جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
X- مسار أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية
1993–2000

كانت الفترة بين سنتي 1993 و1999 فترة ذات أهمية تاريخية بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، إذ منحت اتفاقية أوسلو سنة 1993 وإنشاء السلطة الفلسطينية لاحقاً في جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة ، الفرصة الأولى لممارسة الفلسطينيين بعض الحكم الذاتي الوطني على جزء من أرضهم. لكن استمرار العنف الإسرائيلي، وتوسّع المستوطنات، وعدم إحراز أي تقدّم في المفاوضات المتعلقة بقضايا الوضع النهائي الرئيسية، شكَلت عوامل أعاقت المسار الذي كان من المفترض أن يقود إلى تسوية سلمية نهائية.

وفي وقتٍ طالت المحادثات الرسمية الفلسطينية- الإسرائيلية التي كانت بدأت في واشنطن في كانون الأول/ ديسمبر 1991 استكمالاً لـمؤتمر مدريد ، من دون أي نتيجة أو حسم، ألغت إسرائيل في 19 كانون الثاني/ يناير 1993، في عهد رئيس حكومة حزب العمل يتسحاق رابين ، قانون حظر الاتصال بـمنظمة التحرير الفلسطينية ، وبناء عليه بدأ أكاديميون مكلّفون من وزارة الخارجية الإسرائيلية محادثات سرية وغير رسمية بدايةً في أوسلو مع أحمد قريع (أبو علاء)، مدير عام دائرة الشؤون الاقتصادية والتخطيط في منظمة التحرير الفلسطينية ومنسق الوفود الفلسطينية للمفاوضات المتعددة الأطراف (التي انطلقت في موسكو في كانون الثاني 1992). لتغدو هذه المحادثات رسمية في أيار/ مايو، عندما انضم أوري سافير من الخارجية الإسرائيلية إلى قريع. وتركزت المحادثات حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي في الضفة الغربية وقطاع غزة وفقاً للقواعد الواردة في مرجعية مؤتمر مدريد.

اكتسبت محادثات أوسلو خلال محاولة صياغة نص مقبول للجانبين، براغماتية لم تكن في مفاوضات واشنطن، فاتفق الطرفان على إعلان المبادئ ، وعلى أن تكون الخطوة الأولى إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي من معظم قطاع غزة ومن منطقة أريحا ، تتبعها إقامة مجلس منتخب وتوسيع صلاحياته في الضفة الغربية، باستثناء القدس والمستوطنات والمواقع العسكرية، كما اتُّفق على اعتراف رسمي متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأن تستمر المحادثات من أجل الوصول إلى معاهدة سلام نهائية في غضون خمس سنوات.

أنهى الجانبان صياغة الاتفاق في 20 آب/ أغسطس 1993، ووقعا عليه في واشنطن في 13 أيلول/ سبتمبر 1993 في البيت الأبيض ، وعشية التوقيع تبادل ياسر عرفات وإسحاق رابين رسائل الاعتراف المتبادل: اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ "حق دولة إسرائيل في أن تعيش بسلام وأمن"، واعتراف حكومة إسرائيل بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني.

في 4 أيار 1994، وقع الطرفان اتفاق القاهرة ، الذي فتح المجال أمام انسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم قطاع غزة ومنطقة أريحا، ودخول وحدات من جيش التحرير الفلسطيني لتشكيل الشرطة الفلسطينية الجديدة، ودخول عرفات غزة، وإنشاء السلطة الفلسطينية. وبعد أقل من خمسة أشهر من اتفاق القاهرة، وقع الأردن وإسرائيل معاهدة سلام تضمنت، بين أمور أخرى، اعترافاً إسرائيلياً بدور الأردن الخاص في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس.

في 24 أيلول 1995، وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير اتفاقية "أوسلو 2 "، نصت على الآتي: انتخاب المجلس الفلسطيني؛ تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث فئات (المنطقة أ وتخضع للسلطة الفلسطينية مدنياً وأمنياً؛ المنطقة ب وتخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية بينما تكون السيطرة الأمنية عليها في يد إسرائيل؛ المنطقة ج وتشمل ما لا يُحوَّل إلى السلطة الفلسطينية ويبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة)؛ تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار الإسرائيلي من أراض تحوَّل إلى المنطقة أ (المدن الرئيسية) أو المنطقة ب (القرى المحيطة بها)، التزام إسرائيلي بمزيد من إعادة الانتشار "في مواقع عسكرية محددة" على أن تنفذ على ثلاث مراحل في فترة 18 شهراً بعد بداية أعمال المجلس المنتخب.

رافقت أحداث عنف عملية أوسلو منذ انطلاقتها تقريباً، ففي شباط/ فبراير 1994، أطلق مستوطن إسرائيلي من الضفة الغربية النار على مصلين في المسجد الإبراهيمي في الخليل وقتل 29 منهم، وبعدها بأربعين يوماً نفّذت "حماس "، التي عارضت المفاوضات، هجوماً انتحارياً داخل الأراضي المحتلة انتقاماً للمجزرة، ويوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995 اغتيل رابين على يد يهودي إسرائيلي، ثم استلم شمعون بيريس من حزب العمل رئاسة الحكومة خلفاً لرابين، وفي حزيران/ يونيو 1996، وصل بنيامين نتنياهو ، المعارض لأوسلو، إلى رئاسة الحكومة ممثِّلاً حزب الليكود . وكان بيريس أمر في كانون الثاني 1996 باغتيال يحيى عيّاش ، الأمر الذي أثار المزيد من تفجيرات "حماس" في شباط وآذار/ مارس، وبشن عملية عناقيد الغضب في جنوب لبنان في نيسان/ أبريل، التي تسببت بمقتل أكثر من مئة مدني لبناني في قرية قانا داخل مجمع تابع لقوات الأمم المتحدة .

