شهدت فلسطين موجات هجرة خارجية عديدة منذ منتصف القرن التاسع عشر، كما هي حال لبنان وسوريا وغيرها من البلاد المجاورة. وتختلف الهجرة الخارجية عن اللجوء أو عن الهجرة القسرية بأنها غالباً ما تكون فردية أو عائلية وتهدف إلى تحسين مستوى المعيشة أو التعليم، واختيارية من حيث اختيار مكان المقصد والتمتع بحرية العودة إلى البلد الأصلي. أمّا في حالة اللجوء أو الهجرة القسرية، فالهجرة غالباً ما تكون جماعية ناتجة من ظروف سياسية قاهرة أو كوارث طبيعية ومقيدة من حيث مكان اللجوء وإمكانية العودة.
تكثفت موجات الهجرة الفلسطينية في الثلث الأول من القرن العشرين واتجهت بدايةً نحو
الهجرة الخارجية المبكرة من فلسطين قبل النكبة سنة 1948
تشكلت في العقود الأربعة الأولى من القرن الماضي عوامل طرد عديدة ساهمت في تحفيز الفلسطينيين للبحث في المهجر عن فرص عمل أفضل لتحسين أوضاعهم المعيشية؛ أهمها: فقر أراضي القرى الجبلية، ومحدودية إنتاجها الزراعي المقتصر أساساً على الزراعات البعلية الكفافية، بالإضافة إلى مجمل نظام الملكية الإسلامي المفتت للحيازات الزراعية، ومجمل الضغوط السياسية والاقتصادية المتصاعدة التي فُرضت على الريف الفلسطيني منذ أواخر العهد العثماني، وخصوصاً حملات التجنيد الإجباري من جانب الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ، وتكثيف جباية الضرائب من الفلاحين، وتزايد خطر المشروع الصهيوني بتصاعد الهجرات الصهيونية واتساع الاستيطان طوال فترة الانتداب البريطاني. وقد كان لعدم الاستقرار السياسي ونشوب الثورات ضد الحركة الصهيونية وضد سياسات الانتداب البريطاني الاستعمارية وما رافقها من حملات قمع وتنكيل بالفلاحين دور مهم في تعزيز الهجرة المبكرة.
تميزت الهجرة الخارجية المبكرة خلال النصف الأول من القرن العشرين وخلال سنوات ما قبل النكبة سنة 1948، بعدة سمات أساسية:
- جاء معظم المهاجرين الأوائل، على غرار المهاجرين اللبنانيين، من المناطق الريفية الأكثر فقراً، مثل قرى مدينة بيت لحم
وبلدتيها المجاورة، بيت جالا
وبيت ساحور
، ومدينتيْ رام الله
والبيرة
وقراهما الشمالية الشرقية، أي قرى بيتين
والمزرعة الشرقية
وترمسعيّا
وعين يبرود
ودير دبوان
، ومدينة الناصرة
. وتوجهوا إلى
الولايات المتحدة والمكسيك وأستراليا وإلى دول أميركا الجنوبية والوسطى، وخصوصاًالبرازيل ، وتشيلي ، والبيرو ، وفنزويلا ، وهندوراس ، وجزر الكاريبي ومنهاكوبا . وتقدر بعض الدراسات أن الهجرة الوافدة الكبيرة الأولى من فلسطين إلى المكسيك كانت خلال سنتي 1900-1910، بينما الهجرة الأولى إلى تشيلي كانت قد بدأت تقريباً في سنة 1870. - كانت الهجرة في الفترة الأولى فردية وذكورية. إنما كان قرار الهجرة شأناً عائلياً يتخذه جميع أعضاء الأسرة الراشدين حتى عندما كان أحد أفراد الأسرة هو الذي سيهاجر فقط. وقد شملت الهجرة العائلات ذات المكانة الاقتصادية المتوسطة أو الميسورة. أمّا بالنسبة إلى العائلات الفقيرة، فقد شكلت تكاليف السفر إحدى العوائق الأساسية، إذ كانت المداخيل أو المدّخرات النقدية نادرة، مما اضطر بعض الراغبين في الهجرة إلى الاقتراض من ميسوري الحال أو المرابين في مقابل رهن أراضيهم إلى حين عودتهم وتسديد قروضهم المطلوبة. لكن مع مرور الوقت ونجاح المهاجرين في الادخار والاستثمار في مشاريع تجارية أو صناعية، بدأت الهجرة تتحول من فردية إلى عائلية بالتحاق الزوجات بأزواجهن، أو بتأسيس أسر في الخارج بالاقتران في أحيان كثيرة من زوجات من أصول فلسطينية أو عربية.
