سيرة

راغب النشاشيبي

سيرة

راغب النشاشيبي

1882, القدس
1951, الأردن

ولد راغب النشاشيبي في القدس لعائلة مقدسية عريقة؛ كان والده رشيد من أعيان القدس وأثريائها وعضواً في مجلس إدارة المتصرفية.

أولاده: ثلاثة؛ منصور، يعمل في الحكومة الأردنية، وولدان يعيشان في فرنسا.

تلقى تعليمه الابتدائي في مدارس القدس، ثم التحق بالمكتب السلطاني فيها، وسافر، بعد ذلك، إلى إسطنبول للالتحاق بكلية الهندسة لنيل شهادة الهندسة المدنية.

انتخب راغب النشاشيبي، الذي كان عضواً في "جمعية الاتحاد والترقّي"، في سنة 1914 نائباً عن متصرفية القدس في مجلس المبعوثان العثماني، واحتفظ بنيابته إلى آخر العهد العثماني.

عيّن في أواخر العهد العثماني رئيساً لدائرة الأشغال العمومية (النافعة) في متصرفية القدس.

شارك راغب النشاشيبي في الاجتماع الذي عقده عدد من الوطنيين الفلسطينيين في مدينة القدس في ربيع سنة 1919، عشية وصول لجنة التحقيق الأميركية "كنغ- كرين" إلى فلسطين، واتُفق فيه على مطلب استقلال فلسطين ضمن الوحدة العربية، وعلى رفض الصهيونية والوطن القومي اليهودي.

عيّنه الحاكم العسكري البريطاني رونالد ستورس Ronald Storrs في سنة 1920 رئيساً لبلدية القدس، خلفاً لموسى كاظم الحسيني، الذي عزلته السلطات البريطانية بعد أن اتهمته بتدبير الصدامات الدامية التي وقعت بين العرب واليهود في القدس في مطلع نيسان/ أبريل من السنة نفسها.

أعيد انتخابه على رأس بلدية القدس بنتيجة الانتخابات البلدية التي جرت سنة 1927، وبقي في هذا المنصب حتى سنة 1934، عندما خلفه فيه حسين فخري الخالدي بعد انتخابات جرت تلك السنة.

بقي النشاشيبي حريصاً على عروبة بلدية القدس، إذ رفض، في أول عهده برئاستها، مبلغاً كبيراً من المال تبرع به ألفرد موند، أحد أثرياء اليهود البريطانيين، كي تنفقه البلدية في مشروعات عامة، وذلك عندما استشف أن الشروط التي وضعها هذا المتبرع يمكن أن تحوّل البلدية في المستقبل إلى "مستعمرة" يهودية.

شارك في عضوية اللجنة المشتركة الفلسطينية- البريطانية، التي شكّلها المندوب السامي البريطاني لتنظيم الشؤون الإسلامية وإدارتها، والتي وضعت نظام الجمعية الإسلامية الشرعية، في 12 آذار/ مارس 1921، الذي انبثق عنه المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.

حشد النشاشيبي حوله عدداً من رؤساء البلديات ورجال المال والأعمال والملاك، وشكّل ما عُرف بـ "المعارضة" لـ "المجلسيين" الذين كانوا بقيادة الحاج أمين الحسيني*، مفتي القدس ورئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.

شاركت كتلة "المعارضة"، بزعامته، في المؤتمر الوطني الفلسطيني السابع الذي انعقد في حزيران/ يونيو 1928 وأصبح النشاشيبي عضواً في اللجنة التنفيذية العربية التي انبثقت عنه. وبصفته هذه شارك، بعد أحداث هبة "البراق"، في وفد اللجنة التنفيذية العربية الذي سافر إلى لندن، في آذار/ مارس 1930، للتفاوض مع الحكومة البريطانية.

اتخذ موقفاً معارضاً للحاج أمين الحسيني لدى قيام هذا الأخير بترتيب انعقاد المؤتمر الإسلامي العام في القدس في كانون الأول/ ديسمبر 1931. وبادر إلى عقد مؤتمر معاكس في القدس كذلك، أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي العام، أُطلق عليه اسم: "مؤتمر الأمة الإسلامية الفلسطينية".

أسس النشاشيبي في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 1934 حزب "الدفاع الوطني" في فلسطين وترأسه، وكان منهج الحزب المعلن هو "الميثاق الوطني" الفلسطيني، الذي يدعو إلى رفض وعد بلفور والهجرة اليهودية، وبيع الأراضي لليهود، وإنشاء حكم وطني نيابي.

