للزراعة 1555 2641 258 4454
1555 2641 258 4454 (63%)
مزروعة/صالحة للزراعة (المجموع) *
الإستخدام عرب يهود عام المجموع
حبوب 960 154 1538 2652
960 154 1538 2652 (37%)
عدد المنازل (1931)
255

كان قسما القرية الشمالي والجنوبي يتوسطان سهلاً في الجانب الغربي من الطريق العام الساحلي. وقد اعتبر كتاب 'إحصاءات القرى، 1945' (Village Statistics, 1945) هذين القسمين كيانين منفصلين . وفي الأصل، كانت المنطقة تُعرف باسم نهر وادي اسكندرونة؛ ثم غُيِّر الاسم بعد أن استوطن بنو حارثة تلك الأنحاء، في النصف الثاني من القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر. وقد نُسب بنو حارثة إلى قبيلة بني سُنْبُس التي تتحدّر بدورها من بني طَيِّىء وبالتالي من القحطانية؛ تلك القبيلة اليمنية التي تفرّقت بطوناً مضت إلى الحجاز والعراق وفلسطين وسورية، في أوائل الفتح الإسلامي. وكان سكان وادي الحوارث عشائر من بني سنبس .

حتى سنة 1929، كان سكان وادي الحوارث لا يزالون يزرعون أراضي القرية بصفة مستأجرين. وفي تلك السنة، دخلوا معركة متمادية مع الصندوق القومي اليهودي، الذي اشترى الأرض من مالكيها الغائبين؛ والصندوق القومي اليهودي هو الذراع المختصة باستملاك الأراضي وإدارتها في المنظمة الصهيونية العالمية. وهذه الهيئة، التي أُنشئت في سنة 1901 ولا تزال ناشطة، مسجلة اليوم في نيويورك بصفة مؤسسة معفاة من الضرائب . في سنة 1929، بدأ سكان وادي الحوارث يقاومون التدابير التي اتخذها الصندوق القومي اليهودي لطردهم من أرضهم. وفي تلك السنة، قُدر عددهم تقديرات تراوحت بين 850 نسمة (استناداً إلى دائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية)، و1000-1200 نسمة (استناداً إلى المفوض السامي البريطاني)، و1500 نسمة (استناداً إلى شيخ القبيلة). وكانت القبيلة، بحسب المفوض السامي، تحرث من الأرض ما يتراوح بين 10000 و15000 دونم، وترعى مواشيها في 10000 دونم آخر . وفي الثلاثينات من هذا القرن، باتت قصتهم رمزاً وطنياً لتعبير الفلسطينيين عن مخاوفهم من استيلاء الصهيونيين على الأرض. والرواية التالية تستند في معظمها إلى آدلر ، وفي جزء يسير منها إلى شتاين .

كانت أرض وادي الحوارث، ومساحتها 30000 دونم تقريباً، ملكاً لأُسرة أنطون بشارة التيّان الذي كان يقيم في يافا. والظاهر أن التيان كان رَهَن الأرض أيام العثمانيين لمواطن فرنسي يدعى هنري إستراغان (Henry Estragin) وعندما قرر ورثة التيان الثلاثة عشرة أن يبيعوا الأرض ليفوا – فيما يبدو – دين والدهم لإستراغان، اتفق ممثل الصندوق القومي اليهودي معهم في تشرين الثاني/ نوفمبر 1928 على شراء الأرض في مزاد علني. وقد رعت المحكمة مزاداً علنياً عُقد في 20 نيسان/ أبريل 1929. وكان ثمن الأرض في المزاد 41000 جنيه فلسطيني؛ إلاّ إن الثمن الفعلي الذي دفعه الصندوق القومي اليهودي إلى الورثة كان يقارب 136000 جنيه مصري، أو نحو ثلاثة أضعاف ثمن المزاد. وقد ضمن عقد الصفقة في المحكمة إغفال ذكر آل التيان الذين أرادوا تحاشي الانتقاد العلني؛ ومكَّن الصندوق القومي اليهودي من الالتفاف على المستأجرين.

ولمّا أمرت المحكمة، في 6 أيلول/ سبتمبر 1930، مستأجري وادي الحوادث بأن يغادروا الأرض، رفض هؤلاء وقاوموا الأمر بطرق عدة. وقد لجأوا إلى المحاكم مراراً، لكن استئنافهم لم يُقبل؛ واستُنفدت الوسائل القانونية في كانون الأول/ ديسمبر 1932 يوم أصدرت المحكمة العليا حكمها في مصلحة الصندوق القومي اليهودي ضد المستأجرين. وفي هذه الأثناء، حاول المستأجرون أن يحولوا بين اليهود وبين إقامة مستعمرة على الأرض التي اشتروها حديثاً، لكن بحلول سنة 1931 كان اليهود قد غرسوا 43000 غرسة وُصفت في محاضر الصندوق القومي اليهودي للسنوات 1928-1935 بأنها 'جنود تحمي أرض الوطن' . واستعان المستأجرون، أيضاً، بسلطات الانتداب البريطاني التي عرضت عليهم عروضاً عدة لتوطينهم في أمكنة أُخرى في فلسطين، إلاّ إنهم لم يقبلوا تلك العروض. ولجأوا بصورة موقتة إلى بعض القرى الأُخرى التي تطوعت لاستضافتهم، وعملوا مع الحركة الوطنية. لكنْ في حزيران/ يونيو 1933، طُرد أولئك الذين كانوا في المنطقة التي غرسها الصندوق القومي اليهودي شجراً (والتي باتت تعرف بـ'المنطقة مدار التنازع').