- اعتمدت الهجرة المبكرة على الشبكات العائلية وعلاقات القرابة في اتخاذ قرار الهجرة وتحديد وجهتها من دون وجود تواصل مسبق مع مؤسسات البلاد المضيفة أو توفر معلومات عن طبيعة الأعمال والفرص الاقتصادية المتوفرة فيها والتي شكلت الدافع الرئيسي للهجرة. فتوجه معظم المهاجرين الأوائل من الريف الفلسطيني، إلى القارتين الأميركيتين، على الرغم من أن أغلبيتهم لم تكن تعرف وجهتها النهائية بدقة، إذ كان المهاجرون يوكلون وكلاء سفر لحجز تذكرة باخرة لهم من دون معرفتهم بوجهة الباخرة. وكان الضمان الوحيد الذي يقدمه الوكيل هو أن المهاجر سيوضع على متن سفينة تنقله إلى مكان ما في العالم الجديد. ولهذا نجد أن المهاجرين الأوائل وصلوا أحياناً إلى موانئ عديدة في شمال أميركا أو جنوبها، وفي بعض الحالات انتهى بهم المطاف في دول من غير الأميركيتين. في المقابل توجه القليل من أبناء العائلات الميسورة والمثقفة في المدن الفلسطينية إلى بعض الدول الأوروبية وخصوصاً إلى
بريطانيا بهدف الحصول على شهادات علمية عليا. - وعلى الرغم من الأصول الفلاحية لأغلبية المهاجرين، فإن معظمهم اتجه إلى النشاطات التجارية، ومرد ذلك أن الفلاحة تتطلب رأسمالاً كبيراً لشراء أو استئجار الأرض وهذا لم يكن متوفراً، كما يتطلب استقراراً طويل الأمد، بخلاف التجارة المتجولة التي كانت تتماشى مع طبيعة هجرتهم الموقتة في البدايات. ففي دول أميركا اللاتينية، ونظراً إلى جهل المهاجرين بلغة البلاد المضيفة وعادات سكانها، توجه معظمهم لممارسة نشاطهم التجاري في أحياء المدن الساحلية التي نزلوا فيها، لينتقلوا فيما بعد إلى المدن الأُخرى ومن ثم إلى القرى والأرياف التي لم تكن قد وصلتها السلع التجارية المتنوعة بعد. بدأ هؤلاء بفتح محلات تجارية لتتحول هجرتهم من موقتة إلى دائمة، وتخلوا بالتدريج من حلم العودة إلى الوطن برأسمال لإقامة مشروع يضمن لهم مستوى معيشة أفضل. وبالعكس بدأوا بسحب أقاربهم ليساعدوهم على توسيع مشاريعهم التجارية وبذلك ازدادت وتيرة ما يعرف بـ "سلسلة المناداة" التي كانت وراء استقدام أوائل المهاجرين لأقارب لهم وأصدقاء من قراهم لمساعدتهم في محلاتهم التجارية أو لحسابهم كباعة متجولين يتولون ترويج منتوجات محلاتهم في الضواحي والأرياف. فيما بعد، تحول بعضهم إلى تجار جملة ومستوردين كبار، وبعضهم الآخر تحول إلى صناعة النسيج. حتى إننا نجد مؤسسات صناعية ذات رأسمال فلسطيني منذ بداية القرن العشرين في العديد من دول أميركا اللاتينية مثل
بوليفيا وتشيلي والبيرو. - كذلك كانت الحال بالنسبة إلى المهاجرين الأوائل إلى أميركا الشمالية، فالأكثر نجاحاً منهم كان أولئك الذين عملوا باعة متجولين لا أولئك الذين عملوا في المصانع والمزارع وأعمال تتعلق بالبنية التحتية كتعبيد الطرق وغيرها، وهي أعمال ومهن محدودة الدخل لا تسمح بتحقيق رأسمال يحقق طموح المهاجرين. وكان الدخل الناجم عن البيع "بالشنطة" عند مراكمته يؤهل لمستويات دخل مجزٍ، وخصوصاً أن أسلوب حياة هؤلاء الباعة كان متواضعاً وأحياناً بائساً، فكانوا يعملون لساعات طويلة يومياً، ويتقاسمون السكن مع عدد كبير نسبياً من المهاجرين. وهكذا استطاع بعضهم الادخار والتحول من باعة جوالين إلى تجار كبار ومؤسسي بنوك وشركات تجارية ومصانع مثل عبد الحميد شومان من بيت حنينا ، الذي عاد إلى الوطن قبل النكبة ليؤسس البنك العربي المعروف، وحمدان غنّام وإخوانه من دير دبوان ، وعيسى الباتح وحنّا حشمة وعزيز شاهين من رام الله، وعبد الله الجودة وعلي الجودة من البيرة.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للهجرة المبكرة
بدأ ظهور ثمار هذه الهجرة المبكرة خلال سنوات الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي في بعض المدن والقرى الفلسطينية، وخصوصاً في الضفة الغربية . فقد بدأ المهاجرون العائدون بشراء الأراضي، وتشييد البيوت والمباني الفاخرة، بهدف البناء العائلي داخل القرية أو للاستثمار داخل المدينة، وذلك في قطاع البناء والتجارة والفندقة وغيرها من النشاطات الاقتصادية الحديثة. وساهمت تحويلات المهاجرين واستثماراتهم في خلق فرص عمل جديدة في قطاع البناء والخدمات، فضلاً عن تحسين مستويات معيشة أسرهم عبر التحويلات والمساعدات النقدية المباشرة التي كانت تصلهم لتغطية حاجاتهم اليومية الأساسية.
