قدسية خورشيد
وُلدت قدسيّة خورشيد في القدس يوم 5 آب/ أغسطس 1912. (تعتقد عائلتها أنها وُلدت في أواسط العشرية الثانية.) والدها: خورشيد هلوزاده من أصول تركية. والدتها: جميلة عبود. أخواتها: نعمتى وسعاد ونجدت. أخواها: عبد الرحمن ولطفي. وبحسب عائلتها، كان والدها مساعداً لحاكم سنجق القدس، وعمل في وقت لاحق في وكالة كوك للسفريات .
في نيسان/ أبريل 1935، تخرّجت قدسية من دار المعلمات في القدس، وهي كلية داخلية كانت تتلقى رسوماً تعليمية وتشهد تنافساً كبيراً على الالتحاق بها، واشتهرت باجتذاب طالبات من عائلات النخبة المسلمة. كانت الكلية توفّر شهادة للتعليم في الصفوف الابتدائية لمدارس الإناث. وبعد تخرّجها، عملت قدسية معلمة في مدرسة البيرة الأميرية ثم أصبحت لاحقاً مديرة لقسم الإنات في المدرسة ذاتها. كما أنها عملت كمديرة مدرسة في أريحا ومدرسة المأمونية في القدس التي كان يشرف عليها المجلس الإسلامي الأعلى.
وعُرفت قدسية خورشيد في فلسطين الانتدابية، كمذيعة وكاتبة ومحرّرة في محطة الإذاعة الفلسطينية. وكما العديد من المثقفين والكتّاب والموسيقيين، عملت خورشيد متعاقدة مع المحطة، وذلك من سنة 1940 وحتى سنة 1947، وقامت بتحرير العديد من قصص الأطفال التي بُثّت على الأثير، كما كتبت وأجرت أحاديث غالباً ما كانت تركّز على الإسلام وإنجازات النساء، أو كلا الأمرين. (وهي أيضاً قامت بالعمل في المجالات ذاتها في هيئة إذاعة الشرق الأدنى، لكن بوتيرة أقل). وانطلقت بعض هذه الأحاديث التي أجرتها من اهتماماتها الأدبية، كما بدا في سلسلة من ثلاثة أحاديث عن نساء كاتبات وناشطات شهيرات (عائشة تيمور، وملَك ناصِف، ومي زيادة)، وهي أحاديث قُدّمت في أواخر الأربعينيات في إطار البرامج المدرسية لدار الإذاعة. وجرى تضمين أحد أحاديثها، عن "شخصية المرأة"، كفصل في كتاب "أحاديث إذاعية" لسنة 1942، الذي ضمّ مجموعة من أحاديث محطة الإذاعة الفلسطينية، وشارك فيها أربعة عشر باحثاً وكاتباً. يبدأ الفصل بالفقرة التالية:
كل شيء في الحياة يتطور بتطور العصر، ويتقدم بتقدم الإنسان ، ولما كانت دعائم الحياة على ركنين، هما المرأة والرجل، فتقدم أحدهما مرتبط بتقدم الآخر، وهل تعدّ المدنية حقيقية والتقدم صحيحاً، إذا سار النصف إلى الأمام خطوات، وتخلف النصف الآخر عنه أميالاً؟ لا شك أن المدنية تتقدم، ولا شك كذلك أن مركز المرأة فيها خطير، بل هو في أوج الخطورة وقد أصبح لها الشأن الممتاز في توجيه العالم.
وقد تعزّز عملها في برامج الإذاعة التعليمية بفضل بعثة لستة أشهر في انكلترا، حيث درست برامج شبيهة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وعُرفت قدسية خورشيد أيضاً بأشعارها ومقالاتها، فنشرت نتاجاتها في دوريات فلسطينية مثل "المهماز"، الأسبوعية ذات الحضور الملحوظ مع أنها لم تعمّر طويلاً، والتي كان يحرّرها إميل حبيبي ومنير حداد وآخرون؛ و"الذاكرة"، وهي نشرية أدبية أُخرى كان يحرّرها محمد درويش؛ و"القافلة"، و"هنا القدس"، و"المنتدى"، وهي مجلات ثقافية كانت تصدر بتنسيق مع محطة الإذاعة الفلسطينية.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، تزوّجت قدسية خورشيد من حسن أحمد، وهو مقدسي المولد كان قد هاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1924. فانتقلت معه إلى أميركا في كانون الثاني/يناير 1948- قبل أشهر قليلة من النكبة- واتخذت اسم عائلته، مستقرّةً في ولاية بنسيلفينيا، وأنجبت أربعة أبناء. وبدءاً من مطلع الستينيات، نشطت في عدة جمعيات مدنية، نذكر منها الفرع النسائي لنادي ’كيوانيس’ (Kiwanis)، وهي منظمة خدمة اجتماعية تعتمد العمل التطوّعي؛ وكذلك في ’رابطة الشابات المسيحيات’ (YWCA)، وهي منظمةٌ تطوعية تدعم النساء والفتيات في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم.
ونشطت قدسية خورشيد اجتماعياً بوسائل أُخرى كذلك، فكانت تتحدّث في المدارس وفي الهيئات الاجتماعية عن فلسطين، والإسلام، والشرق الأوسط، وذلك خلال الستينيات وحتى تسعينيات القرن العشرين. وكانت قد بدأت في أواسط الخمسينيات، بالتواصل بشكل منتظم مع الصحف الأميركية المحلية بشأن تغطياتها للأخبار المتعلقة بفلسطين والشرق الأوسط. وكانت هذه الاتصالات- التي كانت في العادة تتّخذ شكل رسالة إلى المحرّر أو مقالة رأي- تحمل الروحية التحليلية ذاتها التي كانت تميّز المقالات التي كانت تنشرها في الأربعينيات في فلسطين. (كما واصلت كتابة الشعر، بما في ذلك باللغة الإنكليزية، لكنها لم تنشر هذه النتاجات). وفي سنة 1970، مُنحت وسام التماثل الأميركي (Americanism Medal) لـ ’بنات الثورة الأميركية’، وهو التكريم الأعلى الذي تقدّمه هذه الهيئة لمواطني الولايات المتحدة المولودين خارجها، وذلك تقديراً لشخصيتها ومساهماتها لبيئتها الاجتماعية.
واتّسمت السنوات الأخيرة من حياة قدسية خورشيد بتركيزها على العائلة- وخصوصاً على أحفادها- والحفاظ على التواصل مع الأقرباء والأصدقاء في مناطق أُخرى من الولايات المتحدة، وفي فلسطين والأردن. وتوفيت في ولاية بنسيلفينيا الأميركية في سنة 2009.
المصادر:
"حديث الإذاعة". القدس: القسم العربي في دار الإذاعة الفلسطينية، 1942.
Greenberg, Ela, Preparing the Mothers of Tomorrow: Education and Islam in Mandate Palestine. Austin: University of Texas Press, 2010.
Holozada Ahmad, Qudsia Khurshid (1912–2009). Papers. Northwestern University Library. https://findingaids.library.northwestern.edu/repositories/6/resources/1887
Mahfouz Abdou, Ibrahim, and Refqa Abu-Remaileh, “A Literary Nahda Interrupted: Pre-Nakba Palestinian Literature as Adab Maqalat.”, Journal of Palestine Studies, vol. 51, no. 3 (2022), pp. 23-43.
Stanton, Andrea, This is Jerusalem Calling: State Broadcasting in Mandate Palestine. Austin: University of Texas Press, 2013.
الصورة: بإذن من أرشيف جامعة نورث وسترن