وبعد طردهم (كان الصندوق القومي اليهودي منحهم تعويضاً مما كانوا زرعوه من بطيخ وذرة)، عادوا فجنوا غلالهم. وقد سمح الصندوق القومي اليهودية للمستأجرين الذين وصفهم بعبارة 'هؤلاء الأراذل' بأن يقوموا بذلك . وفي 1944/ 1945، كانوا قد زرعوا 950 دونماً حبوباً.

جاء إصرار سكان وادي الحوارث على التمسك بأرضهم نتيجة اقتناعهم بأن الأرض أرضهم بفعل إقامتهم فيها منذ 350 عاماً. وفي نظرهم، كانت ملكية الأرض من قبل مالكين غائبين فكرة مجردة تعني، في أفضل الاحتمالات، حق المالك في حصة من الغلال. وكان المستأجرون يدركون أن خسارة الأرض تعني تفكك بنيتهم العشائرية، وذلك ما حدث فعلاً بُعَيْد طردهم. فقد تحوّل نفر منهم إلى عمال موسميين، واشتغل نفر ببعض الوظائف الحكومية، وانتقل بعضهم للإقامة في مواضع أُخرى، إلاّ إن بعضهم الآخر ظل في الجوار. ويُقدر آدلر (كوهين) عدد الذين مكثوا في الجوار بنحو 300 نسمة، لكن إحصاء 1944/ 1945 يوحي بأن هذا التقدير أقل من العدد الواقعي. أمّا السكان الآخرون فانتقلوا للعيش في أماكن أُخرى. وقد تمكن الذين مكثوا من تشييد ثلاثة وعشرين منزلاً حتى سنة 1935 . في 1944/ 1945، كان عدد السكان 1330 نسمة (850 في القسم الشمالي، و480 في القسم الجنوبي)، وكانوا يزرعون الحبوب في 950 دونماً. وبحلول سنة 1937، كان السكان الصهيونيون يزرعون نحو 22000 دونم في المنطقة المحيطة بوادي الحوارث.

بعد أن واجهت وادي الحوارث عملية حرب نفسية كانت الغاية منها حمل السكان على الرحيل، تعرضت لهجوم قامت الهاغاناه به. واستناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس، فقد تضافرت آثار الحرب النفسية والعسكرية على دفع السكان إلى الرحيل في 15 آذار/ مارس 1948. وقد شُنَّت عملية الهاغاناه بالتنسيق مع عمليات مماثلة شُنَّت، في أواخر سنة 1947 وأوائل سنة 1948، بهدف 'تطهير' السهل الساحلي شمالي تل أبيب من سكانه العرب. وفي هذا ما يلقي ظلال الشك على الزعم الوارد في كتاب 'تاريخ الهاغاناه' من أن إخلاء منطقة وادي الحوارث كان من 'تنظيم القيادة العربية'، وأنه كان من أوائل عمليات الإخلاء المدنية في أثناء الحرب .

وقد كيلت الضربة القاضية على القرية في أواخر نيسان/ أبريل وأوائل أيار/ مايو؛ إذ عملت الهاغاناه، يؤازرها سكان المستعمرات القائمة في الجوار، على تدمير منازل هذه القرية وجاراتها بحيث باتت العودة إليها 'مستحيلة تماماً'، بحسب ما ذكر موريس .

أنشأ الصهيونيون مستعمرة كفار هروئي (142199) على أراضي القرية في سنة 1934. أمّا كفار فيتكين (138198)، فقد بُنيت قبل عام من ذلك، في سنة 1933، لكنْ جنوبي الأراضي التابعة لوادي الحوارث. وقد بُنيت غيئولي تيمان (141199) على ما كان يُعد من أراضي القرية في سنة 1947. ويقع كيبوتس معبروت (141196)، الذي أُنشىء في سنة 1933، في منطقة قريبة، جنوبي غربي القسم الجنوبي من وادي الحوارث، كما تقع مستعمرة مخمورت (138201) في منطقة قريبة، غربي القسم الشمالي من وادي الحوارث؛ لكن الاثنتين ليستا على أراضي القرية.

بقيت عائلة واحدة (هي عائلة أبو عيسى الحاجبي) في وادي الحوارث (الشمالي) بعد سنة 1948؛ ولأعضائها عشرة منازل هناك اليوم. وعلى التخوم الجنوبي لهذه المنازل تقع مستعمرة غيئولي تيمان. وفي موقع وادي الحوارث (الجنوبي) سَلِم أربعة من منازل القرية؛ تقيم في أحدها أُسرة إسرائيلية أنظر الصورة).