ساهمت هذه الهجرة واستثمارات المهاجرين في التطوير العمراني، وفي تحسين البنى التحتية والمنشآت العامة والمؤسسات الخدماتية العامة في العديد من المدن والقرى الفلسطينية، كالمستشفيات والمدارس التي ما زالت تقدم خدماتها للسكان في بعض المدن، وخصوصاً مدن رام الله والبيرة وبيت لحم والبلدات والقرى المحيطة بها. فتغيرت معالم بعض المدن في الضفة الغربية بالتدريج، وأصبحت تحويلات المهاجرين شاهداً مادياً على "الحلم الأميركي" في أبرز تجلياته.
بالإضافة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد، ساهمت ظاهرة الهجرة والمهاجرين العائدين الناجحين في إعادة هيكلة المجتمع المحلي. فقد برزت شرائح من الأغنياء الجدد الذين اعتبروا رموزاً جديدة للثراء الاقتصادي غير المرتكز على الأصول الحمائلية والوجاهة التقليدية وملكيات الأراضي، بل على مكانتهم الاقتصادية الناتجة من استثماراتهم وأصبحوا هم أنفسهم ملاّك الأرض والعقار الرئيسيين. وانعكس هذا التغير في ملكية الأراضي في مختلف جوانب الوضع الاجتماعي وخصوصاً أن بعض هؤلاء المهاجرين أراد أن يعبّر سياسياً واجتماعياً عن قوته الاقتصادية الجديدة. وقد أدى هذا الصعود إلى قمة الهرم الاجتماعي وظهور زعامة جديدة إلى ارتفاع معدل الحراك الاجتماعي بشكل غير مسبوق في المناطق الجبلية، وإلى إحداث فوارق طبقية كبيرة في قلب المجتمعات المحلية التي كانت منسجمة نسبياً قبل الهجرة.
تسارع الهجرة بعد النكبة سنة 1948
بعد النكبة سنة 1948، تسارعت الهجرة الخارجية من الضفة الغربية. فإثر إقامة دولة إسرائيل، انعزلت كافة القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة
، عن المراكز الحضرية النامية كـحيفا
ويافا
وعكا
والمناطق الساحلية الأُخرى الأكثر تطوراً والتي كانت تشكل مراكز جذب للأيدي العاملة الفلسطينية من هذه المناطق. فقد أدى تشظي المجتمع الفلسطيني بعد النكبة وما رافقه من دمار وتهجير نصف السكان الفلسطينيين قسرياً، إلى تعميق أزمة المدن والقرى الجبلية الداخلية، وخصوصاً بيت لحم ورام الله والبيرة والقدس الشرقية
ونابلس
والخليل
، بالإضافة إلى
شكلت الهجرة الخارجية في تلك الفترة إحدى استراتيجيات البقاء وإعادة إنتاج الأسرة الفلسطينية وتجديد العلاقات العائلية، وتعزيز فرص حياة العائلات الفلسطينية في أوضاع اجتماعية اقتصادية وسياسية مضطربة وبالغة الخطورة، سواء في فلسطين أو في مخيمات اللاجئين. كما اعتُبرت إحدى الآليات الفعالة للحراك الاجتماعي الصاعد والتي أدت إلى تحسين أوضاع المهاجرين الاقتصادية والاجتماعية، وأتاحت لهم خيارات أفضل قياساً بوضعهم السابق. وفي الوقت ذاته تقاطع هذا التحسن مع زيادة الاعتماد المتبادل بين المهاجر وأسرته.
