مؤتمر القمة العربي غير العادي
بيان
(مقتطفات)
بغداد، 28-30 أيار/ مايو 1990
حيا المؤتمر باعتزاز كبير صمود الشعب العربي الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وتصاعد الانتفاضة الفلسطينية الباسلة في مجابهة القمع الوحشي الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية، والتضحيات الغالية التي يقدمها يومياً شعب فلسطين من أجل تحرير وطنه المحتل وبناء دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف بقيادة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.
وشدد المؤتمر على ضرورة تأمين كل أشكال الدعم المادي والسياسي، الرسمي والشعبي، التي تكفل استمرار الانتفاضة وتطويرها لبلوغ غايتها النبيلة في التحرير والاستقلال والسيادة، وتنشيط أنشطة المساندة على الأصعدة القومية والإقليمية والعالمية.
وتصدى المؤتمر لمعالجة المخاطر الكبيرة الناجمة عن العملية المدبرة والمنظمة للهجرة اليهودية لفلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، وما تعنيه من انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وما ينطوي عليها من نتائج تخطط لها الصهيونية بهدف تهجيره من أرضه الوطنية، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي وتوسيع مداه عبر عمليات الاستيطان المكثفة، وإبعاد المواطنين الفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم لاستيعاب المهجرين اليهود بهدف تحقيق مخطط ما يسمى بإسرائيل الكبرى التي أكدتها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والخرائط الجديدة التي طرحوها لتنفيذ أطماعهم التوسعية المعروفة.
إن المؤتمر مقتنع تماماً بأن تهجير اليهود السوفييت وسواهم إلى فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى هو عدوان جديد على حقوق الشعب الفلسطيني وخطر كبير على الأمة العربية وانتهاك فظ لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949...
إن المؤتمر إذ يدين بشدة تهجير اليهود إلى فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، يطالب الدول المعنية مباشرة بالهجرة بصورة خاصة والمجتمع الدولي بالعمل على وضع حد سريع للمخطط الإسرائيلي للهجرة والاستيطان، ويدعو إلى ضمان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة لوطنه، طبقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، وتأكيد عدم شرعية بناء المستوطنات الإسرائيلية وضرورة وقفها وإزالة ما تمّ إنشاؤه منها، وإيجاد آلية دولية لمراقبة وكشف النشاطات الإسرائيلية في هذا المجال.
كما يدعو المؤتمر مختلف الدول إلى الامتناع عن تقديم أية معونات أو قروض للحكومة الإسرائيلية تسهل توطين المهاجرين في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى.
ويؤكد المؤتمر ضرورة تقويم العلاقات العربية مع الدول الأخرى في ضوء موقفها من مسألتي الحقوق الوطنية الفلسطينية والهجرة اليهودية. ويطلب المؤتمر من الأمم المتحدة تحمل مسؤولياتها طبقاً للميثاق وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن والاتفاقيات الدولية لضمان عدم توطين المهاجرين اليهود في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة الأخرى بما فيها القدس، وتشكيل رقابة دولية لتنفيذ ذلك والعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن بذلك.
وحلل المؤتمر طبيعة المرحلة الحالية في الساحة العربية، واستعرض المساعي المبذولة لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وأعرب عن اقتناعه بأن التوتر المتصاعد الذي ينذر بالانفجار ناجم عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وللأراضي العربية المحتلة الأخرى، واستمرار إنكار الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، واستمرار سياسة العدوان والإرهاب والتوسع التي تمارسها السلطات الإسرائيلية. ويحمّل المؤتمر في هذا الشأن الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية أساسية في هذا الوضع، باعتبارها الدولة التي توفّر لإسرائيل الإمكانات العسكرية والمساعدات المالية والغطاء السياسي، والتي لا يمكن لإسرائيل بدونها أن تواصل مثل هذه السياسات وتتحدى بهذا الصلف إرادة المجتمع الدولي.
والتزاماً منه بمبادرة السلام الفلسطينية، وقرارات القمم العربية وبخاصة في الجزائر (1988) والدار البيضاء (1989)، يؤكد المؤتمر بأن الدعوة إلى عقد المؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة، وحضور كل أطراف النزاع بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية على قدم المساواة، تكتسب الآن طابعاً ملحاً وضرورياً، ويؤكد المؤتمر التزام الدول العربية بأن قضية فلسطين تمثّل جوهر الصراع العربي الصهيوني وأن الحل العادل والدائم للمأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وللأزمة في المنطقة، يكمن في ضمان حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف".
المصدر: "أخبار جامعة الدول العربية". تونس: جامعة الدول العربية، 31/5/1990.