يشير البيان إلى تأسيس الحركة (ستُعرف بالاسم المختصر "
مثّلت هزيمة حزيران/ يونيو 1967 بداية "صحوة" التيار الإسلامي، وساعدت عودة جماعة "
التأسيس
منذ مطلع الثمانينيات، صارت جماعة "الإخوان المسلمين" تؤدي دوراً سياسياً ملحوظاً، وخصوصاً داخل الجامعات الفلسطينية، مركّزة نشاطاتها، في الأساس، على مواجهة النهج العلماني لمنظمة التحرير الفلسطينية. بينما ظلت تعتبر أن المرحلة "لا تزال مرحلة إعداد وتربية الجيل الإسلامي الذي سيقود عملية تحويل المجتمع إلى مجتمع إسلامي كمقدمة لإعلان الجهاد". وقد ساهمت مواقف قيادة جماعة "الإخوان المسلمين" هذه في إحداث فرز بين صفوفها وشجّعت على تشكيل "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين"، التي تبنت استراتيجية الكفاح المسلح.
ولدى اندلاع
ومن قطاع غزة، مدّت حركة "حماس" نشاطها، في كانون الثاني/ يناير 1988، إلى الضفة الغربية. وشاركت الحركة في البدء في مواجهات الشوارع وفي الإضرابات، ثم صارت تبرز، من خلال نشاطاتها المستقلة، بصفتها إطاراً منافساً وموازياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنخرط في أعمال مسلحة ضد أهداف إسرائيلية من خلال جناحها العسكري الذي حمل، في البدء، اسم "المجاهدون الفلسطينيون" بقيادة صلاح شحادة ، ثم تطوّر ليحمل، منذ أيار 1990، اسم "كتائب عز الدين القسّام "، التي كان من أبرز قيادييها بشير حمّاد وعماد عقل ويحيى عيّاش ومحمد الضيف .
وعلى صعيد هيكلها التنظيمي، مثّل "
توجهات حركة "حماس" السياسية
في 18 آب/ أغسطس 1988، وزعت حركة "حماس" ميثاقها الذي حدد منطلقات الحركة وأهدافها، إذ أكد أن "حماس" هي "جناح من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين"، "تتخذ من الإسلام منهج حياة"، وتعتبر أرض فلسطين "أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها"، وأن تحرير فلسطين هو "فرض عين على كل مسلم حيثما كان". ولدى تطرقها إلى معسكر "الأعداء"، لم تميّز "حماس"، في ميثاقها، بين "
وحاولت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية استيعاب حركة "حماس" عند تأسيسها، فعرضت عليها في سنة 1988 الانضمام إلى المجلس الوطني الفلسطيني
، غير أن "حماس" رفضت المشاركة في هيئات المنظمة. وعشية انعقاد الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 وتبنيها "مبادرة السلام" الفلسطينية، برز موقف حركة "حماس" الرافض للحلول السياسية، إذ أكدت في نداء وجهته في 10 من ذلك الشهر إلى أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني أن المعركة "مع الصهاينة ليست معركة على اقتسام حدود ولا خلافاً على قطعة أرض"، بل هي "معركة وجود ومصير". ثم عارضت الحركة، في بيان أصدرته في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1991، موافقة أغلبية أعضاء الدورة العشرين للمجلس الوطني على مشاركة منظمة التحرير في مؤتمر "السلام" في
نشاط حركة "حماس" المسلح
انطلقت عمليات حركة "حماس" العسكرية، باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، منذ ربيع سنة 1988، الأمر الذي دفع السلطات الإسرائيلية إلى شن حملة قمعية واسعة على الحركة وجهازها العسكري في أيار 1989، اعتقل خلالها الشيخ أحمد ياسين وعدد كبير من قياداتها وكوادرها، وأصدرت إحدى المحاكم العسكرية الإسرائيلية حكماً بسجن الشيخ أحمد ياسين مدى الحياة مضافاً إليها خمسة عشر عاماً أُخرى، ولم يُفرج عنه سوى في الأول من تشرين الأول 1997 في عملية تبادل جرت بين الأردن وإسرائيل، إذ قامت السلطات الأردنية بتسليم السلطات الإسرائيلية اثنين من عملاء "الموساد "، ألقت القبض عليهما في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في العاصمة عمّان ، في مقابل إطلاق الشيخ أحمد ياسين.
وكان مقاتلو "كتائب عز الدين القسام" قد نفذوا، في كانون الأول 1992، عملية أسر الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو
وقتله، ردّت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحملة اعتقالات جديدة في صفوف الحركة، وبإبعاد 415 ناشطاً من ناشطيها، ومن ناشطي حركة "الجهاد الإسلامي" إلى "مرج الزهور
" في جنوب لبنان
، وذلك إلى أن استجابت إسرائيل لضغوط
حركة "حماس" والسلطة الوطنية الفلسطينية
استمرت حركة "حماس" في نشاطها العسكري حتى بعد تأسيس السلطة الفلسطينية
في سنة 1994، مع امتناعها عن الدخول في صدام مفتوح معها. بينما راحت السلطة تضيق الخناق أكثر وأكثر على الحركة، رداً على نشاطها العسكري. وعشية الانتخابات التي جرت، في كانون الثاني 1996، لانتخاب
ولدى اندلاع الانتفاضة الثانية في أواخر أيلول/ سبتمبر 2000، طرأ تحسن نسبي على العلاقات بين السلطة الفلسطينية وحركة "فتح "، من جهة، وحركة "حماس"، من جهة ثانية. بيد أن "حماس" تعرّضت، وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول 2001، إلى حملة استهداف إسرائيلية وغربية واسعة، بحجة كونها حركة "إرهابية"، واتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قراراً بتصفية عدد من أبرز قياديي الحركة، فاغتالت ما بين 2001 و2003 جمال سليم ، وجمال منصور ، ومحمود أبو هنّود ، وصلاح شحادة، وإبراهيم مقادمة ، وإسماعيل أبو شنب . وفي فجر 22 آذار 2004، اغتالت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين وسبعة من رفاقه في عملية عسكرية تمثلت في إطلاق مروحية أباتشي ثلاثة صواريخ عليه وهو خارج على كرسيه المتحرك من مسجد المجمّع الإسلامي في حي الصبرة في قطاع غزة. وقد جُرح اثنان من أبنائه في العملية. وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، بايعت حركة "حماس" الدكتور عبد العزيز الرنتيسي خليفة له في قيادة الحركة. لكن لم يمضِ شهر على شغله هذا الموقع، حتى قامت مروحية إسرائيلية بإطلاق ثلاثة صواريخ على سيارته في قطاع غزة، في 17 نيسان 2004، فقتلته مع اثنين من مرافقيه.
السيطرة على قطاع غزة
برز توجه حركة "حماس" نحو الاقتراب من الاندماج في النظام السياسي الفلسطيني في سنة 2004، عندما شاركت في الانتخابات المحلية التي دعا إليها ياسر عرفات في 5 أيار من تلك السنة بعد تأجيلها منذ سنة 1996، فحققت فيها الحركة نتائج جيدة. ثم جاء إعلان حكومة أريئيل شارون عزمها الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة ليشجع قادة "حماس" على التقدم خطوات جديدة على طريق هذا الاندماج، الذي أصبح حقيقة واقعة بعد رحيل ياسر عرفات، في تشرين الثاني 2004، وانتخاب محمود عباس ليحل محله في رئاسة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، في كانون الثاني 2005. فلم تمضِ سوى أسابيع قليلة على انتخابه حتى نجح الرئيس الجديد، بعد سلسلة اجتماعات عُقدت في القاهرة ، في التوصل إلى تفاهم مع قيادة حركة "حماس"، ومع قيادات الفصائل الفلسطينية الأُخرى، نص على التزام الفصائل المسلحة بالامتناع عن القيام بعمليات عسكرية حتى نهاية سنة 2005، وبإجراء انتخابات تشريعية، والبدء في محادثات من أجل ضم حركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي انتخابات المجلس التشريعي، التي جرت في كانون الثاني 2006، فازت حركة "حماس" بأغلبية مقاعد المجلس، الأمر الذي أدّى إلى وجود استقطاب ثنائي في الساحة الفلسطينية، راح يتعمق، وخصوصاً في قطاع غزة، عقب خروج آخر جندي إسرائيلي من القطاع في 12 أيلول 2005، ونشوء حالة من الفلتان الأمني، وتكرر وقوع اشتباكات مسلحة بين عناصر الشرطة الفلسطينية ومقاتلي حركة "حماس"، تحوّلت إلى صراع شامل، انتهى، في أواسط حزيران 2007، بقيام "حماس" بفرض سيطرتها بالقوة العسكرية على قطاع غزة، وهو ما أدّى إلى حدوث انقسام إداري وسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
حركة "حماس" في السلطة
بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، جرت عدة محاولات، منذ أواخر شباط 2009، لإنهاء الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني، باءت جميعها بالفشل حتى بداية 2020. ومن ناحية أُخرى، تعرض قطاع غزة، منذ وقوعه تحت سيطرة حركة "حماس"، إلى حصار خانق فرضته إسرائيل، تسبب في تردي أحوال سكانه المعيشية تردياً كبيراً، كما شنت إسرائيل على القطاع ما بين أواخر سنة 2008 وربيع سنة 2021 أربع حروب كبيرة أدّت إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين، وإلى سقوط عشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين، وإلى تدمير آلاف المنازل والورش والمصانع. وكانت حركة "حماس"، قد أوقفت، بعد سيطرتها على قطاع غزة، العمليات التفجيرية أو "الاستشهادية"، وصارت تلجأ، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية، إلى إطلاق الصواريخ المهرّبة عبر الأنفاق إلى قطاع غزة أو المصنّعة محلياً. وقد شهدت هذه الأخيرة تطوراً كبيراً من ناحيتَي الكيف والكم، كما تبيّن خلال المواجهة في أيار 2021 مع إسرائيل.
وثيقة "حماس" الجديدة وقيادتها الجديدة
أعلنت حركة "حماس" مساء الأول من أيار 2017 من الدوحة ، على لسان رئيس مكتبها السياسي آنذاك خالد مشعل، وثيقة سياسية جديدة تحت اسم "وثيقة المبادئ والسياسات العامة لحركة حماس"، تبنت هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إذ ورد فيها أن "حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أُخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة"، بما "لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية". كما قطعت الحركة في هذه الوثيقة صلتها المعلنة بجماعة "الإخوان المسلمين"، إذ ورد في تعريف الحركة أن "حركة المقاومة الإسلامية ’حماس’ هي حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها". كما ميّزت هذه الوثيقة بين اليهود والصهيونية، إذ استخدمت كلمة "الصهاينة"، حين أكدت أن "المشروع الصهيوني هو مشروع عنصري، عدواني، إحلالي، توسعي، قائم على اغتصاب حقوق الآخرين، ومعادٍ للشعب الفلسطيني وتطلّعاته في الحرية والتحرير والعودة وتقرير المصير؛ وأن الكيان الإسرائيلي هو أداة المشروع الصهيوني وقاعدته العدوانية".
لقد كان أحد أهداف حركة "حماس"، من وراء إصدار تلك الوثيقة، أن تكون بمثابة "جواز مرور" لها نحو ضفة الاعتراف الدولي بها، لكن خطابها السياسي الجديد لم يترك أصداء تُذكر على الساحة الدولية.
وفي 6 أيار 2017، أُعلنت نتائج الانتخابات التي أجرتها حركة "حماس" في قطاع غزة، والضفة الغربية، وداخل السجون، وخارج فلسطين، والتي أسفرت عن انتخاب 45 عضواً لـ "مجلس الشورى العام"، قاموا بانتخاب 19 عضواً في المكتب السياسي لمدة 4 سنوات، وانتخبوا إسماعيل هنية رئيساً لهذا المكتب خلفاً لخالد مشعل، الذي شغل هذا المنصب منذ سنة 1996. وكانت الحركة قد انتخبت، قبل ذلك، يحيى السنوار مسؤول تنظيمها في قطاع غزة. وفي شهر نيسان 2021، أعادت حركة "حماس" انتخاب إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي ويحيى السنوار مسؤولاً لتنظيمها في قطاع غزة. كما انتخبت صالح العاروري مسؤولاً لتنظيمها في الضفة الغربية، وخالد مشعل مسؤولاً للحركة في الخارج.
علاقات حركة "حماس" الخارجية
منذ مطلع التسعينيات، احتضنت سوريا أعضاء قيادة حركة "حماس" المقيمين خارج فلسطين ودعمت الحركة، التي اعتمدت كذلك على دعم سياسي ومادي كبير تلقته من إيران ، وأقامت علاقات تحالف وثيقة مع "حزب الله " اللبناني، وذلك إلى أن ساءت علاقاتها مع هؤلاء الحلفاء عقب قيام "حماس" بدعم الحراك الشعبي الذي صارت تشهده سوريا منذ آذار 2011، ومشاركة مجموعات قريبة منها في نشاط المعارضة السورية المسلحة. وقد نقلت الحركة في إثر ذلك مركز قيادتها في الخارج إلى قطر ، وعززت علاقاتها التحالفية التاريخية مع تركيا . بيد أن علاقات الحركة راحت تشهد تحسناً كبيراً مع كلٍ من إيران و"حزب الله" بعد سنة 2017، بفضل الجهود التي بذلها بصورة خاصة يحيى السنوار وقيادة "كتائب عز الدين القسام"، التي تدرك أن الدعم العسكري والمالي والتقني الذي تقدمه إيران لها لا يمكن الاستعاضة عنه. أما علاقات حركة "حماس" بالقيادة السورية فقد ظلت مقطوعة، ولم تفلح إلى الآن المساعي التي بُذلت لترميميها.
وفي المقابل، شهدت علاقات "حماس" تطوراً كبيراً بمصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، إذ راحت السلطات المصرية تلعب دور الوسيط الأول بينها وبين إسرائيل، وهو الدور الذي تجلى بصورة ساطعة بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أيار 2021. فقد اضطلعت السلطات المصرية بدور فاعل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ثم صارت تشارك في مشاريع إعادة إعمار القطاع، وتبذل جهوداً حثيثة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد بين الحكومة الإسرائيلية وحركة "حماس".