شارك النشاشيبي في 25 نيسان/ أبريل 1936، بعيد اندلاع الإضراب العام، في عضوية "اللجنة العربية العليا" التي ترأسها الحاج أمين الحسيني*، ممثلاً لحزب "الدفاع". بيد أنه استقال من هذه اللجنة، في 4 تموز/ يوليو 1937، قُبيل أيام من صدور تقرير لجنة التحقيق البريطانية برئاسة "اللورد بيل" Lord Peel.

عارض مشروع التقسيم الذي اقترحته "لجنة بيل"، لكنه عُرف عنه "الاعتدال"، عموماً، في تصديه للسياسة البريطانية، وقربه من الأمير عبد الله أمير شرق الأردن، علماً أن لجنة بيل اقترحت ضم القسم العربي من فلسطين إلى شرق الأردن بعد تقسيم البلاد، وكان هذا الضم ما طمح الأمير عبد الله إليه.

ولما انفجرت الثورة من جديد في مطلع خريف سنة 1937 ضد "مشروع بيل"، فشل النشاشيبي، على رأس "المعارضة"، في ملء الفراغ السياسي الذي نشأ بعد لجوء الحاج أمين الحسيني إلى لبنان هرباً من الاعتقال من قبل السلطات البريطانية.

شارك النشاشيبي، بتزكية الحكومة البريطانية وإصرارها، في مؤتمر المائدة المستديرة في لندن في شباط/ فبراير 1939 ضمن الوفد الفلسطيني الذي ترأسه زعيم "الحزب العربي الفلسطيني" جمال الحسيني، بالنيابة عن الحاج أمين الحسيني الذي عارضت الحكومة البريطانية مشاركته في المؤتمر.

وخلال سنوات الحرب العالمية الثانية، لم تفلح "المعارضة" التي تزعمها في الحلول محل "المجلسيين" في قيادة الحركة الوطنية. وظل الشرخ بين الطرفين قائماً خلال السنوات اللاحقة، وهو ما ترك آثاراً سلبية خطيرة على المقاومة الفلسطينية للانتداب البريطاني والحركة الصهيونية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، شارك كزعيم لحزب الدفاع الوطني مع الأحزاب الفلسطينية الأخرى (الحزب العربي الفلسطيني، حزب الاستقلال، حزب الكتلة الوطنية، حزب الإصلاح، حزب مؤتمر الشباب العربي) في إعادة تشكيل اللجنة العربية العليا التي كان الانتداب البريطاني قد حظرها سنة 1937. غير أن خلافات بين جمال الحسيني رئيس الحزب العربي الفلسطيني (وأيضاً رئيس اللجنة العربية العليا) وزعماء الأحزاب الأخرى أدت إلى انسحابهم (بمن فيهم راغب النشاشيبي) من اللجنة في أيار/ مايو سنة 1946، وتشكليهم "الجبهة العربية العليا"، وذلك إلى أن قررت جامعة الدول العربية، في 12 حزيران/ يونيو 1946، تأليف "الهيئة العربية العليا" من أربعة أشخاص، اثنين يمثلان "الجبهة" واثنين يمثلان "اللجنة".

فشل النشاشيبي والحاج امين الحسيني في التلاقي تجاه أدهى محنة حلّت بالبلاد ضد العدو الصهيوني المشترك سنة 1948، وأمضى النشايبي عام النكبة وهو خارج البلاد في مصر. ثم جاء إلى الأردن، فعُيّن وزيراً في الحكومة الأردنية، ثم حاكماً عاماً على الضفة الغربية، التي أصبحت، بعد ضمها، جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، وحارساً عاماً للحرم الشريف والأماكن المقدسة.

يحمل وسام كومندور C.B.E. في الإمبراطورية البريطانية.

كان راغب النشاشيبي ذا معشر اجتماعي جذاب، حسن الكلام والسمات يميل إلى التنكيت، شديد الوفاء لأصدقائه، اشتُهر بأناقته وعيشه المترف.

توفي في الأردن ودفن في القدس.

 

المصادر:

الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.

دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن" (خمسة مجلدات). بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.

"الموسوعة الفلسطينية"، القسم العام، المجلد الثاني. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.

"من هو؟: رجالات فلسطين 1945- 1946". ط 2. عمّان: مؤسسة التعاون، 1999.

نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.                      

Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.