وإذا كانت اتفاقيات أوسلو امتلكت فرصة ما لإنجاز اتفاق فلسطيني- إسرائيلي دائم، فإن الإتيان نتنياهو إلى سدة رئاسة الوزراء دمّر هذه الفرصة، فهو من أجل تحقيق هذا الهدف لجأ إلى تكثيف بناء المستعمرات (على غرار هار حوما / جبل أبو غنيم ) وفتح نفق في البلدة القديمة في القدس (الذي أدى إلى اشتباكات بين الشرطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي) وإقفال المؤسسات الفلسطينية في القدس، كما طالب الفلسطينيين بالمزيد من التنازلات (مثل أن ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني لإلغاء بنود الميثاق الوطني ، التي تتعارض برأيه مع الاعتراف المتبادل)، وطرح المزيد من المطالب الأمنية، مثل التفاوض مجدداً على بنود اتفاقية أوسلو 2، وتأخير تطبيق الاتفاقيات الموقعة. وعلى رغم أن نتنياهو، جراء مشاركة نشطة من قبل الرئيس الأميركي بيل كلينتون ، وقّع مع عرفات اتفاقين (بروتوكول إعادة الانتشار في الخليل ، في 17 كانون الثاني 1997، ومذكرة واي ريفر في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1998)، غير أنه لم ينفذ الاتفاقية الأخيرة إلا جزئياً.

ومع حلول إيهود باراك من حزب العمل محل نتنياهو في تموز/ يوليو 1999 وتوقيعه مذكرة شرم الشيخ في 9 أيلول 1999، انتهى الأمر بسيطرة فلسطينية على 17% فقط من أراضي الضفة الغربية كمنطقة أ، وعلى 25% فقط كمنطقة ب، وبإبقاء 58% من أراضي الضفة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، بما يعادل أضعاف المساحة الكلية للمستعمرات والمواقع العسكرية الإسرائيلية المسموح بها في اتفاقيتي أوسلو1 وأوسلو2.

أما محادثات الوضع النهائي التي كان مفترضاً بدْؤها في موعد أقصاه 5 أيار 1996، فقد تأجّلت مرة بعد مرة، ولم يتم -كما نصّت الاتفاقيات الأصلية- إبرام اتفاق سلام نهائي قبل 4 أيار 1999.

وفي مشهد قاتم، مع سيطرة فلسطينية على أجزاء مقطّعة الأوصال من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإبقاء إسرائيل لنفسها السيطرة الكلية على مناطق السلطة الفلسطينية وعلى عبور الأشخاص والبضائع، واستمرار النشاط الاستيطاني المكثف، ودعم الولايات المتحدة  المتواصل لإسرائيل، لم يعد الجانب الفلسطيني يمتلك الأرصدة التي تسمح بمفاوضات مثمرة، فشهدت سنة 2000 فقداناً في توازن محادثات الوضع الدائم، ثم إعلان فشلها، واندلاع الانتفاضة الثانية .

وفي الوقت الضائع، عملت السلطة الفلسطينية على إنشاء مؤسساتها للحكم الذاتي، فأقامت دوائر للإدارة العامة بموظفين كانوا يعملون تحت الإدارة العسكرية الإسرائيلية وبجهاز إداري تابع لمنظمة التحرير في تونس ، وفي 20 كانون الثاني 1996، جرت انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي الفلسطيني ، الذي على رغم نشاطه الكبير في صياغة القوانين ومناقشة قضايا عامة، مثل قضايا حقوق الإنسان والفساد، إلا أن السلطة الفلسطينية أصبحت خلال ممارستها لصلاحياتها استبدادية أكثر فأكثر، واتخذت إجراءات صارمة تجاه معارضيها، بمن فيهم "حماس"، وكثيراً ما تجاوزت الأحكام القضائية أو لجأت إلى محاكم عسكرية خاصة.

ومع انهماك عرفات وحركة "فتح " في هموم إدارة السلطة الفلسطينية ومواصلة التفاوض مع إسرائيل، ومع التباعد طويل الأمد بين التنظيمات الفلسطينية المتواجدة في دمشق ، التي عارضت بحزم اتفاقيات أوسلو، والقيادات الفلسطينية في الداخل، توقّفت منظمة التحرير الفلسطينية عملياً عن أداء دورها ممثلةً للشتات الفلسطيني، وبدأ العديد من الفلسطينيين، ومنهم لاجئون في سوريا ولبنان كانوا في البداية مؤيّدين لاتفاقيات أوسلو ورحّبوا بإنشاء السلطة الفلسطينية خطوةً أولى نحو تحقيق الاستقلال الفلسطيني، يرون أن مسار أوسلو بمجمله لا يحمل أي أمل.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/11/27
E.g., 2024/11/27

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.