ويقدر عدد الفلسطينيين من الضفة الغربية الذين هاجروا خارج الأردن خلال الحكم الأردني بنحو 170 ألف فلسطيني. ويُعتبر هذا العدد كبيراً بالنسبة إلى عدد سكان الضفة الغربية الذي كان يبلغ 742 ألفاً سنة 1952 وبلغ 803 آلاف فقط سنة 1967. أمّا بالنسبة إلى قطاع غزة، حيث شكل اللاجئون أكثر من ثلثي سكانه، بقيت الهجرة الخارجية منه محدودة قياساً بالضفة الغربية، فزاد عدد سكان القطاع خلال هذه الفترة من 290 ألف نسمة سنة 1952 إلى 434 ألفاً سنة 1967. وخلافاً لسكان الضفة الغربية الذين كانت الهجرة إلى الخارج بالنسبة إليهم خياراً متاحاً وإحدى آليات مواجهة الفقر واحتضار الاقتصاد، لم يتوفر لفلسطينيي غزة خيار كهذا أو كان متوفراً بدرجة أقل.
توجهت الهجرة الآتية من الضفة الغربية إلى القارتين الأميركيتين وإلى دول الخليج وحتى إلى لبنان. بالنسبة إلى القارتين الأميركيتين، كانت الهجرة إليها من قرى ومدن وسط الضفة الغربية، في إطار ما يعرف بنمط "الهجرة التسلسلية" التي تعتمد على شبكات القرابة، أي على أن "يسحب" المهاجرون الأوائل المقيمون في الدول الغربية بعض أفراد عائلاتهم من خلال تأمين ما يلزمهم من وثائق السفر، ومن ثم تأمين فرص العمل لهم في المهجر. أمّا فيما يتعلق بالهجرة إلى دول الخليج و
كذلك اضطر بعض اللاجئين الفلسطينيين في المشرق، وتحديداً في لبنان وسوريا والأردن، إلى الهجرة بحثاً عن العمل وعن ظروف أكثر إنسانية. فقد بدأت تيارات هجرة الفلسطينيين الأولى من هذه الدول منذ خمسينيات القرن الماضي في اتجاه دول الخليج، وخصوصاً الكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة ، فضلاً عن توجه عدد قليل إلى أميركا الشمالية وإلى بعض الدول الأوروبية. وكانت هذه الهجرة أيضاً هجرة كفاءات.
ساهم المهاجرون الفلسطينيون إلى دول الخليج، سواء أتوا من دول اللجوء، أو من الضفة الغربية أو قطاع غزة، في تنمية اقتصاديات الدول العربية المضيفة، وتولّوا وظائف حكومية، وكان لهم دور ملموس في تطوير قطاع التعليم وفي بناء مؤسسات هذه الدول الحكومية وغير الحكومية، وخصوصاً في الكويت. وقد تفاعلوا مع مجتمعات الدول المضيفة بأشكال متعددة تبعاً لسياسات هذه الدول، وانطلاقاً من مكاناتهم الطبقية وتوجهاتهم الثقافية والقيمية والأيديولوجية التي تحدد درجة اندماجهم أو استيعابهم أو مقاومتهم وانعزالهم عن المجتمع المضيف. والبعض انشغل بإعادة إنتاج الهوية (الوطنية، الإثنية، الدينية) والاهتمام بالعمل السياسي في المهجر، فانخرط مبكراً في النشاطات التنظيمية السياسية المقاومة، وكان له مساهمات مهمة في دعم الثورة الفلسطينية مادياً ومعنوياً، وفي تكوين نخب سياسية تبوأت مناصب عليا في فصائلها.
أمّا الفلسطينيون الذين بقوا في الأراضي الفلسطينية التي أُقيمت عليها دولة إسرائيل سنة 1948، فقد خضعوا لحكم عسكري مشدّد حتى سنة 1966 وهو ما قيّد حركتهم وتنقلاتهم الداخلية والخارجية وحدَّ من هجرتهم الخارجية. وبالنسبة إلى الدول العربية، بما فيها دول الخليج، فقد حال حملهم جواز السفر الإسرائيلي دون هجرتهم إليها.
بالإجمال، إن ظاهرة الهجرة الخارجية في المجتمع الفلسطيني ليست بالظاهرة الجديدة وهي مرتبطة بجملة من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية كما هي الحال في العديد من الدول العربية. لكن تكمن الخصوصية الفلسطينية في ثقل وأهمية العوامل السياسية التي تُعتبر الأساس في تشكيل هذه الظاهرة تاريخياً، وتضفي عليها أبعاداً ذات طابع وجودي تتعلق بقضية الشعب الفلسطيني ومدى تمسكه وصموده على أرضه. لقد شكل المهاجرون الفلسطينيون الأوائل وتحويلاتهم المالية، مصدراً اقتصادياً مهماً لشرائح واسعة من السكان، قبل النكبة وغداتها، وتحولت فيما بعد إلى حاضنة اجتماعية واقتصادية لاستقبال مزيد من المهاجرين، وخصوصاً بعد سنة 1967 وخلال فترات الأزمات السياسية المتلاحقة التي حلت بالشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة.